النبي الأعظم محمد بن عبد الله
أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)
آبائه
زوجاته واولاده
الولادة والنشأة
حاله قبل البعثة
حاله بعد البعثة
حاله بعد الهجرة
شهادة النبي وآخر الأيام
التراث النبوي الشريف
معجزاته
قضايا عامة
الإمام علي بن أبي طالب
الولادة والنشأة
مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)
حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله
حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)
حياته في عهد الخلفاء الثلاثة
بيعته و ماجرى في حكمه
أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته
شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة
التراث العلوي الشريف
قضايا عامة
السيدة فاطمة الزهراء
الولادة والنشأة
مناقبها
شهادتها والأيام الأخيرة
التراث الفاطمي الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)
التراث الحسني الشريف
صلح الامام الحسن (عليه السّلام)
أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته
شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة
قضايا عامة
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)
الأحداث ما قبل عاشوراء
استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء
الأحداث ما بعد عاشوراء
التراث الحسينيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)
شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)
التراث السجّاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الباقر
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)
شهادة الامام الباقر (عليه السلام)
التراث الباقريّ الشريف
قضايا عامة
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)
شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
التراث الصادقيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)
شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
التراث الكاظميّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن موسى الرّضا
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)
موقفه السياسي وولاية العهد
شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة
التراث الرضوي الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الجواد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
التراث الجواديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن محمد الهادي
الولادة والنشأة
مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
التراث الهاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي العسكري
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
التراث العسكري الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن الحسن المهدي
الولادة والنشأة
خصائصه ومناقبه
الغيبة الصغرى
السفراء الاربعة
الغيبة الكبرى
علامات الظهور
تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى
مشاهدة الإمام المهدي (ع)
الدولة المهدوية
قضايا عامة
الأئمة المضلون الخطر الأكبر على الأمة
المؤلف:
الشيخ علي الكوراني
المصدر:
المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي "عج"
الجزء والصفحة:
ص7-23
2025-05-24
174
1 - الخطر على الأمة هم الأئمة المضلون وليس الدجال !
يوجد عددٌ من الأحاديث النبوية لا يحبها رواة الخلافة القرشية أبداً ، رغم أنها صحيحة ومتواترة ، ومنها أحاديث التحذير من الأئمة المضلين ، وقد نص بعضها على أن الأمة تُبتلى بهم بعد النبي صلى الله عليه وآله ، وأن فتنتهم تستمر حتى يبعث الله المهدي عليه السلام ! فقد روى أحمد : 4 / 123 ، عن شداد بن أوس أن النبي صلى الله عليه وآله قال : « إن الله عز وجل زَوَى لي الأرض « جَمَعَها » حتى رأيت مشارقها ومغاربها ، وإن مُلك أمتي سيبلغ ما زُوِيَ لي منها ، وإني أعطيت الكنزين الأبيض والأحمر ، وإني سألت ربي عز وجل أن لا يُهلك أمتي بِسِنةٍ بعامة ، وأن لا يُسلّط عليهم عدواً فيهلكهم بعامة ، وأن لا يُلبسهم شيعاً ، ولا يُذيق بعضهم بأس بعض . قال : يا محمد إني إذا قضيت قضاءً فإنه لا يُرد ، وإني قد أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة بعامة ، ولا أسلِّط عليهم عدواً ممن سواهم فيهلكوهم بعامة ، حتى يكون بعضهم يُهلك بعضاً ، وبعضهم يقتل بعضاً ، وبعضهم يسبي بعضاً ! قال : وقال النبي صلى الله عليه وآله : وإني لا أخاف على أمتي إلا الأئمة المضلين ، فإذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنهم إلى يوم القيامة » !
وروى نحوه « 5 / 278 » عن ثوبان . ورواه أبو داود : 4 / 97 ، والترمذي : 4 / 410 ، وصححه . والبيهقي : 9 / 181 . والألباني : 7 / 2 ، أوله . ومجمع الزوائد : 5 / 239 ، آخره بلفظ أحمد . وزاد فيه ابن ماجة « 2 / 1304 » : « وستعبد قبائل من أمتي الأوثان ، وستلحق قبائل من أمتي بالمشركين . وإن بين يدي الساعة دجالين كذابين ، قريباً من ثلاثين كلهم يزعم أنه نبي . ولن تزال طائفة من أمتي على الحق منصورين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله عز وجل » . وقال عنه ابن ماجة : ما أهْوَله !
وروى ابن أبي شيبة : 8 / 653 ، عن علي قال : « كنا عند النبي صلى الله عليه وآله جلوساً وهو نائم فذكرنا الدجال ، فاستيقظ مُحْمَرّاً وجهُهُ فقال : غيرُ الدجال أخوف عليكم عندي من الدجال : أئمةٌ مضلون » . وفي رواية أحمد : 5 / 389 ، عن حذيفة : « ذُكر الدجال عند رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : لأنا لفتنة بعضكم أخوف عندي من فتنة الدجال » .
وصححه في مجمع الزوائد : 7 / 335 . ونحوه الفردوس : 3 / 131 ، وفي هامشه : قال الإمام العراقي : روى أحمد عن أبي ذر بإسناد جيد : « لأنا من غير الدجال أخوف عليكم من الدجال ، فقيل : وما ذلك ؟ قال : من الأئمة المضلين » .
وروى أحمد : 5 / 145 ، عن أبي ذر قال : « كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : لَغَيْرُ الدجال أخوفني على أمتي ، قالها ثلاثاً ، قال : قلت : يا رسول الله ما هذا الذي غير الدجال أخوفك على أمتك ؟ قال : أئمة مضلون » .
وروى أحمد : 1 / 98 ، عن علي رضي الله عنه قال : « ذكرنا الدجال عند النبي صلى الله عليه وآله وهو نائم فاستيقظ مُحْمَرَّاً لونه فقال : غير ذلك أخوف لي عليكم . ذكر كلمة » !
وقد خاف الراوي أن يذكر الكلمة فتنطبق على حكام عصره !
وفي صحيحة الألباني : 2 / 271 ح 54 ، عن شداد بن أوس : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من أخوفُ ما أخاف على أمتي أئمة مضلون . إذا وضع السيف لم يرفع إلى يوم القيامة » .
وفي سبل الهدى : 10 / 138 : « أبو يعلى وابن حبان ، عن أبي سعيد وأبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : ليأتينَّ على الناس زمانٌ يكون عليهم أمراءُ سفهاء ، يقدمون شرار الناس ويظاهرون بخيارهم ، ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها ، فمن أدرك ذلك منكم فلا يكونن عريفاً ولا شرطياً ولاجابياً ولا خازناً . . وروى أحمد بن منيع برجال ثقات ، وابن أبي شيبة ، وأبو يعلى ، عن أبي هريرة : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله : تعوذوا بالله من رأس السبعين ومن أمارة الصبيان . وروى عن ابن عباس ووثقه : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يكون عليكم أمراء ، هم شرٌّ من المجوس » .
وفي حلية الأولياء : 7 / 69 : « عن سفيان : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لسلمان : إن طعام أمرائي بعدي مثل طعام الدجال ، إذا أكله الرجل انقلب قلبه » .
أقول : وردت كلمة المضلين في أحاديث منصوبة وحقها الرفع ، ويصح نصبها تأكيداً بتقدير : أعني
2 - الأئمة المضلون يسفكون دماء العترة والأمة
أخبر النبي صلى الله عليه وآله في أحاديثه عن الأئمة المضلين بأنهم سيسفكون دماء عترته عليهم السلام ، لكن أتباع الحكام المضلين حذفوا أحاديث ظلمهم لأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله !
ففي أمالي الطوسي : 2 / 126 ، وفي طبعة / 512 ، عن الحضرمي قال : « سمعت علياً عليه السلام يقول : كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وآله وهو نائم ورأسه في حجري ، فتذاكرنا الدجال ، فاستيقظ النبي مُحْمَرّاً وجهه ، فقال : غير الدجال أخوف عليكم من الدجال : الأئمة المضلون ، وسفك دماء عترتي من بعدي ، أنا حربٌ لمن حاربهم ، وسلمٌ لمن سالمهم » .
وفي أمالي الطوسي / 65 ، وأمالي المفيد / 288 ، عن علي عليه السلام قال : « لما نزلت على النبي صلى الله عليه وآله : إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ ، قال لي : يا عليُّ لقد جاء نصر الله والفتح ، فإذا رأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً . يا علي ، إن الله تعالى قد كتب على المؤمنين الجهاد في الفتنة من بعدي ، كما كتب عليهم جهاد المشركين معي . فقلت : يا رسول الله وما الفتنة التي كتب علينا فيها الجهاد ؟ قال : فتنة قوم يشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، وهم مخالفون لسنتي وطاعنون في ديني ! فقلت : فعلى مَ نقاتلهم يا رسول الله ، وهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ؟ فقال : على إحداثهم في دينهم وفراقهم لأمري ، واستحلالهم دماء عترتي . قال : فقلت : يا رسول الله ، إنك كنت وعدتني الشهادة ، فسلِ الله تعجيلها لي . فقال : أجل قد كنت وعدتك الشهادة ، فكيف صبرك إذا خُضبت هذه من هذا ؟ وأومى إلى رأسي ولحيتي ، فقلت : يا رسول الله أمَّا إذا بَيَّنْتَ لي ما بينت ، فليس هذا بموطن صبر ، لكنه موطن بشرى وشكر ! فقال : أجل فأعدَّ للخصومة ، فإنك تخاصم أمتي . قلت : يا رسول الله أرشدني إلى الفَلَج . قال : إذا رأيت قوماً قد عدلوا عن الهدى إلى الضلال فخاصمهم ، فإن الهدى من الله والضلال من الشيطان . يا عليُّ إن الهدى هو اتَّباع أمر الله دون الهوى والرأي . وكأنك بقوم قد تأولوا القرآن وأخذوا بالشبهات ، واستحلوا الخمر بالنبيذ ، والبخس بالزكاة ، والسحت بالهدية ! قلت : يا رسول الله فما هم إذا فعلوا ذلك ، أهم أهل ردة أم أهل فتنة ؟ قال : هم أهل فتنة يعمهون فيها إلى أن يدركهم العدل ! فقلت : يا رسول الله ، العدل منا أم من غيرنا ؟ فقال : بل منا ، بنا يفتح الله وبنا يختم ، وبنا ألف الله بين القلوب بعد الشرك ، وبنا يؤلف الله بين القلوب بعد الفتنة . فقلت : الحمد لله على ما وهب لنا من فضله » .
أقول : روت مصادرهم جزءً من حديث أمالي المفيد والطوسي ، وحذفوا منه ذكر الأئمة المضلين ، على عادة رواة السلطة في تغييب ذم النبي صلى الله عليه وآله للحكام بعده !
فقد روى الحاكم : 3 / 149 ، عن أبي هريرة قال : « نظر النبي صلى الله عليه وآله إلى علي وفاطمة والحسن والحسين فقال : أنا حربٌ لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم » . وصححه ، واستشهد له بحديث مشابه عن زيد بن أرقم ، وفيه : « أنا حربٌ لمن حاربتم وسلمٌ لمن سالمتم » . كما رووه عن زيد بن أرقم ، والخدري ، وأم سلمة وغيرهم ، وأن النبي صلى الله عليه وآله كرره عندما نزلت آية التطهير ، فكان أربعين صباحاً يذهب إلى باب دار علي ويقرأ الآية ، ويقول هذا الكلام .
كما رووا أنه صلى الله عليه وآله قاله في حيٍّ في المدينة ، وفي مناسبات أخرى ، وفي مرض وفاته ، كما في أحمد : 2 / 442 ، وابن ماجة : 1 / 52 ، والترمذي : 5 / 360 ، والزوائد : 9 / 169 ، وابن أبي شيبة : 7 / 512 ، ولمحاملي / 447 ، وابن حبان : 15 / 434 ، وأوسط الطبراني : 3 / 179 ، و : 5 / 182 ، و : 7 / 197 ، والأصغر : 2 / 3 ، والأكبر : 3 / 40 ، و : 5 / 184 ، وفضائل سيدة النساء لعمر بن شاهين / 29 ، وتفسير الثعلبي : 8 / 311 ، وشواهد التنزيل : 2 / 44 ، وتاريخ بغداد : 7 / 144 ، وتاريخ دمشق : 13 / 218 ، و : 14 / 144 ، وسير الذهبي : 2 / 122 .
3 - محاولات تبرئة الصحابة من صفة المضلين
أحمد : 1 / 458 ، عن ابن مسعود ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « ما من نبي بعثه الله عز وجل في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ، ثم إنها تُخْلَفُ من بعدهم خلوفٌ يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون » .
ونحوه في أحمد : 1 / 461 ، عن ابن مسعود ، ومسلم : 1 / 51 ، وفيه : « قال أبو رافع : فحدثت عبد الله بن عمر فأنكره عليَّ ، فقدم ابن مسعود فنزل بقناة فاستتبعني إليه عبد الله بن عمر يعوده فانطلقت معه ، فلما جلسنا سألت ابن مسعود عن هذا الحديث ، فحدثنيه كما حدثته ابن عمر » .
والحواريون والحواري : الأصحاب الخاصون . والخُلوف : جمع خليفة ، أي أجيال .
وروى الطبراني الكبير : 22 / 362 ، و 373 : « ستكون عليكم أئمة يملكون أرزاقكم ، يحدثونكم فيكذبونكم ، ويعملون ويسيئون العمل ، لا يرضون منكم حتى تُحَسِّنُوا قبيحهم وتصدقوا كذبهم ، فأعطوهم الحق ما رضوا به ، فإذا تجاوزوا ، فمن قتل على ذلك فهو شهيد » .
وفي الطبراني الكبير : 22 / 375 ، عن الصدفي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : « سيكون من بعدي خلفاء ، ومن بعد الخلفاء أمراء ، ومن بعد الأمراء ملوك ، ومن بعد الملوك جبابرة ، ثم يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً » . انتهى .
أقول : لا يمكن إبعاد أحاديث الأئمة المضلين عن الصحابة ، لأن البخاري روى في صحيحه « 7 / 208 » أحاديث الحوض التي نصت على أن أكثر الصحابة ينحرفون بعد النبي صلى الله عليه وآله فيدخلون النار ولا ينجو منهم إلا أفراد ! قال صلى الله عليه وآله : « بينا أنا قائمٌ فإذا زمرةٌ حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال : هلمَّ ، فقلت أين ؟ قال إلى النار والله ! قلت : وما شأنهم ؟ ! قال : إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ! ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال : هلمَّ ! قلت : أين ؟ قال : إلى النار والله ! قلت : ما شأنهم ؟ قال : إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى فلا أراه يخلص منهم إلا مثلُ هَمَل النعم » .
هذا ، وقد تدخلت السلطة في أحاديث الخروج على المضلين فتناقض رواتها ، فبعضهم روى النهي عن الخروج عليهم مهما ظلموا ، وبعضهم روى الأمر بالخروج حتى الشهادة ، وبعضهم روى النهي عن الخروج ما أقاموا الصلاة . . الخ .
4 - إن أطعتموهم أضلوكم وإن عصيتموهم قتلوكم !
روى الطبراني ، الكبير : 8 / 176 ، عن أبي أمامة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : « لستُ أخاف على أمتي جوعاً يقتلهم ، ولا عدواً يجتاحهم « يستأصلهم » ولكني أخاف على أمتي أئمة مضلين ، إن أطاعوهم فتنوهم « أضلوهم » وإن عصوهم قتلوهم » .
وفي الطبراني الصغير : 1 / 264 : عن معاذ أن النبي صلى الله عليه وآله قال : « خذوا العطاء ما دام عطاء ، فإذا صار رشوةً على الدين فلا تأخذوه ، ولستم بتاركيه ، يمنعكم الفقر والحاجة ! ألا إن رحى بني مرح قد دارت ، وقد قتل بنو مرح . ألا إن رحى الإسلام دائرة فدوروا مع الكتاب حيث دار . ألا إن الكتاب والسلطان سيفترقان فلا تفارقوا الكتاب . ألا إنه سيكون أمراء [ يقضون لأنفسهم ما لا ] يقضون لكم فإن أطعتموهم أضلوكم ، وإن عصيتموهم قتلوكم ! قال : يا رسول الله فكيف نصنع ؟ قال كما صنع أصحاب عيسى بن مريم نُشِّروا بالمناشير وحُملوا على الخشب ! موتٌ في طاعة الله خير من حياة في معصية الله عز وجل » .
والمطالب العالية : 4 / 267 ، كالطبراني بتفاوت يسير ، والدر المنثور : 2 / 300 ، ووثقه مجمع الزوائد : 5 / 227 . وبنو مرح : أهل الفرح والزهو ، كناية عن المشركين . وافتراق السلطان والقرآن : يعني أن الحكام سيحكمون بغير ما أنزل الله تعالى ، كما حصل .
وفي مصنف عبد الرزاق : 11 / 329 : « إنها ستكون عليكم أمراء يتركون بعض ما أمروا به ، فمن ناواهم نجا ومن كره سلم أو كاد يسلم ، ومن خالطهم في ذلك هلك أو كاد يهلك » . وفي عبد الرزاق : 11 / 330 : عن الحسن البصري بنحوه ، وفيه : « قالوا : أفلا نقاتلهم يا رسول الله ؟ قال : لا ، ما صلوا » .
ونحوه ابن أبي شيبة : 15 / 71 ، و / 243 ، عن أم سلمة ، والترمذي : 4 / 529 ، وصححه ، كرواية ابن أبي شيبة الأولى بتفاوت يسير ، وفيه : سيكون عليكم أئمة . ورواه الطبراني في الكبير : 11 / 39 ، كرواية ابن أبي شيبة الثانية بتفاوت يسير . ونحوه البيهقي : 8 / 157 ، عن أبي هريرة . ومثله الطبراني الأوسط : 5 / 374 ، والبزار : 6 / 61 ، وفيه : « قالت يا رسول الله أو لانقتلهم ؟ قال : لا ، ما أقاموا الصلاة » . ومثله الطبراني الأوسط : 1 / 252 ، ومسند الشاميين : 1 / 371 ، وأبو يعلى : 10 / 308 .
5 - تطبيق أمير المؤمنين عليه السلام للأئمة المضلين
في نهج البلاغة : 2 / 188 : « ومن كلام له عليه السلام وقد سأله سائل عن أحاديث البدع ، وعما في أيدي الناس من اختلاف الخبر ؟ فقال عليه السلام : إن في أيدي الناس حقاً وباطلاً ، وصدقاً وكذباً ، وناسخاً ومنسوخاً ، وعاماً وخاصاً ، ومحكماً ومتشابهاً ، وحفظاً ووهماً . ولقد كُذب على رسول الله على عهده حتى قام خطيباً فقال : من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ! وإنما أتاك بالحديث أربعة رجال ليس لهم خامس : رجلٌ منافق مظهر للإيمان متصنعٌ بالإسلام لا يتأثم ولا يتحرج ، يكذب على رسول الله متعمداً ! فلو علم الناس أنه منافق كاذب لم يقبلوا منه ولم يصدقوا قوله ، ولكنهم قالوا صاحب رسول الله رأى وسمع منه ولقف عنه ، فيأخذون بقوله ! وقد أخبرك الله عن المنافقين بما أخبرك ، ووصفهم بما وصفهم به لك ، ثم بقوا بعده عليه وآله السلام فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار ، بالزور والبهتان فولَّوْهم الأعمال ، وجعلوهم حكاماً على رقاب الناس وأكلوا بهم الدنيا ! وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله ، فهو أحد الأربعة . . » . ورواه في الكافي : 1 / 62 .
وفي الكافي : 8 / 62 : عن أمير المؤمنين عليه السلام يشكو حال الأمة ، قال : « قد عملت الولاة قبلي أعمالاً خالفوا فيها رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدين لخلافه ، ناقضين لعهده ، مغيرين لسنته ! ولو حَمَلْتُ الناس على تركها وحوَّلتها إلى مواضعها وإلى ما كانت في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله لتفرق عني جندي . . . والله لقد أمرت الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلا في فريضة ، وأعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة ، فتنادى بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي : يا أهل الإسلام غُيِّرت سنة عمر ، ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوعاً ! ولقد خفت أن يثوروا في جانب عسكري ! ما لقيتُ من هذه الأمة من الفرقة ، وطاعة أئمة الضلالة ، والدعاة إلى النار » !
6 - تطبيق عُبَادَة بن الصامت للأئمة المضلين
روى ابن أبي شيبة : 8 / 696 : « أقبل عُبَادَة بن الصامت حاجاً من الشام فقدم المدينة فأتى عثمان بن عفان فقال : يا عثمان ألا أخبرك شيئاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال : بلى ، قال : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ستكون عليكم أمراء يأمرونكم بما تعرفون ، ويعملون ما تنكرون ، فليس لأولئك عليكم طاعة » !
وفي المستدرك : 3 / 357 : « ستكون عليكم أمراء يأمرونكم بما تعرفون ويعملون ما تنكرون فليس لأولئك عليكم طاعة . فلا تُعْتِبوا أنفسكم . فوالذي نفسي بيده إن معاوية من أولئك ! فما راجعه عثمان حرفاً » . وصححه الحاكم على شرط الشيخين ، وذكر أن عبادة جاء متظلماً ، المستدرك : 3 / 357 ، ونحوه أحمد : 5 / 329 .
وفي مسند الشاشي : 3 / 172 ، عن رفاعة : « أن عُبَادَة بن الصامت مرت عليه قَطَارة وهو بالشام تحمل الخمر فقال : ما هذه ؟ أزَيْتٌ ؟ قيل : لا بل خمر تباع لفلان « معاوية » ! فأخذ شفرةً من السوق فقام إليها ولم يذر منها راويةً إلا بقرها ، وأبو هريرة إذ ذاك بالشام ، فأرسل فلان إلى أبي هريرة فقال : ألا تمسك عنا أخاك عُبَادَة بن الصامت ! أما بالغدوات فيغدو إلى السوق فيفسد على أهل الذمة متاجرهم ، وأما بالعشي فيقعد بالمسجد ليس له عمل إلا شتم أعراضنا وعيبنا ، فأمسك عنا أخاك .
فأقبل أبو هريرة يمشي حتى دخل على عبادة فقال : يا عبادة مالك ولمعاوية ؟ ذَرْهُ وما حمل ، فإن الله يقول : تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ . قال : يا أبا هريرة لم تكن معنا إذ بايعنا رسول الله صلى الله عليه وآله ، بايعناه على السمع والطاعة في النشاط والكسل ، وعلى النفقة في العسر واليسر ، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأن نقول في الله لا تأخذنا في الله لومة لائم ، وعلى أن ننصره إذا قدم علينا يثرب فنمنعه ما نمنع منه أنفسنا وأزواجنا وأهلنا ، ولنا الجنة ، ومن وفى وفى الله له الجنة بما بايع عليه رسول الله صلى الله عليه وآله ، ومن نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ !
فلم يكلمه أبو هريرة بشيء . فكتب فلان إلى عثمان بالمدينة أنَّ عُبَادَة بن الصامت قد أفسد عليَّ الشام ، فإما أن يكف عنا عُبَادَة بن الصامت وإما أن أخلي بينه وبين الشام .
فكتب عثمان إلى فلان : أرْحِلْهُ إلى داره من المدينة ، فبعث به فلان حتى قدم المدينة ، فدخل على عثمان الدار وليس فيها إلا رجل من السابقين يعينه ، فلم يهم عثمان به إلا وهو قاعد في جانب الدار ، فالتفت إليه فقال : ما لنا ولك يا عبادة ؟ فقام عبادة قائماً وانتصب لهم في الدارفقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله أبا القاسم يقول : سيلي أموركم من بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون ، وينكرون عليكم ما تعرفون ، فلا طاعة لمن عصى الله ، فلا تضلوا بربكم ، فوالذي نفس عبادة بيده إن فلاناً لمن أولئك ! فما راجعه عثمان بحرف » ! ورواه الطبراني في مسند الشاميين : 2 / 282 ، عن ابن عمرو مختصراً ، وصححه الألباني : 2 / 138 ، والذهبي في سيره : 2 / 9 ، وفيه : فكتب إليه أن رحِّل عبادة حتى ترجعه إلى داره بالمدينة . راجع إنكار عبادة على معاوية في المجلد الثاني من جواهر التاريخ .
7 - نص النبي صلى الله عليه وآله على أن من صحابته أئمة مضلون !
روى عبد الرزاق : 11 / 345 ، أن النبي صلى الله عليه وآله قال لكعب بن عجرة : « أعاذك الله يا كعب بن عجرة من أمارة السفهاء ، قال : وما أمارة السفهاء ؟ قال : أمراء يكونون بعدي لا يهتدون بهديي ولايستنون بسنتي ، فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فأولئك ليسوا مني ولست منهم ، ولايَرِدِون عليَّ حوضي . ومن لم يصدقهم على كذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فأولئك مني وأنا منهم ، وسَيَرِدُونَ عليَّ حوضي . يا كعب بن عجرة : الصوم جنة ، والصدقة تطفئ الخطيئة ، والصلاة قربان . يا كعب بن عجرة : إنه لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت أبداً ، النار أولى به . يا كعب بن عجرة : الناس غاديان : فمبتاع نفسه فمعتقها ، أو بائعها فموبقها » . ومثله أحمد : 3 / 231 . وقوله صلى الله عليه وآله : لا يردون عليَّ الحوض ، أي لايسقون منه ولا يدخلون الجنة .
والجُنَّة : الحجاب من النار . والسُّحت : المال الحرام . والغادي : السائر في صبح النهار .
وفي مسند أحمد : 5 / 111 ، عن خباب قال : « إنا لقعودٌ على باب رسول الله ننتظرأن يخرج لصلاة الظهر ، إذ خرج علينا فقال : إسمعوا ، فقلنا : سمعنا ، ثم قال : إسمعوا ، فقلنا : سمعنا ، فقال : إنه سيكون عليكم أمراء فلا تعينوهم على ظلمهم ، فمن صدقهم بكذبهم فلن يَرِدَ عليَّ الحوض » . وروى نحوه « 5 / 384 » عن حذيفة ، وفيه : « فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منهم ولا يرد عليَّ الحوض » .
ونحوه في : 6 / 395 ، وأوسع منه في : 4 / 243 : عن كعب بن عجرة ، قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله أو دخل ونحن تسعة وبيننا وسادة من أدم فقال . . . وفي : 4 / 267 ، عن النعمان بن بشير قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله ونحن في المسجد بعد صلاة العشاء ، فرفع بصره إلى السماء ثم خفض حتى ظننا أنه قد حدث في السماء شئ ، فقال : ألا إنه سيكون بعدي أمراء يكذبون ويظلمون فمن صدقهم بكذبهم ومالأهم على ظلمهم فليس مني ولا أنا منه . الخ .
وفي مسند ابن المبارك / 163 ، عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله : ستكون أمراء يغشاهم غواش أو حواش من الناس يظلمون ويكذبون ، فمن أعانهم على ظلمهم وصدقهم بكذبهم فليس مني . . الخ .
ونحوه الترمذي : 2 / 512 ، عن ابن عجرة . وفي : 2 / 137 ، بعضه ، عن جابر بن عبد الله ، وعن ابن عمر ، قال : خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله ونحن أربعة من العرب وخمسة من الموالي ، فقال : هل سمعتم أنه سيكون بعدي أمراء فمن أعانهم على ظلمهم وصدقهم بكذبهم وغشى أبوابهم . . . ونحوه صحيح ابن حبان : 5 / 9 .
وفي الطبراني الكبير « 3 / 135 » عن ابن عَجْرة قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله ونحن تسعة ، خمسة من العرب وأربعة من العجم فقال : اسمعوا ، أما سمعتم أنه سيكون بعدي أمراء فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم .
ونحوه المسند الجامع : 10 / 749 ، عن ابن عمر ، والحاكم : 1 / 78 ، عن خباب ، وفي : 4 / 126 ، كما في عبد الرزاق وصححه ، وتاريخ بغداد : 5 / 361 . وفي الزوائد : 5 / 248 : أحمد والبزار ، وأحد أسانيد البزار رجاله الصحيح ، ورجال أحمد كذلك . . الخ .
وروى مسلم : 6 / 20 ، أنهم يكونون بعد النبي صلى الله عليه وآله مباشرة ! « عن حذيفة : قلت : يا رسول الله إنّا كنا بِشَرٍّ فجاء الله بخير فنحن فيه ، فهل من وراء هذا الخير شرٌّ ؟ قال : نعم . قلت هل وراء ذلك الشر خيرٌ ؟ قال : نعم ! قلت : فهل وراء ذلك الخير شر ؟ قال : نعم . قلت كيف ؟ قال : يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولايستنون بسنتي ، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان الآدميين ! قال قلت : كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك ؟ قال : تسمع وتطيع للأمير ، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك ، فاسمع وأطع » .
8 - وقال عمر إن النبي أسرَّ اليه كلاماً عن الأئمة المضلين !
مسند أحمد : 1 / 42 : قال عمر لكعب : « إني أسألك عن أمر فلا تكتمني ! قال : والله لا أكتمك شيئاً أعلمه ، قال : ما أخوف شئ تخوفه على أمة محمد ؟ قال : أئمة مضلين . قال عمر : صدقت قد أسر ذلك إليَّ وأعلمنيه رسول الله » .
وفي الزوائد : 5 / 239 : رواه أحمد ورجاله ثقات . وفي مسند الشاميين : 2 / 97 : « عن عمر قال : أسرَّ إليَّ رسول الله فقال : إن أخوف ما أخاف على أمتي أئمة مضلين ! قال كعب : فقلت : والله ما أخاف على هذه الأمة غيرهم » .
9 - وجاء النبي صلى الله عليه وآله إلى بيت عمر مرة وحيدة !
في حلية الأولياء : 5 / 119 ، عن عمر بن الخطاب قال : « أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بلحيتي وأنا أعرف الحزن في وجهه ، فقال : إنا لله وإنا اليه راجعون ! أتاني جبريل آنفاً فقال لي : إنا لله وإنا اليه راجعون ! فقلت : أجل إنا لله وإنا اليه راجعون ، فمِمَّ ذاك يا جبريل ؟ فقال : إن أمتك مفتتنة بعدك بقليل من دهر ، غير كثير ! فقلت : فتنة كفر أو فتنة ضلالة ؟ فقال : كلٌّ سيكون ! فقلت : ومن أين وأنت تاركٌ فيهم كتاب الله ؟ ! قال : فبكتاب الله يفتنون ، وذلك من قبل أمرائهم وقرائهم ! يمنع الناسَ الأمراءُ الحقوق فيظلمون حقوقهم ولا يعطونها ، فيقتتلون ويفتتنون . ويتَّبع القراء أهواء الأمراء فيمدونهم في الغي ثم لا يقصرون ! فقلت : كيف يسلم من سلم منهم ؟ قال : بالكف والصبر . إن أعطوا الذي لهم أخذوه ، وإن منعوه تركوه » .
وفي الدر المنثور : 3 / 155 : « وأخرج الحكيم الترمذي عن عمر بن الخطاب قال : أتاني رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا أعرف الحزن في وجهه فأخذ بلحيتي فقال . . الخ . ورواه في الجليس الصالح / 599 ، والمعرفة والتاريخ / 580 .
ولم يُرْوَ أن النبي صلى الله عليه وآله ذهب إلى بيت عمر أبداً ، غير تلك المرة !
10 - سبب ابتلاء الأمة بهؤلاء الأئمة المضلين
سببه أن الأمة خالفت أمر نبيها صلى الله عليه وآله ورفضت أعظم عرض قدمه نبيٌّ لأمته !
فقد أحضرهم في مرض وفاته وعرض عليهم أن يكتب لهم عهداً يؤمِّنهم من الضلال إلى يوم القيامة ، ويجعلهم سادة العالم إلى يوم القيامة ! فأحسَّت قريش أنه يريد أن يكتب ولاية علي والعترة عليهم السلام رسمياً ، ويأخذ منهم إقراراً والتزاماً بالطاعة . فقام عمر وواجه النبي صلى الله عليه وآله قائلاً لا حاجة لنا بعهدك ، كتاب الله يكفينا ! وصاح الطلقاء القرشيون مؤيدين لعمر : القول ما قاله عمر ، القول ما قاله عمر ! حسبنا كتاب الله . لا تقربوا له شيئاً ، ولا يكتب شيئاً ، وقالوا كلمة الكفر : إن نبيكم يهجر ! وعلا صياحهم ولغطوا ! فصاح بعض الصحابة وبعض نساء النبي صلى الله عليه وآله : قربوا له يكتب لكم ! فقالوا : لا تُقَربوا له شيئاً ، استفهموه ، إنه يهجر ! وكانوا مستعدين إذا أصرَّ النبي صلى الله عليه وآله على كتابة عهده ، أن يعلنوا ردتهم عن الإسلام ويقولوا إنه لم يكن نبياً ، بل كان يريد تأسيس ملك لبني هاشم ! ولذلك أمره جبرئيل أن يطردهم فقال صلى الله عليه وآله : قوموا عني ! وهي المرة الوحيدة التي طرد فيها أصحابه ، فقال لهم كما في البخاري : « قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع ما أنا فيه خيرٌ مما تدعوني اليه » ! والذي يدعونه اليه أن يصرَّ على الكتابة ليكون مبرراً لهم لإعلان الردة ! فكان ابن عباس يقول : إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين كتابه » !
ورواه بخاري : 1 / 36 ، وفي ست مواضع وخفف منه ما استطاع ! ورواه غيره بأوسع منه .
11 - أحاديث الشجرة الملعونة في القرآن تفسر المضلين
قال الله تعالى : وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلا طُغْيَاناً كَبِيراً .
وروى السنة تفسير النبي صلى الله عليه وآله الآية بالأئمة المضلين من بني أمية ، كما في مجمع الزوائد : 5 / 243 ، عن أبي يعلى ووثقه : « عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله رأى في منامه كأن بني الحكم ينزون على منبره وينزلون ! فأصبح كالمتغيظ فقال : ما لي رأيت بني الحكَم ينزون على منبري نَزْوَ القردة ؟ ! قال : فما رؤي رسول الله صلى الله عليه وآله مستجمعاً ضاحكاً بعد ذلك حتى مات » !
ورواه في مجمع الزوائد : 5 / 240 ، عن ابن عمرو ، وصححه ، قال : « كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وآله وقد ذهب عمرو بن العاص يلبس ثيابه ليلحقني فقال صلى الله عليه وآله ونحن عنده : ليدخلنَّ عليكم رجل لعين ! فوالله ما زلت وجلاً أتشوَّف خارجاً وداخلاً ، حتى دخل فلان . يعني الحكم » .
وفي معجم الطبراني الكبير : 3 / 90 ، عن الحسن بن علي رضي الله عنه أنه قالَ لِمن اعترض على صلحه مع معاوية : « رحمك الله فإن رسول الله قد أريَ بني أمية يخطبون على منبره رجلاً فرجلاً فساءه ذلك ، فنزلت هذه الآية : إنَّا أعطيناك الكوثَرْ ، نهر في الجنة . ونزلت : إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، تملكه بنو أمية ! قال القاسم : فحسبنا ذلك فإذا هو ألفٌ لا يزيد ولا ينقص » .
والبيهقي في فضائل الأوقات / 211 ، والترمذي : 5 / 115 ، والحاكم : 3 / 170 ، وصححه . ونحوه في : 3 / 175 ، و 4 : / 74 .
وفي فتح الباري : 8 / 287 : « عن ابن عباس أنه سأل عمر عن هذه الآية : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ ؟ فقال مَن هم ؟ قال : هم الأفجران من بني مخزوم وبني أمية ، أخوالي وأعمامك ! فأما أخوالي فاستأصلهم الله يوم بدر ، وأما أعمامك فأملى الله لهم إلى حين » !
وقال عن حديث علي عليه السلام : « وهو عند عبد الرزاق أيضاً ، والنسائي ، وصححه الحاكم » .
أقول : يقصد عمر بأخواله : بني مخزوم ، وكان ينسب إليهم أمه حنتمة ، وكان خالد بن الوليد لا يقر له بذلك . ويشير عمر إلى قوله تعالى : لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ ، لكن معنى الآية : أن الإرادة الإلهية أن يُمهل بعض قبائل قريش ، وأن يقطع طرفاً منهم كبني عبد الدار ، ويستأصلهم ويخرجهم من ساحة الصراع مع الإسلام ! لذلك لم نرَ لهم أيَّ دور مهم في التاريخ وقد كانوا فرسان قريش وأصحاب حربها ، وقد قَتَلَ علي عليه السلام منهم في بدر وأحُد بضعة عشر فارساً ، كلهم أبطالٌ حَمَلةُ الراية !
وبنو المغيرة هم العائلة المالكة في بني مخزوم ، وقد انطفأوا بعد مقتل أبي جهل في بدر ، وبرز منهم عسكري واحد هو خالد بن الوليد ، وطمع ابنه عبد الرحمن بالخلافة فقتله معاوية ! كما انتهت تيْمٌ وعديٌّ بعد أبي بكر وعمر ، فلم يبق في الساحة السياسية إلا بنو أمية وهاشم !
أما مصادرنا فروت أن كل قريش مسؤولة عن تبديل نعمة الله كفراً ، وليس بني أمية وبني مخزوم فقط ! قال الإمام الصادق عليه السلام لأحدهم : « ما تقولون في ذلك ؟ فقال : نقول : هما الأفجران من قريش بنو أمية وبنو المغيرة . فقال عليه السلام : بل هي قريش قاطبة ! إن الله خاطب نبيه فقال : إني قد فضلت قريشاً على العرب وأتممت عليهم نعمتي ، وبعثت إليهم رسولاً ، فبدلوا نعمتي وكذبوا رسولي » . « العياشي : 2 / 229 » .
وقال الإمام الباقر عليه السلام « الكافي : 8 / 345 » : « أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله يوماً كئيباً حزيناً فقال له علي عليه السلام : ما لي أراك يا رسول الله كئيباً حزيناً ؟ فقال : وكيف لا أكون كذلك وقد رأيت في ليلتي هذه أن بني تيم وبني عدي وبني أمية يصعدون منبري هذايردُّون الناس عن الإسلام القهقرى ! فقلت : يا رب في حياتي أوبعد موتي ؟ فقال : بعد موتك » !
12 - صححوا حديث : الخلافة بعدي ثلاثون سنة
أحمد : 4 / 273 : عن النعمان بن بشير قال : « كنا قعوداً في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وكان بشير رجلاً يكفُّ حديثه ، فجاء أبو ثعلبة الخشني فقال : يا بشير بن سعد ، أتحفظ حديث رسول الله في الأمراء ؟ فقال حذيفة : أنا أحفظ خطبته ، فجلس أبو ثعلبة فقال حذيفة : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها ، ثم تكون ملكاً عاضاً فيكون ما شاء الله أن يكون ، ثم يرفعه إذا شاء أن يرفعه ، ثم تكون ملكاً جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ، ثم سكت .
قال حبيب : فلما قام عمر بن عبد العزيز ، وكان يزيد بن النعمان بن بشير في صحابته ، فكتبت إليه بهذا الحديث أذكره إياه فقلت له : إني أرجو أن يكون أمير المؤمنين يعني عمر ، بعد الملك العاض والجبرية . فأدخل كتابي على عمر بن عبد العزيز فسُرَّ به » .
وفي الطيالسي / 31 ، عن معاذ عن النبي صلى الله عليه وآله قال : « إن الله عز وجل بدأ هذا الأمر نبوة ورحمة ، وكائناً خلافة ورحمة ، وكائناً ملكاً عضوضاً ، وكائناً عنوةً وجبريةً وفساداً في الأرض ، يستحلون الفروج والخمور والحرير ، ويُنصرون على ذلك ويُرزقون أبداً ، حتى يلقوا الله » .
وفي الدارمي : 2 / 114 ، عن أبي عبيدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « أول دينكم نبوة ورحمة ، ثم ملك ورحمة ، ثم ملك أعفر ، ثم ملك وجبروت ، يستحل فيها الخمر والحرير . قال أبو محمد : سئل عن أعفر فقال : يشبه بالتراب وليس فيه خير » .
ونحوه أبو يعلى : 2 / 177 ، وفيه : عتواً وجبرية وفساداً في الأمة . ونحوه الطبراني الكبير : 11 / 88 ، وفيه : ثم يتكادمون عليها تكادم الحُمُر » .
ومعنى : ملكاً جبرية : تسلطاً غير شرعي بالإجبار والقهر . وملكاً عاضاً أو عضوضاً : شديد الظلم على الناس ، يعضهم كالكلب ! وهو حديث صحيح يُفسر الأئمة المضلين ببني أمية وينص على أن حكم معاوية ومن بعده إلى عمر بن عبد العزيز حكمٌ جبري ظالم ، غير شرعي !
وقال في فتح الباري : 8 / 61 : « وإشارته بهذا الكلام تطابق الحديث الذي أخرجه أحمد وأصحاب السنن ، وصححه ابن حبان وغيره من حديث سفينة أن النبي صلى الله عليه وآله قال : الخلافة بعدي ثلاثون سنة ، ثم تصير ملكاً عضوضاً » . وقال في : 1 / 543 : « وغالب طرقها صحيحة أو حسنة » . وفي صحيحة الألباني : 1 / 742 : « رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم ، وهذا من دلائل صدق نبوة النبي صلى الله عليه وآله فإن أبا بكر تولى عام 11 ، وتنازل عنها الحسن بن علي عام 41 . وهي ثلاثون عاماً كاملة » .
ونحن نُلزمهم بهذا الحديث الذي ينفي شرعية حكم معاوية وأمثاله ، لكنا لا نقبل خلافتهم ولا هذا الحديث ، لأنه يناقض وصية النبي الصحيحة صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام . كما نعتبره محاولة لإخراج ابن عبد العزيز من ذم النبي صلى الله عليه وآله لكل بني أمية !
13 - حكم الأئمة المضلين يستمر حتى ظهور المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف
في عقد الدرر للسلمي / 62 ، عن حذيفة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : « ويحُ هذه الأمة من ملوك جبابرة كيف يقتلون ويخيفون المطيعين إلا من أظهر طاعتهم ، فالمؤمن التقي يصانعهم بلسانه ويفرُّ منهم بقلبه . فإذا أراد الله عز وجل أن يعيد الإسلام عزيزاً قصم كل جبار ، وهو القادر على ما يشاء أن يصلح أمة بعد فسادها . فقال صلى الله عليه وآله : يا حذيفة لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يملك رجل من أهل بيتي ، تجري الملاحم على يديه ، ويُظهر الإسلام ، لا يخلف وعده ، وهو سريع الحساب . أخرجه الحافظ أبو نعيم الأصفهاني في صفة المهدي » . والعرف الوردي : 2 / 2 ، والبرهان / 92 ، وينابيع المودة / 448 . وقوله صلى الله عليه وآله : لطول الله ذلك اليوم : كناية عن حتمية ظهور المهدي عليه السلام . والملاحم : جمع ملحمة وأصلها المعركة التي يلتحم فيها الناس ، وتطلق على الأحداث الكبيرة .