الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
ترجمة ابن خلدون عن الإحاطة
المؤلف: أحمد بن محمد المقري التلمساني
المصدر: نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب
الجزء والصفحة: مج6، ص: 180-190
2024-09-21
316
بقية ترجمة ابن خلدون عن الإحاطة
تواليفه - شرح البردة شرحا بديعا دل به على انفساح ذرعه وتفنن إدراكه
180
وغزارة حفظه ولخص كثيرا من كتب ابن رشد وعلق للسلطان أيام نظره في العقليات تقييدا مفيدا في المنطق ولخص محصل الإمام فخر الدين الرازي وبه داعبته أول لقيه فقلت له : لي عليك مطالبة فإنك لخصت محصلي وألف كتابا في الحساب وشرع في هذه الأيام في شرح الرجز الصادر عني في أصول الفقه بشيء لا غاية فوقه في الكمال
وأما نثره وسلطانياته السجعية فخلج بلاغة ورياض فنون ومعادن إبداع
يفرغ عنها يرعه الجريء شبيهة البداءات بالخواتم في نداوة الحروف
وقرب العهد يجريه المداد ونفوذ أمر القريحة واست رسال الطبع
وأما نظمه فنهض لهذا العهد قدما في ميدان الشعر ونقده باعتبار أساليبه
فانثال عليه جوه وهان عليه صعبه فأتى منه بكل غريبة :
خاطب السلطان ملك المغرب الميلاد الكريم عام اثنين وستين وسبعمائة بقصيدة طويلة أولها :
أسرفن في هجري وفي تعذيبي وأطلن موقف عبرتي ونحيبي
وأبين يوم البين وقفة ساعة لوداع مشغوف الفؤاد كئيب
لله عهد الظاعنين وغادروا قلبي رهين صبابة ووحيب
غربت ركائبهم ودمعي سافح فشرقت بعدهم بماء غروبي
يا ناقا بالعتب غلّة شوقهم رحماك في عذلي وفي تأنيبي
يستعذب الصب الملام وإني ماء الملام لدي غير شريب
ما ها جني طرب ولا اعتاد الجوى لو لا تذكر منزل وحبيب أهفو إلى الأطلال كانت مطلعا للبدر منهم أو كناس ربيب / 181
عبثت بها أيدي البلى وترددت في عطفها للدهر آي خطوب
تبلى معاهدها وإن عهودها لجدها وصفي وحسن نسيبي
وإذا الديار تعرضت لمتيم هزته ذكراها الى التشبيب
إيه على الصبر الجميل فإنه ألوى بدين فؤادي المنهوب
لم أنسها والدهر يثني صرفه ويغض طرفي حاسد ورقيب
والدار مونقة محاسنها بما لبست من الأيام كل قشيب
ياسائق الأظعان تعتسف الفلا وتواصل الإسآد بالتأويب
متهافتا عن رحل كل مذلل نشوان من أين ومس لغوب
تتجاذب النفحات فضل ردائه في ملتقاها من صبا وجنوب
إن هام من ظمإ الصبابة صحبه نهلوا بمورد دمعه المسكوب
أوتعرض مسراهم سدف الدجى صدعوا الدجى بغرامه المشبوب
في كل شعب منية من دونها هجر الأماني أو لقاء شعوب
هلا عطفت صدورهن الى التي فيها لبسانة أعين وقلوب
فتؤم من أكناف يثرب مأمنا يكفيك ما تخشاه من تثريب
حيث النبوة آيها مجلوة تتلو من الآثار كل غريب
سر غريب لم يحجبه الثرى ما كان سر الله بالمحجوب
ومنها بعد تعديد معجزاته صلى الله عليه وسلم :
ياسيد الرسل الكرام ضراعة تقضي منى نفسي وتذهب حوبي
عاقت ذنوبي عن جنابك والمنى فيها تعللني بكل كذوب
لا كالألى صرفوا العزائم للتقى فاستأثروا منها بخير نصيب
182
لم يخلصوا لله حتى فرقوا في الله بين مضاجع وجنوب
هب لي شفاعتك التي أرجو بها صفحا جميلا عن قبيح ذنوبي
إن النجاة وإن أتيحت لامرئ فبفضل جاهك ليس بالتسبيب
إني دعوتك واثقا بإجابي يا خير مدعو وخير مجيب
قصرت في مدحي فإن يك طيبا فبما لذكرك من أريج الطيب
ما ذا عسى يبغي المطيل وقد حوى في مدحك القرآن كل مطيب
ياهل يبلغني الليالي زورة تدني إلي الفوز بالمرغوب
أمحو خطيئاتي بإخلاصي بها وأحط أوزاري وإصر ذنوبي
في فتية هجروا المنى وتعودوا إنضاء كل نجيبه ونجيب
يطوي صحائف ليلهم فوق الفلا ماشئت من خبب ومن تقريب
إن رتم الحادي بذكرك رددوا أنفاس مشتاق إليك طروب
أو غرد الركب الخلي بطيبة حنوا لمغناها حنين النيب
ورثوا اعتساف البيد عن آبائهم إرث الخلافة في بني يعقوب
الطاعنون الخيل وهي عوابس يغشى مثار النقع كل سبيب
والواهبون المقربات صوافنا من كل خوار العنان لعوب
والمانعون الجار حتى عرضهم في منتدى الأعداء غير معيب
تخشى بوادرهم ويرجى حملهم والعز شيمة مرتجى ومهيب
ومنها :
سائل به طامي العباب وقد سرى تزجى بريح العزم ذات هبوب
تهديه شهب أسنة وعزائم يصدعون ليل الحادث المرهوب
183
حتى انجلت ظلم الضلال بسعيه وسطا الهدى بفريقها المغلوب
يا ابن الألى شادوا الخلافة بالتقى واستأثروك بتاجها المعصوب
جمعوا بحفظ الدين آي مناقب كرموا بها في مشهد ومغيب
لله مجدك طارفا أو تالدا فلقد شهدنا منه كل عجيب
كم رهبة أو رغبة لك والعلا تقتاد بالرغيب والسرهيب
لا زلت مسرورا بأشرف دولة يبدو الهدى من أفقها المرقوب
تحيي المعالي غاديا أو رائحا وجديد سعدك ضامن المطلوب
وقال من قصيدة خاطبه بها عند وصول هدية ملك السودان إليه وفيها الزرافة
قدحت يد الأشواق من زندي وهفت بقلبي زفرة الوجد
ونبذت سلواني على ثقة بالقرب فاستبدلت بالعبد
ولرب وصل كنت آمله فاعتضت منه مؤلم الصد
لا عهد عند الصبر أطلبه إن الغرام أضاع من عهدي
يلحى العذول فما أعنفه وأقول ضل فأبتغى رشدي
وأعارض النفحات أسألها برد الجوى فتزيد في الوقد
يهدي الغرام الى مسالكها لتعللي بضعيف ما تهدي
ياسائق الوجناء معتسفا طي الفلاة لطية الوجد
أرح الركاب ففي الصبا نبأ يغني عن المستنة الجرد
وسل الربوع برامة خبرا عن ساكني نجد وعن نجد
ما لي تلام على الهوى خلقي وهي التي تأبى سوى الحمد
لأبيت إلا الرشد مذ وضحت بالمستعين معالم الرشد
نعم الخليفة في هدى وتقى وبناء عز شامخ الطود
184
نجل السراة الغر شأنهم كسب العلا بمواهب الوجد
ومها :
لله مني إذ تأوبني ذكراه وهو بشاهق فرد
شهم يفل بواتر قضبا وجموع أقيال أولي أيد
أوريت زند العزم في طلبي وقضيت حق المجد من قصدي
ووردت عن ظمإ مناهله فرويت من عز ومن رفد
هي جنة المأوى لمن كلفت آماله بمطالب المجد
لو لم أعل بورد كوثرها ما قلت هذي جنة الخلد
من مبلغ قومي ودونهم قذف النوى وتنوفة البعد
أني أنفت على رجائهم وملكت عز جميعهم وحدي
ومنها :
ورقيمة الأعطاف حالية موشية بوشائع البرد
وحشية الأنساب ما أنست في موحش البيداء بالفرد
تسمو بجيد بالغ صعدا شرف الصروح بغير ما جهد
طالت رؤوس الشامخات به ولربما قصرت عن الوهد
قطعت إليك تنائفا وصلت إسآدها بالنص والوخد
تخدي على استصعابها ذللا وتبيت طوع القن والقد
بسعودك اللائي ضمن لنا طول الحياة بعيشة رغد
جاءتك في وفد الأحباش لا يرجون غيرك مكرم الوفد
وافوك أنضاء تقلبهم أيدي السرى بالغور والنجد
كالطيف يستقري مضاجعه أو كالحسام يسل من غمد
185
يثنون بالحسنى التي سبقت من غير إنكار ولا جحد
ويرون لحظك من وفادهم فخرا على الأتراك والهند
يا مستعينا جل في شرف عن رتبة المنصور والمهدي
جازاك ربك عن خليقته خير الجزاء فنعم ما تسدي
وبقيت للدنيا وساكنها في غزة أبدا وفي سعد
وقال يخاطب عمر بن عبد الله مدبر مللك المغرب :
يا سيد الفضلاء دعوة مشفق نادى لشكوى البث خير سميع
ما لي وللإقصاء بعد تعلة بالقرب كنت لها أجل شفيع
وأرى الليالي رنقت لي صافيا منها فأصبح في الأجاج شروعي
ولقد خلصت إليك بالقرب الي ليس الزمان لشملها بصدوع
ووثقت منك بأي وعد صادق أني المصون وأنت غير مضيع
وسما بنفسي للخليفة طاعة دون الأنام هواك قبل نزوع
حتى انتحاني الكاشحون بسعيهم فصددتهم عني وكنت منيعي
رغمت أنوفهم بنجح وسائلي وتقطعت أنفاسهم بصنيعي
وبغوا بما نقموا علي خلائقي حسدا فراموني بكل شنيع
لا تطمعنهم ببذل في التي قد صنتها عنهم بفضل قنوعي
أنى أضام وفي يدي القلم الذي ماكان طيعه لهم بمطيع ؟
ولي الخصائص ليس تأبى رتبة حسبي بعلمي ذاك من تفريعي
قسما بمجدك وهو خير ألية أعدتها لفؤادي المصدوع
إني لتصطحب الهوم بمضجعي فتحول ما بيني وبين هجوعي
عطفا علي بوحدتي عن معشر نفت الإباء صدودهم في روعي
أغدو إذا باكرهم متجلدا وأروح أعثر في فضول دموعي
حيران أوجس عند نفسي خيفة فتسر في الأوهام كل مروع
186
أطوي على الزفرات قلبا آده حمل الهموم تجول بين ضاوعي
ولقد أقول لصرف دهر رابني بحوادث جاءت على تنويع
مهلا عليك فليس خطبك ضائري فلقد لبست له أجن دروع
إني ظفرت بعصمة من أوحد بذ الجميع بفضله المجموع
وقال يخاطب بعض الوزراء في حال وحشة :
هنيئا بصوم لا عداه قبول وبشرى بعيد أنت فيه منيل
وهنيتها من عزة وسعادة تتابع أعوام بها وفصول
سقى الله دهرا أنت إنسان عينه ولا مس ربعا في حماك محول
فعصرك ما بين الليالي مواسم لها غرر وضاحة وحجول
وجنابك المأمول للجود مشرع يحوم عليه عالم وجهول
عساك وإن ضن الزمان منولي فرسم الأماني من سواك محيل
أجرني وليس الدهر لي بمسالم إذا لم يكن لي في ذراك مقيل
وأوليتني الحسنى بما أنا آمل فمثلك يولي راجيا وينيل
ووالله مارمت الرحل عن قلى ولا سخط للعيش فهو جزيل
ولا رغبة عن هذه الدار إنها لظل على هذا الأنام ظليل
ولكن نأى بالشعب عني حبائب دعاهن خطب للفلاق طويل
يهيج بهن الوجد أني نازح وأن فؤادي حيث هن حلول
عزيز عليهن الذي قد لقيته وأن اغرابي في البلاد يطول
توارت بأنابائي اليقاع كأني تخطفت أو غالت ركابي غول
187
ذكرتك يا مغى الأحبة والهوى فطارت بقلبي أنه وعويل
وحييت عن شوق رباك كأنما يمثل لي نؤي بها وطلول
أأحبابنا والعهد بيني وبينكم كريم وما عهد الكريم يحول
إذا أنا لم ترض الحمول مدامعي فلا قربتني للقاء حمول
إلام مقامي حيث لم ترد العلا مرادي ولم تعط القياد ذلول
أجاذب فضل العمر يوما وليلة وساء صباح بينها وأصيل
ويذهب فيما بين يـأس ومطمع زمان بنيل المعلوات بخيل
تعللني منه أمان خوادع ويؤيسني ليان منه مطول
أما ليال لا ترد خطوبها ففي كبدي من وقعهن فلول
يروعني من صرفها كل حادث تكاد له صم الجبال تزول
أداري على رغم العدا لا لريبة يصانع واش خوفها وعذول
وأغدو بأشجاني عليلا كأنما تجود بنفسي زفرة وغليل
وإني وإن أصبحت في دار غربة تحيل الليالي سلوتي وتزيل
وصدتني الأيام عن خير منزل عهدت به أن لا يضام نزيل
لأعلم أن الخير والشر ينتهي مداه وأن الله سوف يديل
وأني عزيز بابن ماساي مكثر وإن هان أنصار وبان خليل
وقال يمدح :
هل غير بابك للغريب مؤمل أو عن جنابك للأماني معدل
هي همة بعثت إليك على النوى عزما كما شحذ الحسام الصيقل
متبوأ الدنيا ومنتجع المنى والغيث حيث العارض المتهلل
حيث القصور الزاهرات منيفة تعنى بها زهر النجوم وتحفل
188
حيث الخيام البيض يرفع للعلا والمكرمات طرافها المتهدل
حيث الحمى للعز دون مجاله ظل أفاءته الوشيج الذبل
حيث الكرام ينوب عن نار القرى عرف الكباء بحيهم والمندل
حيث الجياد أملهن بنو الوغى مما أطالوا في المغار وأوغلوا
حيث الوجوه الغر قنعها الحيا والبشر فوق جبينها يتهلل
حيث الملوك الصيد والنفر الألى عز الجوار لديهم والمنزل
وأنشد السلطان أبا عبد الله ابن الحجاج لأول قدومه ليلة الميلاد الكريم عام أربعة وستين وسبعمائة هذه القصيدة :
حي المعاهد كانت قبل تحييني بواكف الدمع يرويها ويظمني
إن الألى نزحت داري ودارهم تحملوا القلب في آثارهم دوني
وقفت أنشد صبرا ضاع بعدهم فيهم وأسأل رسما لا يناجيني
أمثل الربع من شوق وألثمه وكيف والفكر يدنيه ويقصيني
وينهب الوجد مني كل لؤلؤة مازال جفني عليها غير مأمون
سقت جفوني مغاني الربع بعدهم فالدمع وقف على أطلاله الجون
قد كان للقلب عن داعي الهوى شغل لو أن قلبي الى السلوان يدعوني
أحبابنا هل لعهد الوصل مدكر منكم وهل نسمة منكم تحييني
ما لي وللطيف لا يعتاد زائره وللنسيم عليلا لا يداويني
يا أهل نجد وما نجد وساكنها حسنا سوى جنة الفردوس والعين
أعندكم أني ما مر ذكركم إلا انثنيت كأن الراح تثنيني
أصبو الى البرق من أنحاء أرضكم شوقا ولو لكم ما كان يصيبني
189
يا نازحا والمنى من خلدي حتى لأحسبه قربا يناجيني
أسلى هواك فؤادي عن سواك وما سواك يوما بحال عنك يسليني
ترى اليالي أنستك اد كاري يا من لم يكن ذكره الأيام تنسيني
ومنها :
أبعد مر الثلاثين التي ذهبت أولى الشباب بإحساني وتحسيني
أضعت فيها نفسيا ماوردت به إلا سراب غرور لايرويني
واحسري من أمان كلها خدع تريش غي ومر الدهر يبريني
ومنها في وصف المشور المبني لهذا العهد :
من مبلغ عني الصحب الألى جهلوا ودي وضاع حماهم إذ أضاعوني
أني أويت من العليا الى حرم كادت مغانيه بالبشرى تحيني
وأني ظاعنا لم ألق بعدهم دهرا أشاكي ولا خصما يشاكيني
ولا كالي أخفرت عهدي ليالي إذ أقلب الطرف بين الخوف والهون
سقيا ورعيا لأيامي التي ظفرت يداي منها بحظ غير مغبون
أرتاد منها مليا لا يما طلني وعدا وأرجو كريما لا يعنيني
190
ومنها :
وهاك منها قواف طيها حكم مثل الأزاهر في طي الرياحين
تلوح إن جليت درا وإن تليت تثني عليك بأنفاس البساتين
عانيت منها بجهدي كل شاردة لو لا سعودك ما كانت تواتيني
يمانع الفكر عنها ما تقسمه من كل حزن بطي الصدر مكنون
لكن بسعدك ذلت لي شواردها فرضت منها بتحبير وتزين
بقيت دهرك في أمن وفي دعة ودام ملكك في نصر وتمكين
وهو الآن بحالته الموصوفة من الوجاهة والحظوة قد استعمل في السفارة الى ملك قشتالة فرافقه وعرف حقه مولده بتونس بلده في شهر رمضان عام اثنين وثلاثين وسبعمائة .