علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
علي بن حديد.
المؤلف: محمد علي صالح المعلّم.
المصدر: أصول علم الرجال بين النظريّة والتطبيق.
الجزء والصفحة: ص 544 ـ 550.
2024-02-21
1071
وهو ممّن كثرت رواياته، ولا سيما في الكتب الاربعة، فبلغت أكثر من مئتي مورد (1).
وقد وقع الخلاف فيه، فوثّقه بعضهم، وضعّفه آخرون، وتوقّف فيه قسم ثالث وحكم بجهالته. وتحقيق المقام يقتضي التكلم في مقامين:
الأول: في مذهبه ووثاقته.
الثاني: في كيفية التعامل مع رواياته.
أما المقام الأول فلم يرد التصريح بوثاقته في الكتب الرجالية، وأهم الأقوال فيه هي:
الأول: قال النجاشي: «علي بن حديد بن حكيم المدائني الأزدي، روى عن أبي الحسن موسى عليه السلام له كتاب.
أخبرنا أبو عبد الله بن شاذان، قال: حدثنا علي بن حاتم، قال حدثنا الحميري، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن فضال، عن علي بن حديد: بكتابه (2).
الثاني: قال الشيخ في الفهرست: علي بن حديد المدائني، له كتاب، أخبرنا به جماعة، عن أبي المفضل، عن ابن بطة، عن أبي محمد عيسى بن أيوب الأشعري، عنه (3).
وعدّه في كتاب الرجال تارة من أصحاب الرضا عليه السلام قائلا: علي بن حديد ابن حكيم، كوفي، مولى الأزد، وكان منزله ومنشأه بالمدائن (4)، وأخرى من اصحاب الجواد عليه السلام قائلا: علي بن حديد بن حكيم (5).
الثالث: ذكره البرقي في رجاله (6) فعدّه أيضا من أصحاب الرضا والجواد عليهما السلام.
الرابع: قال الكشي في ترجمته: قال نصر بن الصباح: علي بن حديد بن حكيم، فطحي، من أهل الكوفة، وكان أدرك الرضا عليه السلام (7).
وقال في ترجمة هشام بن الحكم: علي بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن أبي علي بن راشد، عن أبي جعفر الثاني عليهالسلام قال: قلت: جعلت فداك قد اختلف اصحابنا، فأصلي خلف اصحاب هشام بن الحكم؟ قال: عليك بعلي بن حديد، قلت فآخذ بقوله؟ قال نعم، فلقيت علي بن حديد فقلت له: نصلي خلف اصحاب هشام بن الحكم؟ قال: لا (8)، وقال في ترجمة يونس بن عبد الرحمن: آدم بن محمد القلانسي البلخي، قال: حدثني علي بن محمد القمي، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى القمي، عن يعقوب بن يزيد، عن أبيه يزيد بن حماد، عن أبي الحسن قدس سره، قال: قلت له: أصلي خلف من لا أعرف؟ فقال: لا تصلي الّا خلف من تثق بدينه، فقلت له: أصلي خلف يونس وأصحابه؟ فقال: يأبى ذلك عليكم علي بن حديد، قلت: آخذ بذلك في قوله؟ قال: نعم، قال: فسألت علي بن حديد عن ذلك؟ فقال: لا تصلّ خلفه، ولا خلف أصحابه (9).
وورد نظير هذه الرواية في الكافي، عن علي بن محمد، عن سهل، عن علي بن مهزيار، عن أبي علي بن راشد، قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: إنّ مواليك قد اختلفوا، فأصلي خلفهم جميعا؟ فقال: لا تصلّ الّا خلف من تثق بدينه، ثم قال ولي موال: فقلت: أصحاب، فقال مبادرا قل أن أستتم ذكرهم، لا يأمرك علي بن حديد بهذا، أو هذا ممّا يأمرك علي بن حديد به؟ فقلت: نعم (10)، كما ورد فيه ايضا، عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وأحمد بن محمد جميعا، عن علي ابن مهزيار، عن علي بن حديد، قال: كنت مقيما بالمدينة في شهر رمضان، سنة ثلاث عشرة ومائتين فلمّا قرب الفطر كتبت الى أبي جعفر عليه السلام أسأله عن الخروج في عمرة شهر رمضان أفضل، أو أقيم حتى ينقضي الشهر وأتمّ صومي؟ فكتب اليّ كتابا، قرأته بخطه، سألت رحمك الله عن أيّ العمرة أفضل، عمرة شهر رمضان أفضل يرحمك الله (11)، وفي البحار عن الخرائج: سهل بن زياد عن ابن حديد (وفي نسخة أحمد بن حديد) قال: خرجت مع جماعة حجاجا فقطع علينا الطريق، فلما دخلت المدينة لقيت أبا جعفر عليهالسلام، في بعض الطريق، فأتيته الى المنزل فأخبرته بالذي أصابنا، فأمر لي بكسوة وأعطاني دنانير، وقال: (فرّقها على اصحابك، على قدر ما ذهب، فقسّمتها بينهم، فإذا هي على قدر ما ذهب منهم لا أقلّ ولا أكثر) (12).
وهذه الرواية وإن كان فيها دلالة على اهتمام الامام عليه السلام، به الا أنّ سندها غير نقي مضافا إلى أنّ دلالتها على الوثاقة محل تأمّل وسيأتي للكلام تتمّة عند تحقيق المقام قريبا.
الخامس: قال ابن شهراشوب في معالم العلماء: علي بن حديد المدائني، له كتاب (13).
السادس: انه واقع في اسناد كامل الزيارات (14).
السابع: ورد ذكره في تفسير علي بن ابراهيم القمي (15).
الثامن: أنّه لم يستثن من كتاب نوادر الحكمة.
التاسع: روى عن المشايخ الثقاة، كابن ابي عمير (16).
العاشر: صرّح الشيخ بتضعيفه في التهذيب، والاستبصار.
قال في التهذيب: «وأما خبر زرارة فالطريق إليه علي بن حديد، وهو مضعّف جدا، لا يعوّل على ما ينفرد بنقله» (17).
وقال في الإستبصار: «فأوّل ما في هذا الخبر أنّه مرسل، وراويه ضعيف، وهو علي بن حديد، وهذا يضعّف الاحتجاج بخبره» (18).
وقال في مورد آخر من الإستبصار: «وهو ضعيف جدا لا يعوّل على ما ينفرد بنقله» (19).
هذا أهم ما ورد في حق علي بن حديد في كلمات علماء الرجال.
والتحقيق في المقام: انّ ما ورد في كلام الكشي، عن نصر بن الصباح، من أنّ علي بن حديد فطحيّ، محل نظر، لعدم الإشارة الى ذلك في كلمات النجاشي، والشيخ، والبرقي، وابن شهراشوب، ولو كان ذلك ثابتا لأشاروا إليه، نعم ما ذكره الشيخ في التهذيب وقوله: «لا يعوّل على ما ينفرد بنقله» قد يستفاد منه الإشارة الى ذلك، حيث أنّ مذهب الشيخ عدم العمل على ما ينفرد به المخالف، إذا وقع التعارض بينه وبين ما يرويه الإمامي العدل، كما نصّ على ذلك في العدّة (20) الا أنّ عدم تعرّضه ولو بالإشارة الى كونه فطحيا في كتابَي الفهرست والرجال وعدّه إيّاه من أصحاب الرضا والجواد عليهما السلام، يعارض هذا الاستظهار، الا أن يقال إنّ علي بن حديد تغيّر رأيه، ورجع الى الحق، عند ذكر الشيخ له في الفهرست والرجال والحاصل انّ نسبته الى الفطحيّة، أو بقاءه عليها، غير ثابتة وللكلام في هذه الناحية تتمّة ستأتي، وأما الروايتان اللتان أوردهما الكشي، فهما وان كانتا تدلان على جلالته، ومكانته، الّا أنّهما ضعيفتان، أمّا الاولى فبعلي بن محمد، وهو ابن قتيبة، وأمّا الثانية فبآدم بن محمد القلانسي، وعلي بن محمد القمي.
واما الروايات فالأخيرتان مع الغض عن سندهما ترجعان إلى علي بن حديد، فهو الراوي لهما ولا يثبتان له مدحا ولا توثيقا، وامّا الأولى فهي وان كانت واضحة الدلالة، الا أنّها ضعيفة السند بسهل بن زياد.
وأما وقوعه في أسناد كامل الزيارات، فلا يفيد توثيقه؛ لإنّه ليس من مشايخ ابن قولويه، فلا تشمله الشهادة، وقد تقدّم الكلام فيه.
وأمّا وروده في تفسير القمي، فهو وان كان على مبنى السيد الاستاذ قدس سره يستوجب الوثاقة، ولذلك حكم بالتوقف فيه، الّا أنه بناء على ما تقدم من التحقيق انّ علي بن حديد واقع في القسم الثاني من التفسير، فلا تشمله شهادة علي بن ابراهيم القمي. ولم يبقَ من الوجوه الّا وروده في كتاب نوادر الحكمة، ورواية المشايخ الثقاة عنه وبهما يحكم بوثاقته بناء على ما هو المختار من دلالة هذين الوجهين على التوثيق، مضافا إلى انّ رواية الكافي المتقدمة، عن أبي علي بن راشد، فإنّها وإن وردت بسند ضعيف، الّا أن الظاهر أنّ للكليني طريقا صحيحا الى جميع روايات علي بن مهزيار، بواسطة الحميري وسعد، فتكون الرواية معتبرة السند، كما أنّها من جهة الدلالة كذلك إذ تدل على جلالة وعظم شأن علي بن حديد عند الإمام، وذلك ممّا يستلزم الوثاقة.
وأمّا تضعيف الشيخ له في التهذيبين، فيحمل على الضعف في المذهب لا مطلقا والشاهد قوله: «لا يعوّل على ما ينفرد بنقله» وهذا التعبير منه إنّما هو في صورة التعارض كما أشرنا الى ذلك آنفا، وممّا يؤكّد هذا الحمل انّ روايات علي بن حديد في كتابَي التهذيبَينِ كثيرة وفي أبواب متعدّدة من الكتابَين، من دون أن يكون للشيخ فيها كلام ما عدا الموارد الثلاثة المتقدّمة.
وأمّا المقام الثاني فبناءً على القول بوثاقته ـ كما هو الظاهر ـ فالأمر واضح وأمّا بناءً على القول بضعفه، او التوقّف فيه، فيمكن الإعتماد على قسم كبير من رواياته والعمل بها، وهو ما رواه عن جميل بن دراج، فإنّ المستفاد من كلام النجاشي ـ في ترجمة جميل ـ انّ كتابه من الكتب المعروفة وله طرق متعدّدة (21)، منها طريق ابن ابي عمير، وصفوان، وابن ابي نصر، وابن ابي نجران، وغيرهم (22)، فلا ينحصر طريق الكليني، والشيخ، في طريق واحد.
والحاصل أنّه يمكن القول بوثاقة علي بن حديد، والاعتماد على رواياته وعلى فرض عدم تمامية الأدلة على وثاقته الا أنّه يمكن التعويل على أكثر رواياته، والاستناد اليها، والله العالم.
__________________
(1) معجم رجال الحديث ج 12 ص 329 الطبعة الخامسة.
(2) رجال النجاشي ج 2 ص 108 الطبعة الاولى المحققة.
(3) الفهرست ص 115 الطبعة الثانية.
(4) رجال الشيخ ص 382 الطبعة الاولى.
(5) ن. ص 403.
(6) رجال البرقي ص 55 و56 منشورات جامعة طهران 1342 ه ش.
(7) رجال الكشي ج 2 ص 840 مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
(8) ن. ص 563.
(9) رجال الكشي ج 2 ص 787 مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
(10) فروع الكافي ج 2 باب الصلاة خلف من لا يقتدى به ح 5 ص 374.
(11) فروع الكافي ج 4 باب الشهور التي تستحب فيها العمرة.. ح 2 ص 524 الطبعة الأولى، دار الأضواء ـ بيروت.
(12) بحار الانوار ج 50 باب 3 ح 14 ص 44 المطبعة الاسلامية.
(13) معالم العلماء ص 63 دار الأضواء ـ بيروت.
(14) كامل الزيارات باب 8 ص 27 ح 1 الطبعة المرتضوية النجف الاشرف 1356ه.
(15) تفسير القمي ج 2 ص 493 الطبعة الاولى المحققة.
(16) وسائل الشيعة ج 14 باب 21 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة ونحوها ح 8 ص 359.
(17) تهذيب الأحكام ج 7 باب بيع الواحد بالاثنين وأكثر من ذلك ... ح 41 ص 92 الطبعة الثانية.
(18) الاستبصار ج 1 باب البئر يقع فيها الفارة والوزغة والسام أبرص ص 39 ح 7 الطبعة الرابعة.
(19) ن. ص ج 3 باب النهي عن بيع الذهب بالفضة نسيئة ص 95 ح 9.
(20) عدة الأصول ج 1 ص 380 الطبعة الاولى المحققة.
(21) رجال النجاشي ج 1 ص 310 الطبعة الاولى المحققة.
(22) معجم رجال الحديث ج 5 ص 125 الطبعة الخامسة.