1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

علم الحديث

تعريف علم الحديث وتاريخه

أقسام الحديث

الجرح والتعديل

الأصول الأربعمائة

الجوامع الحديثيّة المتقدّمة

الجوامع الحديثيّة المتأخّرة

مقالات متفرقة في علم الحديث

أحاديث وروايات مختارة

علم الرجال

تعريف علم الرجال واصوله

الحاجة إلى علم الرجال

التوثيقات الخاصة

التوثيقات العامة

مقالات متفرقة في علم الرجال

أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)

اصحاب الائمة من التابعين

اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني

اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث

علماء القرن الرابع الهجري

علماء القرن الخامس الهجري

علماء القرن السادس الهجري

علماء القرن السابع الهجري

علماء القرن الثامن الهجري

علماء القرن التاسع الهجري

علماء القرن العاشر الهجري

علماء القرن الحادي عشر الهجري

علماء القرن الثاني عشر الهجري

علماء القرن الثالث عشر الهجري

علماء القرن الرابع عشر الهجري

علماء القرن الخامس عشر الهجري

الحديث والرجال والتراجم : أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) :

تسيير أبي ذر (رض) من الشام إلى المدينة ثمّ إلى الربذة.

المؤلف:  الشيخ محمّد جواد آل الفقيه.

المصدر:  أبو ذر الغفاريّ رمز اليقظة في الضمير الإنسانيّ.

الجزء والصفحة:  ص 133 ـ 144.

2023-09-12

1174

روى البلاذريّ (1):

لمّا أعطى عثمان مروان بن الحكم ما أعطاه، وأعطى الحارث ابن الحكم ابن أبي العاص، ثلاثمائة ألف درهم، جعل أبو ذر يقول: بشّر الكانزين بعذاب أليم، ويتلو قول الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} فرفع ذلك مروان بن الحكم الى عثمان، فأرسل الى أبي ذر، ناتلا مولاه: أن انته عمّا يبلغني عنك.

فقال: أينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله، وعيب من ترك أمر الله؟ فوالله، لئن أرضي الله بسخط عثمان، أحب اليّ، وخير لي، من أن أسخط الله برضاه.

فأغضب عثمان ذلك، وحفظه، فتصابر، وكفّ.

وقال عثمان يوما: أيجوز للإمام أن يأخذ من المال، فاذا أيسر قضى؟

فقال كعب الأحبار: لا بأس بذلك!

فقال أبو ذر: يا ابن اليهوديين، أتعلمنا ديننا؟

فقال عثمان: ما أكثر أذاك لي، وأولعك بأصحابي؟ الحق بمكتبك، وكان مكتبه بالشام، إلا أنّه كان يقدم حاجّا، ويسأل عثمان الإذن له في مجاورة قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيأذن له في ذلك، وإنّما صار مكتبه بالشام؛ لأنّه قال لعثمان حين رأى البناء قد بلغ سلعا (2)، إنّي سمعت رسول الله يقول: إذا بلغ البناء سلعا، فالهرب، فأذن لي أن آتي الشام فأغزو هناك. فأذن له.

وكان أبو ذر ينكر على معاوية أشياء يفعلها، وبعث اليه معاوية بثلاث مائة دينار، فقال: إن كانت من عطائي الذي حرمتمونيه عامي هذا؟ قبلتها! وان كانت صلة فلا

حاجة لي فيها. وبعث اليه مسلمة الفهري بمائتي دينار، فقال: أما وجدت أهون عليك منّي، حين تبعث الي بمال؟ وردَّها.

وبنى معاوية الخضراء بدمشق، فقال: يا معاوية، إن كانت هذه الدار من مال الله؟ فهي الخيانة، وان كانت من مالك؟ فهذا الإسراف. فسكت معاوية، وكان أبو ذر يقول: والله لقد حدثت أعمال ما أعرفها، والله ما هي في كتاب الله، ولا سنّة نبيه. والله انّي لأرى حقا يطفأ، وباطلا يحيى، وصادقا يكذب، وأثرة بغير تقى، وصالحا مستأثرا عليه. فقال حبيب بن مسلمة لمعاوية: انّ أبا ذر مفسد عليك الشام، فتدارك أهله إن كانت لكم به حاجة. فكتب معاوية الى عثمان فيه.

وجاء في شرح النهج:

عن جلّام بن جندل الغفاري قال: كنت غلاما لمعاوية على قنسرين والعواصم، في خلافة عثمان، فجئت اليه اسأله عن حال عملي، اذ سمعت صارخا على باب داره يقول: أتتكم القطار، تحمل النار! اللهمّ العن الآمرين بالمعروف، التاركين له، اللهمّ العن الناهين عن المنكر المرتكبين له.

فازبأر (3) معاوية، وتغيّر لونه وقال: يا جلّام أتعرف الصارخ؟ فقلت: اللهمّ لا.

قال: من عذيري من جندب بن جنادة! يأتينا كل يوم، فيصرخ على باب قصرنا بما سمعت! ثم قال: أدخلوه عليَّ، فجيء بأبي ذر بين قوم يقودونه، حتى وقف بين يديه، فقال له معاوية: يا عدو الله وعدو رسوله! تأتينا في كل يوم، فتصنع ما تصنع! أما إنّي لو كنت قاتل رجل من أصحاب محمد من غير إذن أمير المؤمنين عثمان، لقتلتك، ولكنّي أستأذن فيك. قال جلّام: وكنت أحب أن أرى أبا ذر؛ لأنّه رجل من قومي، فالتفت اليه، فاذا رجل أسمر ضَرْب (4) من الرجال، خفيف العارضين، في ظهره جَنأ (5) فأقبل على معاوية وقال: ما أنا بعدوّ لله ولا لرسوله، بل أنت وأبوك عدوّان لله ولرسوله. أظهرتما الاسلام، وأبطنتما الكفر. ولقد لعنك رسول الله (صلى الله عليه وآله) ودعا عليك مرّات ألا تشبع. سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إذا ولي الامة الأعين، الواسع البلعوم، الذي يأكل ولا يشبع، فلتأخذ الامة حذرها منه. فقال معاوية: ما أنا ذاك الرجل. قال أبو ذر: بل أنت ذلك الرجل، أخبرني بذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسمعته يقول ـ وقد مررت به ـ: اللهمّ العنه، ولا تشبعه الا بالتراب.. الخ.

فكتب عثمان الى معاوية: ان أحمل جندبا اليّ على اغلظ مركب، وأوعره، فوجَّه به مع من سار به الليل والنهار، وحمله على شارف (6) ليس عليها إلا قتب حتى قدم به المدينة، وقد سقط لحم فخذيه من الجهد.

دخوله على عثمان:

وفي رواية الواقدي: أنّ أبا ذر لمّا دخل على عثمان، قال له:

لا أنعم الله بقين عينا     

نعم ولا لقاه يوماً زينا

تحيّة السخط إذا التقينا   

فقال أبو ذر: ما عرفت اسمي (قيناً) قط.

وفي رواية أخرى: لا أنعم الله بك عينا يا جنيدب!

فقال أبو ذر: أنا جندب، وسمّاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) عبد الله، فاخترت اسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي سمّاني به على اسمي.

فقال له عثمان: أنت الذي تزعم أنّا نقول: يد الله مغلولة، وانّ الله فقير ونحن أغنياء

فقال أبو ذر: لو كنتم لا تقولون هذا، لأنفقتم مال الله على عباده، ولكنّي أشهد أنّي سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: "إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا، جعلوا مال الله دُوَلا، وعباده خَوَلا، ودينه دَخَلا ".

فقال عثمان لمن حضر: أسمعتموها من رسول الله؟ قالوا: لا.

قال عثمان: ويلك يا أبا ذر! أتكذب على رسول الله؟

فقال أبو ذر لمن حضر: أما تدرون أنّي صَدقتُ !؟ قالوا: لا والله، ما ندري.

فقال عثمان: ادعوا اليّ عليّا. فلمّا جاء، قال عثمان لأبي ذر: أقصص عليه حديثك في بني العاص. فأعاده. فقال عثمان لعلي عليه السلام: أسمعت هذا من رسول الله (صلى الله عليه وآله). قال: لا. وقد صَدق أبو ذر. فقال: كيف عرفت صِدقهُ؟ قال: لأنّي سمعت رسول الله يقول: "ما أظلَّتِ الخضراء، ولا أقلَّت الغبراء، من ذي لهجة أصدقُ من أبي ذَرِّ". فقال من حضر: أمّا هذا، فسمعناه كُلُّنا من رسول الله، فقال أبو ذر: أحدّثكم انّي سمعت هذا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فتتهموني! ما كنت أظن انّي أعيش حتّى اسمع هذا من أصحاب محمد (7).

وجاء في رواية الواقدي، عن صهبان مولى الأسلميّين:

قال: رأيت أبا ذر يوم دُخل به على عثمان، فقال له: أنت الذي فعلت، وفعلت!؟

فقال ابو ذر: نصحتك فاستغششتني، ونصحت صاحبك، فاستغشني!

قال عثمان: كذبت، ولكنّك تريد الفتنة، وتحبّها، قد أنغلت (8) الشام علينا.

فقال أبو ذر: اتبع سنّة صاحبيك، لا يكن لأحد عليك كلام.

فقال عثمان: ما لك وذلك، لا أمّ لك!

قال أبو ذر: والله ما وجدت لي عذرا، إلا الامر بالمعروف، والنهي عن المنكر.

فغضب عثمان، وقال: اشيروا عليّ في هذا الشيخ الكذّاب، إمّا ان أضربه، أو أحبسه، أو أقتله، فإنّه قد فرَّق جماعة المسلمين، أو أنفيَه من أرض الاسلام.

فتكلّم علي عليه السلام ـ وكان حاضرا ـ فقال:

أشير عليك بما قال مؤمن آل فرعون: {وَإِن يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ}.

فأجابه عثمان بجواب غليظ. وأجابه علي عليه السلام بمثله (9).

وجاء في مروج الذهب: وكان في ذلك اليوم قد أتي عثمان بتركة عبد الرحمن بن عوف الزهري من المال، فنثرت البدر، حتى حالت بين عثمان وبين الرجل الواقف، فقال عثمان: إنّي لأرجو لعبد الرحمن خيراً؛ لأنّه كان يتصدّق، ويقري الضيف، وترك ما ترون.  فقال كعب الأحبار: صدقت يا أمير المؤمنين. فشال أبو ذر العصا، فضرب بها رأس كعب ولم يشغله ما كان فيه من الألم، وقال: يا ابن اليهودي، تقول لرجل مات وترك هذا المال إنّ الله أعطاه خير الدنيا وخير الآخرة، وتقطع على الله بذلك، وانا سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: ما يسرّني أن أموت، وأدَعَ ما يزن قيراطاً (10).

قال الواقدي: ثم إنّ عثمان حظر على الناس أن يقاعدوا أبا ذر، أو يكلّموه، فمكث كذلك أياماً. ثم أتي به، فوقف بين يديه، فقال أبو ذر: ويحك يا عثمان أما رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورأيت أبا بكر وعُمر! هل هَدْيُكَ كهديِهم، أما إنَّك لتبطُش بي بطشَ جبَّار! فقال عثمان: اخرج عنّا من بلادنا ـ (11) الى آخر الرواية.

وفي مروج الذهب:

فقال له عثمان: وارِ عنّي وجهك.

فقال: أسير الى مكة. قال: لا والله؟

قال: فتمنعني من بيت ربي أعبده فيه حتى أموت؟ قال: إي والله.

قال: فإلى الشام، قال: لا والله.

قال: البصرة. قال: لا والله، فاختر غير هذه البلدان.

قال: لا والله ما اختار غير ما ذكرت لك. ولو تركتني في دار هجرتي، ما أردت شيئا من البلدان، فسيّرني، حيث شئت من البلاد.

قال: فإنّي مسيّرك الى الربذة.

قال: الله أكبر، صدق رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أخبرني بكل ما أنا لاق.

قال: عثمان: وما قال لك؟

قال: أخبرني بأنّي أمنع عن مكة، والمدينة، وأموت بالربذة، ويتولّى مواراتي نفر ممن يردون من العراق نحو الحجاز (12).

 

نفيه الى الربذة:

جاء في شرح النهج، عن ابن عباس، قال: لمّا أخرج أبو ذر الى الربذة، أمر عثمان، فنودي في الناس: ألّا يكلم أحد أبا ذر، ولا يشيِّعه وأمر مروان بن الحكم أن يخرج به. فخرج به، وتحاماه الناس إلا عليّ بن ابي طالب عليه السلام وعقيلا أخاه، وحسنا وحسينا عليهما السلام، وعمّارا فانّهم خرجوا معه يشيّعونه.

فجعل الحسن عليه السلام، يكلّم أبا ذر.

فقال له مروان: إيّها يا حسن، ألا تعلم انّ أمير المؤمنين قد نهى عن كلام هذا الرجل؟! فإن كنت لا تعلم، فاعلم ذلك.

فحمل علي عليه السلام على مروان، فضرب بالسوط بين أذني راحلته، وقال: تنحَّ، لَحَاك الله الى النار! فرجع مروان مغضبا الى عثمان، فأخبره الخبر، فتلظّى على عليّ (عليه السلام) (13).

 

كلام الامام علي (عليه السلام) لأبي ذر:

وودّع علي عليه السلام أبا ذر (رض) قائلا له:

يا أبا ذر، إنك غضبت لله، فارجُ من غضبتَ له إنّ القومَ خافوك على دنياهم، وخِفتَهم على دينك، فاترك في أيديهم ما خافوك عليه، واهرَب منهم بما خفتهم عليه، فما أحوَجُهم الى ما منعتهم، واغناك عمَّا منعوك وستعلم من الرابحُ غدا، والأكثرُ حُسَّدا، ولو أن السمواتِ والأرضينَ كانتا على عبد رتقاً، ثم اتقى الله، لجعل الله له منهما مخرجا، لا يؤنسنّك الّا الحق، ولا يُوحشنَّك إلا الباطل، فلو قبلتَ دنياهم لأحبُّوك ولو قرضتَ منها لأمنُّوك (14).

وجاء في رواية ابن عباس: عن ذكوان ـ وكان حافظاً ـ كما في شرح النهج:

قال ذكوان: فحفظت كلام القوم. فقال علي عليه السلام: يا أبا ذر، إنّك غضبت لله، إنّ القوم خافوك على دنياهم، وخفتهم على دينك، فامتحنوك بالقِلى، ونفوكَ الى الفلا. والله لو كانت السنوات.. الخ.

ثم قال علي عليه السلام لأصحابه: "ودِّعوا عمَّكم، وقال لعقيل: ودِّع أخاك".

 

كلام عقيل:

فتكلّم عقيل: فقال: ما عسى أن نقولَ يا أبا ذر، وأنت تعلم أنّا نحبُّك، وأنت تُحبُّنا! فاتقِ الله، فإنّ التقوى نجاة، واصبر، فإنّ الصبرَ كَرم، واعلم أنّ استثقالك الصبرَ، من الجزعِ، واستبطاءَك العافيةَ، من اليأسِ، فدَع اليأس والجزع.

 

كلام الإمام الحسن (عليه السلام):

ثم تكلم الحسن (عليه السلام)، فقال: يا عمَّاه، لولا أنّه لا ينبغي للمودِّع أن يسكت، وللمشيِّع أن ينصرف لقصر الكلام، وإن طال الأسف، وقد أتى القوم اليك ما ترى، فضَع عنك الدنيا، بتذكّر فراغها وشِدَّة ما اشتد منها، برجاء ما بعدها، واصبر حتى تلقى نبيَّك (صلى الله عليه وآله) وهو عنك راضٍ.

 

كلام الإمام الحسين (عليه السلام):

ثم تكلّم الحسين (عليه السلام) فقال: يا عمَّاه، إنّ الله تعالى قادر أن يغيِّر ما قد يرى، والله كلَّ يوم هو في شأن، وقد منَعَك القوم دنياهم، ومنعتهم دينَك، فما أغناك عمَّا منعوك، واحوجهم الى ما منعتهم! فاسأل الله الصبرَ والنصرَ واستعذ به من الجشع والجزع، فإنّ الصبرَ من الدين والكرم، وإنّ الجشع لا يُقدّم رزقاً، والجزع لا يؤخِّر أجلا.

 

كلام عمَّار بن ياسر (رض):

ثم تكلّم عمار ـ رضي الله عنه ـ مغضباً، فقال: لا آنس الله من أوحشَك، ولا آمنَ من أخافك، أما والله، لو أردتَ دنياهم، لأمنُّوك، ولو رضيت أعمالهم، لأحبُّوك، وما منع الناسَ أن يقولوا بقولك، إلا الرضا بالدنيا، والجزع من الموت، مالوا الى ما سلطان جماعتهم عليه، والملكُ لمن غَلب، فوهبوا لهم دينهم، ومنحهم القوم دنياهم، فَخسِروا الدنيا والآخرة، ألا ذلك هو الخسران المبين!

 

كلام ابي ذر (رض):

فبكى أبو ذر رحمه الله ـ وكان شيخاً كبيراً ـ وقال: رحمكم الله يا أهل بيت الرحمة! إذا رأيتكم، ذكرت بكم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما لي بالمدينة سَكن ولا شجن غيركم، إنّي ثقلتُ على عثمان بالحجاز، كما ثقلتُ على معاوية بالشام، وكَرِه أن أجاور أخاه وابن خاله بالمصرين، فأفسد الناس عليهما، فسيَّرني الى بلد ليس لي به ناصر ولا دافع إلا الله! والله ما أريد إلا الله صاحباً، وما أخشى مع الله وحشة.

 

بين الإمام علي (عليه السلام) وعثمان:

ورجع القوم الى المدينة، فجاء علي (عليه السلام) الى عثمان، فقال له: ما حملك على ردّ رسولي، وتصغير أمري!؟ فقال علي (عليه السلام): أمّا رسولك فأراد أن يردَّ وجهي، فرددته، وأمّا أمرك فلم أصغِّره.

قال: أما بلغك نهيي عن كلام ابي ذر!؟

قال (عليه السلام): أو كلما أمرت بأمر معصية، أطعناك فيه!

قال عثمان: أقِد مروان من نفسك.

قال: ممَّ ذا؟

قال: مِن شَتمِه، وجَذبِ راحِلتَه.

قال: أمّا راحلتُه، فراحلتي بها، وأمّا شتمه إيّاي، فوالله لا يشتمني شتمة، إلا شتمتك مثلها، لا أكذب عليك.

فغضب عثمان، وقال: لِم لا يشتمكَ؟! كأنّك خير منه!

قال علي (عليه السلام): إي والله، ومِنكَ! ثمّ قام، فخرج (15).

وبلغ أبا الدرداء (16) ـ وهو في الشام ـ انّ عثمان قد سيَّر أبا ذر الى الربذة، فقال: إنّا لله وإنّا اليه راجعون، لو أنّ أبا ذر قطع لي عضوا أو يدا، ما هجته، بعد ان سمعت النبي صلى الله عليه و[وآله] سلم يقول: "ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء من رجل أصدق لهجة من أبي ذر" (17).

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الغدير 8 / 292 ـ 293 عن الانساب 5 / 52 / 54.

(2) سَلع: موضع بقرب المدينة (معجم البلدان ـ 3 / 236).

(3) ازبأر: غَضِب.

(4) ضرب: الخفيف اللحم.

(5) الجنأ: يقال جنئ، جنأ، إذا أشرف كاهله على ظهره حدبا.

(6) الشارف: الناقة المسنّة.

(7) شرح النهج 8 ص 257 ـ 258 ـ 259 وق 3 منه.

(8) النغل: الافساد بين القوم.

(9) نفس المصدر السابق.

(10) مروج الذهب 2 / 340.

(11) شرح النهج 8 / 259 ـ 260.

(12) مروج الذهب 2 / 340 ـ 341.

(13) شرح النهج 8 / 252 ـ 253.

(14) نهج البلاغة 2 / ص 12 ـ 13.

(15) شرح النهج 8 / 253 الى 255.

(16) الصاري، واسمه عامر، كان مصاحبا لأبي ذر.

(17) المستدرك على الصحيحين 3 / 344.

 

 

 

 

 

 

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي