1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

اساسيات الاعلام

الاعلام

اللغة الاعلامية

اخلاقيات الاعلام

اقتصاديات الاعلام

التربية الاعلامية

الادارة والتخطيط الاعلامي

الاعلام المتخصص

الاعلام الدولي

رأي عام

الدعاية والحرب النفسية

التصوير

المعلوماتية

الإخراج

الإخراج الاذاعي والتلفزيوني

الإخراج الصحفي

مناهج البحث الاعلامي

وسائل الاتصال الجماهيري

علم النفس الاعلامي

مصطلحات أعلامية

الإعلان

السمعية والمرئية

التلفزيون

الاذاعة

اعداد وتقديم البرامج

الاستديو

الدراما

صوت والقاء

تحرير اذاعي

تقنيات اذاعية وتلفزيونية

صحافة اذاعية

فن المقابلة

فن المراسلة

سيناريو

اعلام جديد

الخبر الاذاعي

الصحافة

الصحف

المجلات

وكالات الاخبار

التحرير الصحفي

فن الخبر

التقرير الصحفي

التحرير

تاريخ الصحافة

الصحافة الالكترونية

المقال الصحفي

التحقيقات الصحفية

صحافة عربية

العلاقات العامة

العلاقات العامة

استراتيجيات العلاقات العامة وبرامجها

التطبيقات الميدانية للعلاقات العامة

العلاقات العامة التسويقية

العلاقات العامة الدولية

العلاقات العامة النوعية

العلاقات العامة الرقمية

الكتابة للعلاقات العامة

حملات العلاقات العامة

ادارة العلاقات العامة

الاعلام : الصحافة : المقال الصحفي :

نموذج لمقال الخواطر والتأملات- سلطة الآباء

المؤلف:  د. عبد اللطيف حمزة

المصدر:  المدخل في فن التحرير الصحفي

الجزء والصفحة:  ص 219-222

2023-06-05

2161

نموذج لمقال الخواطر والتأملات- سلطة الآباء

كتب الكاتب في نقد المجتمع الحديث كتاباً بدأه بقوله:

رحم الله زماناً كان الاب فيه الآمر الناهي، والحاكم المطلق، والملك غير المتوج، ينادي فيتسابق كل من في البيت إلى ندائه، ويشير فإشارته أمر، وطاعته غنم. تحدثه الزوجة في خفر وحياء، ويحدثه الابن في إكبار وإجلال، ويرى من سوء الادب أن يرفع إليه بصره، أو يرد عليه قوله، أو يراجعه في رأي، أو يجادله في أمر. أما البنت فإذا حدثها لف الحياء رأسها، وغضن الخجل طرفها، قليلة الكلام، متحفظة الضحك، خافضة الصوت، تتوهم أنها أخطأت في التافه من الامر فيندى جبينها، ويصبغ الخجل وجهها، وإذا جاء حديث الزوج والزواج فإلى أمها التحدث لا إلى أبيها، وبالتلويح والتلميح لا بالتصريح، والامر إلى الاب فيما يقبل وفيما يرفض، وفيما يفعل وفيما لا يفعل" .

ومضى الكاتب في مقاله على هذا النحو ثم قال:

"لقد ودعنا ذلك الزمن بخيره وشره، وحلوه ومره، واستقبلنا زماناً صار فيه الأبناء آباء"...

ثم يقول:

"قالت الخطيبة لخطيبها: الناس أحرار، وأنا إنسان وأنت إنسان، فإن اعتززت بالكسب اعتززت بالإنفاق، وإن اعتززت بالرجولة اعتززت بالأنوثة، وإن اعتززت بأي شيء فأنا أعتز بمثله وبخير منه، فأنا وأنت شريكان: لا سيد وأمة، ولا ملك ومملوك، لي كل الحقوق التي لك، وقد يكون عليّ بعض الواجبات التي عليك... يمكنك أن تحصل على المال وعليّ الإنفاق، ولك السلطان التام في اختيار طرق التحصيل، ولي الخيار التام في وجوه التبديد، أنت للبيت والبيت لي، وإن كان لك أم فقد شبعت سلطة في الماضي أيام كانت زوجة، فلا حق لها أن تنعم بسلطانها وسلطان غيرها، فليس لها الحق إلا أن تأكل، كما ليس لك الحق في أن تحبها، فالحب كله للزوجة، إنما لك أن ترحمها. والدين لا شأن لك فيه بتاتاً، فهو علاقة بين العبد وربه، وكل إنسان حر في أن يحدد هذه العلاقة كما يوحي إليه قلبه، فإن شئت أن تتدين فتدين، على شرط ألا تقلب نظام البيت وتقلق راحتي وراحة الخدم.

ورأى الرجل أن الاحكام قاسية، والشروط فادحة، وهام يبحث بين الممدنات عمن ترضى به زوجاً على الشروط القديمة فأعياه البحث... إلى أن يقول: تم الزواج وفرحت الزوجة بالظفر فغالت في الطلب، وابتدعت كل يوم مطلباً جديداً، وأرادت أن تنتقم لامهاتها من آبائه في شخصه، فطالما أطعن، وطالما خضعن، فليطع دائماً وليخضع دائماً جزاء وفاقا على ما جنى آباؤه وأجداده...

قالت: إن رَقصْتَ رقصتُ، فذلك حقك وحقي، قال: نعم. قالت: بل إن لم ترقص رقصت، لأنك إن أضعت حقك لم أضع حقي، وإن خاللتَ خاللتُ، فالجزاء من جنس العمل، بل إن لم تخالل ربما خاللتُ، لان حياة الزوجية البحتة قد يعتريها الركود والسأم والملل...

فصرخ الرجل ولف الغضب وجهه، وحاول أن ينكل بها فتراجعت وسحبت مطلبها الاخير، ورأت من الحكمة أن تتريث بعض الشيء حتى يبلع ريقه من أثر الصدمة الاولى، ويستعد للصدمة الثانية، فإن لم يسعفها الزمان أوصت بناتها بشروطها الجديدة...

 قالت: وسيكون أول ما أوصي به ابنتي أن تأخذ قياس خطيبها، ثم يكون من أول جهازها أن تفصل له برذعة ولجاماً على قدره، فتضع البرذعة عليه، وتركبه إذا شاءت، وتشكمه باللجام إذا حاول أن يتحرك يميناً أو شمالاً على غير رغبتها.

وشاء الله أن يرزقا بنين وبنات:

... وقد رأوا أن الام لا تجل الاب فلم يجلوه، ولم تعره كبير التفات فلم يعيروه، ورأوها تبذر في مال الاب فبذروا، ورأوها حرة التصرف فتحرروا، ورأوها تخرج من البيت من غير إذن الاب فخرجوا خروجها وتعود إلى البيت متى شاءت ففعلوا فعلها، ورأوها لا تتدين فلم يتدينوا..

وقال الابناء لأبيهم:

إننا مخلوقون لزمان غير زمانك فاخضع لحكم الزمان، وقد نشأنا في زمن الحرية في الآراء، والحرية في الاعمال، والحرية في التصرف لا كما نشأت في جو من الطاعة والقيد والاسر والتقاليد، فمحال أن يسع ثوبك الضيق أبداننا، وتقاليدك العتيقة البالية نفوسنا.

 قالت نعم: قالو: وأنت الذي سمحت لنا بادئ ذي بدء أن نغشى دور السينما والتمثيل، وأن نسمع الاغاني البلدية، فإذا أقررت المقدمة فلا تهرب من النتيجة، فأنت الذي عودنا ألا نضع للبيت "ميزانية" لأنك تعطي راتبك لامنا تنفق منه من غير حساب، فإن انتهى في نصف الشهر طلبت منك أن تقترض، فاقترضت، وأن تشتري ما لا حاجة لنا به.. فاشتريت.. فليس لك أن تطالبنا بالاقتصاد ، والنهر الكبير ليس له ضابط... قال نعم. قالوا وقد أضعت سيادتك على أمّنا، فلم تفرض سيادتك علينا؟ وهي أم الحاضر وأنت أبو الماضي، ونحن رجال المستقبل... قال:  نعم. وقالت البنات لأبيهن:

يا أبانا الذي ليس في السماء: رقصت أمنا فرقصنا، وشربت أمنا فشربنا، وشربت سراً فلتسمح لنا بحكم تقدم الزمان أن نشرب جهرا، ورأينا في روايات السينما والتمثيل حباً فأحببنا، وتزوجت أمنا بإذن أبيها فلنتزوج نحن بإذننا.

قال: نعم، قلن: وقد أوصتنا أمنا أن نركب الزوج، ولكننا أمام مشكلة يشغلنا حلها، فإننا نرى شباب اليوم متمردين لا يخضعون خضوعك ولا يستسلمون استسلامك...

يا أبانا: هل البيت ضرورة من ضرورات الحياة؟

أليس نظام الاسرة نظاماً عتيقاً من آثار القرون الوسطى؟ قال: نعم، قلن على كل حال يصح أن يجرب جيل النساء الجديد مع جيل الرجال الجديد، فإن وقع ما خشينا عشنا أحراراً وعاشوا أحراراً، وطالبنا بتسهيل الطلاق، وبهدم المحاكم الشرعية على رءوس أصحابها.

قال الاب: وماذا تفعلن بما ترزقن من أبناء وبنات؟ قلن: لك الله يا أبانا! إنك لا تزال تفكر بعقل جدنا وجدتنا، لقد كنت أنت وأبوك وجدك تحملون أنفسكم عناء كبيراً في الاولاد، وتضحون بأنفسكم وأموالكم في سبيلهم، وتعيشون لهم لا لكم، أما عقليتنا نحن أهل الجيل الحاضر فأن نعيش لأنفسنا لا لغيرنا، لقد ضحك عليكم الدين والاخلاق ففهمتم أن الواجب هو كل شيء، وكشفنا نحن اللعبة ففهمنا أن اللذة هي كل شيء، فنحن نمنع النسل، فإذا جاء قسراً فليعش كما يشاء القدر...

قال الاب: وأمر المال كيف يدبر؟ كيف تعشن أنتن وأولادكن إذا كان طلاق وكان فراق؟ قلن: هذا ظل آخر ظريف من ظلال تفكيرك، دع هذا يا أبانا والبركة أخيراً فيك.

أما بعد، فقد خلا الاب يوماً إلى نفسه، وأجال النظر في يومه وأمسه، فبكى على أطلال سلطته المنهارة، وعزته الزائلة...

هذه تأملات وخواطر خطرت لكاتب المقال في النماذج الحديثة للحياة، وهي النماذج التي لا يرضى عنها الآباء بحال من الاحوال، بل إنهم يرون فيها الخطر كل الخطر على كيان المجتمع وعلى حياة الاسر، وقد بنى الكاتب مقاله هذا على الموازنة الدقيقة بين حياة الاسرة في الجيل القديم وحياة الاسرة في الجيل الجديد. وهدفه من ذلك أن يحذر من الاخطار الناجمة عن المبالغة في التجديد الذي ينخدع به الجيل الجديد.

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي