x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الأدب

الشعر

العصر الجاهلي

العصر الاسلامي

العصر العباسي

العصر الاندلسي

العصور المتأخرة

العصر الحديث

النثر

النقد

النقد الحديث

النقد القديم

البلاغة

المعاني

البيان

البديع

العروض

تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب

الأدب الــعربــي : تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب :

ابن المقفع

المؤلف:  شوقي ضيف

المصدر:  الفن ومذاهبه في النثر العربي

الجزء والصفحة:  ص134-137

5-10-2015

3192

ابن المقفع فارسي الأصل، اسمه روزبة(1) بن داذويه، كان أبوه من قرية تسمى جور(2) من أعمال فارس على مقربة من شيزار، وانتقل إلى البصرة، والتحق بديوان الخراج لعهد الحجاج، فاحتجن اختلس مالا، فضربه الحجاج حتى تقفعت يبست يده، فلقب بالمقفع(3)، ولم يسلم، بل استمر مجوسيا مانويا، وعلى دينه نشأ ابنه روزبة، ويظهر أنه عني بتأديبه كما عني بتعليمه العربية، وساعده على ذلك أن ولاءهما كان في آل الأهتم، وهم يشتهرون بالفصاحة من قديم(4).
ولم يمض زمن كبير حتى ظهرت مخايل الفصاحة والبلاغة على ابن المقفع، فكتب لعمر بن هبيرة في دواوينه على كرمان(5) بفارس، ثم كتب لابنه يزيد حين ولي العراق من قبل مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية، كما كتب لأخيه داود(6)، وجعلته وظيفته تلك يفيد أموالًا، كان يبر بها طائفة من أصدقائه، يقول الجهشياري: وكان سريا سخيا، يطعم الطعام، ويصل على كل من احتاج إليه ... وكان يجري على جماعة من وجوه أهل البصرة والكوفة ما بين الخمسمائة إلى الألفين في كل شهر(7).
ولما قامت الدولة العباسية كتب لعيسى بن علي عم المنصور(8)، وعلى يديه أعلن إسلامه، وتسمى باسم عبد الله، واكتنى بأبي محمد(9)، ويقال: إنه حين حاول إعلان إسلامه سأله عيسى أن يؤجل ذلك إلى الغد، حتى يكون ذلك في حفل يحضره القواد والرؤساء، ثم حضر طعام العشاء، فجلس يأكل ويزمزم على عادة المجوس، فقال له عيسى: أتصنع ذلك وأنت على عزم الإسلام؟ فقال: أكره أن أبيت على غير دين! وظل يعمل في خدمة عيسى حتى قتله سفيان بن معاوية والي البصرة من قبل المنصور، وهنا يختلف الباحثون في سبب قتله، فيزعم قوم أنه قتل لزندقته، ويؤكد الجهشياري، وكثير من المؤرخين أن السبب في قتله ما كان من تشدده في كتابه الأمان الذي كتبه لعبد الله بن علي أخي عيسى، وعم المنصور فإنه حين فشلت ثورته على ابن أخيه هرب منهزما من أبي مسلم الخراساني، وقصد أخويه عيسى وسليمان بالبصرة، فكاتبا المنصور في أن يؤمنه، ورضي بإعطائه الأمان، فأمر عيسى بن المقفع يعمل نسخة لهذا الأمان، فعملها ووكدها، واحترس من كل تأويل يجوز أن يقع عليه فيها.. وكان الذي شق على أبي جعفر ما جاء في أسفل الأمان من أنه إذا غدر بعمه عبد الله، فهو نفي من أبيه، ومولود لغير رشدة، وقد حل لجميع أمة محمد خلعه وحربه والبراءة منه، ولا بيعة له في رقاب المسلمين، ولا عهد ولا ذمة، وقد وجب عليهم الخروج من طاعته، وإعانة من ناوأه من جميع الخلق، وأنه إن فعل كان كافرًا بجميع الأديان، ونساؤه طوالق وعبيده أحرار، فغضب المنصور حين قرأ هذا الأمان وسأل عن كاتبه، فقيل له: ابن المقفع، فقال: أما أحد يكفينيه؟ وكتب فيه إلى سفيان بن معاوية، وتصادف أن كان يضطغن عليه، فاستغل الفرصة وطلبه، فلما قدم عليه أمر بتنور فسجر، ثم أخذ يقطعه عضوًا عضوًا ويرمى به في التنور(10)، وأكبر الظن أن هذا هو السبب الصحيح في مقتل ابن المقفع، فالجاحظ يقول في بعض رسائله: إنه أغرى عبد الله بن علي بالمنصور ففطن له، وقتل(11) ومن المحقق أن الجاحظ لا يريد بإغرائه سوى ما كان من كتابة أمانه على هذا النحو الذي ضيق فيه على المنصور، ويقول ابن خلكان: إن ذلك كان عام 142 أو 143 أو 145، ومعنى ذلك أنه لم يعش في الدولة العباسية إلا نحو عشر سنين.
واشتهر ابن المقفع بأنه كان زنديقًا، وأنه إنما اتخذ الإسلام قناعًا لزندقته ومانويته، وممن أكد ذلك أبو الفرج الأصبهاني(12)، والبيروني(13) وابن خلكان(14) وصاحب خزانة الأدب(15)، ويقول المرتضى في أماليه: روي عن المهدي أنه قال: ما وجدت كتاب زندقة إلا وأصله ابن المقفع(16)، ويقول المسعودي: أمعن المهدي في قتل الملحدين لظهورهم في أيامه، وإعلانهم باعتقاداتهم في خلافته، لما انتشر من كتب ماني وابن ديصان، ومرقيون مما نقله عبد الله بن المقفع وغيره وترجم من الفارسية، والفهلوية إلى العربية(17)، وفي الفهرست أنه ترجم كتابا في سيرة مزدك(18)، ويقال: إنه مر ببيت نار للمجوس بعد أن أسلم فلما رآه تمثل:
يا بيت عاتكة الذي أتعزل ... حذر العدا وبك الفؤاد موكل
إني لأمنحك الصدود وإنني ... قسما إليك مع الصدود لأميل(19)
ويقول بعض الرواة: إنه عارض القرآن بزعمه(20)، ونشر ميكائيل أنجلو جويدي سنة 1927 كتابا يسمى: كتاب الرد على الزنديق اللعين ابن المقفع -عليه لعنة الله- للقاسم بن إبراهيم عليه من الله أفضل الصلاة والتسليم، ونرى القاسم يندد -في مقدمة هذا الكتاب- بمذهب ماني وأتباعه، ويقول: إن ابن المقفع خلفه في إفكه وضلاله، فوضع كتابا أعجمي البيان، حكم فيه لنفسه بكل زور وبهتان، فنال من عيب المرسلين، وافترى الكذب على رب العالمين، فرأينا من الحق أن نضع نقضه، بعد أن وضعنا من قول ماني بعضه. ثم يعرض القاسم فقرا من أقوال ابن المقفع ويرد عليها، وقد شك بعض الباحثين في هذا الكتاب، ونسبة ما فيه من آراء لابن المقفع(21)، غير أن ذلك لا ينقض زندقته فقد شهد بها معاصروه ومن جاءوا بعدهم، ويروى أنه لما قتل ابن أبي العوجاء لزندقته رثاه بقوله:
رزئنا أبا عمرو ولا حي مثله ... فلله ريب الحادثات بمن وقع
فإن تك قد فارقتنا وتركتنا ... ذوي خلة ما في انسداد لها طمع
فقد جر نفعا فقدنا لك أننا ... أمنا على كل الرزايا من الجزع
وقال أحمد بن يحيى ثعلب: البيت الأخير يدل على مذهبهم في أن الخير ممزوج بالشر والشر ممزوج بالخير(22).
وعلى الرغم من زندقة ابن المقفع، وتعصبه الشديد لفارسيته لم يفكر في الرجوع إلى لغته، بل اتخذ العربية مثله الأعلى، وكان ذكيا ذكاء شديدًا، ولكن ذكاءه أضله، وكان دقيق الحس، فقد دعاه عيسى بن علي للغداء معه يوما، فقال له: أعز الله الأمير! لست يومي للكرام أكيلا، فقال له: ولِمَ؟ قال: لأني مزكوم والزكمة قبيحة الجوار، مانعة من عشرة الأحرار، وكتب إليه يحيى بن زياد الحارثي الزنديق يلتمس عقد الإخاء، والاجتماع على المودة والصفاء، فأخر جوابه، فكتب إليه كتابا آخر، يستريثه، فكتب إليه ابن المقفع: إن الإخاء رق، فكرهت أن أملكك رقي قبل أن أعرف حسن ملكتك(23).
ــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 - الفهرست ص172.
2-الوزراء والكتاب للجهشياري ص 109.
3- الفهرست ص 172.
4- البيان والتبيين 1/ 355.
5-الوزراء والكتاب ص 109.
6-الفهرست ص 172.
7 - الوزراء والكاتب ص 109.
8- الفهرست ص 172، والوزراء والكاتب ص 103.
9- الفهرست ص 172.
10-  الوزراء والكتاب ص103، وما بعدها.
11-ثلاث رسائل للجاحظ طبعة فنكل ص 47.
12-أغاني طبعة الساسي 18/ 200.
13- تحقيق ما للهند من مقولة طبعة ليبزج ص 76.
14-انظر ترجمته في وفيات الأعيان 1/ 150.
15- خزانة الأدب للبغدادي 3/ 495.
16-أمالي المرتضى 1/ 134.
17-مروج الذهب للمسعودي طبعة مصر 4/ 242.
18-الفهرست ص 172.
19- أمالي المرتضى 1/ 135.
20- إعجاز القرآن للباقلاني ص 18.
21- ضحى الإسلام لأحمد أمين 1/ 225.
22-أمالي المرتضى 1/ 135.
23-انظر في هذا النص، وسابقه أمالي المرتضى 1/ 136.