1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الأدب

الشعر

العصر الجاهلي

العصر الاسلامي

العصر العباسي

العصر الاندلسي

العصور المتأخرة

العصر الحديث

النثر

النقد

النقد الحديث

النقد القديم

البلاغة

المعاني

البيان

البديع

العروض

تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب

الأدب الــعربــي : الأدب : الشعر : العصر الاندلسي :

حكاية مشرقية

المؤلف:  أحمد بن محمد المقري التلمساني

المصدر:  نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب

الجزء والصفحة:  مج3، ص:321-329

2023-04-01

1223

حكاية مشرقية 

ونظير هذه الحكاية(1) أن عباد بن الحريش كان قد مدح رجلا من كبار أصبهان أرباب الضيع والأملاك والتبع الكثير ، فمطله بالجائزة ، ثم أجازه بما لم يرضه، فرده عليه، وبعد ذلك بحين عمل الرجل دعوة غرم عليها ألوف دنانير كثيرة لأبي دلف القاسم بن عيسى العجلي على أن يجيء إليه من الكرج ، ووصل أبو دلف ، فلما وقعت عين عباد عليه وهو يساير بعض خواصه أومأ إلى ذلك السائر وأنشد بأعلى صوته:

قل له يا فديته                            قول عباد: ذا سمج

جئت في ألف فارس                 لغـداء من الكرج

ما على النفس بعد ذا                  في الدناءات من حرج

فقال أبو دلف ، وكان أخوف الناس من شاعر : صدق والله ، أجيء من

 

321

الكرج إلى أصبهان حتى أتغدى بها ؟ والله ما بعد هذا في دناءة النفس من شيء ثم رجع من طريقه . وفسد على الرجل كل ما غرمه ، وعرف من أين أتي . وتخوف أن يعود عباد عليه بشر منها ، فسير إليه جائزة سنية مع جماعة من أصحابه ، فاجتمعوا به ، وسألوه فيه ، وفي قبول الجائزة ، فلم يقبل الجائزة ، ثم أنشد بديها:

وهبت يا قوم لكم عرضه

فقالوا : جزاك الله تعالى خيرا ، فقال:

                                                كرامـة للشعر لا للفتى

لأنه أبخل من ذرة على الذي تجمعه في الشتا

انتهى.

وذكر أبو الصلت أمية بن عبد العزيز الأندلسي ما معناه (2): أنه عزم بمصر هو ورفقة له على الاصطباح ، فقصدوا بركة الحبش ، في وقت ولاية الغبش ، وحلوا منها روضا بستم زهره ، ونسم عطره ، فأداروا كؤوسا ، تطلع من المدام شموساً ، وعاينوها نجوما ، تكون لشياطين الهموم رجوما ، فطرب حتى أظهر الطرب نشاطه ، وأبرز ابتهاجه وانبساطه ، فقال :

لله يومي ببركة الحبش                         والجو بين الضياء والغبش

والنيل تحت الرياح مضطرب              كصارم في يمين مرتعش

ونحن في روضة مفوفة                       دبج بالنور عطفها ووشي

قد نسجتها يد الغمام لنا                       فنحن من نورها على فرش

 

322

فعاطني الراح إن تاركها                     من سورة الهم غير منتعش

وأسقني(3) بالكبار مترعة                           فهن أروى لشدة العطش

فأثقل الناس كلهم رجل                     دعاه داعي الصبا فلم يطش

وهذا أبو الصلت أمية من كبراء أدباء الأندلس العلماء الحكماء ، وقد ترجمناه في الباب الخامس في المرتحلين من الأندلس إلى المشرق.

وقال رحمه الله تعالى(4): كنت مع الحسن بن علي بن تميم بن المعز ابن باديس بالمهدية في الميدان ، وقد وقف يرمي بالنشاب ، فصنعت فيه بديها:

يا ملكا من خلقت كفه                        لم تدر إلا الجود والباسا

إن النجوم الزهر مع بعدها                  قد حسدت في قربك الناسا

وودت الأفلاك لو أنها               تحولت تحتك أفراسـا

كما تمنى البدر لو أنه                            عـاد لنشابك برجاسـا

انتهى.

وصنع الوزير(5) أبو جعفر أحمد الوقشي وزير الرئيس أبي إسحاق ابن همشك صهر الأمير أبي عبد الله محمد بن مردنيش في غلام أسود في يده قضيب نور بديها:

وزنجي أتى بقضيب نور                    وقد زنت لنا بنت الكروم

فقال في من الفتيان صفها                             فقلت الليل أقبـل بالنجوم

 

323

ولما أفرط أبو [ بكر ] يحيى اليكي(6) في هجاء أهل فاس تعسفوا عليه ، وساعدهم واليهم مظفر الخصي من قبل أمير المسلمين(7) علي بن يوسف ، والقائد عبد الله بن خيار الجياني(8) ، وكان يتولى أموراً سلطانية بها ، فقدموا رجلا ادعى عليه بدين ، وشهد عليه به رجل فقيه يعرف بالزناتي ، ورجل آخر يكنى بأبي الحسين من مشايخ البلد ، فأثبت الحق عليه ، وأمر به إلى السجن ، فرفع إليه . وسيق" سوقاً عنيفاً ، فلما وصل إلى بابه طلب ورقة من كاتبه ، وكتب فيها ، وأنفذها إلى مظفر مع العون الذي أوصله إلى السجن ، فكان ما كتب:

ارشوا الزناتي الفقيه ببيضة                            يشهد بأن مظفراً ذو بيضتين

واهدوا إليه دجاجة بحليف لكم                  ما ناك عبد الله عرس أبي الحسين

 وقال أبو الحسن علي بن عتيق بن مؤمن القرطبي الأنصاري : عمل والدي محملا للكتب من قضبان تشبه سلما ، فدخل عليه أبو محمد عبد الله بن مفید ، فرآه ، فقال ارتجالا :

أيها السيد الذكي الجنان                      لا تقسني بسل البنيــان

فضل شكلي على السلالم أني                محمـل للعلـوم والقرآن

حزت من حلية المحبين ضعفي           واصفراري ورقة الأبدان

فادع للصانع المجيد بفوز                              ثم وال الدعاء للإخوان

ثم عمل أيضاً:

أيها السيد الكريم المساعي التفت صنعتي وحسن ابتداعي

 

324

أنا للنسخ محمل خف حملي                            أنا في الشكل سلم الإطلاع

وقال أحمد بن رضى المالقي:

ليس المدامة مما أستريح له                             ولا مجاوبة الأوتار والنغم

وإنما لذتي كتب أطالعها                      وخادمي أبداً في نصرتي قلمي

وقال القاسم البلوي الإشبيلي :

لمن أشكر مصابي في البرايا                            ولا ألقى سوى رجل مصاب

أمور لو تديرها حكيم                                  لعاش مدى الزمان أخا اكتئاب

أما في الدهر من أفشي إليه                             بأسراري فيؤنس بالجواب؟

يئست من الأنام فما جليس                           يعز على نهاي سوى كتابي

وقال أبو زكريا يحيى ، ابن صفوان بن إدريس صاحب كتاب " العجالة " و " زاد المسافر "، وغيرهما:

 

ليت شعري كيف أنتم                                  وأنا الصب المعنى

كل شيء لم تكونوا                              فيه لفظ دون معنى

وله في نصراني وسيم لقيه يوم عيد:

توحد في الحسن من لم يزل                            يثلث والقلب في صده

يشف لك الماء كفه                              ويقتدح النار من خده

وهذان البيتان نسبهما له بعض معاشريه ، وأبوه صفوان سابق الميدان.

وقال ابن بسام(9): ساير ابن عمار في بعض أسفاره غلامان من

 

325

بني جهور أحدهما أشقر العذار والآخر أخضره ، فجعل يميل بحديثه لمخضر العذار، ثم قال ارتجالا :

تعلقته جهوري النجار              حلي(10) اللمى جوهري الثنايا

من النفر البيض أسد الزمان                رقاق الحواشي كرام السجايا

ولا غرو أن تغرب الشارقات    وتبقى محاسنهـا بالعشايـا

ولا وصل إلا جمان الحديث                نساقطه من ظهور المطايا

شنت المثلث للزعفران              وملت إلى خضرة في التفايا

 

ومعناه أن ابن عمار أبغض المثلث لدخول الزعفران فيه لشبهه بعذار الأشقر منهما وأحب خضرة التفايا(11)، وهو لون طعام يعمل بالكزبرة ، لشبهها بعذار الأخضر منهما.

وقال أبو العرب ابن معيشة الكناني السبتي(12): أخبرني شيخ من أهل إشبيلية كان قد أدرك دولة آل عباد . وكان عليه من أثر كبر السن ودلائل التعمير ما يشهد له بالصدق ، وينطق بأن قوله الحق ، قال كنت في صباي حسن الصورة ، بديع الخلقة ، لا تلمحني عين أحد إلا ملكت قلبه ، وخلبت خلبه ، وسلبت لبه وأطلت كربه . فبينا أنا واقف على باب دارنا إذا بالوزير أبي بكر ابن عمار قد أقبل في موكب زجل ، على فرس كالصخرة الصماء قدت من قنة الجبل ، فحين حاذاني ورآني اشراب إلي ينظرني وبهت يتأملني ثم دفع بمخصرة كانت بيده في صدري ، وأنشد:

 

326

 

كف هذا النهد عني                            فبقلبي منه جرح

هو في صدرك نهد                     وهو في صدري رمح

 

وعبر في " البدائع " على طريقة القلائد بما صورته(13): ذكر الفتح ابن خاقان ما هذا معناه أخبرني ذو الوزارتين أبو المطرف ابن عبد العزيز أنه حضر عند المؤتمن بن هود في يوم أجرى الحو فيه أشقر برقه ، ورمى بنبل ودقه، وحملت الرياح فيه أوقار السحاب على أعناقها ، وتمايلت قامات الأغصان في الحلل الخضر من أوراقها ، والأزهار قد تفتحت عيونها ، والكمائم قد ظهر مكنونها، والأشجار قد انصقلت بالقطر ، ونشرت ما يفوق ألوان البز وبنت ما يعلو العطر ، والراح قد أشرقت نجومها في بروج الراح ، وحاكت شمسها شمس الأفق فتلفعت بغيوم الأقداح ، ومديرها قد ذاب ظرفا فكاد يسيل من إهابه ، وأخجل خدها حسناً فتكلل بعرق حبابه ، إذا بفتى رومي من أصبح فتيان المؤتمن قد أقبل متدرعا كالبدر اجتاب سحاباً ، والخمر اكتست حباباً ، والطاووس انقلب حباباً فهو ملك" حسنا إلا أنه جسد ، وغزال" لينا إلا أنه في هيئة الأسد ، وقد جاء يريد استشارة المؤتمن في الخروج إلى موضع كان عول فيه عليه ، وأمره أن يتوجه إليه ، فحين وصل إلى حضرته لمحه ابن عمار والسكر قد استحوذ على لبه ، وانبثت سراياه في ضواحي قلبه ، فأشار إليه وقربه ، واستبدع ذلك اللباس واستغربه ، وجد في أن يستخرج تلك الدرة من ماء ذلك الدلاص ، وأن يجلي عنه سهكه كما يجلى الخبث عن الخلاص ، وأن يوفر على ذلك الوفر نعمة جسمه ، ويكون هو الساقي على عادته القديمة ورسمه ، فأمره المؤتمن بقبول أمره وامتثاله ، واحتذاء أمثاله ، فحين ظهرت تلك الشمس من - حجبها ، ورمت شياطين النفوس من كثمت المدام بشهبها ، ارتجل ابن عمار :

 

327

 

وهويته يسفي المدام كأنه                     قمر بدور بكوكب في مجلس

متناوح الحركات يندى عطفه              كالغصن هزته الصبا بتنفس

يسقي بكأس في أنامل سوسن             ويدير أخرى من محاجر نرجس

يا حامل السيف الطويل نجاده                     ومصرف الفرس القصير المحبس

إياك بادرة الوغى من فارس                         خشن القناع على عذار أملس

جهم وإن حسر القناع فإنما                           كشف الظلام عن النهار المشمس

يطغى ويلعب في دلال عذاره              كالمهر يلعب في اللجام المجرس

سلم فقد قصف القنا غصن النقا                  وسطا بليث الغاب ظبي المكنس

عنا بكاسك قد كفتنا مثقلة                           حوراء قائمة" بسكر المجلس

وصنع فيه أيضا :

وأحور من ظباء الروم عاط                          بسالفتيه من دمعي فريد

قسا قلباً وشن عليه درعاً                     فباطنه وظاهره حديد

بكيت وقد دنا ونأى رضاه                           وقد يبكي من الطرب الجليد

وإن فتى تملكه برق                                       وأحرز حسنه لفتى سعيد

انتهى .

وذكر في " البدائع " مؤلفه ما نصه(14): خرج المعتصم بن صمادح صاحب المرية يوماً إلى بعض متنزهاته ، فحل بروضة قد سفرت عن وجهها البهيج ، وتنفست عن مسكها الأريج ، وماست معاطف أغصانها ، وتكللت بلؤلؤ الطل" أجياد قضبانها ، فتشوق إلى الوزير أبي طالب ابن غانم أحد كبراء دولته ، وسيوف صولته ، فكتب إليه بديها بورقة كرنب بعود من شجرة:

 

328

أقبل أبا طـالب إلينـا                            واسقط سقوط الندى علينا

وجلس المعتصم بن صمادح المذكور يوما وبين يديه ساقية قد أخمدت ببردها حر الأوار ، والتوى ماؤها فيها التواء فضة السوار، فقال ارتجالا:

انظر إلى الماء كيف انحط من صببه                          كأنهم أرقم قد جد في هربه

وقال السميسر(15):

بعوض شربن دمي قهوة                     وغنيني بضروب الأغان

كان عروقي أوتارهـن                         وجسمي الرباب وهن القيان(16)

وأحسن منه قول ابن شرف القيرواني(17):

لك مجلس كملت بشارة لهونا              فيه، ولكن تحت ذاك حديث

غنى الذباب فظل يزمر حوله              فيه البعوض ويرقص البرغوث

والسابق إلى هذا المعنى أبو [الحسن] أحمد بن أيوب من شعراء اليتيمة إذ قال(18):

لا أعدل الليل في تطاوله                     لو كان يدري ما نحن فيه نقص

لي والبراغيث والبعوض إذا                أجنّنا حندس الظلام قصص(19)

إذا تغنى بعوضه طربا                         أطرب(20) برغوثه الغنا فرقص

 

329

ونحو هذا قول الحصري فيما نسبه إليه ابن دحية(21):

ضاقت بلنسية بي                       وذاد عني غموضي

رقص البراغيث فيها                           على غناء البعوض

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- البدائع 2: 149

2- البدائع 2: 151 ، ونوادر المخطوطات 1 : 20 – 21.

3- ب : وسقني ..

4- البدائع 2: 152 .

5- البدائع 2: 153؛ وهذان البيتان في الحملة 2 : 266 ارماني (ديوانه : 135) ؛ قال : و غلط ابو مروان ابن صاحب الصلاة الإشبيل فنسبهما في تاريخه إلى بعض الأمراء ( يعني الوتشي ) ؛ وفي المغرب 2 : 257 أنهما لأبي علي الحسين بن أم الحور .

6- البدائع 2: 107 ؛ وانظر بعض أهاجيه في أهل فاس في زاد المسافر.

7- ب : المؤمنين ، وهو غير دقيق.

8- راجع ترجمة ابن خيار الليالي في الحلة 2: 235 .

9- بدائع البدائه 2: 130 .

10- ب : حلو.

11- راجع شرح التفايا جـ 3 ص: 127 الحاشية : 2.

12- بدائع البدائه 2:132 وفيه  " ابن معوشة ".

13- بدائع البدائه 2 : 133؛ وانظر النفح جـ 1 ص:654.

14- البدائع 2: 139 ، وانظر أيضا 2 : 140 للحكاية التالية من المعتصم .

15- البدائع 2 : 176.

16- زاد في مطبوعة التجارية بعد هذين البيتين مقطوعتين في البرغوث والبعوض يظهر أنهما من زيادات النساخ.

17- البدائع 2 : 176 والمطرب : 70 ومعجم الأدباء : 19 : 38 .

18- بدائع البدائه 2 : 176 و اليتيمة 4 : 383 ، ومنه تصويب الاسم.

19- اليتيمة : الحفنا .

20- اليتيمة : ساعد

21- المطرب: 94 و بدائع البدائه 2: 176.