1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

التوحيد

النظر و المعرفة

اثبات وجود الله تعالى و وحدانيته

صفات الله تعالى

الصفات الثبوتية

القدرة و الاختيار

العلم و الحكمة

الحياة و الادراك

الارادة

السمع و البصر

التكلم و الصدق

الأزلية و الأبدية

الصفات الجلالية ( السلبية )

الصفات - مواضيع عامة

معنى التوحيد و مراتبه

العدل

البداء

التكليف

الجبر و التفويض

الحسن و القبح

القضاء و القدر

اللطف الالهي

مواضيع عامة

النبوة

اثبات النبوة

الانبياء

العصمة

الغرض من بعثة الانبياء

المعجزة

صفات النبي

النبي محمد (صلى الله عليه وآله)

الامامة

الامامة تعريفها ووجوبها وشرائطها

صفات الأئمة وفضائلهم

العصمة

امامة الامام علي عليه السلام

إمامة الأئمة الأثني عشر

الأمام المهدي عجل الله فرجه الشريف

الرجعة

المعاد

تعريف المعاد و الدليل عليه

المعاد الجسماني

الموت و القبر و البرزخ

القيامة

الثواب و العقاب

الجنة و النار

الشفاعة

التوبة

فرق و أديان

علم الملل و النحل ومصنفاته

علل تكون الفرق و المذاهب

الفرق بين الفرق

الشيعة الاثنا عشرية

أهل السنة و الجماعة

أهل الحديث و الحشوية

الخوارج

المعتزلة

الزيدية

الاشاعرة

الاسماعيلية

الاباضية

القدرية

المرجئة

الماتريدية

الظاهرية

الجبرية

المفوضة

المجسمة

الجهمية

الصوفية

الكرامية

الغلو

الدروز

القاديانيّة

الشيخية

النصيرية

الحنابلة

السلفية

الوهابية

شبهات و ردود

التوحيـــــــد

العـــــــدل

النبـــــــوة

الامامـــــــة

المعـــاد

القرآن الكريم

الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام)

الزهراء (عليها السلام)

الامام الحسين (عليه السلام) و كربلاء

الامام المهدي (عليه السلام)

إمامة الائمـــــــة الاثني عشر

العصمـــــــة

الغلـــــــو

التقية

الشفاعة والدعاء والتوسل والاستغاثة

الاسلام والمسلمين

الشيعة والتشيع

اديان و مذاهب و فرق

الصحابة

ابو بكر و عمر و عثمان و مشروعية خلافتهم

نساء النبي (صلى الله عليه واله و سلم)

البكاء على الميت و احياء ذكرى الصاحين

التبرك و الزيارة و البناء على القبور

الفقه

سيرة و تاريخ

مواضيع عامة

مقالات عقائدية

مصطلحات عقائدية

أسئلة وأجوبة عقائدية

التوحيد

اثبات الصانع ونفي الشريك عنه

اسماء وصفات الباري تعالى

التجسيم والتشبيه

النظر والمعرفة

رؤية الله تعالى

مواضيع عامة

النبوة والأنبياء

الإمامة

العدل الإلهي

المعاد

القرآن الكريم

القرآن

آيات القرآن العقائدية

تحريف القرآن

النبي محمد صلى الله عليه وآله

فاطمة الزهراء عليها السلام

الاسلام والمسلمين

الصحابة

الأئمة الإثنا عشر

الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام

أدلة إمامة إمير المؤمنين

الإمام الحسن عليه السلام

الإمام الحسين عليه السلام

الإمام السجاد عليه السلام

الإمام الباقر عليه السلام

الإمام الصادق عليه السلام

الإمام الكاظم عليه السلام

الإمام الرضا عليه السلام

الإمام الجواد عليه السلام

الإمام الهادي عليه السلام

الإمام العسكري عليه السلام

الإمام المهدي عليه السلام

إمامة الأئمة الإثنا عشر

الشيعة والتشيع

العصمة

الموالات والتبري واللعن

أهل البيت عليهم السلام

علم المعصوم

أديان وفرق ومذاهب

الإسماعيلية

الأصولية والاخبارية والشيخية

الخوارج والأباضية

السبئية وعبد الله بن سبأ

الصوفية والتصوف

العلويين

الغلاة

النواصب

الفرقة الناجية

المعتزلة والاشاعرة

الوهابية ومحمد بن عبد الوهاب

أهل السنة

أهل الكتاب

زيد بن علي والزيدية

مواضيع عامة

البكاء والعزاء وإحياء المناسبات

احاديث وروايات

حديث اثنا عشر خليفة

حديث الغدير

حديث الثقلين

حديث الدار

حديث السفينة

حديث المنزلة

حديث المؤاخاة

حديث رد الشمس

حديث مدينة العلم

حديث من مات ولم يعرف إمام زمانه

احاديث متنوعة

التوسل والاستغاثة بالاولياء

الجبر والاختيار والقضاء والقدر

الجنة والنار

الخلق والخليقة

الدعاء والذكر والاستخارة

الذنب والابتلاء والتوبة

الشفاعة

الفقه

القبور

المرأة

الملائكة

أولياء وخلفاء وشخصيات

أبو الفضل العباس عليه السلام

زينب الكبرى عليها السلام

مريم عليها السلام

ابو طالب

ابن عباس

المختار الثقفي

ابن تيمية

أبو هريرة

أبو بكر

عثمان بن عفان

عمر بن الخطاب

محمد بن الحنفية

خالد بن الوليد

معاوية بن ابي سفيان

يزيد بن معاوية

عمر بن عبد العزيز

شخصيات متفرقة

زوجات النبي صلى الله عليه وآله

زيارة المعصوم

سيرة وتاريخ

علم الحديث والرجال

كتب ومؤلفات

مفاهيم ومصطلحات

اسئلة عامة

أصول الدين وفروعه

الاسراء والمعراج

الرجعة

الحوزة العلمية

الولاية التكوينية والتشريعية

تزويج عمر من ام كلثوم

الشيطان

فتوحات وثورات وغزوات

عالم الذر

البدعة

التقية

البيعة

رزية يوم الخميس

نهج البلاغة

مواضيع مختلفة

الحوار العقائدي

* التوحيد

* العدل

* النبوة

* الإمامة

* المعاد

* الرجعة

* القرآن الكريم

* النبي محمد (صلى الله عليه وآله)

* أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)

* فضائل النبي وآله

* الإمام علي (عليه السلام)

* فاطمة الزهراء (عليها السلام)

* الإمام الحسين (عليه السلام) وكربلاء

* الإمام المهدي (عجل الله فرجه)

* زوجات النبي (صلى الله عليه وآله)

* الخلفاء والملوك بعد الرسول ومشروعية سلطتهم

* العـصمة

* التقيــة

* الملائكة

* الأولياء والصالحين

* فرق وأديان

* الشيعة والتشيع

* التوسل وبناء القبور وزيارتها

* العلم والعلماء

* سيرة وتاريخ

* أحاديث وروايات

* طُرف الحوارات

* آداب وأخلاق

* الفقه والأصول والشرائع

* مواضيع عامة

العقائد الاسلامية : المعاد : الموت و القبر و البرزخ :

الموت وغمراته

المؤلف:  علي موسى الكعبي

المصدر:  المعاد يوم القيامة

الجزء والصفحة:  ص90-100

9-08-2015

1416

 الموت هو أول منازل الطريق إلى المعاد ، وأول مشاهد النشأة الآخرة ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « الموت القيامة ، إذا مات أحدكم فقد قامت قيامته ، يرى ما له من خيرٍ وشرّ »(1). وقال أمير المؤمنين عليه السلام: « الموت باب الآخرة »(2).

ويراد به قبض الروح وقطع تعلّقها بالبدن، أو الانتقال من نشأة الحياة الدنيا إلى نشأة الحياة الآخرة، وهو من فعل الله تعالى، قال تعالى : {هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [غافر: 68]. وقد أوكل تعالى مهمّة قبض الأرواح إلى ملك الموت ، فهو يقبضها بأمره سبحانه {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ } [السجدة: 11].

واصطفى له أعواناً من الملائكة يصدرون عن أمره ، وجعل فعلهم فعله { حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ} [الأنعام: 61] والله تعالى يتوفىّ الأنفس من ملك الموت {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: 42].

وإلى ذلك أشار الإمام الصادق عليه السلام في حديث قال : « إنّ الله جعل لملك الموت أعواناً من الملائكة ، يقبضون الأرواح ، بمنزلة صاحب الشرطة له أعوان من الإنس ، يبعثهم في حوائجه ، فتتوفّاهم الملائكة ، ويتوّفاهم ملك الموت من الملائكة مع ما يقبض هو ،ويتوفاها الله تعالى من ملك الموت »(3).

غمرات الموت : الموت صورة مرعبة تجسّد نهاية مسيرة الكائن الإنساني في الحياة الدنيا، وتعبّر عن مصيره المحتوم الذي لا بدّ من لقائه {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } [الجمعة: 8].

وقد جاء في وصف الموت وما يحيطه من أهوالٍ وما يكتنفه من غمراتٍ الكثير من الآيات والأحاديث ، قال أمير المؤمنين عليه السلام : « وإنّ للموت لغمرات هي أفظع من أن تُستغرق بصفة ، أو تعتدل على عقول أهل الدنيا » (4) .

وفيما يلي نورد وصفاً لبعض تلك الغمرات على ضوء آيات الذكر الحكيم والأحاديث الشريفة :

1 ـ الاحتضار : ويراد به حضور ملك الموت أو أعوانه من ملائكة الرحمة أو العذاب ، لانتزاع روح المحتضر ، وهو من الأهوال المرعبة ، لما يدخل من الروع والخوف على قلب المحتضر حين مشاهدة الملائكة ، قال الامام زين العابدين عليه السلام : « أشدّ ساعات ابن آدم ثلاث ساعات : الساعة التي يعاين فيها ملك الموت ، والساعة التي يقوم فيها من قبره ، والساعة التي يقف فيها بين يدي الله تبارك وتعالى ، فإما إلى الجنّة ، وإمّا إلى النّار »(5).

وأهوال الاحتضار ليست هي بدرجة واحدة لكلّ المحتضرين ، بل تتفاوت شدّة ورفقاً بحسب سلوك الانسان وعمله ، فالمتّقون لهم مناخ نفسي مريح تتلقّاهم به ملائكة الرحمة بالبشارة العظمى ، وهي الفوز بنعيم الأبد ، قال تعالى : {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: 32] فليس بين وفاتهم والبشارة فاصل زمني ، لعدم العاطف بين الجملتين فهو موت عنده البشارة .

وتتحدّث آيات اُخرى عمّا يعانيه الكافرون والظالمون من غمرات مفزعة وأهوال مرعبة ، فتُصوّر الضغط النفسي بسبب الوعيد القاتل وهول العذاب النازل ، قال تعالى : {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ * ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} [الأنفال: 50، 51].

2 ـ سكرات الموت : قال تعالى : {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ } [ق: 19] والمراد بسكرة الموت : الكرب الذي يتغشّى المحتضر عند الموت من هول المطلع ، وهي غصص الموت ، وغمرات الآلام ، وطوارق الأوجاع والأسقام ، وما يصحبها من « أنّةٍ موجعةٍ ، وجذبةٍ مكربةٍ ، وسوقة متعبةٍ »(6).

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « أدنى جَبَذات الموت بمنزلة مائة ضربةٍ بالسيف»(7) . وتتجلّى آثار تلك السكرات الملهثة والغمرات الكارثة في احتباس لسان المحتضر، وشخوص بصره ، وترشّح جبينه ، وتقلّص شفتيه ، وارتفاع أضلاعه ، وعلو نَفَسه ، واصفرار لونه ، وموت أعضائه بالتدريج حيث تبرد قدماه ، ثم فخذاه ، وهكذا سكرة بعد سكرة، وكربة بعد كربة ، حتى تبلغ الحلقوم ، فينقطع نظره عن الدنيا انقطاعاً لا رجعة فيه {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ * فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } [الواقعة: 83 - 87] ، هذا مع ما يعاني المحتضر في أول احتضاره من حالات مدهشة يقول أمير المؤمنين عليه السلام في وصف تلك اللحظات : « اجتمعت عليهم سكرة الموت ، وحسرة الفوت ، ففترت لها أطرافهم ، وتغيّرت لها ألوانهم ، ثم ازداد الموت فيهم ولوجاً ، فحيل بين أحدهم وبين منطقه ، وإنه لبين أهله ، ينظر ببصره ، ويسمع باُذنه ، على صحّةٍ من عقله ، وبقاءٍ من لُبّه ، يفكّر فيم أفنى عمره ، فيم أذهب دهره... فهو يعضّ يده ندامةً على ما أصحر له عند الموت من أمره ، ويزهد فيما كان يرغب فيه أيام عمره... فلم يزل الموت يبالغ في جسده ، حتى خالط لسانه وسمعه ، فصار بين أهله لا ينطق بلسانه ، ولا يسمع بسمعه ، يردّد طرفه بالنظر في وجوههم ، يرى حركات ألسنتهم ، ولا يسمع رجع كلامهم ، ثم ازداد الموت التياطاً به ، فقُبِض بصره كما قُبض سمعه ، وخرجت الروح من جسده ، فصار جيفةً بين أهله ، قد أوحشوا من جانبه ، وتباعدوا من قُربه ، لا يُسعِدُ باكياً ، ولا يُجيب داعياً ، ثمّ حملوه إلى مخطّ في الأرض ، فأسلموه إلى عمله ، وانقطعوا عن زورته»(8).

وممّا يهوّن تلك السكرات بعض الاعمال الصالحة مثل صلة الأرحام وبرّ الوالدين ، لما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال : « من أحبّ أن يخفّف الله عزَّ وجلَّ عنه سكرات الموت ، فليكن لقرابته وصولاً ، وبوالديه باراً.. »(9) .

3 ـ انتزاع الروح : ورد في الحديث أن انتزاع الروح يتفاوت من حيث الشدة والرفق بحسب سلوك المرء وعمله ، فالمؤمنون الذين ترسّخ الإيمان في صدورهم ، وكفّوا جوارحهم عن السوء ، واستبشروا بلقاء ربّهم ، تقبض أرواحهم ملائكة الرحمة بكلّ تأنٍ ويُسر ، والكافرون الذين خدعتهم الدنيا بغرورها ، فغرقوا في خضمّ الفجور والإعراض عن لقاء الله سبحانه ، فتنتزع ملائكة العذاب أرواحهم بشدّة.

قال الإمام أبو جعفر الباقر عليه السلام : « إنّ آية المؤمن إذا حضره الموت أن يبيضّ وجهه أشدّ من بياض لونه ، ويرشح جبينه ، ويسيل من عينيه كهيئة الدموع ، فيكون ذلك آية خروج روحه ، وإن الكافر تخرج روحه سلاًّ من شدقه كزبد البعير... » (10).

ويبدو من الأخبار أنّ ذلك ليس قاعدة مطردة ، فليس كل ما كان من شدة النزع فهو عقوبة ، ولا كل ما كان من سهولة ورفق فهو ثواب ومكرمة ، إذ قد تكون الشدّة على المؤمن تمحيصاً لذنوبه، وقد يكون الرفق بالكافر استيفاءً لأجر حسناته(11) ، وقد سئل الإمام الصادق عليه السلام : ما بالنا نرى كافراً يسهل عليه النزع ، فينطفئ وهو يتحدث ويضحك ويتكلم ، وفي المؤمنين من يكون أيضاً كذلك ، وفي المؤمنين والكافرين من يقاسي عند سكرات الموت هذه الشدائد ؟ فقال عليه السلام : « ما كان من راحةٍ للمؤمن هناك فهو عاجل ثوابه ، وما كان من شدّة فهو تمحيصه من ذنوبه ، ليرد الآخرة نقياً نظيفاً ، مستحقاً لثواب الأبد ، لا مانع له دونه ، وما كان من سهولة هناك على الكافر فليوفي أجر حسناته في الدنيا ، ليرد الآخرة وليس له إلاّ ما يوجب عليه العذاب ، وما كان من شدّةٍ على الكافر هناك فهو ابتداء عذاب الله له بعد نفاد حسناته ، ذلك بأنّ الله عدلٌ لا يجور » (12).

4 ـ الدخول في النشأة الآخرة : حينما يتناول المسجّى كأس الموت غصّةً بعد غصّة ، وتستسلم الروح للخروج ، ينكشف له بالموت ما لم يكن مكشوفاً في الحياة ، كما ينكشف للمتيقظ ما لم يكن مكشوفاً في حال النوم ، و« الناس نيام ، فإذا ماتوا انتبهوا » فيرون ما لم يره الحاضرون ، قال تعالى : { لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [ق: 22]، ومن جملة الأمور التي يعاينها الإنسان عند الموت على ما ورد في الأخبار ما يلي :

أ ـ منزلته من الجنة أو النار : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « إذا مات أحدكم عُرض عليه مقعده بالغداة والعشي ، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة ، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار ، ويقال : هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة »(13) .

وقال أمير المؤمنين عليه السلام في كتابه لمحمد بن أبي بكر لما ولاه مصر : « ليس أحد من الناس تفارق روحه جسده حتى يعلم أي المنزلتين يصل ؛ إلى الجنة ، أم إلى النار ، أعدوٌ هو لله أم وليّ ، فإن كان ولياً لله فُتِحت له أبواب الجنة ، وشرعت له طرقها ، ورأى ما أعدّ الله له فيها، ففرغ من كلّ شغل ، ووضع عنه كلّ ثقل ، وإن كان عدوّاً لله فُتِحت له أبواب النار ، وشرعت له طرقها ، ونظر إلى ما أعدّ الله له فيها ، فاستقبل كل مكروه ، وترك كلّ سرور ، كلّ هذا يكون عند الموت ، وعنده يكون اليقين »(14).

ب ـ تجسّد المال والولد والعمل : عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : « إنّ العبد إذا كان في آخر يومٍ من الدنيا ، وأول يومٍ من الآخرة ، مُثّل له ماله وولده وعمله ، فيلتفت إلى ماله ويقول : والله إني كنت عليك حريصاً شحيحاً ، فما لي عندك ؟ فيقول : خُذ منّي كفنك. قال : فيلتفت إلى ولده ، فيقول : والله إنّي كنت لكم محبّاً ، وإنّي كنت عليكم محامياً ، فماذا لي عندكم ؟ فيقولون : نؤديك إلى حفرتك ونواريك فيها. فيلتفت إلى عمله فيقول : والله إنك كنت عليّ لثقيلاً ، وإنّي كنت فيك لزاهداً ، فماذا عندك ؟ فيقول : أنا قرينك في قبرك ، ويوم نشرك حتى اُعرض أنا وأنت على ربك »(15).

ج ـ معاينة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام : قال الشيخ المفيد رحمه الله : هذا باب قد أجمع عليه أهل الإمامة ، وتواتر الخبر به عن الصادقين من الأئمة عليه السلام (16) وجاء عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال للحارث الهمداني رحمه الله :

يا حارِ همدان من يمُت يرني * من مؤمنٍ أو منافقٍ قبلا

يعرفني طرفه وأعرفه * بعينه واسمه وما فعلا

في أبياتٍ مشهورةٍ .(17)

وأورد أبن أبي الحديد ستة أبيات منها عند قول أمير المؤمنين عليه السلام : « فإنكم لو قد عاينتم ما قد عاين من مات منكم ، لجزعتم ووهلتم ، وسمعتم وأطعتم ، ولكن محجوبٌ عنكم ما قد عاينوا ، وقريب ما يُطرَح الحجاب ».

قال ابن أبي الحديد : ويمكن أن يعني به ما كان عليه السلام يقوله عن نفسه إنه لا يموت ميت حتى يشاهده عليه السلام حاضراً عنده.

ثم استدلّ على صحّة ذلك بقوله : وليس هذا بمنكر ، إن صحّ أنه عليه السلام قاله عن نفسه ، ففي الكتاب العزيز ما يدلّ على أن أهل الكتاب لايموت منهم ميت حتى يصدّق بعيسى بن مريم عليه السلام ، وذلك قوله : {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء: 159] قال كثير من المفسرين : معنى ذلك أنّ كلّ ميت من اليهود وغيرهم من أهل الكتب السالفة ، إذا احتُضِر رأى المسيح عنده ، فيصدّق به من لم يكن في أوقات التكليف مصدّقاً به (18).

أمّا كيفية الرؤية ، فلا يلزمنا معرفتها والتحقيق فيها ، بل يكفي فيها وفي أمثالها من اُمور الغيب، التصديق بمجملها ، والإيمان بعمومها ، لورودها في النصوص الصحيحة الصادرة عنهم عليهم السلام .

____________

(1) كنز العمال / المتقي الهندي 15 : 548/42123.

(2) غرر الحكم / الآمدي 1 : 23/371.

(3) من لا يحضره الفقيه / الصدوق 1 : 82/371.

(4) نهج البلاغة / صبحي الصالح : 341 ـ الخطبة (221).

(5) الخصال / الصدوق : 119/108 ، بحار الأنوار 6 : 159/19.

(6) نهج البلاغة / صبحي الصالح : 113 ـ الخطبة (83).

(7) كنز العمال / المتقي الهندي 15 : 569/42208.

(8) نهج البلاغة / صبحي الصالح : 160 ـ الخطبة (107).

(9) أمالي الطوسي : 432/967.

(10) من لا يحضره الفقيه / الصدوق 1 : 81/366 ، الكافي / الكليني 3 : 134/11.

(11) انظر: تصحيح الاعتقاد / الشيخ المفيد : 95.

(12) معاني الأخبار / الصدوق : 287/1 ، علل الشرائع / الصدوق 1 : 298 ـ باب (235) / ح2 ، العقائد / الصدوق : 54.

(13) مسند أحمد 2 : 51 ـ دار الفكر ـ بيروت ، إحياء العلوم / الغزالي 5 : 316 ـ دار الوعي ـ حلب ، كنز العمال / المتقي الهندي 15 : 641/42529.

(14) الأمالي / المفيد : 263 ـ 264.

(15) من لا يحضره الفقيه / الصدوق 1 : 82 ـ 83/373 ، الكافي / الكليني 3 : 231/1 هذا بحسب هذه الرواية وأمثالها وهنا مباحث في الكتب المطوّلة لا نتعرّض لها.

(16) راجع الأخبار في : الكافي / الكليني 3 : 128 ـ 135 ـ باب ما يعاين المؤمن والكافر ، بحار الأنوار / المجلسي 6 : 173 ـ 202 باب (7).

(17) أوائل المقالات / الشيخ المفيد : 73 ـ 74 ـ نشر مؤتمر الشيخ المفيد ـ قم.

(18) شرح ابن أبي الحديد 1 : 299 ـ 300 (الخطبة رقم 20).

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي