1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الأدب

الشعر

العصر الجاهلي

العصر الاسلامي

العصر العباسي

العصر الاندلسي

العصور المتأخرة

العصر الحديث

النثر

النقد

النقد الحديث

النقد القديم

البلاغة

المعاني

البيان

البديع

العروض

تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب

الأدب الــعربــي : الأدب : الشعر : العصر الاندلسي :

زيارة مكة والمدينة

المؤلف:  أحمد بن محمد المقري التلمساني

المصدر:  نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب

الجزء والصفحة:  ص: 39-54

5-6-2022

1857

زيارة مكة والمدينة

ثم شمرت عن ساعد العزم بعد الإقامة بمصر مدة قليلة، إلى المهم الأعظم والمقصد الأكبر الذي هو سر المطالب الجليلة، وهو رؤية الحرمين الشريفين، والعلمين المنيفين، زادهما الله تنويها، وبلغ النفوس ببركة من شرفا به مآرب لم تزل تنويها؛ فسافرت في البحر إلى الحجاز، راجيا من الله سبحانه في الأجر الانتجاز، إلى أن بلغت جدة، بعد مكابدة خطوب اتخذت لها من الصبر عدة، فحين حصل القرب، واكتحلت العين بإثمد تلك الترب، ترنمت بقول من

(39)

قال، محرضا على الوخد والإرقال:

بدا لك الحق فاقطع ظهر بيداء واهجر مقالة أحباب وأعداء

واقصد على عزمه أرض الحجاز تجد بعدا عن السخط في نزل الأوداء

وقل إذا نلت من أم القرى أربا وهو الوصول بإسرار وإبداء

يا مكة الله قد مكنت لي حرما مؤمنا لست أشكو فيه من داء

فمذ رأى النازح المسكين مسكنه في قطرك الرحب لم ينكب بأرزاء

شوق الفؤاد إلى مغناك متصل شوق الرياض إلى طل وأنداء

ثم أنشدت، عندما بدت أعلام البيت الحرام، قول بعض من غلب عليه الشوق والغرام، وقد بلغ من أمانيه الموجبة بشائره وتهانيه المرام:

وافي الحجيج إلى البيت العتيق وقد سجا الدجى فرأوا نورا به بزغا

عجوا عجيجا وقالوا: الله أكبر ما للجو مؤتلقا بالنور قد صبغا

قال الديلي: ألا عاتوا بشارتكم فمن نوى كعبة الرحمن قد بلغا

نادوا على العيس بالأشواق وانتحبوا وحن كل فؤاد نحوها وصغا

وكل من ذم فعلا نال محمدة في مكة ومحا ما قد جنى وبغى

ولما وقع بصري على البيت الشريف كدت أغيب عن الوجود، واستشعرت قول العارف بالله الشبلي لما وفد إلى حضرة الجود:

قلت للقلب إذ تراءى لعيني رسم دار لهم فهاج اشتياقي

هذه دارهم وأنت محب ما احتباس الدموع في الآماق

(40)

والمغاني للصب فيها معاني فهي تدعى مصارع العشاق

حل عقد الدموع واحلل رباها واهجر الصبر وارع حق الفراق

ثم أكملت العمرة، ودعوت الله أن أكون ممن عمر بطاعة ربه عمره، وذلك أوائل ذي القعدة من عام ثمانية وعشرين وألف من الهجرة السنية، وأقمت هنالك منتظرا وقت الحج الشريف، ومتفيئا ذلك الظل الوريف، ومقتطفا ثمار القرب الجنية، إلى أن جاء الأوان، فأحرمت بالحج من غير توان، وحين حللت مما به أحرمت، نويت الإقامة هنالك وأبرمت، فحال من دون ذلك حائل، وكنت حريا بأن أنشد قول القائل:

هذي أباطح مكة حولي وما جمعت مشاعرها من الحرمات

أدعو بها لبيك تلبية امرئ يرجو الخلاص بها من الأزمات

نلت المنى بمنى لأني لم أخف بالخيف من ذنب أحال سماتي

وعرفت في عرفات أني ناشق للعفو عرفا عاطر النسمات

وأن أتمثل في المطاف، إذ حفتني الألطاف، بقول من ربعه بالتقوى مشيد، البغدادي الشهير بابن رشيد:

على ربعهم لله بيت مبارك إليه قلوب الناس تهوي وتهواه

يطوف به الجاني فيغفر ذنبه ويسقط عنه جرمه وخطاياه

وكم لذة أو فرحة لطوافه فلله ما أحلى الطواف وأهناه

ثم قصدنا بعد قضاء تلك الأوطار، لطيبة الشريفة التي لها الفضل على الأقطار، واستشعرت قول من أنشد وطير عزمه عن أوكاره قد طار:

حمدت مرادي إذ بلغت مرادي بأم القرى مستمسكا بعمادي

ومذ رويت من ماء زمزم غلتي فلست بمحتاج لماء ثماد

(41)

فلله سبحانه الحمد على نعمه التي جلت، ومننه التي نزلت بها النفوس مواطن التشريف وحلت:

من يهده الرحمن خير هداية يحلل بمكة كي يتاح المقصدا

وإذا قضى من حجه الفرض انثنى يشفي برؤية طيبة داء الصدى

وكان حظي في هذه الحال تذكر قول بعض الوشاحين من الأندلسيين الذين كان لهم ارتحال إلى تلك المعاهد الطاهرة، والمشاهد الزاهرة، التي تشتد إليها الرحال:

يا من لعبد به افتقار إلى أياد له جسام

فضلك مدن لخير مدن حل بها سيد الأنام

لم يهف قلبي لحب ليلى ولا سعاد ولا الرباب

لاقى شجونا ونال ويلا من هام في ذلك الجناب

بل مال مني الفؤاد ميلا لمن له الحب لا يعاب

قلبي والله مستطار مذ حل في بيته الحرام

ذا الحجر والركن خير ركن وزمزم الخير والمقام

ذابت قلوب المطي عشقا وركبها واستوى المراد

إلى حبيب القلوب حقا الحي والميت والجماد

إلى الذي ليس فيه يشقى من حبه داخل الفؤاد

شكوا وقد طالت السفار هم ومطاياهم السقام

فهي قسي من التثني والقوم من فوقها سهام

ولست من سكرتي مفيقا حتى أرى حجرة الرسول

فإن يسهل لي الطريقا فذاك أقصى منى وسول

(42)

متى ترى عيني العقيقا ويفرح القلب بالوصل

كم قلت والصبر مستعار للركب إذ غادروا المنام

ونسمة الشوق حركتني وزاد بي الوجد والغرام

قواموا فقد طال ذا الجلوس وبادروا زورة الحبيب

تاقت إلى طيبة النفوس لا عيش من دونها يطيب

لا حبذا دونها الغروس والماء والشادن الربيب

وحبذا الرمل والقفار والعرب في تلكم الخيام

وأم غيلان ظلتني والأيك والأثل والثمام

يا طيبة حزت كل طيب بسيد فيك ذي حلول

نداء مستضعف غريب في غر أمداحه يقول

وهو من السامع المجيب لمدحه يسأل يسشأل القبول

أنت الغني لي فلا افتقار وأنت عزي فلا أضام

مستمسك منك حسن ظني بعروة ما لها انفصام

بسيد العالمين أجمع بأحمد المجتبي الرسول

ومن هو الشافع المشفع في موقف المحشر المهول

إذ لا كلام هناك يسمع للغير والناس في ذهول

إذ السماء لها انفطار والشهب منثورة النظام

كذا الجبال انثنت كعهن سريعة المر كالغمام

يا أول الرسل في الفضيله وإن تأخرت في الزمن

(43)

شفاعة نلت مع وسيله فمن يضاهي علاك من

علت بك الرتبة الجليله وطبت في السر والعلن

فأنت من خيرهم خيار فمن يضاهيك في المقام

والرسل نالت بك التمني وأنت بدر لهم تمام

الوجد قد قر في فؤادي فما لصبر به قرار

ولا عجبي صاعد اتقاد ودمع عيني له انهمار

وها أنا جئت من بلادي لطيبة أبتغي الجوار

فحبذا تلكم الديار والمصطفى مسكة الختام

عليه أزكى الصلاة مني وصحبه الغر، والسلام

وقول أبي جعفر الرعيني الغرناطي - رحمه الله تعالى - وهو من التشريع أحد أنواع البديع:

يا راحلا يبغي زيارة طيبة نلت المنى: بزيارة الأخيار

حي العقيق إذا وصلت وصف لنا وادي منى: يا طيب الأخبار

وإذا وقفت لدى المعرف داعيا زال العنا: وظفرت بالأوطار

ولما من الله تعالى علينا بالحلول في المشاهد التي قام بها وظهر، والمعاهد التي بان الحق فيها واشتهر، والمواطن التي هزم الله تعالى حزب الشيطان فيها

(44)

وقهر، ونصرت النبوة وعضدت، وقطعت غصون الكفر وحصدت، ورصت قواعد التوحيد ونضدت، وقرت العيون، وقضيت الديون، أنشد لسان الحال، قول بعض من جيده بمحاسن طيبة حال:

يا من طيبة طابت حلى وعلى ومن بتشريفه قد شرف العرب

يا أحمد المصطفى قد جئت من بلد قاص ولي خلد قاس ولي أرب

وقد دهتني ذنوب قلت إذ عظمت لله منها وطه المرتجى الهرب

ونسينا بمشاهدة ذلك الجناب ما كنا فيه، وسبق الدمع الذي لا يعارض الفرح ولا ينافيه:

أيها المغرم المشوق هنيئا ما أنالوك من لذيذ التلاقي

قل لعينيك تهملان سرورا طالما أسعداك يوم الفراق

واجمع الوجد والسرور ابتهاجا وجميع الأشجان والأشواق

وأمر العين أن تفيض انهمالا وتوالي بدمعها المهراق

هذه دارهم وأنت محب ما بقاء الدموع في الآماق

وملنا عن الأكوار، وثملنا من عرف تلك الأنجاد والأغوار، وتملينا من هاتيك الأنوار، وتخلينا عن الأغيار، وتحلينا بحلى الأخيار، وكيف ولا وطيبة مركز للزوار:

إذا لم تطب في طيبة عند طيب به طيبة طابت فأين تطيب

وإن لم يجب في أرضها ربنا الدعا ففي أي أرض للدعاء يجيب

أيا ساكني أكناف طيبة كلكم إلى القلب من أجل الحبيب حبيب

(45)

وما أحسن قول عالن الأندلس المالكي اللبيب، عبد الملك السلمي المشهور بابن حبيب:

لله در عصابة صاحبتها نحو المدينة تقطع الفلوات

ومهامه قد جبتها ومفاوز ما زلت أذكرها بطول حياتي

حتى أتينا القبر قبر محمد خص الإله محمدا بصلاة

خير البرية والنبي المصطفى هادي الورى لطرائق الجنات

لما وقفت بقربه لسلامه جادت دموعي واكف العبرات

ورأيت حجرته وموضعه الذي قد كان يدعو فيه في الخلوات

مع روضة قد قال فيها: إنها مشتقة من روضة الجنات

وبمنزل الأنصار وسط قبابهم بيت الهداية كاشف الغمرات

وبطيبة طابوا ونالوا رحمة مغنى الكتاب ومحكم الآيات

وبقبر حمزة والصحابة حوله فاضت دموع العين منهمرات

سقيا لتلك معاهدا شاهدتها وشهدتها بالخطو واللحظات

لا زلت زوارا لقبر نبينا ومدينة زهراء بالبركات

صلى الإله على النبي المصطفى هادي البرية كاشف الكربات

وعلى ضجيعيه مرددا ما لاح نور الحق في الظلمات

(46)

وقول كمال الدين ناظر قوص:

أنخ، هذه والحمد لله يثرب فبشراك قد نلت الذي كنت تطلب

فعفر بهذا الترب وجهك، إنه أحق به من كل طيب وأطيب

وقبل ربوعا حولها قد تشرفت بمن جاورت، والشيء يحبب

وسكن فؤادا لم يزل باشتياقه إليها على جمر الغضا يتقلب

وكفكف دموعا طالما قد سفحتها وبرد جوى نيرانه تتلهب

وقول الرعيني الغرناطي:

هذه روضة الرسول فدعني أبذل الدمع في الصعيد السعيد

لا تلمني على انسكاب دموعي إنما صنتها لهذا الصعيد

ولما سلمت على سيد الأنام، عليه من الله أفضل الصلاة وأزكى السلام، ذبت حياء وخجلا، لما أنا عليه من ارتكاب ما يقتضي وجلا، غير أني توسلت بجاهه صلى الله عليه وسلم في أن أكون ممن وضح له وجه الصفح وجلا:

إليك أفر من زللي فرار الخائف الخجل

وكان مزار قبرك بال؟ مدينة له نفسي بلا خلل

فخذ بيدي غريق في بحار القول والعمل

(47)

وهب لي منك عارفة تعرفت ما تنكر لي

وتهديني إلى رشدي وتمنعني من الزلل

وتحملني على سنن يؤمني من الوجل

فأنت دليل من عميت عليه مسالك السبل

وإنك شافع بر وموئلنا من الوهل

وإنك خير مبتعث وإنك خاتم الرسل

فيا أزكى الورى شرفا وشافيهم من العلل

ويا أندى الأنام يدا وأكرم ناصر وولي

نداء مقصر وجل بثوب الفقر مشتمل

على جدواك معتمدي فأنقذني من الدخل

وألحقني بجنات لدى درجاتها الأول

بصديق وفاروق وعثمان الرضى وعلي

فأنت ملاذ معتصم وأنت عماد متكل

عليك صلاة ربك ج؟ ل في الغدوات والأصل

ومذ شممنا من أرج تلك الأرجاء الذاكية، واستضأنا بسرج تلك الأضواء الزاكية، ظهر من الشوق ما كان بطن، ولم يخطر ببالنا سكن ولا وطن، ويا سعادة من اقام بتلك البقاع الشريفة وقطن:

مر النسيم بربعهم فتلذذا حتى كأن النشر صار له غذا

فصحا وصح وصاح لا أشكو أذى قل للصبا ماذا حملت من الشذا

أمسست طيبا أم علاك عبير

(48)

يا أيها الحادي الذي من وسمه قصد الحبيب وأن يلم برسمه

هذي منازله فزمزم باسمه بأبي الذي لم تذو زهرة جسمه

لكنه غض الجمال نضير

لله شوق قد تجاوز حده أوفى على الصبر المشيد فهده

يا ناشق الكافور لا تتعده طوبى لمشتاق يعفر خده

في روضة الهادي إليه يشير

فهناك يبذل في التوسل وسعه ويصيخ نحو خطيب طيبة سمعه

ويريق فوق حصى المصلي دمعه ويرى معالم من يحب وربعه

ومحمد للعالمين بشير

صلى عليه الله خير صلاته وحبا معاليه جليل صلاته

ما حن ذو الأشواق في حالاته وأتى مغانيه على علاته

فأتيح حسن الختم وهو قرير

ووقفنا بباب طلب الآمال خاشعين، وتوسلنا إلى الله بذلك المقام العلي خاضعين، وغبطنا قوما سكنوا هنالك فكانوا لحدودهم متى شاءوا على تلك الأعتاب واضعين:

أكرم بعبد نحو طيبة مسند متوسل مستشفع مسترشد

يفلي الفلاة لها بعزم أيد وافي إلى قبر النبي محمد

ولربعه الأسمى يروح ويغتدي

(49)

أزجاه صادق حبه المتمكن وحداه سائق عزمه المتعين

فحكى لدى شجو حمام الأغصن هزجا يردد فيه صوت ملحن

ويمد للإطراب صوت المنشد

ويقول جئت بعزمة نزاعة ونهضت والدنيا تمر كساعة

لمحل أحمد قائلا بإذاعة هذا النبي المرتجي لشفاعة

يوم القيامة بين ذاك المشهد

هذا الرؤوف بجاره ونزيله هذا سراج الله في تنزيله

هذا الذي لا ريب في تفضيله هذا حبيب الله وابن خليله

هذا ابن باني البيت أول مسجد

عذا الذي اصطفت النبوة خيمه هذا الذي إعتام الهدى تقديمه

هذا الذي نسقي غدا تسنيمه هذا الذي جبريل كان خديمه

في حضرة التشريف أزكى مصعد

هذا الذي شهد الوجود بخصه بمزية التفضيل من مختصه

وأبانه من وحيه في نصه هذا الذي ارتفع البراق بشخصه

في ليلة الإسراء أشرف مشهد

هذا الذي غدت الطلول حديقة بجواره وغدت تروق أنيقة

هذا المكمل خلقة وخليقة هذا الذي سمع النداء حقيقة

ودنا ولم يك قبل ذاك بمبعد

فهناك كم رسل به تتوسل وعلى حماه لدى المعاد يعول

يا ارحم الرحماء أنت الموئل يا خاتم الإرسال أنت الأول

فترق في أعلى المكارم واصعد

(50)

الله رفع في سراه مناره وأبان في السبع العلا أنواره

فقفت ملائكة السما آثاره واراه جنته هناك وناره

فمؤبد ومخلد لمخلد

كم ذاد من وجل وجلى ظلمة وامتن بالرحمى ومتن حرمة

لما دجى أفق الضلالة دهمة بعث الإله به ليرحم أمة

لولاه كانت بالضلالة ترتدي

حاز الشفوف فكل خلق دونه فالغيث يسأل إذ يسيل يمينه

والشمس تستهدي الشروق جبينه والله فضله وأظهر دينه

ووفى لنا فيه بصدق الموعد

نطقي يغادي ذكره ويراوح وبه ينافج مسكة وينافح

تعيي اللسان محامد وممادح طوبى لمن قد عاش وهو يكافح

عنه يناضل باللسان وباليد

هو صفوة العرب الأولى أحسابهم أسيافهم قرنت بها أسبابهم

فهم لباب المجد وهو لبابهم من آل بين لم تزل أنسابهم

تنبي لهم عن طيب عنصر مولد

شرف النبوة قد رسا في أهلها وسما على الزهر العلا بمحلها

ساق السوابق للفخار برسلها نطق الكتاب كما علمت بفضلها

وقضى به نص الحديث المسند

فوق السماك توطنت وتوطدت وتفردت بالمصطفى وتوحدت

فهي الخلاصة صفيت فتجردت من معدن فيه الرسالة قد بدت

من عصر آدمنا لعصر محمد

(51)

طالوا فلم يبقوا لمجد مصعدا صالوا ففي أيمانهم حتف العدا

سالوا فهم لعفاتهم غيث الجدا أهل السقاية والرفادة والندى

والكعبة البيت الحرام المقصد

المطعمون وقد طوى المري الطوى الناهضون إذا الصريخ لهم نوى

العاطفون إذا الطريق بهم ثوى أهل السدانة والحجابة واللوا

أهل المقام وزمزم والمسجد

المصلحون إذا الجموع تخاذعت المنجحون إذا المساعي دافعت

الدافعون إذا الأعادي قارعت المؤثرون إذا السنون تتابعت

وفد الحجيج بنيل كل تفقد

لا يقرب الخطب الملك منيعهم لا يطرق الكرب المخيف قريعهم

والله شرف بالنبي جميعهم من نال رتبتهم وحاز صنيعهم

نال الشفوف وحاز معنى السؤدد

حلوا من الطود الأشم بمنعة في خير معتصم وأسمى رفعة

فهم بمنة في هجعة الله خصصهم بأشرف بقعة

محجوبة محفوفة بالأسعد

لما أتيت لرامة أصل السرى من بعد قصدي مكة أم القرى

أنشدت جهرا فيه أنثر جوهرا وإليكما يا خير من وطيء الثرى

عذراء تزري بالعذارى الخرد

(52)

كل الحسان لحسنها قد أدهشا ما مثلها في تربها شاد نشا

سفرت بعزم ما أجد وأطيشا نشأت بطي القلب وارتوت الحشا

زهراء من يرها يهل ويسجد

أمتك تشأى في مداها الألسنا وتري إجادتها المجيد المحسنا

تغدو ولا تثني العنان عن الثنا وأتتك تمرح كالقضيب إذا انثنى

مترنحا بين الغصون الميد

قد أعلمت في المدح ثاقب ذهنها ترجو الحلول لدى قرارة أمنها

وعسى إذا غذيت بتربة عدنها يجلو لك الإحسان بارع حسنها

والحسن يجلوها وإن لم تنشد

مدحي لخير العالمين عقيدتي ومطيتي بل وطيبتي ونشيدتي

ونتيجتي وهدى اليقين مفيدتي ولئن مدحت محمدا بقصيدتي

فلقد مدحت قصيدتي بمحمد

يا خير خلق الله دعوة حائر يشكو إليك صروف دهر جائر

والله يعلم في هواك سرائري وهو الذي أرجو لعفو جرائري

متوسلا بجنابك المتأطد

لولا حقوق عينت بمغارب بمكثت عندك كي تتاح مآربي

ويكون في الزرقاء عذب مشاربي حتى أحلي من ثراك ترائبي

وأنال دفنا في بقيع الغرقد

وعليك من رب حباك صلاته وسلامه وهباته وصلاته

ما أم بابك من هدته فلاته لعلاك حتى زحزحت علاته

فأتيح حسن الختم دون تردد

(53)

ثم ودعته صلى الله عليه وسلم والقلب من فراقه صقيم، ووقعت من البعد عن تلك المعاهد في المقعد المقيم، وأنا أرجو أن يكون شكل منطقي غير عقيم، وأن أحشر في زمرة من سلك الصراط المستقيم:

يا شفيع العصاة أنت رجائي كيف يخشى الرجاء عندك خيبه

وإذا كنت حاضرا بفؤادي غيبة الجسم عنك ليست بغيبه

ليس بالعيش في البلاد انتفاع أطيب العيش ما يكون بطيبه

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي