1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الأدب

الشعر

العصر الجاهلي

العصر الاسلامي

العصر العباسي

العصر الاندلسي

العصور المتأخرة

العصر الحديث

النثر

النقد

النقد الحديث

النقد القديم

البلاغة

المعاني

البيان

البديع

العروض

تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب

الأدب الــعربــي : الأدب : الشعر : العصر الاندلسي :

الأمم التي استوطنت الأندلس

المؤلف:  أحمد بن محمد المقري التلمساني

المصدر:  نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب

الجزء والصفحة:  ص133-136

10-3-2022

2177

 

الأمم التي استوطنت الأندلس

قال (1) : وأول من سكن الأندلس (2) على قديم الأيام فيما نقله الأخباريون (3) من بعد عهد الطوفان على ما يذكره علماء عجمها قوم يعرفون بالأندلش (4) - معجمة الشين - بهم سمي المكان، فعرب فيما بعد بالسين غير المعجمة، كانوا الذين عمروها وتناسلوا فيها وتداولوا ملكها دهرا، على دين التمجس والإهمال والإفساد في الأرض ، ثم أخذهم الله بذنوبهم، فحبس المطر عنهم، ووالى القحط عليهم، وأعطش بلادهم حتى نضبت مياهها، وغارت عيونها، ويبست أنهارها، وبادت أشجارها، فهلك أكثرهم، وفر من قدر على الفرار منهم، فأقفرت الأندلس منهم، وبقيت خالية فيما يزعمون مائة سنة وبضع عشرة سنة (5) ، وذلك من حد بلد الفرنجة إلى حد بحر الغرب الأخضر، وكان عدة ما عمرتها هذه الأمة البائدة مائة عام وبضع عشرة سنة. ثم ابتعث الله لعمارتها الأفارقة، فدخل إليها بعد إقفارها تلك المدة الطويلة قوم منهم أجلاهم ملك إفريقية

(133)

تخففا منهم لإمحال توالى على أهل مملكته، وتردد عليهم حتى كاد يفنيهم، فحمل منهم خلقا في السفن مع قائد من قبله يدعى أبطريقس فأرسوا بريف الأندلس الغربي، واحتلوا بجزيرة قادس، فأصابوا الأندلس قد أمطرت وأخصبت، فجرت أنهارها، وانفجرت عيونها، وحييت أشجارها، فنزلوا الأندلس مغتبطين، وسكنوها معتمرين، وتوالدوا فيها فكثروا واستوسعوا في عمارة الأرض ما بين الساحل الذي أرسوا فيه بغربيها إلى بلد الإفرنجة من شرقيها، ونصبوا من أنفسهم ملوكا عليهم ضبطوا أمرهم وتوالوا على إقامة دولتهم، وهم - مع ذلك - على ديانة من قبلهم من الجاهلية، وكانت دار مملكتهم طالقة الخراب اليوم من أرض إشبيلية اخترعها ملوكهم وسكنوها، فاتسق ملكهم بالأندلس مائة وسبعة وخمسين عاما إلى أن أهلكهم الله تعالى، ونسخهم بعجم رومة، بعد أن ملك من هؤلاء الأفارقة في مدتهم تلك أحد عشر ملكا. ثم صار ملك الأندلس بعدهم إلى عجم رومة وملكهم إشبان (6) بن طيطش، وباسمه سميت الأندلس إشبانية، وذكر بعضهم أن اسمه أصبهان فأحيل بلسان العجم، وقيل: بل كان مولده بأصبهان فغلب اسمها عليه، وهو الذي بنى إشبيلية، وكان إشبانية اسما خالصا لبلد إشبيلية الذي كان ينزله إشبان (7) هذا، ثم غلب الاسم بعده على الأندلس كله، فالعجم إلى الآن يسمونه إشبانية لآثار إشبان هذا فيه، وكان أحد الملوك الذين ملكوا أقطار الدنيا فيما زعموا، وكان غزا الأفارقة عندما سلطه الله عليهم في جموعه، ففض عساكرهم، وأثخن فيهم، ونزل عليهم بقاعدتهم طالقة وقد تحصنوا فيها منه، فابتنى عليهم مدينة إشبيلية اليوم، واتصل حصره وقتاله لهم حتى فتحها

 (134)

الله عليه، وغلبهم (8) ، واستوت له مملكة الأندلس بأسرها، ودان له من فيها، فهدم مدينة طالقة، ونقل رخامها وآلاتها إلى مدينة إشبيلية، فاستتم بناءها، واتخذها دار مملكته، واستغلظ سلطانه في الأرض، و كثرت جموعه، فعلا وعظم عتوه، ثم غزا إيليا - وهي القدس الشريف (9) - من إشبيلية بعد سنتين من ملكه، خرج إليها في السفن فغنمها وهدمها، وقتل فيها من اليهود مائة ألف، واسترق مائة ألف وانتقل (10) رخام إيليا وآلاتها إلى الأندلس، وقهر الأعداء، واشتد سلطانه. انتهى.

وذكر بعض المؤرخين (11) أن الغرائب التي أصيبت في مغانم الأندلس أيام فتحها كمائدة سليمان عليه الصلاة والسلام التي ألفاها طارق بن زياد بكنيسة طليطلة وقليلة الدر التي ألفاها موسى بن نصير بكنيسة ماردة وغيرهما من طرائف الذخائر إنما كانت مما صار لصاحب الأندلس من غنيمة بيت المقدس، إذ حضر فتحها مع بختنصر، وكان اسم ذلك الملك بريان، وفي سهمه وقع ذلك ومثله مما كانت الجن تأتي به نبي الله سليمان، على نبينا وعليه وعلى جميع الأنبياء (12) الصلاة والسلام. وانتهى.

وقال غير واحد من المؤرخين: كان أهل المغرب الأقصى يضرون بأهل الأندلس، لاتصال الأرض، ويلقون منهم الجهد الجهيد في كل وقت، إلى أن اجتاز بهم الاسكندر، فشكوا حالهم إليه، فأحضر المهندسين، وحضر إلى الزقاق، فأمر المهندسين بوزن سطح الماء من المحيط والبحر الشامي، فوجدوا المحيط يعلو البحر الشامي بشيء يسير، فأمر برفع البلاد التي على ساحل البحر

 (135)

الشامي، ونقلها من الحضيض إلى الأعلى، ثم أمر بحفر ما بين طنجة وبلاد الأندلس من الأرض، فحفرت حتى ظهرت الجبال السفلية، وبنى عليها رصيفا بالحجر والجيار بناء محكما وجعل طوله اثني عشر ميلا، وهي المسافة التي كانت بين البحرين، وبنى رصيفا آخر يقابله من ناحية طنجة، وجعل بين الرصيفين سعة ستة أميال، فلما كمل الرصيفان حفر من جهة البحر الأعظم، وأطلق فم الماء بين الرصيفين، فدخل في البحر الشامي، ثم فاض ماؤه فأغرق مدنا كثيرة، وأهلك أمما عظيمة كانت على الشطين، وطفا الماء على الرصيفين إحدى عشرة قامة، فأما الرصيف الذي يلي بلاد الأندلس فإنه يظهر في بعض الأوقات إذا نقص الماء ظهورا بينا مستقيما على خط واحد، وأهل الجزيرتين يسمونه القنطرة، وأما الرصيف الذي (13) من جهة العدوة فإن الماء حمله في صدره، واحتفر ما خلفه من الأرض اثني عشر ميلا، وعلى طرفه من جهة المغرب قصر الجواز وسبتة وطنجة، وعلى طرفه من الناحية الأخرى جبل طارق بن زياد وجزيرة طريف وغيرهما والجزيرة الخضراء، وبين سبتة والجزيرة الخضراء عرض البحر. انتهى ملخصا، و قد تكرر بعضه مع ما جلبناه، والعذر بين لارتباط الكلام بعضه ببعض.

 

__________

(1) هذا يدل على أن النقل متصل عن ابن النظام، ولكن ما جاء في هذه الفقرة لا يخرج في مجمله عما نقله الحميري عن الرازي (الروض: 4 - 5) إلا أن النص فيه مختصر. وانظر أيضا ابن عذاري 2: 1.

(2) ك: بالأندلس.

(3) ط: نقلته الأخبار.

(4) عند البكري " الأندليش " و " الأندالش " أي (Vandali).

(5) وبضع... سنة: سقطت من ق ط ج.

(6) ق: إلى أشبان.

(7) لفظة إسبانيا (Hispania) أقدم اسم أطلق على شبه الجزيرة الأيبرية، وبعضهم يرده إلى أصل فينيقي معناه " ساحل الأرانب البرية " ثم قيل إن ذلك نسبة إلى اشبان (Sphan) وتحرفت الكلمة إلى أصبهان، ومن صيغ الاسم أيضا (Hispalia) وعرب إلى إشبيلية.

(8) وغلبهم: سقطت من ق ج ط.

(9) وهي... الشريف: سقطت من ق ج.

(10) ك: ونقل.

(11) انظر تتمة النص عن الرازي في الروض المعطار: 5 وابن عذاري 2: 2 - 3.

(12) ق: الأنبياء والمرسلين.

(13) الذي: سقطت من ق ط ج.

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي