x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الأدب

الشعر

العصر الجاهلي

العصر الاسلامي

العصر العباسي

العصر الاندلسي

العصور المتأخرة

العصر الحديث

النثر

النقد

النقد الحديث

النقد القديم

البلاغة

المعاني

البيان

البديع

العروض

تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب

الأدب الــعربــي : الأدب : الشعر : العصر الاندلسي :

تهمم المؤلف لاستئناف التصنيف

المؤلف:  أحمد بن محمد المقري التلمساني

المصدر:  نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب

الجزء والصفحة:  ص:106-112

9-3-2022

1796

تهمم المؤلف لاستئناف التصنيف

فلما وصلني هذا الخطاب، الذي ملأ من الفصاحة الوطاب، وحلا في عيني وقلبي وطاب، تحركت دواعي الوجد، لذلك المجد، الذي ولعت به لولع ابن الدمينة بصبا نجد، وأثار من الهيام والأوار، ما يزيد على ما حصل للفرزدق لما فارق النوار، وتضاعف الشوق إلى تلك الأنجاد والأغوار، منشدا قول الأول: ((لعل أبي المغوار))، وتذكرت والذكرى شجون وأطوار، تلك الأضواء وزالأنوار، المشرقة بقطر أزهر بالمحاسن، وجرى نهره غير آسن، فلم يذم فيه الجوار:

وإن اصطباري عن معاهد جلق غريب فما أجفى الفراق وأجفاني

سقى الله أرضا لو ظفرت بتربها كحلت بها من شدة الشوق أجفاني

وحصل التصميم، على التكميل للتأليف والتتميم، رعيا لهذا الولي الحميم

(106)

أفاض الله تعالى عليه غيث البر العميمي، وأبقى ظل عزه ممدودا، وخلى سؤدده مودودا، وأناله من الخيرات ما ليس محصورا ولا معدودا، وجمعني وإياه، وأطلع لي بشر محياه، وأنشقني عرف اجتماعه ورياه، وكيف لا أستديم أمد بقياه، وأعتقد البشائر في لقياه، وأسقى غروس الود بسقياه، وهو الصدر الذي أصفى لي الوداد، والركن الذي لي بثبوته اعتداد:

فعليه من مصفي هواه تحية كالمسك لما فض عنه ختام

تترى بساحته السنية ما دعت فوق الغصون هديلهن حمام

ودامت فضائله ظاهرة كالشمس، محروسة بالسبع المثاني معوذة بالخمس:

ولا انفك ما يرجوه اقرب من غد ولا زال ما يخشاه أبعد من أمس

وبقي من العناية في حرم أمين، آمين.

ولما حصل لي كمال الاغتباط، بما دل على صحة حال الارتباط، نشرت بساط الانبساط، وحدثت لي قوة النشاط، وانقشعت عني سحائب الكسل وانجابت، وناديت فكرتي فلبت مع ضعفها وأجابت، فاقتدحت من القريحة زندا كان شحاحا، وجمعت من مقيداتي حسانا وصحاحا، وكنت كتبت شطره، وملأت بما تيسر هامشه وسطره، ورقمت من أنباء لسان الدين ابن الخطيب حللا لا تخلق جدتها الأعصر، وسلكت من التعريف به رحمه الله مهامه تكل فيها واسعات الخطا وتقصر. فحدث لي بعد ذلك عزم على زيادة الأندلس ذكر الأندلس جملة ومن كان يعضد بها الإسلام وينصر، وبعض مفاخرها الباسقة، ومآثر أهلها المتناسقة، لأن كل ذلك لا يستوفيه القلم ولا يحصر، وجئت

(107)

من النظم والنثر بنبذة توضح للطالب سبله، وتظهر علمه ونبله، وتترع محاسنه من راح المذاكرة وإناءه، حتى يرى إيثار هذا المصنف وإدناءه، وكنت في المغرب وظلال الشباب ضافية، وسماء الأفكار من قزع الأكدار صافية، معتنيا بالفحص عن أنباء الأندلس، وأخبار أهلها التي تنشرح لها الصدور والأنفس، وما لهم من السبق في ميدان العلوم، والتقدم في جهاد العدو الظلوم، ومحاسن بلادهم، ومواطن جدالهم وجلادهم، حتى اقتنيت منها ذخائر يرغب فيها الأفاضل الأخاير، وانتقيت جواهر، فرائدها للعقول بواهر، واقتطفت أزاهر، أنجمها في أفق المحاضرة زواهر، وحصلت فوائد بواطن وظواهر، طالما كانت أعين الألباء لنيلها سواهر، وجمعت من ذلك كلما عالية، لو خاطب بها الداعي صم الجلامد لا نبجس حجرها، وحكما غالية، لو عامل بها الأيام ربح متجرها، واسجاعا تهتز لها الأعطاف، ومواعظ يعمل بمقتضاها من حفت به الألطاف، وقوافي موفورة القوادم والخوافي، يثني عليها من سلم من الغباوة والصمم، ويعترف ببراعتها من لا يعتريه اللمم، وطالما أعرض الجاهل الغمر بوجهه عن مثلها واشاح، وأنصت لهما الحبر إنصات السوار لجرس الحلي ونغم الوشاح، وفرح إن ظفر بشيء منها فرح الصائد بالقنيص، والساري العاري ذي البطن الخميص، بالزاد والقميص وتركت الجميع بالمغرب، ولم أستصحب معي منه ما يبين عن المقصود ويعرب، إلا نزرا يسيرا علق بحفظي، وحليت بجواهره جيد لفظي، وبعض أوراق سعد في جواب السؤال بها حظي، ولو حضرني الآن ما خلفته، مما جمعت في ذلك الغرض وألفته، لقرت به عيون وسرت ألباب، إذ هو والله الغاية في هذا الباب، ولكن المرء ابن وقته وساعته، وكل ينفق على قدر وسعه

(108)

واستطاعته، وعذر مثل باد، للمصنفين من العباد، إن قصرت فيما تبصرت، أو تخلفت في الذي تكلفت، أو أضعت تحرير ما وضعت، والتقمت ثدي التقصير ورضعت، أو أطعت داعي التواني فتأخرت عمن سبق وانقطعت، (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت)، ومن كانت بضاعته مزجاة، فهو عن الإنصاف بمنجاة، إذ أتى بالمقدور، وتبرأ من الدعوى في الورود والصدور، وعين الرضا عن كل عيب كليلة، والسلامة من الملامة متعذرة أو قليلة، وقد قال إمامنا مالك صاحب المناقب الجليلة: ((كل كلام يؤخذ منه ويرد إلا كلام صاحب هذا القبر)) صلى الله عليه وسلم أزكى صلاة وأتم سلام وشفى بجاهه من الآلام قلوبنا العليلة، وجلعنا ممن كان اتباع سنته رائدة ودليله، آمين.

والحمد لله الذي يسر لي هذا القدر، مع ضيق الصدر، وقلة بضاعتي، وكثرة إضاعتي، فإن حمده جل جلاله تتضوع به المطالب طيبا، وتقتضي ببركته المآرب فيرقى صاحبها على منبر القبول خطيبا، وتعذب به المشارب فتنبت في أرض القرطاس، من زاكي الغراس، ما يروق منظرا نضيرا ويورق غصنا رطيبا، وقد أتيت من المقال، بما يقر إن شاء الله تعالى عين وامق ويرغم أنف قال، وإن كنت ممن هو في ثوب العي رافل، وعن نسبته للقصور غير غافل، وممن جعل هدفا وصير مكان الدرر صدفا، إذ لسان الدين بن الخطيب إمام هذه الفنون، المحقق لذوي الآمال الظنون، المستخرج من بحار البلاغة المكنون، وله اليد الطولي في العلوم على اختلاف أجناسها، والألفاظ الرائقة التي تزيح وحشة الأنفس بإيناسها:

(109)

ناهيك من فرد أغر ممدح رحب الذرا حر الكلام محسد

بهر النام رياسة وسياسة وجلالة في المنتمي والقعدد

وأتى بكل بديعة في نوعها لم تخترع وغريبة لم تعهد

ما شئت من شعر أرق من الصبا وكتابه أزهى من الزهر الندي

وبديع قرطاس توشح متنه بمنمنم من رقمه ومنجد

بهج كأن الحسن حل أديمه فكساه ريعان الشباب الأغيد

وكأنما سال العذار عليه أو خطته أيدي الغانيات بإثمد

يختال بين موصل ومفصل مطرز ومنظم ومنضد

كالبرد في توشيعه، والسلك في ترصيعه، والوشي نمق باليد

قد قيد الأبصار والأفكار من ألفاظه بمثقف ومقيد

ما فيه مغرز إصبع إلا وفي؟ ه نتيجة لمفرع ومولد

ولكل جزء حكمة أو ملحة أو بدعة لمرسل ومقصد

أوليس مثلي قاصرا عن وصفه والحق نور واضح للمهتدي

وكما قلت وقد عجزت عن أداء الواجب وحاولت المسنون، وفضل الله سبحانه على من يشاء من عباده ليس بممنوع ولا ممنون:

ليت شعري أي العبارات توفي واجب أبن الخطيب مما أروم

وأنا عاجز عن البعض منها لقصوري وما العيي ملوم

وهو يدعي لسان دين وناهي؟ ك افتخارا به تتم الرسوم

فبأي الحلى أحلي علا من نال فضلا روته عرب وروم

وعلى الفرض ما الذي أنتحى من؟ ه لدى الوصف أن يخص العموم

ألحفظ قد ارتوى من معين لصواب عليه كل يحوم

(110)

أم لفهم يستخرج الدر غوصا من بحار يخشى بها من العوم

أم لفكر مؤلف في فنون عدة ما به تداوى الكلوم

أم لنظم كأنه جوهر السل؟ ك غلا قدره على من يسوم

تتباهى به الصدور حليا وتروق العيون منه نجوم

أم لنثر وافى بسحر بيان فهو كالروح والمعاني جسوم

وأظلته للبديع سماء تتلالا في جانبيها العلوم

فاستزادت منه النفوس رشادا واستزانت منه النهى والحلوم

أمن لخط منمنم فاق حسنا مثل وشي تلوح منه الرقوم

أو كزهر في بهجة ورواء وأريج به تزاج الغموم

والغصون الأقلام، والطرس روض ناضر، والمداد غيث سجوم

تلك ست أعجزن وصفي فإني بسواها مما يجل أقوم

ولم يكن جمعي - عليه الله - هذا التأليف لرفد أستهديه، أو عرض نائل أستجديه، بل لحق ود أؤديه، ودين وعد أقدمه وأبديه، ووقوف عند حد لا يجوز تعديه، وتلبية داع أحييه وأفديه:

إن من يرجو نوالا وندى من بني الدنيا لذو حظ غبين

فلقد كان على غير الهدى من يسومهم برب العالمين

ويرجي منهم الرزق فهل خالق الكل فقير أو ضنين

أنخلي قصد رب مالك ونرى للخلق جهلا قاصدين

ما لنا من مخلص نأتي به غير جاه المصطفى الهادي الأمين

سيد الخلق العماد المرتجى للملمات شفيع المذنبين

فعليه صلوات تنتحي حضرة حل بها في كل حين

(111)

والرضى من بعد عن أربعة هم بحق أمراء المؤمنين

فيمينا إن من يهواهم ليكونن من أصحاب اليمين

وسط جنات تحييه بها آنسات قاصرات الطرف عين

بقوارير لجين شربه وأباريسق وكأس من معين

والذي شرفهم يمنحنا حبهم والكون معهم أجمعين

فدونك أيها الناظر في هذا الكتاب، المتجافي عن مذهب النقد والعتاب، كلمات سوانح، اختلست مع اشتعال الجوانح، وتضاد الأمور الموانع والموانح، وألفاظ بوارح اقتضت بين أشغال الجوارح، وطرفا أسمت الطرف في مرعاها وكانت هملا غير سوارح، وتحفا يحصل بها لناظره الإمتاع، ولا يعدها من سقط المتاع المبتاع، ويلهج بها المرتاح ويستأنس المستوحش المرتاع.