الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
رسالة ابن شاهين
المؤلف: أحمد بن محمد المقري التلمساني
المصدر: نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب
الجزء والصفحة: ص: 99-102
8-3-2022
1851
رسالة من ابن شاهين تحث التلمساني على المضي في التأليف
فجاءتني من المولى المذكور آنفا، رسالة دلت على أنه لم يكن عن انتجاز الوعد متجانفا، فعدت لقضاء الوطر مستقبلا وللجملة مستأنفا، وحداني خطابه الجسيم للإتمام وساقني، وراقني كتابه الكريم لهاتيك الأيام وشاقني، وذكرني تلك الليالي التي لم أنسها، وحركني لهاتيك المعاهد التي لم أزل أذكر أنسها:
الإلف لا يصبر عن إلفه إلا كما يطرف بالعين
وقد صبرنا عنهم مدة ما هكذا شأن المحبين
(99)
فيا له من كتاب أعرب عن ود صميم، وذكر بعهد غير ذميم، وود طيب العرف والشميم، يخجل ابن المعتز لبلاغه وابن المعز تميم:
ولم تر عيناي من قبله كتابا حوى بعض ما قد حوى
كأن المباسم ميماته ولاماته الصدغ لما التوى
وأعينه بعيون الحسان تغازلنا عند ذكر الهوى
كتاب ذكرنا بألفاظه عهودا زكت بالحمى واللوى
فكأنه الروض المطرد الأنهار، والدوح المدبج الأزهار:
رأينا به روضا تدبج وشيه إذا جاد من تلك الأيادي غمائم
به ألفات كالغصون وقد علا عليها من الهمز المطل حمائم
وقد سقيت بأنهار البراعة السلسالة، حدائق حلت بها غانية تلك الرسالة، لتشفي صبها بالزيارة، وتشرف بدونها دياره:
زارت الصب في ليال من البع؟ د فلما دنت رأى الصبح يلمح
قلدت بالعقيان جيد بيان ليس فيه للفتح من بعد مطمح
فشفت النفس من آلامها، وأحيت ميت الهوى مذحيت بعذب كلامها:
كلام كالجواهر حين يبدو وكالند المعنبر إذ يفوح
له في ظاهر الألفاظ جسم ولكن المعاني فيه روح
(100)
فصيرت لي ذلك الكتاب سميرا، ووردت من السرور مشرعا نميرا، وتمثلت بقول بعض من أخلص في الود ضميرا:
يا مفردا أهدى إلي كتابه جملا يحار الذهن في أثنائها
كالدر أشرق في سموط عقوده والزهر والأنواء غب سمائها
فأفادني جذلا وبالي كاسد وأجار نفسي من جوى برحائها
وحسبت أيام الشباب رجعن لي فلبست حلي جمالها وبهائها
لا يعدم الإخوان منك محاسنا كل المفاخر قطرة من مائها
فأكرم به من كتاب جاء من السري العلي، والماجد الأخ الولي:
فضضت ختامه فتبينت لي معانيه عن الخبر الجلي
وكان ألذ في عيني وأندى على كبدي من الزهر الجني
وضمن صدره ما لم تضمن صدور الغانيات من الحلي
وأعرب عن اعتماد متماد، ووداد مزدد، وأطاب حين أطال، وأدى دين الفصاحة دون مطال، واشتمل من فصول العبارة على أحسن من الحدق المراض، وأتى من اصول البراعة ببراهين ابن شاهين التي لا خلف فيها ولا افتراض، وروينا من غيث أنامله الهتون، وروينا عنه مسند أحمد حسن الأسانيد والمتون، وحثنا على العود والرجوع، وكان أجدى من الماء الزلال لذي ظمإ والمشتهى من الطعام لذي سغب وجوع:
(101)
وأشهى في القلوب من الأماني، وأحلى في العيون من الهجوع
وجلا بنوره ظلام استيحاشي، وحشر إلي أشتات المسرات دون أن يحاشي، ووجدني في مكابدة شغوب، وأشغال أشربت القلب الكسل واللغوب، وحيرت الخواطر، وصيرت سحب الأقلام غير مواطر، فزحزح عني الغموم وسلاني، وأولاني - شكر الله صنيعه - من المسرات ما أولاني:
حديثه أو حديث عنه يطربني هذا إذا غاب أو هذا إذا حضرا
كلاهما حسن عندي أسر به لكن أحلاهما ما وافق النظرا
وقال آخر:
لست مستأنسا بشيء إذا غب؟ ت سوى ذكرك الذي لا يغيب
أنت دون الجلاس عندي وإن كن؟ ت بعيدا فالأنس منك قريب
وضمنت فيه لما ورد مع جملة كتب من تلك الناحية، وأنوار أهلها ذوي الفضائل الشهيرة أظهر من شمس الظهيرة في السماء الصالحية:
قلت لما أتت من الشام كتب من أجلاء نورهم يتألق
مرحبا مرحبا وأهلا وسهلا بعيون رأت محاسن جلق
وقلت أيضا:
قلت لما وافت من الشام كتب والليالي تتيح قربا وبعدا
مرحبا مرحبا وأهلا وسهلا بعيون رأت محاسن سعدى
(102)