الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
القصر
المؤلف: علي الجارم ومصطفى أمين
المصدر: البلاغة الواضحة
الجزء والصفحة: ص:116-126
13-9-2020
34142
القصر
تعريفه ـ طرقه ـ طرفاه
الأمثلة :
(1) لا يفوز إلا المجد. |
(4) ما الأرض ثابتة بل متحركة. |
(2) إنما الحياة تعب. |
(5) ما الأرض ثابتة لكن متحركة. |
(3) الأرض متحركة لا ثابتة. |
(6) على الرجال العاملين نثنى. |
البحث :
إذا تأملت الأمثلة السابقة رأيت أن كل مثال منها يتضمن تخصيص أمر بآخر، فالمثال الأول يفيد تخصيص الفوز بالمجد، بمعنى أن الفوز خاص بالمجد لا يتعداه إلى سواه. والمثال الثاني يفيد تخصيص الحياة بالتعب، بمعنى أن الحياة وقف على التعب لا تفارقه إلى الراحة. وهكذا يقال في بقية الأمثلة.
وإذا أردت أن تعرف منشأ هذا التخصيص في الكلام، كفاك أن تبحث في الأمثلة قليلا. خذ المثال الأول مثلا واحذف منه أداتي النفي والاستثناء، تجد أن التخصيص قد زال منه وكأنه لم يكن. إذا النفي والاستثناء هما وسيلة التخصيص فيه، وبمثل هذه الطريقة تستطيع أن تدرك أن وسائل التخصص في الأمثلة الباقية هي : إنما : والعطف بلا، أو بل، أو لكن، وتقديم ما حقه التأخير. ويسمى علماء المعاني التخصيص المستفاد من هذه الوسائل بالقصر، ويسمون الوسائل نفسها طرق القصر.
ارجع إلى الأمثلة مرة أخرى وابحث فيها واحدا واحدا : تجد المتكلم في المثال الأول يقصر الفوز على المجد، فالفوز مقصور، والمجد مقصور عليه، وهما طرفا القصر. ولما كان الفوز صفة من الصفات والمجد هو الموصوف بهذه الصفة، كان القصر في هذا المثال قصر صفة على موصوف، بمعنى أن الصفة لا تتعدى الموصوف إلى موصوف آخر. وتراه في المثال الثاني يقصر الحياة على التعب، فالحياة مقصورة، والتعب مقصور عليه، ولما كانت الحياة موصوفة والتعب صفة لها، كان القصر في المثال قصر موصوف على صفة، بمعنى أن الموصوف لا يفارق صفة التعب إلى صفة الراحة، ولو أنك تدبرت جميع أمثلة القصر ما ذكر منها هنا وما لم يذكر، لوجدت كل مثال يشتمل على مقصور ومقصور عليه، ووجدت القصر لا يخلو عن حال من الحالين السابقين. فهو إما قصر صفة على موصوف، وإما قصر موصوف على صفة.
وإذا أردت أن تعرف ضوابط تسهل عليك معرفة كل من المقصور والمقصور عليه في كل ما يرد عليك، فانظر إلى القواعد الآتية تجد ذلك مفصلا.
القواعد :
(57) القصر تخصيص أمر بآخر بطريق مخصوص.
(58) طرق القصر المشهورة أربع (1) :
(ا) النفي والاستثناء، وهنا يكون المقصور عليه ما بعد أداة الاستثناء.
(ب) إنما، ويكون المقصور عليه مؤخرا وجوبا.
(ح) العطف بلا، أو بل، أو لكن، فإن كان العطف بلا كان المقصور عليه مقابلا لما بعدها، وإن كان العطف ببل أو لكن كان المقصور عليه ما بعدهما.
(د) تقديم ما حقه التأخير. وهنا يكون المقصور عليه هو المقدم.
(59) لكل قصر طرفان : مقصور، ومقصور عليه.
(60) ينقسم القصر باعتبار طرفيه قسمين :
(ا) قصر صفة على موصوف.
(ب) قصر موصوف على صفة.
تقسيم القصر إلى حقيقي وإضافي
الأمثلة :
(1) لا يروى مصر من الأنهار إلا النيل. |
(3) لا جواد إلا على. |
(2) إنما الرازق الله. |
(4) إنما حسن شجاع. |
البحث :
قدمنا لك أن القصر ينقسم بحسب طرفيه إلى قصر صفة على موصوف، وقصر موصوف على صفة، وهنا نريد أن نبين لك أنه ينقسم تقسيما آخر باعتبار الحقيقة والواقع.
تأمل المثالين الأولين تجد القصر فيهما من باب قصر الصفة على الموصوف، وإذا تدبرت الصفة في كل من المثالين وجدت أنها لا تفارق موصوفها إلى موصوف آخر مطلقا، فإرواء الأرض المصرية في المثال الأول صفة لا تتجاوز النيل إلى غيره من سائر أنهار الدنيا، والرزق في المثال الثاني صفة لا تتعدى المولى عز وجل إلى سواه، ويسمى القصر في هذين المثالين قصرا حقيقيا، وكذلك كل قصر يختص فيه المقصور بالمقصور عليه اختصاصا منظورا فيه إلى الحقيقة والواقع بألا يتعداه إلى غيره أصلا.
انظر إلى المثالين الأخيرين تجد القصر في أولهما من باب قصر الصفة على الموصوف وفى ثانيهما من باب قصر الموصوف على الصفة، وإذا تدبرت المقصور في كل منهما وجدته مختصا بالمقصور عليه بالإضافة (أي بالنسبة) إلى شيء معين، لا إلى جميع ما عداه، فإن المتكلم في المثال الأول يقصد أن يقصر صفة الجود على بالنسبة إلى شخص آخر معين كخالد مثلا، وليس من قصده أن هذه الصفة لا توجد في غير على من جميع أفراد الإنسان، فإن الواقع خلاف ذلك. وكذلك الحال في المثال الثاني، ولذلك يسمى القصر في المثالين قصرا إضافيا، وكذلك كل قصر يكون التخصيص فيه بالإضافة إلى شيء آخر.
القاعدة :
(62) ينقسم القصر باعتبار الحقيقة والواقع قسمين :
(ا) حقيقي (2) وهو أن يختص المقصور بالمقصور عليه بحسب الحقيقة والواقع بألا يتعداه إلى غيره أصلا.
(ب) إضافي (3) وهو ما كان الاختصاص فيه بحسب الإضافة إلى شيء معين(4).
نموذج (1)
بين فيما يأتي نوع القصر وعين كلا من المقصور والمقصور عليه :
(1) قال تعالى : «إنما يخشى الله من عباده العلماء».
(2) قال تعالى : «وما محمدٌ إلا رسولٌ قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم»؟
(3) قال لبيد :
وما المرء إلا كالهلال وضوئه |
|
يوافى تمام الشهر ثم يغيب |
(4) وقال ابن الرومي في المدح :
أمواله في رقاب الناس من منن |
|
لا في الخزائن من عين ومن نشب (5) |
(5) وقال :
وما عجبنا وإن أصبحت تعجبنا |
|
أن نجتنى ذهبا من موضع الذهب |
لكن عجبنا لعرف لا نكافئه |
|
ونستزيدك منه أكثر العجب |
(6) وقال الغطمش الضبي (6) :
إلى الله أشكو لا إلى الناس أنني |
|
أرى الأرض تبقى والأخلاء تذهب |
الإجابة