الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
النداء
المؤلف: علي الجارم ومصطفى أمين
المصدر: البلاغة الواضحة
الجزء والصفحة: ص: 210-216
12-9-2020
13878
النداء
الأمثلة :
(1) كتب أبو الطيب إلى الوالي وهو في الاعتقال :
أمالك رقى ومن شأنه |
|
هبات اللجين وعتق العبيد (1) |
دعوتك عند انقطاع الرجا |
|
ء والموت منى كحبل الوريد (2) |
(2) وقال أبو نواس :
يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة |
|
فلقد علمت بأن عفوك أعظم |
(3) وقال الفرزدق يفتخر بآبائه ويهجو جريرا :
أولئك آبائي فجئني بمثلهم |
|
إذا جمعتنا يا جرير المجامع |
(4) وقال آخر :
أيا جامع الدنيا لغير بلاغة |
|
لمن تجمع الدنيا وأنت تموت؟ |
البحث :
إذا أردنا إقبال أحد علينا دعوناه بذكر اسمه أو صفة من صفاته بعد حرف نائب مناب أدعو، ويسمى هذا بالنداء.
وأدوات النداء هي : الهمزة، وأي، ويا، وآ، وآى، وأيا، وهيا، ووا.
والأصل في نداء القريب أن ينادى بالهمزة أو أي، وفى نداء البعيد أن ينادي بغيرهما من بقية الأدوات، غير أن هناك أسبابا بلاغية تدعو إلى مخالفة هذا الأصل، وسنشرح لك هذه الأسباب فيما يأتي :
تأمل المثال الأول تجد المنادى فيه بعيدا، ولكن أبا الطيب ناداه
بالهمزة الموضوعة للقريب، فما السبب البلاغي هنا؟ السبب أن أبا الطيب أراد أن يبين أن المنادى على الرغم من بعده في المكان، قريب من قلبه مستحضر في ذهنه لا يغيب عن باله، فكأنه حاضر معه في مكان واحد. وهذه لطيفة بلاغية تسوغ استعمال الهمزة وأي في نداء البعيد.
انظر إلى الأمثلة الثلاثة الباقية تجد المنادى في كل منها قريبا، ولكن المتكلم استعمل فيها أحرف النداء الموضوعة للبعيد فما سبب هذا؟
السبب أن المنادى في المثال الثاني جليل القدر خطير الشأن فكأن بعد درجته في العظم بعد في المسافة، ولذلك اختار المتكلم في ندائه الحرف الموضوع لنداء البعيد ليشير إلى هذا الشأن الرفيع. وأما في المثال الثالث فلأن المخاطب في اعتقاد المتكلم وضيع الشأن صغير القدر فكأن بعد درجته في الانحطاط بعد في المسافة. وأما في المثال الأخير فلأن المخاطب لغفلته وذهوله كأنه غير حاضر مع المتكلم في مكان واحد.
وقد تخرج ألفاظ النداء عن معناها الأصلي وهو طلب الإقبال إلى معان أخرى تستفاد من القرائن، ومن هذه المعاني ما يأتي :
(1) الزجر كقوله :
يا قلب ويحك ما سمعت لناصح |
|
لما ارتميت ولا اتقيت ملاما |
(2) التحسر والتوجع نحو قوله :
أيا قبر معن كيف واريت جوده |
|
وقد كان منه البر والبحر مترعا |
(3) الإغراء كقولك لمن أقبل يتظلم : يا مظلوم تكلم.
القواعد :
(52) النداء طلب الإقبال بحرف نائب مناب أدعو.
(53) أدوات النداء ثمان : الهمزة، وأي، ويا، وآ، وآى وأيا، وهيا، ووا.
(54) الهمزة وأي لنداء القريب، وغيرهما لنداء البعيد.
(55) قد ينزل البعيد منزلة القريب فينادى بالهمزة وأي، إشارة إلى قربه من القلب وحضوره في الذهن. وقد ينزل القريب منزلة البعيد فينادى بغير الهمزة وأي، إشارة إلى علو مرتبته، أو انحطاط منزلته، أو غفلته وشرو ذهنه.
(56) يخرج النداء عن معناه الأصلي إلى معان أخرى تستفاد من القرائن، كالزجر والتحسر والإغراء.
نموذج
لبيان أدوات النداء في الأمثلة الآتية، وما جرى منها على أصل وضعه في نداء القريب أو البعيد، وما خرج عن ذلك مع بيان السبب :
(1) أبني إن أباك كارب يومه |
|
فإذا دعيت إلى المكارم فاعجل (3) |
(2) يا من يرجى للشدائد كلها |
|
يا من إليه المشتكى والمفزع |
(3) قال أبو العتاهية :
أيا من عاش في الدنيا طويلا |
|
وأفنى العمر في قيل وقال |
وأتعب نفسه فيما سيفنى |
|
وجمع من حرام أو حلال |
هب الدنيا تقاد إليك عفوا |
|
أليس مصير ذلك للزوال؟ |
(4) وقال سوار بن المضرب (4) :
يأيها القلب هل تنهاك موعظة |
|
أو يحدثن لك طول الدهر نسيانا |
(5) وكتب والد لولده ينصحه :
أحسين إني واعظ ومؤدب |
|
فافهم فإن العاقل المتأدب |
الإجابة
(1) الأداة «الهمزة» وقد استعملت في نداء القريب جريا على الأصل.
(2) الأداة «يا» وقد استعملت في نداء القريب على خلاف الأصل، إشارة إلى علو مرتبة المنادى وارتفاع شأنه.
(3) الأداة «أيا» وقد استعملت في نداء القريب على خلاف الأصل، إشارة إلى غفلة المخاطب.
(4) الأداة «يا» وقد استعملت في نداء القريب على خلاف الأصل، إشارة إلى أن المنادى غافل لاه فكأنه غير قريب.
(5) الأداة «الهمزة» وقد نودى بها البعيد على خلاف الأصل، إشارة إلى أن المنادى حاضر في الذهن لا يغيب عن البال فكأنه حاضر الجثمان.
تمرينات
(1)
بين أدوات النداء في الأمثلة الآتية، وما جرى منها على أصل وضعه في نداء القريب أو البعيد، وما خرج منها عن ذلك مع بيان الأسباب البلاغية في الخروج :
(1) قال أبو الطيب :
يا صائد الجحفل المرهوب جانبه |
|
إن الليوث تصيد الناس أحدانا (5) |
(2) أيا رب قد أحسنت عودا وبدأة |
|
إلى فلم ينهض بإحسانك الشكر |
(3) أسكان نعمان الأراك تيقنوا |
|
بأنكم في ربع قلبي سكان (6) |
(4) قال تعالى يحكى قول فرعون لموسى عليه السلام :
«إني لأظنك يا موسى مسحورا».
(5) قال أبو العتاهية :
أيا من يؤمل طول الحياة |
|
وطول الحياة عليه خطر |
إذا ما كبرت وبان الشاب |
|
فلا خير في العيش بعد الكبر |
(6) وقال أبو الطيب في مدح كافور من قصيدة أنشده إياها :
يا رجاء العيون في كل أرض |
|
لم يكن غير أن أراك رجائي |
(7) أي بني، أعد على ما سمعت مني.
(8) أمحمد، لا ترفع صوتك حتى لا يسمع حديثنا أحد.
(9) أيا هذا، تنبه فالمكاره محدقة بك.
(10) يا هذا لا تتكلم حتى يؤذن لك.
(2)
ناد من يأتي، مستعملا أدوات النداء استعمالا جاريا على خلاف الأصل من حيث قرب المنادى وبعده، وبين العلل البلاغية في هذا الاستعمال :
(1) غائبا تحن إلى لقائه.
(2) سفيها تنهاه عن التعرض للكرام.
(3) منصرفا عن عمله تدعوه إلى الجد.
(4) عظيما تخاطبه وترجوه أن يساعدك.
(3)
ماذا يراد بالنداء في الأمثلة الآتية :
(1) أعداء ما للعيش بعدك لذة |
|
ولا لخليل بهجة بخليل (7) |
(2) يا شجاع أقدم (تقوله لمن يتردد في منازلة العدو).
|
(3) دعوتك يا بنى فلم تجبني |
|
فردت دعوتي يأسا عليا |
|
|||||
|
(4) بالله قل لي يا فلا |
|
ن ولى أقول ولى أسائل |
|
|||||
|
أتريد في السبعين ما |
|
قد كنت في العشرين فاعل |
|
|||||
(5) يا دار عاتكة حييت من دار |
|
سيرت فيك وفيمن فيك أشعاري |
|||||||
(4)
(1) هات مثالين للهمزة المستعملة في نداء البعيد، وبين السبب في خروجها عن أصل وضعها في كل من هذين المثالين.
(2) هات مثالين للمنادى القريب المنزل منزلة البعيد لعلو مكانته.
(3) هات مثالين للمنادى القريب المنزل منزلة البعيد لانحطاط منزلته.
(4) هات مثالين للمنادى القريب المنزل منزلة البعيد لغفلته وشرود ذهنه.
(5) مثل للنداء المستعمل في التحسر والزجر والإغراء.
(5)
انثر البيتين الآتيين نثرا فصيحا وهما لأبى الطيب .. وبين الغرض من النداء :
يا أعدل الناس إلا في معاملتي |
|
فيك الخصام وأنت الخصم والحكم |
أعيذها نظرات منك صادقة |
|
أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم |
______________
(1) الرق : العبودية، والهبات : العطايا، واللجين : الفضة، والعتق : التحرير.
(2) حبل الوريد : عرق في العنق يضرب مثلا في شدة القرب.
(3) كارب يومه : أي مقارب يومه الذى يموت فيه.
(4) شاعر إسلامي كان مع قطري بن الفجاءة، وهو من بنى سعد تميم.
(5) الجحفل : الجيش الكبير، والليوث : الأسود، وأحدانا : جمع واحد وأصله وحدانا، يقول : أنت أشد بطشا من الأسد، لأن الأسد يصيد الناس واحدا واحدا وأنت تصيد الجيش برمته.
(6) نعمان الأراك : موضع في بلاد العرب، والربع : المنزل.
(7) الهمزة للنداء، وعداء منادى، والبهجة : السرور، يقول : يا عداء، ذهبت بعدك لذة العيش ولم يبق لخليل بخليله سرور.