النحو
اقسام الكلام
الكلام وما يتالف منه
الجمل وانواعها
اقسام الفعل وعلاماته
المعرب والمبني
أنواع الإعراب
علامات الاسم
الأسماء الستة
النكرة والمعرفة
الأفعال الخمسة
المثنى
جمع المذكر السالم
جمع المؤنث السالم
العلم
الضمائر
اسم الإشارة
الاسم الموصول
المعرف بـ (ال)
المبتدا والخبر
كان وأخواتها
المشبهات بـ(ليس)
كاد واخواتها (أفعال المقاربة)
إن وأخواتها
لا النافية للجنس
ظن وأخواتها
الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل
الأفعال الناصبة لمفعولين
الفاعل
نائب الفاعل
تعدي الفعل ولزومه
العامل والمعمول واشتغالهما
التنازع والاشتغال
المفعول المطلق
المفعول فيه
المفعول لأجله
المفعول به
المفعول معه
الاستثناء
الحال
التمييز
الحروف وأنواعها
الإضافة
المصدر وانواعه
اسم الفاعل
اسم المفعول
صيغة المبالغة
الصفة المشبهة بالفعل
اسم التفضيل
التعجب
أفعال المدح والذم
النعت (الصفة)
التوكيد
العطف
البدل
النداء
الاستفهام
الاستغاثة
الندبة
الترخيم
الاختصاص
الإغراء والتحذير
أسماء الأفعال وأسماء الأصوات
نون التوكيد
الممنوع من الصرف
الفعل المضارع وأحواله
القسم
أدوات الجزم
العدد
الحكاية
الشرط وجوابه
الصرف
موضوع علم الصرف وميدانه
تعريف علم الصرف
بين الصرف والنحو
فائدة علم الصرف
الميزان الصرفي
الفعل المجرد وأبوابه
الفعل المزيد وأبوابه
أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)
اسناد الفعل الى الضمائر
توكيد الفعل
تصريف الاسماء
الفعل المبني للمجهول
المقصور والممدود والمنقوص
جمع التكسير
المصادر وابنيتها
اسم الفاعل
صيغة المبالغة
اسم المفعول
الصفة المشبهة
اسم التفضيل
اسما الزمان والمكان
اسم المرة
اسم الآلة
اسم الهيئة
المصدر الميمي
النسب
التصغير
الابدال
الاعلال
الفعل الصحيح والمعتل
الفعل الجامد والمتصرف
الإمالة
الوقف
الادغام
القلب المكاني
الحذف
المدارس النحوية
النحو ونشأته
دوافع نشأة النحو العربي
اراء حول النحو العربي واصالته
النحو العربي و واضعه
أوائل النحويين
المدرسة البصرية
بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في البصرة وطابعه
أهم نحاة المدرسة البصرية
جهود علماء المدرسة البصرية
كتاب سيبويه
جهود الخليل بن احمد الفراهيدي
كتاب المقتضب - للمبرد
المدرسة الكوفية
بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في الكوفة وطابعه
أهم نحاة المدرسة الكوفية
جهود علماء المدرسة الكوفية
جهود الكسائي
الفراء وكتاب (معاني القرآن)
الخلاف بين البصريين والكوفيين
الخلاف اسبابه ونتائجه
الخلاف في المصطلح
الخلاف في المنهج
الخلاف في المسائل النحوية
المدرسة البغدادية
بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في بغداد وطابعه
أهم نحاة المدرسة البغدادية
جهود علماء المدرسة البغدادية
المفصل للزمخشري
شرح الرضي على الكافية
جهود الزجاجي
جهود السيرافي
جهود ابن جني
جهود ابو البركات ابن الانباري
المدرسة المصرية
بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو المصري وطابعه
أهم نحاة المدرسة المصرية
جهود علماء المدرسة المصرية
كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك
جهود ابن هشام الانصاري
جهود السيوطي
شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك
المدرسة الاندلسية
بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في الاندلس وطابعه
أهم نحاة المدرسة الاندلسية
جهود علماء المدرسة الاندلسية
كتاب الرد على النحاة
جهود ابن مالك
اللغة العربية
لمحة عامة عن اللغة العربية
العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)
العربية الجنوبية (العربية اليمنية)
اللغة المشتركة (الفصحى)
فقه اللغة
مصطلح فقه اللغة ومفهومه
اهداف فقه اللغة وموضوعاته
بين فقه اللغة وعلم اللغة
جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة
جهود القدامى
جهود المحدثين
اللغة ونظريات نشأتها
حول اللغة ونظريات نشأتها
نظرية التوقيف والإلهام
نظرية التواضع والاصطلاح
نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح
نظرية محاكات أصوات الطبيعة
نظرية الغريزة والانفعال
نظرية محاكات الاصوات معانيها
نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية
نظريات تقسيم اللغات
تقسيم ماكس مولر
تقسيم شليجل
فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)
لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية
موطن الساميين الاول
خصائص اللغات الجزرية المشتركة
اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية
تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)
اللغات الشرقية
اللغات الغربية
اللهجات العربية
معنى اللهجة
اهمية دراسة اللهجات العربية
أشهر اللهجات العربية وخصائصها
كيف تتكون اللهجات
اللهجات الشاذة والقابها
خصائص اللغة العربية
الترادف
الاشتراك اللفظي
التضاد
الاشتقاق
مقدمة حول الاشتقاق
الاشتقاق الصغير
الاشتقاق الكبير
الاشتقاق الاكبر
اشتقاق الكبار - النحت
التعرب - الدخيل
الإعراب
مناسبة الحروف لمعانيها
صيغ اوزان العربية
الخط العربي
الخط العربي وأصله، اعجامه
الكتابة قبل الاسلام
الكتابة بعد الاسلام
عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه
أصوات اللغة العربية
الأصوات اللغوية
جهود العرب القدامى في علم الصوت
اعضاء الجهاز النطقي
مخارج الاصوات العربية
صفات الاصوات العربية
المعاجم العربية
علم اللغة
مدخل إلى علم اللغة
ماهية علم اللغة
الجهود اللغوية عند العرب
الجهود اللغوية عند غير العرب
مناهج البحث في اللغة
المنهج الوصفي
المنهج التوليدي
المنهج النحوي
المنهج الصرفي
منهج الدلالة
منهج الدراسات الانسانية
منهج التشكيل الصوتي
علم اللغة والعلوم الأخرى
علم اللغة وعلم النفس
علم اللغة وعلم الاجتماع
علم اللغة والانثروبولوجيا
علم اللغة و الجغرافية
مستويات علم اللغة
المستوى الصوتي
المستوى الصرفي
المستوى الدلالي
المستوى النحوي
وظيفة اللغة
اللغة والكتابة
اللغة والكلام
تكون اللغات الانسانية
اللغة واللغات
اللهجات
اللغات المشتركة
القرابة اللغوية
احتكاك اللغات
قضايا لغوية أخرى
علم الدلالة
ماهية علم الدلالة وتعريفه
نشأة علم الدلالة
مفهوم الدلالة
جهود القدامى في الدراسات الدلالية
جهود الجاحظ
جهود الجرجاني
جهود الآمدي
جهود اخرى
جهود ابن جني
مقدمة حول جهود العرب
التطور الدلالي
ماهية التطور الدلالي
اسباب التطور الدلالي
تخصيص الدلالة
تعميم الدلالة
انتقال الدلالة
رقي الدلالة
انحطاط الدلالة
اسباب التغير الدلالي
التحول نحو المعاني المتضادة
الدال و المدلول
الدلالة والمجاز
تحليل المعنى
المشكلات الدلالية
ماهية المشكلات الدلالية
التضاد
المشترك اللفظي
غموض المعنى
تغير المعنى
قضايا دلالية اخرى
نظريات علم الدلالة الحديثة
نظرية السياق
نظرية الحقول الدلالية
النظرية التصورية
النظرية التحليلية
نظريات اخرى
النظرية الاشارية
مقدمة حول النظريات الدلالية
أخرى
الهاء والذال في ضمائر الغائب و أسماء الإشارة
المؤلف:
حسن عباس
المصدر:
حروف المعاني بين الأصالة والحداثة
الجزء والصفحة:
ص: 125 -132
20-4-2020
6699
(الهاء والذال)
في ضمائر الغائب وأسماء الإشارة
بعد أن استعرضنا خصائص (الكاف) ومعانيها في أسماء الكناية بقي علينا أن نلاحق (الهاء والذال) في الأسماء التي تشاركان في تراكيبها، مما له أهميته ودلالاته المميزة والكثير الاستعمال. ولكن يستحسن بنا أن نعود للحديث بإيجاز شديد عن دور حرفي (الهمزة والنون) في ضمائر المتكلم والمخاطب، للمقارنة بينه وبين دور (الهاء والذال) في ضمائر الغائب وأسماء الإشارة و ذلك للكشف عن بعض ملامح الأصالة والحداثة في هذا القطاع اللغوي البالغ الدقة والحساسية.
لقد سبق أن تحدثنا عن الأصل في إبداع ضمير المتكلم (أنا)، والمخاطب (أنت) وعرضنا في حينه أن العربي قد وضع (الهمزة) ذات الصوت الانفجاري في أولهما تعبيراً عن الظهور والبروز والفعالية والحضور، ثم أتبعها بـ (النون) تعبيراً عن الصميمية، إشارة إلى الذات- الإنسانية في المتكلم والمخاطب على حد سواء، وكان من أقطع الأدلة على الذاتية الإنسانية في (النون) استعمال (مَنْ) للعاقل و(ما) لغير العاقل.
ولكن العربي قد خصّ ضمير المتكلم بـ (الألف اللينة) في آخره. مما يوحي بالامتداد إلى الأعلى فصار (أنا). أمّا المخاطب فقد خصه بـ (التاء) الضعيفة الرقيقة في آخره فصار (أنت). وذلك إصراراً من العربي على وضع المخاطب إطلاقاً في موقع (صوتي –اجتماعي – لغوي) أقل شأناً من موقع المتكلم. فكان معنى (أنا) هو: (الذات الإنسانية الحاضرة بوضوح وتعال) وذلك في مواجهة المخاطب الحاضر الأخفض مقاماً منه، كما ألمحنا إلى هذه المقابلة بينهما أكثر من مرة.
أما (نحن)، فهي لجمع المتكلم: (النون) الأولى للصميمية تعبيراً عن الذات الإنسانية، كما في (أنا). أما (الحاء) فمن موحيات صوتها الجميل الحُبُّ والحنين والحرارة، ومن معانيها الإحاطة كما أسلفنا في (حتى). بما يتوافق مع خصوصية جمع المتكلم. و(النون) الثانية في نهاية (نحن) هي للكثرة قريباً من وظيفة (النون) في نهاية جمع المذكر السالم فكانت خصائص أحرف (نحن) تتوافق مع الصميمية الذاتية والعاطفة الإنسانية بكثير من الرقة والأناقة والجمال والإحاطة وليس ثمة لفظة عربية. هي أحوى منها للقيم الجمالية والإنسانية، مما يشير إلى تعظيم الإنسان العربي ومحبته للجماعة التي ينتمي إليها، أسرة كانت أو قبيلة أو أمة.
كما عرضنا في حينه أن العربي قد حرم ضمير الغائب من (الهمزة) للظهور والحضور والعيانية ومن (النون) للذات الإنسانية. فأبدع له كلمة (هو)، دون أن نعلل سبب ذلك لعدم المجال – وقد صاحبت (الهاء) ضمائر الغائب جميعاً في أوائلها على مثال ما صاحبت (التاء) ضمائرَ المخاطب جميعاً في نهاياتها.
فلماذا تصدرت (الهاء) ضمائر الغائب:
لا بد لنا أولاً من الكشف عن خصائص (الهاء) الصوتية، وعن معانيها المعجمية، ثم عن استعمالاتها التراثية، وذلك لمعرفة السبب الحقيقي الذي جعل العربي يخص ضمائر الغائب بهذه (الهاء).
أولاً- حول خصائص (الهاء) الفطرية وموحياتها الصوتية:
تختلف خصائص (الهاء) وموحياتها الصوتية، وبالتالي معانيها، تبعاً لكيفية النطق بها. فإذا لفظ صوتها مشبعاً مشدداً على مخرجه، غير مخنخن به، أوحت اهتزازاته المتواترة بالاهتزاز والاضطراب والسحق والقطع والكسر والتخريب، وبما يماثلها من الأصوات الشديدة التواتر العالية النبرة.
وإذا لفظ صوتها باهتزازات رخوة مضطربة، دونما خنخنة، أوحى بمشاعر إنسانية من حزن ويأس وبما يحاكيها من الأصوات.
وإذا لفظ صوتها مخففاً مرققاً مطموس الاهتزازات، ولا سيما إذا وقعت ضميراً في نهاية الكلمات أوحى صوتها بأرق العواطف الإنسانية وأملكها للنفس. فصنفتها في فئة الأحرف (الشعورية للمعاني الجيدة) انظر (الإطلالة ص65-66).
أما إذا لفظ صوتها بطريقة تهكمية مخنخناً به فهو يصبح أوحى أصوات الدنيا باللاضطرابات النفسية وبما يدعو للسخرية من مظاهر الهبل والهتر والتشوهات والعيوب النفسية والعقلية والجسدية.
ثانياً- فماذا عن كل ذلك في معانيها المعجمية؟
باستعراض معاني المصادر الجذور التي تقع (الهاء) في أولها ووسطها وآخرها، وقد بلغت في المعجم الوسيط (574) مصدراً كان منها(350) مصدراً جذراً للمعاني الرديئة من (التشوهات والعيوب الجسدية والاضطرابات والعيوب النفسية والعقلية والأخلاقية والتخريب" بما نسبته (60%) مما يصح معها أن نطلق على (الهاء) المصحّ (العقلي) في اللغة العربية، قد فرد العربي فيه جناحاً خاصاً للتشوهات الجسدية، ولا يضير هذه التسمية أن نعثر على بضعة عشر كلمة للمعاني الجسدية كما في (هدى، هلَّ، هام..) على مثال ما نعثر في المصح على بضعة عشر طبيباً وممرضاً.
ثالثاً- حول معاني (الهاء) التراثية:
(الهاء) لدى الأنطاكي في محيطه على ثلاثة أوجه:
أ-أن تكون ضميراً للغائب، وتستعمل في موضعي الجر والنصب كقوله تعالى: "قال له صاحبه وهو يحاوره"
ب-أن تكون حرفاً للغيبة، وهي (الهاء) في (إياه).
ح-أن تكون للسكت. وهي حرف ساكن يلحق أواخر بعض الكلمات عند الوقف عليها، نحو:
(وازيداه). وربما وصلوها، كقول المتنبي:
"واَحرَّ قلباه مِمَّن قَلبُه شبِمُ..)
ولكن هذه المعاني الفقيرة لـ (الهاء) واستعمالاتها التراثية المحدودة، لا تكشف لنا عن السبب الحقيقي الذي جعل العربي يضعها في صدارة ضمائر الغائب.
فماذا عن (الهاء) في ضمائر الغائب؟
لقد وضع العربي (الهاء) في مقدمتها جميعاً، وذلك للإفادة من خاصية الاهتزاز في صوتها، إثارة لانتباه السامع إلى ما يقصده المتكلم ممن لا حضور له من إنسان أو حيوان أو جماد.
وقد أضاف (الواو) ذات الفعالية الصوتية إلى (الهاء) للغائب المفرد، دعماً لها في إثارة الانتباه. أما الغائبة فقد أضاف لها (الياء) غضاً للصوت عن الأنثى وتقليلاً من شأنها في مواجهة الغائب.
وذلك على مثال ما خص (تاء) المخاطبة في (أنتِ) بالكسرة.
ويبدو لي أن جمع الغائب (هم) وجمع المخاطب (أنتم) كانا أقدم في الزمن من مثناهما (هما- أنتما). وذلك أخذاً بنهج العربي في الانتقال بمفرداته من قليلات الحروف إلى كثيراتها، كما أسلفنا مراراً مما يشير إلى أن الأسر في المجتمع العربي (الزراعي) كانت موسعة من (الأجداد والأبناء والأحفاد..) ثم انتقل في مرحلة الرعي المشردة مضطراً إلى الأسر الضيقة من زوج وامرأته.. ومما يدعم هذا التعليل أن الأمم الأخرى التي لم تمارس حياة الرعي لم تبدع للمثنى مفردة خاصة به، فهو في لغاتها الراقية من الجموع.
هذا مع الإشارة إلى أن وضع (الهاء) في مقدمة ضمائر الغائب لا يخلو من الغمز المبطن بمقامه الاجتماعي لا سيما وأنه يدل على (الإنسان والحيوان والجماد)، على العكس من ضمائر المتكلم والمخاطب المختصة أصلاً بالإنسان برعاية (النون) وحمايتها، وإن جاز مخاطبة الحيوان والجماد.
وما أحسب أن ثمة حقلاً تجريبياً هو أصلح من (أسماء الإشارة) لاختبار صلاحية (الهاء) في إثارة انتباه السامع، ولمعرفة مدى اعتماد هذه الخاصية في هذا المضمار دونما غمز مبطن أو غير مبطن.
4-الهاء والذال في أسماء الإشارة:
باستعراض أسماء الإشارة نلاحظ أن (الهاء والذال) تدخلان في تراكيب معظمها، مما يشير إلى أن ثمة علاقة معينة بين خصائصهما وبين معاني هذه الأسماء.
فما هو القاسم المشترك بين الخصائص الصوتية لهذين الحرفين:
لقد تحدثنا عن خصائص (الهاء) بما فيه الكفاية، وبقي أن نتحدث عن الذال الملثوغة:
أ ـ حول خصائص (الذال) ومعانيها:
يتشكل صوت (الذال) باحتكاك النفَس بين طرف اللسان والأسنان العليا بذبذبة صوتية أقل حِدّة من (الزاي)، وأعذب جرساً من صوتها.
وبالرجوع إلى المعجم الوسيط عثرنا على (58) مصدراً جذراً تبدأ بالذال، وما أقلها، قد وزعت معانيها على الشكل التالي:
اًـ(18) مصدراً لمعاني الاهتزاز والاضطراب والتحرك السريع، بما يتوافق مع ظاهرة الاهتزاز في صوت (الذال) الملثوغة. كما في (ذأل (مشى مسرعاً) ذبّ ـ ذعذعه ـ ذحجته الريح.
2ًـ(11) مصدراً لمعاني البعثرة والانتشار، بما يتوافق مع بعثرة النفَس أثناء خروج صوتها، مثل: ذرّ.ذاع.
3ًـ(19) مصدراً لمعاني القطع والشدة والفعالية، بما يتوافق مع خاصية القوة والفعالية والاهتزاز في موحيات صوتها كما في: ذبح ـ ذحَّ ـ ذربَ ـ الذكورة ـ ذلِقَ. بما نسبها جميعاً(80%)..
وإذن فإن القاسم المشترك بين (الهاء، والذال)، هو خصائصهما الفطرية من الاهتزاز والذبذبة والتخريب في صوتيهما، مما يثير انتباه السامع واهتمامه. وذلك إمّا إلى غائب لا حضور له إلا في الذهن بفعل (الهاء) كما في (هو)، وإما إلى حاضر يعينه المتكلم بالإشارة إليه بفعل (الذال)، كما في (ذا)..
ب ـ في التطبيق على أسماء الإشارة:
إن اسم الإشارة، ((هو اسم يدل على معيّن مصحوباً لفظه بإشارة حسية باليد ونحوها، إن كان المشار إليه ذاتاً حاضرة نحو: خذْ هذا الكتاب، أو بإشارة معنوية إنْ كان المشار إليه معنى أو ذاتاً غير حاضرة: نحو: سِرْ هذه السيرة))..
أولاً ـ أسماء الإشارة التي تبدأ بالذال:
آ ـ للمفرد المذكر: (ذا) للقريب، (ذاك) للمتوسط البعد. قد أضيفت (الكاف) لإعطاء السامع فسحة معتدلة من الزمن تتوافق مع المسافة التي تفصل المتكلم عن الذات أو الأمر المعني بالإشارة. (ذلك) للبعيد، قد أضيفت (اللام والكاف) لإعطاء السامع فسحة أطول في الزمن بما يتوافق مع المسافات البعيدة.
وهكذا الأمر بمعرض إضافة (الكاف واللام) للمتوسط البعد فالبعيد في بقية أسماء الإشارة، سواء ما ابتدأ منها بـ(الهاء)، نحو (هناك هنالك) أو (التاء)، نحو (تيك – تلك) أو (الذال) نحو (ذانك).
وهذا يثبت أن العربي كان يضيف بعض الحروف إلى جذور كثيرة من الكلمات لإعطاء السامع فسحة أطول في الزمن تتناسب مع الفسحة في المكان المقصود كما في (إلى) أو مع العدد المقصود كما في (هؤلاء) كما سيأتي وشيكاً وذلك: ((سوقاً للحروف على سمت المعنى المقصود والغرض المراد))، كما قال (ابن جني).
لابل لو أمعنا النظر في دلالات مزيدات الفعل الثلاثي، لوجدنا أن العربي قد أضاف إلى الفعل المجرد حرفاً أو أكثر لمنح الحدث المقصود فسحة في الزمن تتناسب مع الوقت اللازم لإنجازه، ولإعطاء الذهن بالتالي فسحة مقابلة في الزمن لاستيعاب معناه الجديد. فوزن (استفعل) نحو: (استكتب) يحتاج وقوعه واستيعاب معناه إلى زمن أطول مما يحتاجه فعل (كتب)، وهكذا الأمر مع أوزان: فعَّل ومفعال للمبالغة وفاعل للمشاركة ـوانفعل وافتعل للمطاوعة، واستفعل للطلب أو للدخول في حالة (استحجر).
ب ـ للمثنى المذكر: ذان ـ ذين وذانّ ـ ذينّ (للقريب). ذانك (للبعيد)..
ح ـ للمفرد المؤنث: ذِهِ ـ ذِهْ. ولاشيء للجمع، مما يبدأ بالذال.
ومما سبق يتضح أن الفعالية في منح الأسماء أعلاه دلالة الإشارة تعود إلى خاصية الاهتزاز في صوت (الذال)، التي من شأنها إثارة انتباه السامع إلى الموضوع المشار إليه.
أما الأحرف الأخرى في أسماء الإشارة التي تتصدرها (الذال)، مثل (الكاف واللام)، فهي لمجرد وضع المشار إليه في إطاره المكاني: (قريباً، أو متوسط البعد، أو بعيداً)..
وأما (الهاء) في نهاية (ذِهْ ـ ذهِ) للمفرد المؤنث، فهي لمجرد التأنيث، لا شأن لها في إثارة الانتباه، لأن صوتها في هذا الموقع، يلفظ برقة لا يكاد السمع يلتقط اهتزازاته مراعاة للحشمة في الأنوثة.
ثانياً ـ أسماء الإشارة التي تبدأ بالهاء:
للمفرد المذكر: هذا.
للمثنى المذكر: هذان، هذين ـ هذانّ، هذينّ.
للمفرد المؤنث: هذهِ، هذهْ ـ هاتِهِ هاتِهْ.
للمثنى المؤنث: هاتان، هاتين ـ هاتانّ، هاتينّ.
لجمع المذكر والمؤنث: هؤلاء، هؤلى.
تحليل وتمحيص:
يلاحظ أن أسماء الإشارة التي تتصدرها (الهاء) للمفرد المذكر ومثناه (هذا ـ هذان)، قد أضيفت (الذال) إليها، فتآذرت بذلك اهتزازاتهما الصوتية في إثارة انتباه السامع، إلى أمر أو شيء معين، بمزيد من الشدة. فـ(الهاء) في مقدمة أسماء الإشارة تلفظ (ها) وهي حرف للتنبيه أصلاً.
أما (الهاء) في نهاية (هذهِ ـ هذهْ) للمفرد المؤنث، فهي كما أسلفنا في: ((ذِهْ ـ ذِهِ) لمجرد التأنيث بحشمة.
كما أن (تاء ) التأنيث في (هاتِهِ) وشقيقاتها قد جاء العربي بها للتطليف من إثارة الانتباه إلى ما هو معنيٌّ من الأشياء والأمور المؤنثة، غضَّاً للصوت، كغضِّ البصر عنهن في المجتمع الرعوي. فصوت (تاء) التأنيث، كصوت (الثاء) الأنثوية، إنما هو أكثر رقة وحشمة من صوت (الذال) الجهوري الذكوري.
أما (هؤلاء وهؤلى)، لجمع المذكر والمؤنث للعاقل وغير العاقل، فإن أصلها ((أولاء ـ أولى) قد أضيف حرف التنبيه (ها) إلى مقدمتهما، لتتضافر بذلك الاهتزازات الصوتية في (الهاء) مع الانفجار الصوتي في (الهمزة)، لإثارة انتباه السامع بمزيد من الشدة. وأما مقطعاً (لاء ـ لى)، في نهايتيهما فلإعطاء ذهن السامع فسحة في الزمن كيما يتصور المزيد مما أشير إليه بهما من جمع المذكر والمؤنث للعاقل وغير العاقل.
كما أن أسماء الإشارة للمكان: (هنا ـ ههنا ـ هناك ـ هنالك) لا تخرج أحكامها عما لحظناه في الأسماء السابقة، سواء من حيث خاصية (الهاء) في إثارة الانتباه، أو من حيث إضافة (الكاف، ثم اللام والكاف) للمسافات المناسبة. أما الزعم بأن (الكاف) هنا هي للخطاب كما جاء في المحيط، فذلك لمجرد التوافق بين (كاف) الخطاب في (كتابك)، وبين (الكاف) في (هناك) للمسافة فأسماء الإشارة جميعاً موجهة أصلاً إلى مخاطب مفترض، لا فرق في ذلك بين (هنا) و(هناك) ولا بين (ذا) و(ذاك) إلا مسألة البعد.
ولكن ماذا عن أسماء الإشارة التي تتصدرها (التاء)؟
لقد اقتصرت على المفرد والمثنى للمؤنث فقط، وهي:
1 ـ للمفرد المؤنث: تِه ، تِهِ ـ تيك ـ تلك.
2 ـ للمثنى المؤنث: تان، تين ـ تانّ ـ تينّ ـ تانكْ.
ولا شيء للمفرد المذكر ومثناه، ولا لجمع المؤنث أو المذكر.
ويبدو لي أن العربي قد أجاز لنفسه استخدام (التاء) للمؤنث في صدارة أسماء الإشارة آنفة الذكر لاعتبارات تتعلق بالخصائص الأنثوية في (التاء) من ضعف ورقة وحشمة. ولم يجز ذلك للمذكر لتعارضها مع الخصائص الذكورية الرعوية.
حول دلالات استعمالات الضمائر المنفصلة للغائب:
1 ـ هو: للمفرد المذكر. (الواو) في نهايته للفعالية، للعاقل وغير العاقل.
2 ـ هي: للمفرد المؤنث: (الياء) للاستكانة. وتستعمل (هي) أيضاً لجمع الغائب غير العاقل مذكراً كان أو مؤنثاً، استهانة واستخفافاً به.
3 ـ هم: لجمع المذكر العاقل. (الميم) في نهاية المصادر للجمع والضم. وتستعمل (هم) لجمع الخليط من الذكر والإناث، إلحاقاً للإناث بالذكور.
4 ـ هما: لمثنى المذكر والمؤنث. أصلها (هم)، قد أضيفت (الألف اللينة) للفصل بين الجمع والمثنى فتكون (هم) أسبق في تاريخنا اللغوي من (هما) كما أسلفنا.
5 ـ هنّ: لجمع المؤنث العاقل حصراً. (النون) للرقة والأناقة، وللذات الإنسانية أصلاً، بمقابل ما جعل (هي) للعاقل وغير العاقل. وذلك لأن (الياء)، وإن كانت للاستكانة بما يتوافق مع الخصائص الأنثوية إلا أنها لا تحمل الهوية الإنسانية على مثال ما تحملها (النون) في ضمائر المتكلم والمخاطب، وفي (مَنْ) للعاقل كما أسلفنا. وهكذا أجاز العربي استعمال (هي) للمؤنث غير العاقل)، على العكس من (هنّ) ـ لمؤنث العاقل حصراً. بفعل (النون).
تنويه لابدَّ منه:
لقد أشرنا في دراسة (الهاء) إلى أن العربي قد أكثر من استعمالها معجمياً للمعاني الرديئة، بما يتوافق مع طريقة النطق بصوتها (مهتزاً، مضطرباً، مخنخناً به…). وأنه قد وضع (الهاء) في مقدمة ضمير الغائب غضاً ضمنياً بمقامه الاجتماعي بمواجهة المتكلم والمخاطب.
على أن العربي قد استعمل (الهاء) أحياناً قليلة للمعاني الجيدة بما يتوافق مع طريقة النطق بصوتها في أول الحلق (مخففاً، مرققاً، مطموس الاهتزازات) ليكون أوحى الأصوات بالخشوع والحنين. فاستعمل لفظة (ياهو) للتوسل بالذات العلية. وذلك على مثال ما استعمل (الخاء) المختصة أصلاً بالمعاني الرديئة ((للخير والخصب والخفر) وما إليها…
وتعليق لابد منه:
ما أحسب أن ثمة قطاع لغوي هو الكشف عن المضامين الاجتماعية في اللغة العربية من قطاع حروف المعاني وأصول استعمالاتها، ولاسيما أسماء الإشارة والضمائر.
فلقد تخير الإنسان العربي الحروف والصيغ المناسبة للتعبير عن مقاصده ومعانيه بما يتوافق مع عاداته وتقاليده (الرعوية ـ الذكورية)، مما أتّاح لنا في جملة ما أتاح، إلقاء الأضواء على تاريخه المنسي، إن لم نقل المجهول، بصدد تطوره الاجتماعي في جزيرته العربية.
الاكثر قراءة في الحروف وأنواعها
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
