النحو
اقسام الكلام
الكلام وما يتالف منه
الجمل وانواعها
اقسام الفعل وعلاماته
المعرب والمبني
أنواع الإعراب
علامات الاسم
الأسماء الستة
النكرة والمعرفة
الأفعال الخمسة
المثنى
جمع المذكر السالم
جمع المؤنث السالم
العلم
الضمائر
اسم الإشارة
الاسم الموصول
المعرف بـ (ال)
المبتدا والخبر
كان وأخواتها
المشبهات بـ(ليس)
كاد واخواتها (أفعال المقاربة)
إن وأخواتها
لا النافية للجنس
ظن وأخواتها
الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل
الأفعال الناصبة لمفعولين
الفاعل
نائب الفاعل
تعدي الفعل ولزومه
العامل والمعمول واشتغالهما
التنازع والاشتغال
المفعول المطلق
المفعول فيه
المفعول لأجله
المفعول به
المفعول معه
الاستثناء
الحال
التمييز
الحروف وأنواعها
الإضافة
المصدر وانواعه
اسم الفاعل
اسم المفعول
صيغة المبالغة
الصفة المشبهة بالفعل
اسم التفضيل
التعجب
أفعال المدح والذم
النعت (الصفة)
التوكيد
العطف
البدل
النداء
الاستفهام
الاستغاثة
الندبة
الترخيم
الاختصاص
الإغراء والتحذير
أسماء الأفعال وأسماء الأصوات
نون التوكيد
الممنوع من الصرف
الفعل المضارع وأحواله
القسم
أدوات الجزم
العدد
الحكاية
الشرط وجوابه
الصرف
موضوع علم الصرف وميدانه
تعريف علم الصرف
بين الصرف والنحو
فائدة علم الصرف
الميزان الصرفي
الفعل المجرد وأبوابه
الفعل المزيد وأبوابه
أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)
اسناد الفعل الى الضمائر
توكيد الفعل
تصريف الاسماء
الفعل المبني للمجهول
المقصور والممدود والمنقوص
جمع التكسير
المصادر وابنيتها
اسم الفاعل
صيغة المبالغة
اسم المفعول
الصفة المشبهة
اسم التفضيل
اسما الزمان والمكان
اسم المرة
اسم الآلة
اسم الهيئة
المصدر الميمي
النسب
التصغير
الابدال
الاعلال
الفعل الصحيح والمعتل
الفعل الجامد والمتصرف
الإمالة
الوقف
الادغام
القلب المكاني
الحذف
المدارس النحوية
النحو ونشأته
دوافع نشأة النحو العربي
اراء حول النحو العربي واصالته
النحو العربي و واضعه
أوائل النحويين
المدرسة البصرية
بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في البصرة وطابعه
أهم نحاة المدرسة البصرية
جهود علماء المدرسة البصرية
كتاب سيبويه
جهود الخليل بن احمد الفراهيدي
كتاب المقتضب - للمبرد
المدرسة الكوفية
بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في الكوفة وطابعه
أهم نحاة المدرسة الكوفية
جهود علماء المدرسة الكوفية
جهود الكسائي
الفراء وكتاب (معاني القرآن)
الخلاف بين البصريين والكوفيين
الخلاف اسبابه ونتائجه
الخلاف في المصطلح
الخلاف في المنهج
الخلاف في المسائل النحوية
المدرسة البغدادية
بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في بغداد وطابعه
أهم نحاة المدرسة البغدادية
جهود علماء المدرسة البغدادية
المفصل للزمخشري
شرح الرضي على الكافية
جهود الزجاجي
جهود السيرافي
جهود ابن جني
جهود ابو البركات ابن الانباري
المدرسة المصرية
بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو المصري وطابعه
أهم نحاة المدرسة المصرية
جهود علماء المدرسة المصرية
كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك
جهود ابن هشام الانصاري
جهود السيوطي
شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك
المدرسة الاندلسية
بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في الاندلس وطابعه
أهم نحاة المدرسة الاندلسية
جهود علماء المدرسة الاندلسية
كتاب الرد على النحاة
جهود ابن مالك
اللغة العربية
لمحة عامة عن اللغة العربية
العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)
العربية الجنوبية (العربية اليمنية)
اللغة المشتركة (الفصحى)
فقه اللغة
مصطلح فقه اللغة ومفهومه
اهداف فقه اللغة وموضوعاته
بين فقه اللغة وعلم اللغة
جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة
جهود القدامى
جهود المحدثين
اللغة ونظريات نشأتها
حول اللغة ونظريات نشأتها
نظرية التوقيف والإلهام
نظرية التواضع والاصطلاح
نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح
نظرية محاكات أصوات الطبيعة
نظرية الغريزة والانفعال
نظرية محاكات الاصوات معانيها
نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية
نظريات تقسيم اللغات
تقسيم ماكس مولر
تقسيم شليجل
فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)
لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية
موطن الساميين الاول
خصائص اللغات الجزرية المشتركة
اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية
تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)
اللغات الشرقية
اللغات الغربية
اللهجات العربية
معنى اللهجة
اهمية دراسة اللهجات العربية
أشهر اللهجات العربية وخصائصها
كيف تتكون اللهجات
اللهجات الشاذة والقابها
خصائص اللغة العربية
الترادف
الاشتراك اللفظي
التضاد
الاشتقاق
مقدمة حول الاشتقاق
الاشتقاق الصغير
الاشتقاق الكبير
الاشتقاق الاكبر
اشتقاق الكبار - النحت
التعرب - الدخيل
الإعراب
مناسبة الحروف لمعانيها
صيغ اوزان العربية
الخط العربي
الخط العربي وأصله، اعجامه
الكتابة قبل الاسلام
الكتابة بعد الاسلام
عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه
أصوات اللغة العربية
الأصوات اللغوية
جهود العرب القدامى في علم الصوت
اعضاء الجهاز النطقي
مخارج الاصوات العربية
صفات الاصوات العربية
المعاجم العربية
علم اللغة
مدخل إلى علم اللغة
ماهية علم اللغة
الجهود اللغوية عند العرب
الجهود اللغوية عند غير العرب
مناهج البحث في اللغة
المنهج الوصفي
المنهج التوليدي
المنهج النحوي
المنهج الصرفي
منهج الدلالة
منهج الدراسات الانسانية
منهج التشكيل الصوتي
علم اللغة والعلوم الأخرى
علم اللغة وعلم النفس
علم اللغة وعلم الاجتماع
علم اللغة والانثروبولوجيا
علم اللغة و الجغرافية
مستويات علم اللغة
المستوى الصوتي
المستوى الصرفي
المستوى الدلالي
المستوى النحوي
وظيفة اللغة
اللغة والكتابة
اللغة والكلام
تكون اللغات الانسانية
اللغة واللغات
اللهجات
اللغات المشتركة
القرابة اللغوية
احتكاك اللغات
قضايا لغوية أخرى
علم الدلالة
ماهية علم الدلالة وتعريفه
نشأة علم الدلالة
مفهوم الدلالة
جهود القدامى في الدراسات الدلالية
جهود الجاحظ
جهود الجرجاني
جهود الآمدي
جهود اخرى
جهود ابن جني
مقدمة حول جهود العرب
التطور الدلالي
ماهية التطور الدلالي
اسباب التطور الدلالي
تخصيص الدلالة
تعميم الدلالة
انتقال الدلالة
رقي الدلالة
انحطاط الدلالة
اسباب التغير الدلالي
التحول نحو المعاني المتضادة
الدال و المدلول
الدلالة والمجاز
تحليل المعنى
المشكلات الدلالية
ماهية المشكلات الدلالية
التضاد
المشترك اللفظي
غموض المعنى
تغير المعنى
قضايا دلالية اخرى
نظريات علم الدلالة الحديثة
نظرية السياق
نظرية الحقول الدلالية
النظرية التصورية
النظرية التحليلية
نظريات اخرى
النظرية الاشارية
مقدمة حول النظريات الدلالية
موضوعات أخرى
أحرف النفي
المؤلف:
حسن عباس
المصدر:
حروف المعاني بين الأصالة والحداثة
الجزء والصفحة:
ص :100-110
18-4-2020
3416
أحرف النفي
هي : (لم- لما-لن-ما-لا-لات -إن)
تمهيد:
لقد سبق أن استعرضنا معاني (لا) مع أحرف العطف و(لمْ، ولمّا) مع الجوازم و(لَنْ) مع النواصب، متطرقين إلى معانيها في النفي وهكذا لم يبق من أحرف النفي دون معالجة، سوى أحرف (ما- لات- إنْ). ولكن نظراً لأهمية (لا) وكثرة معانيها واستعمالاتها في اللغة العربية سنتحدث عنها هنا بشيء من التفصيل، كما سبق أن وعدنا القارئ بذلك في معرض الحديث عنها مع أحرف العطف.
1-لا
أولاً- حول خصائص حرفيها ومعانيها الفطرية:
1-(اللام)- للإلصاق والجمع والإلزام.
2-(الألف اللينة)- فاصل صوتي ممتد يحول دون مباشرة (اللام) وظائفها الفطرية في الإلصاق والإلزام والجمع.
وبذلك يكون النفي هو محصلة الخصائص المتناقضة لهذين الحرفين. ولكنها وإن كانت تنفي وقوع الفعل، نحو (لا تعلو العين على الحاجب)، وتنفي الوجود، نحو: (لا رجل في الدار) إلا أنها تلصق النفي بـ (العلو) في المثال الأول، كما تلصقه (بوجود جنس الرجال) في المثال الثاني وذلك لخاصية الإلصاق في (اللام) من حرف (لا).
ثانياً- حول معانيها واستعمالاتها التراثية:
لما كانت (لا) مؤلفة من (اللام) ذات الصوت اللين المتماسك و(الألف اللينة) الأشد ليونة ومرونة، فمن المتوقع أن تكون كثيرة الوجوه والأنواع والأقسام والاستعمالات.
لقد عددنا لها لدى (ابن هشام) نيفاً وخمسين وجهاً ونوعاً واستعمالاً، وفي (المحيط) نيفاً وثلاثين. فلم ذلك؟
تساؤل قد طرحناه أكثر من مرة بمعرض الحديث عن بعض حروف المعاني التي تكثر معانيها واستعمالاتها، وبخاصة ما كان منها مؤلفاً من حرف واحد أو اثنين. وكان الجواب: "بساطة النطق بالحرف، ومرونة صوته، ثم تحرره من قيود الحروف العربية المشاركة في تركيبه". وسنرى أن (ما) لن تقل عن (لا) تنوعاً في المعاني والاستعمالات، ولا أشدّ منها عصياناً على الضبط والربط، لهذه الاعتبارات بالذات.
فإن (لا) مؤلفة من (اللام) المرنة الصوت المتعددة الخصائص والمعاني، ومن (الألف اللينة) الأكثر مرونة والأطوع تكيفاً في النطق بمعرض التعبير عن مختلف الأغراض والمعاني، فكثرت بذلك معاني (لا) واستعمالاتها.
واختصاراً للبحث وحصراً له فيما يغنينا الآن، نكتفي باستعراض وجوهها وأنواعها واستعمالاتها حسبما جاء في (المحيط)، وبشيء كثير من الإيجاز.
1-نافية تعمل عمل (إنَّ) تنصب الاسم وترفع الخبر:
تسمى (نافية للجنس)، أو (تبرئة)، لأنها تنفي الحكم عن جميع أفراد جنس اسمِها، نحو "لا رجلَ في الدار". فهي تعمل عمل الأحرف المشبهة بالفعل، تنصب الاسم وترفع الخبر، ولكنها لا تعمل إلا بشروط:
أ-تنصبّ على نفي الجنس، وإِلاّ وجب إهمالها وتكرارها أيضاً. نحو: "لا رجل في الدار ولا امرأة".
ب- أن يكون اسمها وخبرها نكرتين، وإِلاّ وجب الإهمال والتكرار، نحو: "لا زيدٌ عندي ولا عمرو".
ح-أن لا يتقدم خبرها على اسمها، فإن تقدم يجب الإهمال والتكرار، نحو: (لا في الدار رجل ولا امرأة".
د- أن لا يدخل عليها حرف جر، وإلا يجب إهمالها، نحو (سافرت بلا زاد).
هـ – وإذا تكررت (لا) النافية للجنس، جاز إعمالها، وجاز إلغاؤها، وجاز إعمال إحداهما وإهمال الأخرى نحو: (لا حولٌ ولا قوةٌ إلا بالله- ولا حولاَ ولا قوةٌ إلا بالله..).
و- يكثر حذف خبر (لا) النافية للجنس، نحو: "ضيرَ – لا شكَّ- لا ريبَ- لا محالةَ- لا بأسَ).
ويقل حذف اسمها، نحو: (لا عليك) أي لا بأس عليك.
ز- إن اسمها يكون مبنياً على ما نصب عليه، إن كان مفرداً، كما ينصب إذا كان مضافاً أو شبيهاً بالمضاف. نحو لا معلمَ مدرسة في الباحة.
2-نافية تعمل عمل (ليس) ترفع الاسم وتنصب الخبر:
لا يشترط لها إلا تأخير خبرها وعدم انتقاض نفيها بإلاّ. أما تنكير معمولها فقد اشترطه بعضهم ونفاه آخرون لمجيء اسمها معرفة كما في قول النابغة الجعدي:
سِواها ولا عَنْ حُبِّها مُتراخياً |
|
وحلّتْ سوادَ القلبِ لا أنا باغِياً |
وأما نفيها فيكون للوحدة، كما هو ظاهر في البيت السابق. ويكون للجنس كقول الشاعر:
ولا وَزَرٌ ممّا قضى اللهُ واقيا" |
|
"تعزّ فلا شيءٌ على الأرضِ باقياً |
3-نافية عاطفة:
وقد مرّ ذكرها مع أحرف العطف.
4-نافية لا عمل لها:
إنها لا تعمل في الأحوال التالية:
أ- إذا كانت معترضة بين الجار والمجرور، نحو: "سافرت بلا زادٍ"، أو بين الناصب والمنصوب نحو: "اجتهدت كثيراً لكي لا أرسب". أو بين الجازم والمجزوم، نحو: "إن لا تجتهدْ ترسبْ" أو بين العاطف والمعطوف، نحو: "ما جاء زيد ولا عمرو" وكذلك إذا دخلت على فعل مضارع، نحو "زيد لا يحبُّ القراءة". أو على فعل ماض لفظاً ومستقبل معنى، نحو: "لا رحم الله الأشرار".
ب- كما أنها لا عمل لها، ولكن يجب تكرارها في الأحوال التالية: إذا دخلت على الجملة الاسمية، نحو "لا رجل في الدار ولا امرأة". أو على الجملة الفعلية التي فعلها ماض لفظاً ومعنى، نحو: "زيد لا جاء ولا اعتذر". أو دخلت على الإخبار، نحو: "زيد لا شاعر ولا كاتب". أو على النعوت، نحو "جاءنا رجل لا طويل ولا قصير". أو على الأحوال، نحو: "جاءنا زيد لا ضاحكاً ولا عابساً".
5-نافية جوابية:
وهذه تحذف الجمل بعدها كثيراً، نحو يقال لك: أجاء زيد؟ فتجيب (لا). والأصل "لا لم يجيء".
6-ناهية لا عمل لها:
وقد سبق ذكرها مع الأحرف الجازمة.
7-زائدة لا عمل لها:
ومثّل النحاة لها في قوله تعالى: "ما منعك أَلاّ تسجد إذ أمرتك.."(73) وكذلك قول الشاعر:
وللّهوِ داعٍ دائبٌ غيرُ غافِلِ" |
|
وتلحيْنَنِي في اللهوِ أنْ لا أُحِبَّه |
يقول (الانطاكي): إِنهم اعتبروها هنا زائدة. لأنهم لو اعتبروها نافية ثم فهموا من كل لفظ معناه- المعجمي، لفسد المعنى المراد. إذ يصبح المعنى في الآية: "ما منعك من عدم السجود". فكأنه تعالى يأمر إبليس بعدم السجود لآدم، وهو خلاف المقصود. وكذلك الأمر في بيت الشعر، إذ يصبح المعنى: تلومينني على "عدم حب اللهو"، بينما اللوم هو على "حب اللهو"، لا على عدم حبه.
ويرى الانطاكي أنها هنا (نافية، لا زائدة). وذلك لأن اللغة العربية تعامل الجمل أحياناً بحسب معناها العام، وليس بحسب المعنى المعجمي لكل مفردة على حدة. فقوله تعالى:
"ما منعك" يساوي في المعنى: "من أمرك" أن (لا) تسجد. فتكون بهذا التأويل (نافية، لا زائدة). وكذلك الأمر في قول الشاعر: "وتلحينني" يساوي في المعنى (تطلبين مني).
واستعرض (ابن هشام) المزيد من الأمثلة مبيناً اختلاف الفقهاء حول نفيها وزيادتها، مما لا مجال لسرده.
ولكن يبدو لي أنها هنا نافية، على الوجه الذي ذكره (الأنطاكي). فلقد لازمها النفي في أوجهها واستعمالاتها جميعاً، كما أسلفنا، فلماذا لا تكون هنا نافية أيضاً؟ فالنفي هو معناها الفطري المستمد من خصائص حرفيها ومن طريقة النطق بها.
2-مَا
أولاً- حول خصائص حرفيها ومعانيها الفطرية:
1- (الميم)- للجمع والضم.
2- (الألف اللينة)- هي هنا فاصل صوتي ممدود يحول دون قيام (الميم) بوظيفتها في الجمع والضم فكان النفي، على مثال ما لاحظناه مع (لا).
وهكذا يكون النفي هو محصلة الخصائص المتناقضة لهذين الحرفين. فهل ستحافظ على هذه الخصائص في معانيها واستعمالاتها التراثية كما فعلت (لا)؟
ثانياً: حول معانيها واستعمالاتها التراثية:
تأتي على وجهين: اسمية وحرفية. ولكل منهما لدى (ابن هشام) أقسام وأنواع واستعمالات قد نوفت على الخمسين. لتبلغ في (المحيط)(20). وما أقلّ أن نعثر على ما هو أعصى منها على تقصي معانيها واستعمالاتها ولا أكثر إثارة للجدل بين الفقهاء بصددها وذلك لبساطة حرفيها وسهولة التكيف بنطقهما ومرونتهما على وجه ما لاحظناه في (لا).
ولقد اختصر الأنطاكي في محيطه أخذاً عن (ابن هشام) أقسامها وفروعها وأبوابها واستعمالاتها، كما جاءت في التراث، بما يلي:
"اسم موصول- ومعرفة تامة عامة- ومعرفة تامة ناقصة- ونكرة ناقصة- ونكرة تامة واسم استفهام- وشرطية غير زمانية- وشرطية زمانية- وحرف نفي – وحرف مصدري – وحرف مصدري زماني.. وزائدة بين (الفعل ومرفوعه + بين الجار والمجرور + بين المضاف والمضاف إليه+ بعد أدوات الشرط+ قبل (خلا- عدا – حاشا).
ولما كنا بصدد الحديث عن فئة أحرف النفي، فإننا نكتفي هنا بالحديث عن (ما) النافية فقط.
تدخل (ما) النافية على الجملتين الفعلية والاسمية. فإذا دخلت على الفعلية، لم تعمل شيئاً نحو: "ما جاء زيد". وإن دخلت على الاسمية أعملها الحجازيون والتهاميون والنجديون عمل (ليس) بشروط معروفة، كقوله تعالى: (ما هذا بشراً)(74). وأهملها اليمنيون، نحو: "ما زيد قائم".
وقد تستعمل (ما) نافية للجنس، فتعمل عمل (إنّ). وهذا نادر، ومنه قول الشاعر:
قليلٌ على مَنْ يعرفُ الحقّ عابُها". |
|
وما بأسَ لورَدّت علينا تحيَّةً |
وينبه (ابن هشام) إلى مسألة تداخل عمل (ما) النافية مع (ما) الشرطية. ففي الآيتين "وما تنفقوا من خير فلأنفسكم… وما تنفقوا من خير يوفّ إليكم"
(75). فإن (ما) فيهما شرطية لا نافية.
وباستقراء استعمالات (ما) في باقي الأقسام والفروع والأبواب لدى (ابن هشام)، لم نجد للنفي أي مداخلة في معانيها، بما فيها الأقسام (الكافة) عن العمل منها.
وهكذا كانت خاصية النفي الفطرية في (ما) المستمدة من خصائص حرفيها هي الأقل استعمالاً خلافاً للتوقع، على العكس مما لحظناه في معاني (لا) للنفي، فلم ذلك؟
2-حول أسباب الاختلاف بين معانيها
إن ذلك يرجع فيما نرى إلى أمرين اثنين:
الأمر الأول: إيمائي: يتعلق بالخصائص الإيمائية لحرفي (اللام والميم).
فطريقة النطق بـ (لا) تتطابق مع طريقة النطق بـ (اللام) المفتوحة أصلاً. فبمجرد ما ينفصل اللسان عن سقف الحنك يخرج صوت (لا). فكانت بذلك أسرع الإشارات إطلاقاً للدلالة على الرفض أو النفي، بما يتوافق مع متطلبات الإنسان العربي من السرعة في البيان. وهكذا خصها بالنفي من قبيل (وضع الشيء المناسب في المكان المناسب).
أما طريقة النطق بـ (ما) فهي أعقد وأطول زمناً إذ تتم على مرحلتين اثنتين متباينتين: ضم الشفة إلى الشفة بشيء من التأني حبساً للنفس، ثم بانفراجهما وفتح الفم واسعاً. ولما كانت هاتان الحركتان تستغرقان زمناً أطول مما يستغرقه النطق بـ (لا) فقد انصرف العربي عن استعمال (ما) للنفي، وجنح إلى تحميلها معان أخرى يتطلب تحقيقها زمناً أطول مما يتطلبه الرفض أو النفي، وبما يتوافق مع طول مرحلتي خروج صوتها وذلك على مثال ما عبّر العربي عن معنى القطع طولاً بكلمة (قدّ)، والقطع عرضاً بكلمة (قطّ)، لأن مخرج صوت (الدال) في (قدّ) أبعد عن مخرج (القاف) من (الطاء) في (قط) فكانت (قط) الأخصر للصوت تناسب القطع عرضاً، كما قال (ابن جني).
الأمر الثاني –معنوي: يتعلق بالمعاني الفطرية لكل من (اللام والميم).
فمن معاني (اللام) الفطرية: (الإلصاق) بما يضاهي واقعة التصاق طرف اللسان بسقف الحنك ، عند تشكل صوتها. ولكننا ألحقنا بها معاني (الجمع والضم)، وذلك لأنه ليس ثمة تعارض واضح بين معاني (الإلصاق والجمع والضم)، فهي صور مرئية محسوسة يكمل بعضها بعضاً.
وهكذا قد تداخلت في دراستنا خصائص (اللام والميم) ومعانيهما في (لا وما). ولكن –التراث اللغوي العظيم قد كشف عن الفروق الدقيقة بين معانيهما في هذا التداخل. فكيف كان ذلك؟
عودة إلى الخصائص الإيمائية لحرفي (اللام والميم):
أ- (اللام) في (لا) هي للإلصاق. وإذن، عندما نلفظ (لا) بشيء من التفخيم، ينفصل طرف اللسان عن سقف الحنك مع انفتاح الفم واسعاً وارتفاع الرأس إلى الأعلى، في حركة متناسقة موحدة سريعة مما يشير إلى الرفض بحزم وبالتالي إلى (النفي) البات ولا شيء آخر.
فانفصال طرف اللسان عن سقف الحنك عند النطق بـ (لا)، لا يخلّف وراءه أي صورة محسوسة أخرى، سوى (حركة) الانفصال التي تشير إلى الرفض أو النفي. فاستأثرت هذه المعاني باستعمالاتها التراثية جميعاً.
ب- أما (الميم) في (ما) فهي بحكم انطباق الشفة على الشفة تشير إلى (الجمع والضم)، ولكن عندما نقول (ما) تنفرج الشفتان عن بعضهما البعض، وينفتح الفم واسعاً مع ارتفاع الرأس إلى الأعلى في حركتين متمهلتين تشير محصلتهما إلى الرفض. على أن الصور المحسوسة من (الجمع والضم) تبقى في الذهن بعدهما، فتغلبت على معاني الرفض والنفي، كما لحظنا ذلك في دراستها. حساسية (سمعية – بصرية) فطرية لدى الإنسان العربي لا نظير لها.
ونحن لو عدنا إلى معاني (ما) واستعمالاتها التراثية لتبين لنا أنها تخلف وراءها شيئاً معيناً قد ارتبط (وجوده) بها، على العكس من (لا)، التي لا تخلف بعدها سوى النفي والعدم.
3-وإذن، ما طبيعة العلاقة بين (ما) وما يأتي بعدها من أحكام؟
إنها علاقة وجود
1- تأتي (ما) اسم موصول. ويعرّفه (الانطاكي) بأنه: "ما يدل على معيّن بواسطة جملة تذكر بعده) كقوله تعالى: "فانكحوا ما طاب لكم من النساء.."(76). فهذا المعيّن الذي دلت عليه (ما) هو (النساء). لهنّ (وجود) مستقل متكامل يظل ثابتاً بعد (ما) ماثلاً في (الميم).
2- كما تكون (ما) استفهامية، كقوله تعالى، نحو "وما تلك بيمينك يا موسى"(77). فالتي بيمينه (وهي عصاه) شيء له وجوده المستقل المتكامل ماثلاً في الذهن..".
3- وهكذا الأمر عندما تكون (ما) معرفة تامة خاصة كقوله تعالى: (إن تبدوا الصدقات فنعما)(78) أو شرطية غير زمانية، كقوله تعالى: (وما تفعلوا من خير يعلمْه الله)(79). أو شرطية زمانية، كقوله تعالى: "فما استقاموا لكم، فاستقيموا لهم"(80)، أي استقيموا لهم مدة استقامتهم لكم أو مصدرية كقوله تعالى: "ليجزيك أجر ما سقيت لنا"(81)، أي أجر سقيك..
وهذه المعاني تتطلب أحكامها فسحة في الزمن، تتوافق شيئاً ما مع الزمن الذي يستغرقه خروج صوت (ما). أما بقية معانيها، إذا لم تتعلق صراحة بوجود، فهي لا تتضمن النفي ولا العدم.
4-ولكن ثمة حالة واحدة تكون (ما) فيها للنفي، نحو: (ما جاء زيد). وشأنها في هذه الحالة شأن (لا) نفياً للوجود. ولكن هذه الحالة وحدها، لا تجرح صحة ربط (الوجود) بخصائص (الميم) في (ما) من حيث (الجمع والضم)، كما أسلفنا
أقول هذا وأنا غير غافل عما قد يلاقي هذا التعليل من اعتراض. وذلك بزعم أن العربي الضارب في أعماق التاريخ ومجاهل الأرض كان من المتعذر عليه أن ينتبه إلى هذه الفروق الدقيقة بين خصائص (لا وما) بمعرض التعبير عن معانيه.
ونرد على هذا الاعتراض أن اللغة العربية فطرية النشأة كما لاحظ القارئ ذلك مراراً عديدة في هذه الدراسة. والفطري في الإنسان يضاهي الغريزي في الكائنات الحية. فلو أنهم تمعنوا في سير حياة أي كائن حي بدءاً من النملة فالنحلة، إلى الأسماك فالطيور حتى ملوك الغابات، إذن لرأوا من الدقة والبراعة وحكمة في السلوك واقتصاداً في الزمن، ما لا يتصوره عقل إنسان.
واللغة العربية الفطرية النشأة، ما هي إلا نموذج راق من نماذج الكائنات الحية. فبمقدار ما نتعمق في دراسة مظاهرها تتاح لنا فرص أكثر لاكتشاف المزيد من أسرارها مما لم يخطر على بال عالم لغة أو فقيه صرف ونحو طوال ألف عام ونيف.
3-لاتَ
أولاً– حول خصائص أحرفها ومعانيها الفطرية:
1-(لا)- من (اللام والألف اللينة)، كانت محصلة معانيهما الفطرية والتراثية النفي كما أسلفنا.
2-(التاء) – للرقة والضعف.
فتكون محصلة معاني أحرفها: النفي بضعف لتعدد الفواصل بين (لام) الإلصاق ومتعلقها.
ثانياً- حول معانيها واستعمالاتها التراثية:
1-حول حقيقتها:
أ-قال بعضهم: هي فعل ماض بمعنى (نقص)، ثم استعمل في النفي. كما استعملوا فعل (قلَّ) في قولهم: "قلّ رجل يفعل ذلك"، بمعنى: "ما رجل يفعل ذلك". فقال تعالى: "لا يَلِتْكُم من أعمالكم شيئاً"، بمعنى لا يُنقص. فيقال: "لات يليت، وألت يألت".
ب-وقال بعضهم أنها كلمتان: (لا) النافية، و(التاء) لتأنيث اللفظة، كما في: (ثُمّت –رُبّت) بضم أولهما.
ح-وقال آخرون: هي (ليس)، قلبت ياؤها (ألِفا) وسينها (تاء). وهو تعليل أبعد عن الصواب مما جاء آنفاً حول حقيقتها، ولعل الوجه الأول بمعنى (قل) هو الأصوب.
2-حول عملها:
أ-إنها لا تعمل شيئاً: إذا وليها مرفوع، فهو مبتدأ حُذف خبره. فإن قُرِئ في الآية القرآنية: "لات حينُ مناص"(82) بالرفع، كان التقدير: "ولا حينُ مناصٍ كائن" وإذا قرئ بالنصب فهو مفعول لفعل محذوف تقديره: "لا أرى حينَ مناص".
ب- إنها تعمل عمل (إنَّ): تنصب الاسم وترفع الخبر. فإذا كان ما بعدها منصوباً، فهو اسمها وخبرها محذوف. وإن كان مرفوعاً، فهو خبرها واسمها محذوف.
ج-إنها تعمل عمل (ليس). فإن رفع ما بعدها فهو اسمها والخبر محذوف، وإن نصب فهو خبرها واسمها محذوف.
والمتفق عليه أن (لات) لا تدخل إلا على أسماء الزمان، نحو: "لات حينَ مناص- لات ساعةَ مندم".
وهكذا تتوافق معانيها الفطرية مع معانيها التراثية من حيث ضعف قدرتها على النفي بفعل (التاء)، فاقتصرت على نفي الزمان فحسب، وما أضيّقَه من مجال، وضعف قدرتها على النفي يضاهي ضعف (ليت) في التمني، للأسباب ذاتها، كما سيأتي.
4-إنْ
لما كان لا علاقة ظاهرة بين خصائص حرفيها ومعانيهما بما فيها (النفي)، فلقد رأينا أن نستعرض بإيجاز شديد معانيها واستعمالاتها التراثية تذكيراً للقارئ بها.
فهي لدى (ابن هشام) على أربعة أوجه:
1-حرف شرط جازم: تدخل على المضارعين فتجزمهما لفظاً، نحو "إن تدرسْ تنجحْ" وإذا دخلت على الماضيين تجزمهما محلاً، نحو: "إن درسَ زيدٌ نجحَ".
2-حرف نفي: تدخل على الجملة الاسمية، كقوله تعالى: "إن الكافرون الاّ في غرور"(83)، أي ليس –الكافرون إلاّ في غرور. وتدخل على الجملة الفعلية كقوله تعالى: (إن أردنا إلاّ الحُسنى)(84). أي ما أردنا إلاّ الحسنى.
3-مخففة من (إنَّ): تدخل على الجملة الاسمية وتعمل عمل (إنَّ)، نحو: إنْ زيداً لمنطلق). وبعضهم يهملها، فيكون ما بعدها مبتدأ وخبر، نحو: "إن زيدٌ لمنطلقٌ". وإذا دخلت على الجملة الفعلية فلا تكون إلا مهملة كقوله تعالى: "وإن ْكادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك"(85).
هذا ولا بد في (إنْ) المخففة من الثقيلة من (لام) مفتوحة بعدها تسمى (لام) الفارقة، لأنها تميزها من (إنْ) النافية.
4-زائدة: تزاد بعد (ما) النافية نحو:
"ما إنْ أتيتُ بشيء أنت تكرهه.." وتزاد بعد (ما) الموصولية: نحو:
وتعرض دون أدناه الخطوب". |
|
"يرجّى المرءُ ما إن لا يراه |
وتزاد بعد (ألا) الاستفسارية، نحو:
أُحاذِرُ أن تنأى النَّوى بِغَضُوبا". |
|
ألا إنْ سرى ليلي فبتُّ كئيبا |
ويبدو لي أن معانيها جميعاً اصطلاحية.
الاكثر قراءة في الحروف وأنواعها
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
