x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الأدب

الشعر

العصر الجاهلي

العصر الاسلامي

العصر العباسي

العصر الاندلسي

العصور المتأخرة

العصر الحديث

النثر

النقد

النقد الحديث

النقد القديم

البلاغة

المعاني

البيان

البديع

العروض

تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب

الشيخ علي الليثي

المؤلف:  عمر الدسوقي

المصدر:  في الأدب الحديث

الجزء والصفحة:  ص:128-132ج1

30-9-2019

3767

ـ
ولد سنة 1830 ببولاق، وتيتم صغيرًا, فتحولت به أمه إلى جهة الإمام الليثي وإليه ينسب، وطلب العلم بالأزهر مدةً, ولكنه لم يتم تعليمه, ثم رحل إلى طرابلس الغرب, وأخذ عن الشيخ السنوسي الكبير, والشيخ القوصي الكبير الطريقة والعلم، ولما عاد اتصل بالأسرة الحاكمة، وكان مقربًا لدى الخديو إسماعيل؛ لأنه كان مثلًا للنديم المحبوب الذي لا يُمَلُّ حديثه، ولا يطاق فراقه، وتورى له في باب المنادمة ونوادر لا تزال تتردد حتى اليوم على ألسنة السمار في مجالس الأنس, ولعل كثيرين منا يعرفون قصته مع "المهردار" بقصر الخديو إسماعيل, حين كتب على باب حجرة الشيخ الآية الكريمة: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} إذ لم يجد لقبًا سواها يعطي لهذه الحجرة, كما أعطيت الحجرات الأخرى بالقصر ألقابًا، من مثل حجرة أمين المخازن، ورئيس الحرس، وغير ذلك، وقد كانت هذه مداعبة من "المهردار"، أثارت في نفس الشيخ الليثي الرغبة في الانتقام منه، وجعله سخريةً أمام رجال الحاشية، فانتهز فرصة وجوده معه بحضرة إسماعيل، والمجلس عامرٌ بعلية القوم يخوضون في أحاديث شتَّى، ولما سنحت الفرصة قال الشيخ علي الليثي للخديو: عندي قصةٌ صغيرةٌ يا مولاي، فقال: ما هي؟ قال:

 

(1/128)

لنا طحونة في البلد ... لكن تقيله ع الحمار
علقت فيها الطور عصى ... علقت فيها المهردار
فكانت أضحوكةً سارت على الألسنة، وطرب لها الخديو وأفراد حاشيته، ونال الشيخ الليثيّ لدى إسماعيل حظوة ومنزلة، وعرف رجال الدولة مكانته, فكان مقصد طلاب الحاجات، ولا يرد له رجاء عند أولي الأمر, ولما مات إسماعيل أبقى عليه توفيق، وقرَّبَه وأكرمه، وبقي مخلصًا له في أحلك أوقات الثورة, حين تنكر له كثيرون ممن أكرمهم توفيق, فأسبغ عليه من نعمه, وكافأه على إخلاصه له.
وللشيخ علي الليثي ديوانٌ لم يطبع، بل يقال: إنه لعن من يطبعه، ولسنا ندري سببًا واضحًا لعزوف الشيخ عن تخليد أثره الأدبيّ, إلّا أنه نال ثراءً واسعًا في أخريات حياته، وصار من سراة مصر، وليس من اللائق بسريٍّ وجيهٍ مثله أن يكون له ديوان شعر يروى, وبه ما به من عبثٍ ومجونٍ وتزلفٍ لكثيرين ممن يتسامى في حالته الأخيرة لمنزلتهم, ومن المستبعد أن يكون الشيخ قد أدرك أن شعره لا يستحق الخلود، وأنه ركيك ضعيف، فكل إنسان مهما كان شأنه يعجب بما يقوله، ولا يفطن ما به من عيوب، ثم إن الذوق الأدبيّ والنقد لم يكونا قد وصلا إلى منزلةٍ تمكن الشيخ من الاطلاع على مساوئ شعره، بل على العكس, كان الشيخ محسود المكانة الأدبية، ويتهافت أدباء عصره على مكاتبته ومطارحته الشعر(1), وقد طال عمر الشيخ, وتوفي سنة 1313هـ-1896م.
وإذا نظرنا إلى ما روي لنا من شعره، لم نجده يتميز عن زميله السيد علي أبي النصر في شيء، ونجده يقول في المناسبات المختلفة شأن الندماء، وقلما يطلق نفسه على سجيتها، وينظم الشعر؛ لأنه يشعر بدافع نفسانيّ يلهمه القول, ومن شعره على البديهة قوله، وقد كان أحد رجال الحاشية يفرغ تفاحة بمدية ليشرب فيها، فانكسرت المدية، فنظر إلى الشيخ نظرة من يسأله وصف هذه الحال، وخليق بنديم الخديو إسماعيل أن يسجل مثل هذه الحادثة، فقال الشيخ مرتجلًا:

 

(1/129)

عزَّت على الندمان حتى إنهم ... تخذوا لها كأسًا من التفاح
ولدى اتخاذ الكأس منه بمدية ... لان الحديد كرامةً للراح
ومن شعره في رثاء عبد الله باشا فكري:
نذم المنايا وهي في النقد أعدل ... عداة انتقت مولى به الفضل يكمل
كأن المنايا في انتقاها خبيرة ... بكسب النفوس العاليات تعجل
فتم لها من منتقى الدر حلية ... بها العالم العلويّ أنسًا يهلل
ويقول في وصف الفقيد:
لقد كان ذا بر، عطوفًا، مهذبًا ... سجاياه صفو القطر بل هي أمثل
وقيق حواشي الطبع سهل محبب ... إلى كل قلب حيث كان مبجل
وله في مدح السلطان عبد العزيز في عيد جلوسه سنة 1290:
مولى الملوك الذي من يمن دولته ... ظل العدالة في الآفاق ممدود
عبد العزيز الذي آثاره حمدت ... أبو الألى جدهم في المجد محمود
أجاد نظم أمور الملك في نسق ... لا يعتريه مدى الأزمان تبديد
فلا تقسه بأسلافٍ له كرمت ... والشبل من هؤلاء الأسد مولود
ففخرهم عقد در وهو واسطة ... في جيد آل بني عثمان معقود
وهذا نظم ليس فيه شيء من الخيال أو المعاني السامية، وعبارته تميل إلى الضعف، وهكذا كان شعر الشيخ، بل له شعر مليء بالمحسنات والزخارف اللفظية التي زادته ضعفًا على ضعفٍ، من مثل قوله يرثي محمود باشا الفلكي, وقد تصادف أن تهاوت نيازك ليلة وفاته:

(1/130)


أرى النيازك عن سام من الفلك ... مذعورة أصبحت تصبو إلى الدرك
كالطير فاجأها البازيّ وأذهلها ... فحاكت البرق، وانقضت عن الحبك
إلى أن يقول:
إليس نسر سماء العلم قد علقت ... كف المنون به فانحاز في الشرك
الصبر يا نفس، واستبقي منايحه ... أو فالتصبر إن تبغي الهدى فلك
حل القضاء وناعي المجد أرخنا ... قد مات محمود باشا المسند الفلكي
"فقد أرخ وفاته سنة 1353 في هذا البيت".
وهو شعرٌ ليس فيه من أثر الحزن شيء، بل هو مصنوعٌ ليظهر قدرة الناظم على تلفيق مثل هذا الكلام، وقد حاول مرةً أن يَفْتَنَّ ويصف السفينة التي أقلته إلى مصر وهو عائد من برلين، فلم تمكنه اللغة القوية، ولم يسعفه الخيال، وأتى الشعر ضعيفًا، وأغلب الظن أنه لم يقله بدافع نفسيّ، وإنما طلب إليه أن يسجل هذه الرحلة فصنع الأبيات التي منها:
أصبح الوقت باسمًا بالسرور ... كابتسام الربيع وقت الزهور
أينا لقي ظريف طبع لطيفًا ... كي ندير الحديث مثل الخمور
فوق ظهر السفين نحسن وصفًا ... حيث يجري على صفاء البحور
وتراه يختال وهو معنى ... ويحه كم يجر ذيل الفجور
ذيله يرسم المجرة عجيبًا ... بين موج يضيء مثل البدور
وهو وصفٌ غنيٌ عن التحليل، وإظهار ما به من ركاكة، ففي كل بيت عوار لا يغفر, ودليل قاطع على أن الشيخ ينتمي إلى مدرسة النظامين و العروضيين, ولعل خير ما روي له, قصيدته التي قالها مستعطفًا الخديو توفيق عقب الثورة العرابية، وطالبًا الصفح عمن أجرم -في رأيه:

(1/131)

كل حالٍ لضده يتحول ... فالزم المصبر إذ عليه المعول
يا فؤادي استرح فما الشأن إلّا ... ما به مظهر القضاء تنزل
رب ساعٍ لحتفه وهو ممن ... ظن بالسعي للعلا يتوصل
قدر غالب وسر الخفايا ... فوق عقل الأريب مهما تكمل
غاية العقل حسرة وعقال ... واللبيب الذكيّ من قد تأمل
كيف ننسى، وحادثات الليالي ... فاجأتنا بكارثٍ ليس يحمل
أذهبت أنفسًا وغالت نفيسًا ... وذوي مربع الحظوظ وأمحل
وإذا المرء كان بالوهم يبني ... فخيال الظنون ما قد تمثل
وريح قوم سعوا لإدراك أمر ... دون إدراكه الجبال تزلزل
ما أصروا عليه إلّا أضروا ... بأناس من نابه أو مغفل
ذاك يسعى على التقية خوفًا ... وسواه سعى لكيما يجمل
لو أصابوا الرشاد عند ابتداء ... كانت الغاية الجميلة أجمل
وهذه القصيدة على ما بها من سهولة، فمعانيها مطروقة ليس فيها جديد, وحكمها مألوفة، وبها كثير من أثر الصنعة والتكلف، أما الخيال وهو روح الشعر وجناحه الذي يحلق به فلا أثر له, ونعود فنقرر أن هذه المدرسة التي ينتمي إليها علي أبو النصر, وعلي الليثي, هي مدرسة التقليد للشعر الذي كان سائدًا في عصور ضعف اللغة، وليس لهذين الشاعرين وأضرابهما شخصيةٌ قويةٌ تهتك ستار هذه الحجب الكثيفة من الزخارف السمجة، وليس لهما قوة عارضة، وفحولة نسج لتستر مساوئ هذا الذي يسمى شعرًا, وهما نظامان أكثر منهما شاعران، ويقولان في المناسبات نظمًا غير صادر عن شعور إلّا القليل النادر.

(1/132)

 

__________
(1) الآداب العربية في القرن التاسع عشر, للأب لويس شيخو.

 

 شعار المرجع الالكتروني للمعلوماتية




البريد الألكتروني :
info@almerja.com
الدعم الفني :
9647733339172+