x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الأدب

الشعر

العصر الجاهلي

العصر الاسلامي

العصر العباسي

العصر الاندلسي

العصور المتأخرة

العصر الحديث

النثر

النقد

النقد الحديث

النقد القديم

البلاغة

المعاني

البيان

البديع

العروض

تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب

الأدب الــعربــي : تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب :

عبد العزيز جاويش

المؤلف:  عمر الدسوقي

المصدر:  نشأة النثر الحديث و تطوره

الجزء والصفحة:  ص :110-112

4-8-2018

1624


عبد العزيز جاويش، تخرج في دار العلوم سنة 1897، وأتم تعليمه في إنجلترا، وعين أستاذًا في جامعة أكسفورد مدة سنتين، وانضم إلى الحزب الوطني بعد عودته سنة 1906، وحرر في اللواء والعلم، وكان قلمه فيهما يتلظى وحمية، وغيرة على كل مقومات شعبنا العربي بمصر، وله تاريخ حافل في الجهاد وتغرب عن وطنه مدة، وتوفي في يناير 1929.
وهاكم رسالة إلى حبيب، وقد وجه إليه الخطاب بصيغة المذكر تقية ومداراة، وكان الشيخ جاويش يحرص على بعث بعض الكلمات التي أماتها الإهمال، أو النسيان في كل مقال يكتبه، فلا يدع إذا غصت رسائله بالغريب، والرسائل موضع الاحتفاء، ومجال المباهاة بالأدب، يقول:
"
سيدي -مالي أراك كمن نسي الخليط، وتجرد في الصحبة عن المحيط والمخيط، فإذا ما صادفتك صدفت، أو أنصفتك ما أنصفت، أتظن أني قعيدة بيتك، أو رهين كيتك وذيتك؟، فوحقك إذا آنست من يدي مللا، أو من قدمي كللا لنحزئها البنات، ووكلت ينقصها الذات، ولو أني آنست من الزاد فترة، أو من الشراب عسرة لطعمت الطوى، واستقيت الجوى، فكيف أداعب وتصاعب، وأحالف وتخالف، وأواصل وتفاصل؟ وأجاب وتجانب؟، لبئست مطيتك التي اقتعدت، وشرعتك التي شرعت، فو الله لولا أن الحب حادث لا يتقى بالتروس، ومعنى لا يدرب إلا في النفوس، وسهام لا ترمى إلا من قسي الحواجب، ونحو أوله المعية وآخره الجوازم، لما افترست بالظباء الأسود الصيد، ولا ملكت الأحرار العبيد، ولولا أني كرعت من صابه، والتحفت ببردة أوصابه لتعوذت منك بسورة الفلق، ونبذتك نبذ الرداء الخلق، ولهان على أن أدعك أو أسمعك:
تمرون الديار ولم تعوجوا ... كلامكم علي إذا حرام
غير أن لي نفسًا شبت على الحب فلم أفطمها، وتقادعت على ناره فلم أعصمها، حتى بلغ السيل الزبى، وتبددت النفس أيدي سبا، إلا حشاشة غفل عنها الوجد، وبقية رمق ألفيتها من بعد، وكلما رأيت منك الشطط والاعتساف، عمدت إلى أن أثنى من رسنها، وأذودها عن عطنها، وشخصت إلى المكافحة، والمكافأة، وألا أكيلك إلا مثلًا، ولا أسفيك إلا وشلا ولا أزيدك إلا فشلا.

ولست أجزيك الجزاء الذي ... على وفاء الصنع لا بخسه
وليس يبكي صاحبًا من إذا ... أهين لا يبكي على نفسه
على أني بالرغم أصبح في نهار أحلك من ليل، وأمسى في ليل أشق على النفس من ويل.
وليل كموج البحر أرخى سدوله ... علي بأنواع الهموم ليبتلي
فإن تخلصت من لقائك فإلى الشقاء، وإذا لجأت من عسفك فإلى العناء، وإذا استجرت بفراقك فإلى الرمضاء، وكأنك لم تدر أن دولة الحسن سريعة التفويض، وأنه لا بد من هبوط العمر إلى الحضيض، ولسوف تبلى بعارض، بيد أنه غير ممطر، وبساعة مقبلك فيها مدبر، وستصبح عما قريب قد عفت رسومك، ولم تجد في الصحبة من يسومك، والعاقل من لا يخال بنفسه، ولا يبني على غير أسه، فإنك ما نضدت لؤلؤة مبسمك، ولا نضرت صورة معصمك، ولا شئت فخلقت كما تشاء، ولا اتخذت عند الله عهدا، وهذا الوفاء، ولكن مثلك من أفرغه الله في القالب الذي اختار، وجعله مرتبع النفوس ومسرح الأبصار، وإني أيها العزيز قد تقدمت إليك.
ولي أمل قطعت به الليالي ... أراني قد فنيت بها وداما
فلا تحرمني من سائغ الود وسابغه، ولا تجعلني كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه، وما هو ببالغه.
فأشد ما لقيت من ألم الجوى ... قرب الحبيب وما إليه وصول
كالعيس في البيداء يقتلها الظما ... والماء فوق ظهورها محمول
فأعمل في يومك لغدك، واستجز غيرك ببسط يدك، ولا تأخذني بجرم الجاني المتلبس، بيد أني أناشدك الذي يلي العاشق بالمعشوق، وكلفه في الحب بيض الأنوق، وسهدت طرفه بنواعس العيون، وخول للحسن إذا أراد شيئًا أن يقول له: كن فيكون، كما قرن الهوى بالنوى، والقلب بالجوى، وقضى على المحب، ونشر العشق فلم يحتجب، ما الذي أغرى بك إلى الاعتساف، وعدم الإنصاف؟
ألين الأعطاف أم فتور الأجفان، أم تكسر الكلام، أم هيف القوام؟ لقد شددت أزرك -والله- بضعاف، واستمنت تلك العجاف، وهل وهل حدا إلى قطيعتي بك إني خشن الملمس، رث الملبس، ولم أمنح كما منحت نضرة، ولم ألبس برقع البياض والحمرة، فأعلم أنك إن نظرتني بعين الرضا، ورحمت فؤادا يتقلب منك على جمر الغضا، فستجدني صديقك الذي لا يبطره الوفاء، ولا يثنيه الجفاء، أملك لك من لسان، وأطوع لأمرك من بنان.
أكتب، فأين لعبد الحميد الكاتب قلمي؟ وأشعر، فأين الشعراء إلا تحت علمي، وأبذل، فأين حاتم من كرمي؟ وأحلم فأين أحنف من حلمي؟
وحسبك فخرا أن يجود بنفسه ... على رغب من ليس يأمل في الشكر
ومن يحتمل في الحب ما فوق كاهلي ... فحسبك حلمًا أن يقيم على الهجر
فإن أصخت إلى الداعية، ووعيت كلمات لا تسمع فيها لاغية، فإليك الجزاء وعلي الوفاء، وإلا فالفرار إلى الموت أمر يسير، والقبر للعشاق قليل من كثير".
ولعلكم لحظتم شدته في عتبه، وقسوته على حبه في مستهل رسالته، وأنه أنذره القطيعة، وأنه إذا وجد من يده ملالا قطعها ومن رجله كلالًا جذها، ولم يقل كما قال قيس بن الملوح.
فيا حبها زدني جوى كل ليلة ... ويا سلوة الأيام موعدك الحشر
ثم نراه قاسيًا في إنذارها بأفول نجمعها وتقوض حسنها، وبعد ذلك يلين ويتشفع، ويصف ما يعانيه، ويصور ما يلاقيه، وأنه يتقلب على جمر الغضا، وألا سبيل إلى السلو، فإن بعد عنها فإلى الشقاء، وإن استجار بالبعد فإلى الرمضاء، وفي الحق إنه عبر عن عاطفته أتم التعبير، عاطفة المحب المدله، الذي كان يظن لنفسه مكانة في قلب الحبيب فقسوته دليل حبه، وصرامته علامة وجده، ثم عبر عن شدة تعلقه بها، وأن لا سبيل إلى هجرانها، وحاول بعد ذلك استرضاءها، والعفو عن زلته والتجاوز عن هفوته.
أما أسلوبه فأسلوب الأديب الذي يختفي بأسلوبه، وقد جاء معظمها مسجوعًا، كما أكثر من ألوان البديع وتعمده، وبخاصة الجناس والطباق، وإن كان لقوة أسره، ومتانة سبكه لا يظهر عليه التكلف والتعمد، كما ضمنه بعض الإشارات التاريخية، واستشهاده بالشعر كثير، وجاء الشعر في موضوعه تمامًا لا نبو فيه، ولا قلق، وقد آثرت أن أورد الرسالة كاملة لطرافة موضوعها، ولمكانة صاحبها؛ ولأنه لم يشتهر بهذا اللون من الكتابة، وقد كان حقًا في غاية اللباقة حين أطرى حسنها، ودلها، وساقه مساقًا لا يبعث فيه الزهو والكبرياء.