إنّ المقصودَ منْ سوءِ الظّنِّ ليستْ تلكَ الخيالاتِ الذهنيةَ التي تحدُثُ في الذهنِ بلا اختيارٍ، وإنّما المقصودُ منْ ظَنِّ السُّوءِ هوَ الخيالاتُ السيّئةُ التي يُنَمِّيها الشخصُ في ذهنهِ ويتَتَبَّعُها في عالمِ الخيالِ والذّهنِ ويَستنتِجُ مِنَ المُقدِّماتِ التي يصـوغُها نتائجَ سيّئةً، ثُمَّ يسعَى لأنْ يَبنِي سُلوكَهُ على أساسٍ منْ هذهِ الخيالاتِ المُصطَنَعَةِ.
ومِنْ سُبُلِ علاجِ هذا المرضِ الأخلاقيِّ:
أولاً: يجبُ أنْ نُصلِحَ أنفُسَنا لئلّا نقـعَ ـ في مجالِ المقارنةِ بينَنا وبينَ الآخـرينَ ـ في محذورِ الحُكمِ بفسادِهِم. وفي مرحلةِ إصلاحِ النّفسِ يجبُ - إضافةً لنَفي الصّفاتِ القَبيحَةِ- أنْ نُلَقِّنَها بأنَّ الآخرينَ لَيسُوا أشراراً، بَـلْ يُمكِنُ بأنْ يكُونُوا يمتلكونَ صِفاتٍ روحيّةً أعلى وأَسمَى مِنْ صِفاتِنا.
ثانياً: يجِبُ إصلاحُ المحيطِ الذي نعيشُهُ فقَد يكونُ هذا المحيطُ هُوَ العاملَ على خَلقِ سُوءِ الظنِّ في نفوسِنا، وذلكَ يَعني أنْ لا نجالسَ الأشخاصَ غيرَ المُستقيمينَ في سُلوكِهِم، ونَسعى لمعاشَرَةِ أُناسٍ خيّرينَ لئَلّا يُوجِـدَ فِينا سُـوءَ الظَّنِّ بالنسبةِ للآخرينَ بالإضافةِ إلى استفادَتِنا مِنَ الأفكارِ العاليةِ والصِّفاتِ البارزةِ التي يَمتَلِكُها هؤلاءِ الخيّرونَ.
ثالثاً: أنْ نحتـاطَ فَلا نُسارعُ في الحُكمِ على الآخرينَ حُكماً لا مجـالَ لَهُ، كما ينبغي أنْ نُقَلِّلَ مِنْ توقُّعاتِنا مِنَ الآخرينَ. فإذا ما رَأينا مَثلاً صَديقاً أو فَرداً مِنْ أفرادِ العائلَةِ أوِ الآخرينَ لم يُجيبوا على سَلامِنا أو أنَّهُم عَبَروا مِنْ حيثُ نَقِفُ ولم يُعيرُونا اهتماماً أو لَم يـدعُـونـا إلى وَليمةٍ مُعَيّنَةٍ فبدلاً مِنْ حَمـلِ الحِقدِ في القَلبِ وظَنِّ السُّوءِ فِيهِم، والحُكمِ عَليهِم في الذّهنِ غِيابياً، بدلاً منْ كُلِّ هذا ينبغي أنْ نُلاحِظَ القضايا بكُلِّ تَعَقُّلٍ وبدونِ تَحَيُّزٍ، ومِنْ ثُمَّ نُوَجِّهُ سُلوكَهُم الآنفَ تَوجيهاً حَسَناً.
إنَّ الـروايـاتِ الإسلاميّـةَ تـُوصِي المُسلمينَ كي يحملُوا عمـلَ أخـوتِهِم المُسلمينَ وقولَهُم على الصحّةِ، ويطرحُوا احتمالاتٍ صحيحةً ليتَخَلَّصُوا منْ سُوءِ الظنِّ ويُبعدوهُ عنْ أذهانِهِم.
يقولُ الإمامُ الصادقُ (عليهِ السّلامُ): (إذا اتَّهَمَ المؤمنُ أخاهُ انْمَاثَ الإيمانُ منْ قَلبهِ كما ينْماثُ المِلحُ في الماءِ).