فيديو

صور

مفتاح

اضاءات

منشور

القرآن الكريم
العقائد الإسلامية
الفقه واصوله
سيرة النبي وآله
علم الرجال
الأخلاق
الأسرة والمجتمع
اللغة العربية
الأدب العربي
التاريخ
الجغرافية
الإدارة و الإقتصاد
القانون
الزراعة
الكيمياء
الرياضيات
الفيزياء
الاحياء
الاعلام
اللغة الانكليزية

عن أبي عبدِ اللهِ -عليهِ السَّلامُ- قالَ: إنَّ مُحمَّدَ بنَ المُنكَدِرِ كانَ يقولُ: ما كنتُ أظُنُّ أنَّ عليَّ بنَ الحُسينِ -عليهِ السَّلامُ- يدَعُ خلقاً أفضلَ منهُ، حتى رأيتُ ابنَهُ محمَّدَ بنَ عليٍّ، فأردتُ أنْ أَعِظَهُ فوعَظَني، فقالَ لَهُ أصحابُهُ: بأيِّ شيءٍ وَعَظَكَ؟ فقالَ: خرجتُ إلى بعضِ نواحي المدينةِ في ساعةٍ حارَّةٍ فلَقِيَني أبو جعفرٍ مُحمّدُ بنُ عليٍّ -عليهِ السَّلامُ-، وكانَ رجُلاً بادِناً ثقيلاً، وهو مُتَّكىءٌ على غُلامينِ أسوَدَينِ أو مَولَيَينِ، فَقُلتُ في نفسي : سُبحانَ اللهِ شيخٌ مِن أشياخِ قُريشٍ في هذهِ السّاعَةِ، على مِثلِ هذهِ الحالَةِ في طَلَبِ الدُّنيا، أَمَا  لأَعِظَنَّهُ، فدنوتُ منهُ فسَلَّمتُ عليهِ، فرَدَّ عليَّ بنَهرٍ ، وَهُوَ يَتَصَابُّ عَرَقاً فقلتُ: أَصلَحَكَ اللهُ شيخٌ مِن أشياخِ قُريشٍ في هذهِ الساعَةِ، على هذهِ الحالِ في طلبِ الدُّنيا، أرأيتَ لو جاءَ أجَلُكَ وأنتَ على هذهِ الحالِ، فقالَ: لو جاءَني الموتُ وأنا على هذهِ الحالِ، جاءَني وأنا في طاعَةٍ مِن طاعةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أكُفُّ بها نفسي وعيالي عنكَ وعَنِ النّاسِ، وإنّما كنتُ أخافُ لو أنْ جاءَني الموتُ وأنا على مَعصيَةٍ مِن  معاصي اللهِ، فقُلتُ: صَدَقتَ يرحَمُكَ اللهُ، أردتُ أنْ أَعِظَكَ فوَعَظتَني.

إنَّ مَن يُعيبُ على الآخرينَ خُروجَهُم في طَلَبِ الكَسبِ الحلالِ فإنَّ الإمامَ الباقرَ -عليهِ السَّلامُ- أعطانا درساً تربويّاً في عِزَّةِ النّفسِ والتَّرفُّعِ عَن مَدِّ يَدِ الطَلَبِ والاستجداءِ لغيرِ اللهِ سُبحانَهُ وتعالى، فَعَلى الإنسانِ العاقِلِ والشّابِّ الذي هُوَ في مُقتَبَلِ عُمرِهِ أنْ يَجِدَّ ويجتَهِدَ في تحصيلِ المهاراتِ وطَلَبِ الكَسبِ الحلالِ ولا يتحرَّجُ أو يستحيي مِن ذلكَ ليستغني هُوَ وعيالُهُ، وأنْ لا يكونَ عالةً على الآخرينَ.

والرجلُ الذي يجعَلُ أُسرَتَهُ تستجدي أو يُعَرِّضُهُم للحَرَجِ والفَقرِ بسببِ كسَلِهِ وتَحَرُّجِهِ مِنَ العَمَلِ والكَسبِ هذا فاقِدٌ للمسؤوليّةِ وغيرُ جديرٍ بهذهِ المُهمَّةِ المُقدَّسَةِ، وعليهِ أنْ يَعلَمَ أنَّ السَّعيَ للاسترزاقِ بمنزلةِ الجهادِ كما قالَ رسولُ اللهِ -صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ-: (الكادُّ على عيالِهِ كالمُجاهِدِ في سبيلِ اللهِ)

فالإنسانُ الشريفُ العفيفُ هُوَ مَن يُؤسِّسُ بيتاً قائماً على الاستقرارِ والسَّعادةِ وصِيانَةِ زوجَتِهِ وأولادِهِ مِنَ الاستدجاءِ وإراقَةِ ماءِ الوَجهِ أو حتى لا يَصيروا عالةً على غَيرِهِم .