يعتبر المنزل هو المكان الأكثر أمنا والملجأ لجميع أفراد الأسرة في أزمات الحياة المختلفة، ولعله من أعظم المفاسد أن يدفع الأب أولاده للهروب من المنزل بسبب تعامله الفج معهم وشعورهم بالخوف والقلق الدائم من أساليبه القاسية في الأمر والنهي وما يترتب على ذلك من عقاب جسدي ونفسي.
أو قد يدفعهم الى الهروب مشاهد العنف الأسري الذي يحدث بين الزوجين وانعكاساته عليهم، فيلجؤون للهروب من الواقع المربك والمحير في صراع الأبوين أو الأجواء المضطربة بين أفراد الأسرة إذا كانت كبيرة ..
وهذا ما يتسبب بمشاكل نفسية وفكرية تجعل الأبناء يفرون من المنزل بشكل دائم أو مؤقت، فلا يعودون إلا في وقت متأخر من الليل، فيجعلهم عرضة للفشل في الحياة والانحراف والسير في طريق الجريمة والفواحش. لأن الإنسان بصورة عامة والأطفال أو المراهقين بصورة خاصة لا يمكنهم التقدم العلمي والمهني والتحلي بالصدق والأمانة... إلا في ظل المحيط الآمن للأسرة.
أوقد يكون الدافع هو بسبب التربية السلبية التي يسير عليها نمط الأسرة في تكريس مفهوم تلبية جميع الحاجيات ومحاولة إرضاء أبنائهم، فإن هذا الأسلوب من التربية يساعد على التمرد في حال إذا لم توفر لهم احتياجاتهم وما اعتادوا عليه أو لم يستجاب لطلباتهم!
ومن دوافع الهروب القناعات المغلوطة في تقليد المجتمعات المنفلتة التي تبيح لمن هم في سن المراهقة الخروج من منزل الأسرة والانفصال عنهم والاستقلال التام عن الكيان الأسري.
ومما تجدر الإشارة إليه أن مما يدعم هروبهم مضافا لتلك الأسباب هو تهيؤ الكثير من الأماكن المستفيدة من هروب الأبناء من أسرهم لاستقبالهم، والترحيب بهم ومن ثم استغلالهم لأغراض محرمة شرعا وممنوعة قانونيا.
لذا قد تقع بعض الفتيات في صدمة أو ورطة و تجد الحل في هروبها من البيت فينبغي أن يفكر الأهل بطرق معالجة تلك الصدمات والأزمات بشيء من الوعي و الحب والاهتمام، وتطمين البنت من عدم ممارسة التعنيف الجسدي والنفسي وبأشكاله المختلفة معها ، وهذا أمر يحتاج إلى أخذ خطوات جدية من قبل الأهل والاعتناء ببناتهم، فأي خطأ يصدر عن ابنتك هو مسؤوليتك، لذا لا تهملوا تفاصيل حياتها وكونوا على دراية مستمرة بأحوالها، لتتمكنوا من حماية أبنتكم المراهقة من صديقات السوء وصيانتها من الابتزاز وتحريرها من القناعات المغلوطة .