" ليس من شيعتنا من قال بلسانه وخالفنا في أعمالنا وآثارنا "
يظن البعض أن مجرد الانتماء الى مدرسة أئمة أهل البيت -عليهم السلام- أو إظهار المودة القولية و ممارسة الطقوس الإحيائية في مواليدهم ووفياتهم مع التساهل أو التقصير في تطبيق منهجهم ؛ إن ذلك يعبر عن معيار الانتماء لهم –عليهم السلام- وصيرورته شيعيا وله امتيازات المتشيع ومراتبه المعنوية والقربية، إن هذا وهم كبير، ويفسر على أنه ازدواجية في السلوك ؛ لأن المعيار في مدرسة أهل البيت –عليهم السلام- هو العلم الصادر منهم والعمل به.
أما القول والادعاء والتمنطق بأحاديثهم ونشر فضائلهم مع مخالفة أعمالهم وآثارهم يعد في ميزانهم الحق إنكارا فعليا لطريقتهم ومنهجهم، لهذا ينفي الإمام الصادق –عليه السلام-انتماء المدعي المخالف لمنهجهم وطريقتهم.
إن الشيعي الحقيقي هو الآخذ بمنهجهم في مقام التطبيق والعمل، وينكشف هذا في المواقف التي تتطلب عزما وإرادة حقيقية في الظروف الواقعية التي يكون فيها الفرد أمام خيارات متباينة في المنهج والمصدر والقيم، فمثلا: يعد الصدق أساس البناء الأخلاقي في مدرسة أهل البيت-عليهم السلام-، وقد يمر الفرد بموقف حرج يفرض فيه الواقع عليه إما أن ينطق بالصدق فيفقد كثيرا من مصالحه، أو يلتوي ويتكلم بالكذب ليحفظ تلكم المصالح الشخصية؟ فهنا يثبت المرء صدق الانتماء من دعوى ذلك.
إن المعيار في مدرسة أهل البيت-عليهم السلام-اعتبار الصدق أساسا لسلامة إيمان المرء؛ يقول الإمام علي -عليه السلام-: " الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك، على الكذب حيث ينفعك"، بل يذهب الإمام علي -عليه السلام الى أن " الصدق رأس الدين"!
وواضح أن مراتب الصدق لا تقف على نقل الخبر بما هو مطابق للواقع؛ بل تتنوع وتتعدد: فالصدق يقع في الاعتقادات والنوايا ويعد من السلوك الباطني، والصدق يكون في السلوك الظاهري من خلال التعامل مع الناس بحيث يستوي فعل المرء في الظاهر والباطن والسر والعلن! وهكذا، إن الانتماء إلى مدرسة أهل البيت لا يكفي فيها التقول اللساني ونشر فضائلهم في المواقع أو إنشاد الشعر والمراثي في محبتهم وغيره؛ فهذا وإن كان أمرا حسنا وجميلا! لكنه ليس المعيار الحقيقي، بل التطبيق لمنهجهم وطريقتهم هو من يجعل الفرد متحققا بالانتماء لهم فعلا.