EN
1

بمختلف الألوان
رِسالةٌ إلى قَلبِكَ (الرَّحمَةُ) عِندَما تَضِيقُ بِكَ الدُّنيا، وَعِندَما تَتَسَاءَلُ: أينَ الفَرجُ مَتَى تَنكَشِفُ الغُمَّةُ تَذَكَّرْ هذهِ الآيَةَ العَظيمَةَ: {مَا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مقالات ادبية
ترنيمة اللقاء ، قراءة نقدية في قصيدة : أغداً ألقاك
عدد المقالات : 34
اللقاء .. حالة وجدانية شديدة الخصوصية .. تستهوي الشعراء على تعاقب عصور الأدب ، ومهما تنوعت مذاهبهم وتباينت مشاربهم .. فينسجون حوله ، ومن أجله ، أدبيات تتفاوت جودة وتفردا. فإذا تناولنا واحدا من تلك النصوص تذوقا ونقدا فلابد من مظاهر معينة تكشف عن مواطن الجودة ، ومعايير نحتكم إليها في تحديد معالم التفرد في النص .. على أن يتم ذلك التناول النقدي في إطار من التذوق الهادف.
وقبل أن أنقل للقارئ بعض ملامح رؤيتي لقصيدة " أغداً ألقاك" للشاعرة حنان أبوزيد ، أعرض وميضا من معاني "اللقاء" المتناثرة بين سطور هذا النص. فاللقاء في قصيدة " أغداً ألقاك" ليس مجرد إطار محدد وملموس في مكان و زمان بالمعنى المحسوس ، ولكنه حالة وجدانية صوفية ، مشبعة بالوله ، موشحة بالرجاء .. إنه تجربة روحية حاولت الشاعرة تجسيدها كيانا مدركا متذوقا من خلال معجمها الخاص وخيالها المتفرد وإحساسها الشفيف .. وهذا كله يتجلى الآن على بصر القارئ وبصيرته وأنا أصطحبه في نزهة روحية ممتعة.
إن اللقاء .. في قصيدة " أغداً ألقاك" .. حالة وجدانية .. جعلت " الفراق للروح عصيا " ، وبرغم أن هذا اللقاء يسبقه نداءات روحية ، فإن الشاعرة تقرر أنها تناديها "هَمْساً وترْسلُ عشقاً نقيا " ، ثم تجعل عشقها النقي هذا مراقي للوجد تأسر الروح " فتطوي المَسافَات والبعد مكاناً قصيا " .. و "وجدانية" هذا "اللقاء" تجعل أنسام العشق تتهادى "َ كعود عنبر نَدِيّا " ، وتجسد عبير الوصال الناعم خمرا لا تدرك الشاعرة كنهه فتتعجل في رسمه حروفا وكلمات فتقول "يَرويني رَحيقَاً شَهيَا" ثم تخاله " شهداً ملَكيّا " "يروي نبضَه الروحَ والقلبَ" ولا تجد منه مهربا فتستسلم وهو يلقي بكيانها "في سويداء الوله نفياً شَقيا".
ومن الواضح أن الشاعرة تروقها هذه الحالة الوجدانية وتستغرقها حتى أنها تلح في وصفها بل وتطلبها من المحبوب كمعذب يهنأ ويستلذ بتعذيب المحبوب له فتناديه نداء الراجي المستغيث " هيا نلتقي لقاء العشاق بكرة وعشيا :: ونرتشف من كأس الهوى شراباً هنيا " ، وقبل أن يصدر جوابا أو رد فعل لطلبها تزيل من أمامه كل تردد فتقول له " أنا والحنين ظمئئا فاسقني يا مقْلَتيَّا ."
واللقاء .. في قصيدة " أغداً ألقاك" .. حالة صوفية ، وليس مجرد تلاقي بين عاشقين .. تمازج يرقى إلى "مقام" الذوبان والتلاشي .. وصوفية الحب تشرق من ذلك الاتحاد الروحي والنفسي بين المحبين ، وهو ما نلمحه وميضا خفيا وظاهرا في قول الشاعرة "روحي و روحُكَ تنفسان الفَجْرَ سويا"
"هلمَ إن نَجواكَ في الروحِ تُبقيني حَيَّا".
غير أن هذا الذوبان لا يطول ، وذلك الاتحاد الروحي لا يخلو من يقظة ووعي ، فسرعان ما تستعيد إدراكها الشخصي فتنفصل عن المحبوب ولو للحظات ، تعلن فيها غاية هذا العشق ، فتخاطب محبوبها في "مقام الشهود" بعبارات هامسة لازمت الشعر الصوفي في نماذجه المتفردة :
"أريدُكَ عاشقي ولمحرابي تظل وَفيَا
ونتلوا آية اللقاء تسبيحاً تكبيراً قُدسيَا"
وما أروع هذا الحب الذي لا ينفك عن تكبير وتقديس.
والقصيدة تراها العين من بعيد غيمة تتزين بطقوس التصوف ومناسك أهل الحب الصوفي .. فشاعرتنا تقر في وضوح حين تقول "إذا التقينا عيناكَ تفصِحُ حُباً تَقيا" ، ولا ترى في أشواقها ذنبا تخجل منه أو تحاسب عليه وهي تناجي محبوبها معلنة "أتوق إلى رؤياكَ وما قُلْتُ غَيَّا".
واللقاء .. في قصيدة " أغداً ألقاك" .. ترنيمة صوفية ، مشبعة بالوله ، موشحة بالرجاء .. حتى أن العين لا تجد نوع عناء في رؤية مفردات هذا الوله أو إدراك صور ذلك الرجاء في قول شاعرتنا :
"الفراق عصيا" .. "تناديني هَمْساً" .. "يُناديني نسيم هواك" .. "يرميني نفياً شَقيا" .."هيا نلتقي" .. "نرتشف من كأس الهوى" .. "يَغدو وَليّا" .. "أنا والحنين ظمئا فاسقني يا مقْلَتيَّا" .. "أذوبُ همساً مَنْ لي سِواكَ يَحِنُو عَلَيَّا" .. "هيانَرْسُمُ حُلْمَاً بَهيَا" .. "أريدُكَ عاشقي ولمحرابي تظل وَفيَا" .. "َإن نَجواكَ تُبقيني حَيَّا".
وفي ختام إطلالتي على هذا النص الروحي المتميز ، آمل أن يجد فيه القارئ تحفيزا قويا لأن يقرأ نصوصا شعرية أخرى من هذا الطراز الروحي في عصور مختلفة ولشعراء مختلفين ؛ لعل ذلك يحقق له متعة روحية وعقلية نحتاجها جميعا اليوم في زحام الماديات وضجيج المحسوسات.
والآن أتركك عزيزي القارئ تعيد قراءة القصيدة مستمتعا ومتذوقا.
أغداً ألقاكَ إن الفراق للروح عصيا
أتوق إلى رؤياكَ وما قُلْتُ غَيَّا
إذا التقينا عيناكَ تفصِحُ حُباً تَقيا
تناديني هَمْساً وترْسلُ عشقاً نقيا
فتطوي المَسافَات والبعد مكاناً قصيا
يُناديني نسيم هواكَ كعود عنبر نَدِيّا
روحي و روحُكَ تنفسان الفَجْرَ سويا
وعبيرُ وصالكَ يَرويني رَحيقَاً شَهيَا
فيروي نبضَه الروحَ والقلبَ شهداً ملَكيّا
ليرميني في سويداء الوله نفياً شَقيا
هيا نلتقي لقاء العشاق بكرة وعشيا
ونرتشف من كأس الهوى شراباً هنيا
وإن أتى حبك ينادي قلبي يَغدو وَليّا
لنعزف للحب لحناً يُهديكَ عطراً زكيا
أنا والحنين ظمئا فاسقني يا مقْلَتيَّا
نهَفوا نحوَ هواكَ ساقَنا الاشتياق حَفِيّا
أنتَ بجوار الماء تحبو و عيناكَ الثُّرَيّا
أذوبُ همساً مَنْ لي سِواكَ يَحِنُو عَلَيَّا
هيا بالوصال شوقاً نَرْسُمُ حُلْمَاً بَهيَا
حَنيني إليكَ كالدماء غذاءٌ لوريديا
فَكُنْ أنتَ بالحُبِ وَصْلَاً وتقرباً لَدَيَا
أريدُكَ عاشقي ولمحرابي تظل وَفيَا
ونتلوا آية اللقاء تسبيحاً تكبيراً قُدسيَا
لنَصل الأشواقَ إن الهجران أشد عتيا
أناجيك فى ظلام الدُجى نداءً خفيا
هلمَ إن نَجواكَ في الروحِ تُبقيني حَيَّا
اعضاء معجبون بهذا
جاري التحميل
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 21 ساعة
2025/05/21م
التعبير الوظيفي من أشكال التعبير الكتابي والغرض منه تيسير التواصل بين أفراد المجتمع والمساعدة في قضاء حوائجهم وإنجاز شؤونهم ، وهو لا يخضع لأساليب التجميل اللفظي والخيال ، بل له أنماط محددة متعارف عليها مثل كتابة التقارير ، والمخاطبات الرسمية. أولا التقريـر: التقرير أحد ألوان الكتابة الموضوعية ؛... المزيد
عدد المقالات : 34
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 21 ساعة
2025/05/21م
مباراة فرنسا والبرازيل في نهائي كاس العالم 1998 في باريس لا يمكن نسيانها لما حصل من اشياء محيرة فيها وهو الفوز الذي لا يمكن تسجيله الا باسم زيدان صاحب اهداف الشوط الاول التي اشعلت الاجواء في شارع الشانزليزيه وقد كان هي الوحيدة في مبارات كوس العالم التي خسرتها البرازيل بين عامي 1994 و2002، حيث كان توهج... المزيد
عدد المقالات : 7
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 4 ايام
2025/05/18م
بداية من الجيد أن نشير إلى أهم عناصر العملية التدريبية الأساسية ، وهي: 1. ( المُدرب ) : يجب أن يكون مؤهلا علميا وعمليا ومهنيا ؛ لأن التدريب المتميز لا يمكن الحصول عليه إلا من خلال خبراء ومدربين لديهم الخبرة العملية الطويلة في مجال التدريب. 2. ( المُتدرب ) : هو جوهر العملية التدريبية وأساس نجاحها ، وحتى... المزيد
عدد المقالات : 34
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 4 ايام
2025/05/18م
شهدت الحضارات القديمة ألعاب تشبه كرة السلة، حيث عرفت لعبة بوكتا بوك عند المايا في القرن السابع قبل الميلاد، كما عرفتها الشعوب الأزتيكية باسم (تشلاشلي). نشأت كرة السلة التي نعرفها اليوم في أوائل عام 1891، على يد الدكتور الكندي جيمس ناي سميث، أستاذ التربية البدنية بجامعة ماكجيل في مونتريال، والذي كان... المزيد
عدد المقالات : 45
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 4 ايام
2025/05/18م
في إحدى القُرى الصغيرةِ، كانَ يعيشُ رجلٌ يُدعَى (مالكٌ). كانَ رجلاً فقيراً لكنّهُ عُرِفَ بينَ الناسِ بسُرعةِ غضبهِ وحِدَّةِ لسانِهِ. ما إنْ يغضبَ حتّى يُطلقَ العنانَ لكلماتِهِ، لا يُراعي حُرمةً ولا يُبقي وداً. ولم يكُنْ يُفرِّقُ بينَ القريبِ والغَريبِ، حتّى بدأتِ الناسُ تتجنّبُ مخالطتَهُ خوفاً مِنْ... المزيد
عدد المقالات : 9
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 4 ايام
2025/05/18م
( ألا صلوا في بيوتكم ، قصة قصيرة يكتبها:حمدي الروبي ) نسمات الفجر السماوية تملأ صدرها حياةً ورضاً وتفاؤلاً .. تتوارى خلف ستائر شرفتها الرحبة .. تتأمل زحف المؤمنين نحو مصلى العيد .. كأنها تنظر إلى جموع الصحابة المتجهين نحو إحدى الفتوحات طالبين النصر أو الشهادة .. الشوارع تعطرت بتكبيرات الرجال والشباب... المزيد
عدد المقالات : 34
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 4 ايام
2025/05/18م
وقت الظهيرة، الشمس تحس بلهيبنا كما نحس بلهيبها، نزّلوا التابوت، الصراخ يعلو، أمه تصرخ لماذا يارب الجيران يبكون، الدنيا حوله كلها عيون حمراء، ونخيل محنيّ هي ذهبت مسرعة الی سلم البيت، وقفت تنظر إليه،كيف كانت تصعده في كل مرة كان عاليا...متعبا.. وهي مثقلة بيدها دلو بلاستيكيّ، مليءٌ بالدهن السائح،... المزيد
عدد المقالات : 32
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 1 اسبوع
2025/05/15م
عنوان هذه المجموعة القصصية يجعلك منجذبا نحو تناول الكتاب وقراءته ، ومع تناول القصة الأولى يقرر القاريء أن العنوان قد حالفه كثير من التوفيق؛ فالمحتوى حافل بمشاعر حيَّة ونابضة وإن لم تكن جميعها ( مشاعر كامنة ) ، فبعض قصص المجموعة تطل منها المشاعر بوجه مشرق تراه العين بوضوح ويستشعره القلب قوياً ، ومنها... المزيد
عدد المقالات : 34
علمية
تخيل معي عالمًا صغيرًا جدًا، حيث تتحرك جسيمات بحجم نانومتر واحد فقط، أصغر بكثير من أي خلية في جسمنا. هذا العالم هو ميدان معركة حديثة تخوضها الفيزياء ضد السرطان باستخدام الروبوتات النانوية. هذه الجسيمات ليست مجرد أدوات طبية، بل هي نتاج فهم عميق... المزيد
ربما تتساءل الآن ما الذي يجعل قطعة من الكربون النقي، مرتبة في بنية رباعية تكرارية ثلاثية الأبعاد، أن تصبح أحد أصلب المواد المعروفة للبشر الأمر ليس فقط في الكيمياء، بل في فيزياء الحالة الصلبة والبنية البلورية نفسها، حيث تلعب الروابط التساهمية... المزيد
التضخم هو فقدان تدريجي للقوة الشرائية، ينعكس في ارتفاع واسع النطاق في أسعار السلع والخدمات مع مرور الوقت. يُحسب معدل التضخم بمتوسط ارتفاع أسعار سلة مختارة من السلع والخدمات على مدار عام واحد. يعني ارتفاع التضخم أن الأسعار ترتفع بسرعة، بينما يعني... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
عظمة أهل البيت (عليهم السلام) وحدود القياس...
السيد رياض الفاضلي
2025/02/20م     
النخب والمفاهيم النمطية الموروثة
عبد الخالق الفلاح
2024/11/16م     
ميدان الأوّلويّات
السيد رياض الفاضلي
2024/10/14م     
اخترنا لكم
إصدارات
2025/05/04
أصدر قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، كتابًا بعنوان "قلوب بلا مأوى". يضمّ الكتاب مجموعة قصصية إنسانية...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام)
2025/05/04
( صاحب النعمة يجب أن يوسع على عياله )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com