إنّ المواسم الدينيّة بطبيعتها تشدّ روح الإنسان نحو السلام مع نفسه والآخرين، وهذا ما تشهده في المواسم الدينيّة العامّة التي يؤديها المسلم بصورة جماعيّة، كما في صلاة الجماعة والحجّ والإعتكاف اذا كان المعتكفون جماعة، والشعائر الحسينيّة بأجمعها كمجلس العزاء وزيارة مراقد المعصومين (عليهم السّلام أجمعين)، ومن أهمّها؛ لأنّها مليونيّة هي الزيارة الأربعينيّة.
ومن أراد أن يتعرّف على ذلك مفصّلاً، ليطالع ما يجري في طريق الزائرين الكرام، ليلحظ بنفسه ما يقوم به أهل المواكب والخدمات الأخرى، على التفاوت الذي بينهم في أعمارهم وبلدانهم وقومياتهم واختلاف ألسنتهم وثقافاتهم، تراهم كخليّة النحل يعملون بلا كلل ولا ملل، ويقدّمون أنواع الخدمات الصغيرة والكبيرة، وهم يعبّرون عن امتنانهم تجاه من يأخذ منهم ما يبذلون، ويستقبلّ ما يقدمون، وتزول كلّ الحواجز التي أوجدتها العقول البشريّة الشريرة بين البلدان، نعم، لا تجد شيئاً منها، إنّما تجد الترحيب الصادق بالقول والعمل.
والكلّ يتعامل مع الكلّ على أساس اخلاق الاسلام والتبجيل والإحترام، وفق تعاليم القرآن الكريم كما في قوله تعالى:(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّـهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّـهِ وَ رِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً) سورة الحجرات الآية ٢٩.
وتجد في هذه المسيرة السلميّة الكبرى آثار مواعظ المجالس الحسينيّة وما رسمه أهل البيت (عليهم السّلام)، سبيل للتعامل مع الآخرين، كما ورد في نهج البلاغة من عهد أمير المؤمنين (عليه السّلام) لمالك الأشتر النخعي(رضوان الله عليه) لمّا ولّاه مصر: "..فإنّهم صنفان إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق..".
وترى حفظ الموازين الشرعية والاخلاقيّة التي لا تجدها بهذا العنفوان والنشاط والتسابق على أداء الطاعات وتوهج العمل لنيل شرف أعظم القربات، إلّا في هكذا مواسم وأبرزها أيّام زيارة الأربعين، وكلّ ذلك تجده على حبّ الله تعالى وحججه( عليهم السّلام)، وتجد من يعجز عن التعبير عن عظيم أثر المحبّة فتخنقه العبرة وتجري منه عينه الدمعة.
إنّها اعظم ملحمة لنشر الودّ والمحبّة والتآلف والتآزر بين الأفراد حتى شكّلت طابعاً عامّاً ليس له نظير، ولا يتسع بترجمته قلم ولا طروس، ولكن يتسع لها من يرزقه الله الهداية.
تجد فيها الكريم يقبّل الزائر؛ حبّاً به بلا معرفة سابقة بينهما، إنّما لأجل الحب في الله تعالى، بل هناك أكثر من ذلك هناك من يقبّل الجبهة والأقدام، لمجرّد كون الزائر زائراً، هكذا تجد وإن شئت فاذهب وانظر بنفسك سترى ما لم تره من قبل، بل ولم يخطر على قلبك، ويشهد لذلك بكاء الزوار القادمين من الدول الأخرى بمجرّد وصولهم للعراق ومشاهدة التعامل الذي يفوح منه الحبّ في الله تعالى الذي يتعاملون على أساسه خدّام الإمام الحسين (عليه السّلام) مع الزوّار الكرام، فقد ورد في المحاسن : 1 / 264 ، باب 34 باب الحب و البغض في الله: عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) لِأَصْحَابِهِ: "أَيُّ عُرَى الْإِيمَانِ أَوْثَقُ"
فَقَالُوا: اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ، وَ قَالَ بَعْضُهُمُ الصَّلَاةُ، وَ قَالَ بَعْضُهُمُ الزَّكَاةُ، وَ قَالَ بَعْضُهُمُ الصَّوْمُ، وَ قَالَ بَعْضُهُمُ الْحَجُّ وَ الْعُمْرَةُ، وَ قَالَ بَعْضُهُمُ الْجِهَادُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله): "لِكُلِّ مَا قُلْتُمْ فَضْلٌ وَ لَيْسَ بِهِ وَ لَكِنْ أَوْثَقُ عُرَى الْإِيمَانِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَ الْبُغْضُ فِي اللَّهِ، وَ تَوَالِي أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَ التَّبَرِّي مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ".
الخدمةالإعلاميةللزيارةالأربعينية
الخدمةالإعلاميةللمسيرةالأربعينية
زيارةالأربعينتخدمبالتدوين







وائل الوائلي
منذ 11 ساعة
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN