ومنها قوله تعالى: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} البقرة[8 - 16].
ذكرت هذه الايات المباركة مجموعة اخرى من المنافقين بصفاتهم وبعض سلوكياتهم، وقد تمكنت هذه المجموعة الماكرة ان تتوغل الى داخل صفوف المسلمين حتى استطاعت ان تشكل خطرا على الاسلام والمسلمين، ولما كانوا يتظاهرون بالاسلام كان تشخيصهم من قبل المؤمنين في غاية الصعوبة غير ان القران الكريم شخص بدقة مواصفاتهم واعطى للمؤمنين صورة واضحة جدا عنهم بحيث يمكن تشخيصهم من خلال افعالهم واقوالهم التي اشارت اليها الايات المباركة، ووجود هؤلاء لا يختصر على زمان النبي صلى الله عليه واله بل تجدهم في كل زمان ومكان، وهم الذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم، وأبطنوا خلاف ما أظهروا وقد وصفهم الله تعالى في سورة النساء بقوله تعالى: { مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلك لاَ إلى هَؤُلاء وَلاَ إِلَى هَؤُلاء } [ النساء : 143 ]، وسماهم المنافقين ، وكانوا أخبث الكفرة وأبغضهم إلى الله تعالى وأمقتهم عنده؛ لأنهم خلطوا بالكفر تمويهاً وتدليساً ، وبالشرك استهزاء وخداعاً، ولذلك أنزل فيهم { إِنَّ المنافقين فِى الدرك الاسفل مِنَ النار } [ النساء : 145 ]، ولشدة خطرهم على الاسلام فان القران الكريم في هذه السورة المباركة وصف حال الذين كفروا في آيتين ، وحال الذين نافقوا في ثلاث عشرة آية ، نعى عليهم فيها خبثهم ومكرهم ، وفضحهم وسفههم ، واستجهلهم واستهزأ بهم ، وتهكم بفعلهم ، وشنع بطغيانهم ، وعمههم ودعاهم صماً بكماً عمياً ، وضرب لهم الأمثال الشنيعة. وقصة المنافقين عن آخرها معطوفة على قصة الذين كفروا كما تعطف الجملة على الجملة. وهؤلاء صحابة معروفون باسمائهم ومشخصاتهم، وكان النبي قد اسر الى حذيفة بن اليمان اسماء جماعة من المنافقين ولذا كان حذيفة اعلم الصحابة بعد اهل البيت بأسماء المنافقين وصفاتهم وقد قيل انه صاحب السر الذي لا يعلمه غيره، وقد روى ذلك البخاري في صحيحه وأحمد في مسنده وابن حبان والنسائي عن أبي الدرداء قال: أليس فيكم صاحب السر، الذي لا يعلمه غيره يعني: حذيفة، وكان بعضهم يسال حذيفة عن نفسه ان كان من المنافقين، وبعضهم ما كان يصلي على صحابي مات حتى يصلي عليه حذيفة، وقد تعرض حذيفة رضوان الله عليه الى مضايقات شديدة وتهديد بالقتل وكان يقول لو حدثت بما اعلم لما وصلت يدي الى فمي،
بل ان بعض الصحابة حاولوا قتل النبي صلى الله عليه واله، فقد روى احمد في مسنده في حديث أبي الطفيل عامر بن واثلة، قال: لما أقبل رسول الله (ص) واله، من غزوة تبوك أمر منادياً فنادى أن رسول الله (ص) واله، أخذ العقبة فلا يأخذها أحد فبينما رسول الله (ص) واله، يقوده حذيفة ويسوق به عمار إذ أقبل رهط متلثمون على الرواحل غشوا عماراً وهو يسوق برسول الله (ص) واله، وأقبل عمار يضرب وجوه الرواحل فقال رسول الله (ص) واله لحذيفة.. حتى هبط رسول الله (ص) واله فلما هبط رسول الله (ص )واله، نزل ورجع عمار فقال : يا عمار هل عرفت القوم فقال : قد عرفت عامة الرواحل والقوم متلثمون قال : هل تدري ما أرادوا قال الله ورسوله أعلم ، قال : أرادوا أن ينفروا برسول الله (ص) واله، فيطرحوه قال : فسأل عمار رجلاً من أصحاب رسول الله (ص واله) فقال : نشدتك بالله كم تعلم كان أصحاب العقبة فقال : إن كنت فيهم فقد كانوا خمسة عشر فعدد رسول الله (ص واله) منهم ثلاثة قالوا : والله ما سمعنا منادي رسول الله (ص واله) وما علمنا ما أراد القوم فقال : عمار أشهد أن الإثني عشر الباقين حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد قال: الوليد، وذكر أبو الطفيل في تلك الغزوة أن رسول الله (ص واله) قال للناس وذكر له أن في الماء قلة فأمر رسول الله (ص واله) منادياً فنادى أن لا يرد الماء أحد قبل رسول الله (ص واله)، فورده رسول الله (ص واله) فوجد رهطاً قد وردوه قبله فلعنهم رسول الله (ص) يومئئذ.
وهؤلاء الذين حاولوا قتل النبي صلى الله عليه واله والذين عصوا امره ووردوا الماء قبله لاشك انهم صحابة.. فتامل
وسياتي مزيد بيان ان شاء الله تعالى







وائل الوائلي
منذ 4 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN