Logo

بمختلف الألوان
في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز دورها الديني وتصبح حاضنة حقيقية للطاقات الشابة،... المزيد
أخر المواضيع


مرحبا بكَ زائرنا العزيز
نتمنى أن تكون في تمام الصحة والعافية

تحذير! هل انت متأكد من حذف هذا المقال مع الردود عليه ؟
الغريزة الكارهة.. قراءة في السلوك المتطرف

منذ 6 سنوات
في 2019/05/21م
عدد المشاهدات :3708
د. اسعد عبد الرزاق
النفس البشرية ميالة الى الاجتماع بطبعها، وهذا الميل يكشف عن توجه نحو التعايش والانسجام الاجتماعي، لكنها في الوقت ذاته.. تعتدي على الآخرين بدافع الكره أو غريزة الكره.. ربما لا يستساغ ان يكون الكره غريزة.. إلا عندما تتضح عوامله واسبابه..
وواضح أن الدين له علاجاته لهذا النزوع من خلال جملة من خطابته التي تسمو بالذات الانسانية الى حب الاخرين.. لكن مشكلة الكراهية قد تظهر باطار ديني.. وربما يستغرب من هذا الافتراض.. لكن الواقع يشهد بأن جزءا كبيرا من المتدينين يعانون هذه المشكلة كما هو واضح من الحركات الدينية المتطرفة ويمكن افتراضها مشكلة نفسية قبل أن تكون تحت أي مسمى آخر وليست مشكلة دينية بحتة..
كل الغرائز تنشط مع المحفزات.. تلك المحفزات ( عوامل) شعورية ولا شعورية، والأخطر منها عندما تكون لا شعورية.. إذ تنمو غريزة الكراهية لدى بعض المتدينين بشكل ملفت للنظر..
تنطلق تلك الغريزة بأحد أبرز مفاتيحها التي تتمثل بالإيمان المطلق بأحقية ما نؤمن به.. وهو قد لا يكون سببا مباشرا إلا عندما يتطور ويتحول الى شعور بأحقية الذات المؤمنة.. بحيث لا يكاد يفرق الفرد المتدين بين ذاته وما يؤمن به عندما يتحول الاعتقاد بالحق الى تلبس الحق واسقاطه على الذات مما يؤدي الى تعصيم الذات .. فتختفي في شعوره ثنائية الذات والايمان، إذ يكون اعتقاده الصحيح سبب في صحة ذاته.. فتصبح ذاته متعالية على غيرها، وقد يسأل عن كيفية حصول الكراهية بمجرد حصول التعالي على الآخر.. والجواب هو أن التعالي ليس وحده ما يتماثل الى الذات بل هناك شعور آخر يتشكل بافتراض أن الآخر لم يتلبس بالحق والصواب ذاته الذي عليه المتدين مما يفضي إلى افتراض آخر بعدم حقانية الآخر.. ثم تتشكل الكراهية على وفق ثنائية (الحب والبغض في الله) التي يُساء فهمها كما يُساء الشعور بها تبعا لسوء الفهم، من هنا تنشط غريزة الكراهية من دون أن يشعر المتدين بدرجات ومستويات كراهيته للآخر.. ويعود ذلك الى اشكالية فهم النصوص الدينية كما هو حال الحركات السلفية..
وبقدر ما تحث النصوص الدينية على الحب والوئام تدعو نصوص أخرى الى مقاطعة غير المؤمنين وهذه ثنائية واضحة في النص القرآني مثل قوله تعالى:
(والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم) فالاية تشير بوضوح الى ضرورة التقارب بين المؤمنين فيما تشير اية اخرى الى المباعدة عن أعداء الدين في قوله تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ)
وفي اطار تكريس المباعدة من خلال مفردة البراء في قوله تعالى:
(قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ)
وهنا يمكن القول أن النص الديني يؤسس إلى طبيعة العلاقة مع الكفار بشيء من المقاطعة نظرا الى ما تؤول اليه حالة الكفر من الافساد والاضرار في البنية العقدية للمجتمع وهو ما يمكن عده نتيجة حتمية وطبيعية قبال السلوك الرافض للقيم الدينية وهي بمعنى آخر كراهة مبررة على اساس اعتقادي ايماني بالشكل الذي لا ينافي ضرورة التقارب بين البشر ذلك ان ملاحظة نوازع الخير في الطبيعة البشرية لا تخرج عن اطار الحفاظ على الهوية الدينية وهو ما يمثل عنوان الكراهة والمقاطعة المبررة لا الكراهية من منطلق عدواني مع اخذ النظر بقيم التعايش التي يختزلها النص الديني في مواقع متعددة.
و ما ينبغي تقريره أن غريزة الكراهية تصبح مرضا ومشكلة عندما تخرج عن سياق الثابت الديني المعتدل نحو نزعة تتجاوز انسانية الاخر لان قيم المباعدة التي اشرت اليها فضلا عن كونها مبررة فهي لا تلغي انسانية الاخر مهما كان، والطبيعة البشرية بما تحمله من ملابسات تقضي بأن تكون هناك حدود في العلاقة بين انماط البشر بحيث تستند تلك الحدود الى اساس التمييز بين الايمان والكفر بشكل عقلاني يتجه نحو تقدير السلوك ومن ثم تقييم الذوات على اساس ايماني بشكل يكاد لا يخلو من طابعه القيمي الذي يحفز الرؤية الواعية الى الاخر من دون الذوبان معه تحت مبررات سطحية غير مستندة الى اساس ديني، فالكراهية عندما تنسلخ عن اساسها القيمي تغدو مشكلة مجانبة للقيم، وبالتالي تبرز ضرورة العمل على تقعيد الكراهية على اساس عقلاني لا غريزي.
ان المشكلة اليوم تتمثل في اسقاط الكراهية النابعة من الذات على النص الديني للتشكل تلك الكراهية داخل افق النص وفهمه القاصر في حين تنفصل الكراهية بشكل تام عن اية دلالات دينية ولا يمكن تقرير عائديتها الى الدين لذا نحن امام ترسيم حدود السلوك المتطرف وتمييزه عن كل ماهو ديني ذلك أن الدين يختزل قيم الرحمة والتعاطف على اساس انساني بحت من دون تفتيت الهوية الدينية التي تتجلى في منح المتدين حقه في وجوده وتكامله الروحي فوق الهويات الهابطة في قعر الملذات الشخصية والنوازع الذاتية بمعنى ان الفرق يجب ان يمنح مساحة من التأصيل باتجاه تمييز الانسان المؤمن عن الذات المتجاوزة للقيم الدينية بشكل من المباعدة والانقطاع المؤسس على قيم موضوعية بعيدا عن العدوانية في السلوك.

اعضاء معجبون بهذا

حين يسقط القناع: قراءة نفسية في تغيّر الصديق الطيّب
بقلم الكاتب : حنين ضياء عبدالوهاب الربيعي
كان يبدو صديقًا حقيقيًا، قريبًا للروح، تتحدث إليه فيفهمك دون أن تشرح كثيرًا. عاش بينك زمنًا من المودّة والصدق الظاهري، حتى ظننت أن صداقتكما من النوع الذي لا يتبدّل. لكنك كنتَ مخدوعًا أو بالأحرى كنت ترى الوجه الذي أراد أن يُريك إياه. فجأة تغيّر. صار يتصرف بسوء، يتحدث عنك في غيابك، يذكرك بأقبح الكلام،... المزيد
المزيد من المقالات الإجتماعية

المزيد من المقالات الثقافية

كان اسمها (زينب)  ويقال إن للإنسان نصيبا من اسمه،وهي كذلك،ترتدي الخُلق وتنطق... المزيد
ونحنُ في المشتاةِ ندعو الجَفَلَىٰ لا تُرى الآدِبَ فينا يُنتَقَرُ طرفة بن العبد... المزيد
مازلتُ غريقا في جيبِ الذكرياتِ المُرّةِ، أحاولُ أن أخمدها قليلا ؛لكنّ رأسها... المزيد
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط... المزيد
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه،... المزيد
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد... المزيد
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى. كان اسمه...
حين نتحدث عن الأجناس الأدبية التي تتصدر المشهد الثقافي العربي عامة، والعراقي خاصة، نُشَخِّص...
في رحاب الكاظمية المقدسة، وُلد جابر بن جليل كرم البديري الكاظمي عام 1956، ليكون نجمًا متألقًا...
كان يتذمر،والشكوی تضحك في فمه كيف يعلِّمني صبيٌّ علی كلٍّتلميذٌ صغير  وسأعيد تربيته أنا...


منذ 1 يوم
2025/11/16
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء السادس والسبعون: كون داخل الكون: العوالم المتعددة...
منذ 1 يوم
2025/11/16
منذ سنوات برزت ظاهرة من قبل بعض جماهير الاندية الكبيرة ضد نادي الزوراء وانتشرت...
منذ 1 يوم
2025/11/16
في عالم سريع الإيقاع يزداد فيه الضغط والعمل والسهر أصبحت مشروبات الطاقة جزءاً من...
رشفات
( مَن صبر أُعطي التأييد من الله )