رحل رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى لقاء ربه تعالى في الثامن والعشرين من شهر صفر في السنة الحادية عشرة للهجرة، وقد ترك من أهل بيته وريثته الوحيدة السيدة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) من أبنائه وعدد من زوجاته. لكن وللأسف بعد أن استولى أبو بكر على زمام الحكم بعد شهادة الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) متناسياً حكم رسول الله (صلى الله عليه وآله) في تشخيص الخليفة من بعده ولم يكتف بهذا التصرف الهمجي لسلب الخلافة من الإمام علي (عليه السلام) عمد إلى نقض العهود التي عهدها رسول الله (صلى الله عليه وآله) على الإمة بقوله: (فاطمة بضعتي وروحي التي بين جنبي)، عمد إلى سلب حقها وميراثها من أبيها (صلى الله عليه وآله) مدعياً على رسول الله (صلى الله عليه وآله) كذباً وزوراً انه قد قصد من قوله: " نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة " أنه أراد به عدم توريث اهل بيته مما تركه بعد موته، بل كل ما كان عند النبي من مواريث لم تكن لأهل بيته بل هي صدقة تعطى للفقراء من المسلمين متناسياً قوله تعالى في سورة النساء:
1 - (للرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً )(1).
2 - وقال: (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيماً وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ )(2).
وما ذهب إليه العامة تبعاً لتفسير أبي بكر من أن الأنبياء لا إرث لهم مطلقا فهو مخالف لظاهر الآيات القرآنية الدالة على توريث الأنبياء.
فان المتمعن في حقيقة هذا الحديث المنسوب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ان صحت نسبته للاحظ أموراً عدة:
أولاً: أنه حديث لم يسمع ألا من أبي بكر فهو خبر آحاد. ولعل قول الزهراء (عليها السلام) عند ما منعت من تعطى نصيبها قد استشهدت بقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) أرادت في ذلك الإشارة إلى ان خبر أبي بكر هو خبر، وخبر الآحاد لم يكن عليه الاعتماد.
ثانياً: ان هذا الحديث لو صح لكانت الزهراء (عليها السلام) أو أحد من الأئمة (عليهم السلام) قد سمعوا هذا الحديث ورووه أو على الأقل لذكر من قبل الصحابة الذين سمعوا وكتبوا عنه (صلى الله عليه وآله).
ثالثاً: ان الحديث الذين احتج به على نكران حق الزهراء (عليها السلام) مخالف لظاهر الآيات الدالة على ان الأنبياء قد ورثوا أبنائهم، كما ذكر الله تعالى ذلك في كتابه المجيد بقوله: (يرثني ويرث من آل يعقوب)(3)، وقوله تعالى: (وورث سليمان داود)(4).
إننا قد نلاحظ خلاف مدعى أبي بكر وقد تبعه عمر بن الخطاب بذلك ان عائشة قد احتفظت بدار رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى وقت هلاكها فلم نرَ ان أبا بكر ولا عمر من بعده قد اخرجا عائشة من بيت النبي (صلى الله عليه وآله)
وإعطائه صدقة كما فعل بإرث الزهراء (عليها السلام) بل خلاف ذلك قد استولت على كل ما ترك رسول الله (صلى الله عليه وآله) لبنته وأزواجه وكما قال الشاعر في ذلك:
تجملتي تبغلتي ولو عشتي تفيلتي لكي التسع من الثمن وبالكل تملكتي (5).
الهوامش
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة النساء، آية: 7.
(2) سورة النساء، الآيتان: 11-12.
(3) سورة مريم، الآية: 6.
(4) سورة النمل، الآية: 16.
(5) الأبيات للشاعر البغدادي أبن الحجاج.







وائل الوائلي
منذ 4 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN