((أسئلة صحيفة نيويورك تايمز The New York Times))
* س1: هل تطالب المرجعية بموقع لها في مستقبل الحكم في العراق؟
* ج1: هذا غير وارد بالنسبة إلى سماحة السيد.
إنَّ أصحاب القرار في الإدارة الأمريكية كانوا يحاولون الحصول على معرفة تامة، وإجابة شافية عن طبيعة الحكم الذي تحاول تأسيسه المرجعية الدينية أو الدعوة إليه، وخصوصًا أنَّ مخاوف قائمة على معرفة هل أنَّ الحكم سيكون مشابهًا لما في الجمهورية الإسلامية في إيران القائم على نظام (ولاية الفقيه)؛ لما بين أبناء البلدين من ترابط ديني عقائدي، وعلاقات تأريخية عميقة، ولكن المرجعية كان جوابها في ذلك واضحًا لهم ولغيرهم في أنَّ المرجعية هي الجهة الراعية الأبوية لكُلِّ أبناء البلد باختلاف توجهاتهم وﭐنتماءاتهم، ودورها قائم على موضوعات أخرى غير الحكم، بل كان هذا المطلب لطلبة الحوزة العلمية بعدم التصدي للمناصب الحكومية كما سيأتي بيانه لاحقًا، وهذا الجواب كما أرى قد حقق للإدارة الأمريكية نسبة من الارتياح والاطمئنان في هذا الجانب، الذي كانوا يحاولون معرفته والوثوق منه.
* س3: هل لكم ﭐتصال بقيادة التحالف في العراق؟
* ج3: كلا.
أرى أنَّ هذا السؤال الموجه هو بمثابة التركيـز على بيان وإظهار مستوى
العلاقة والتعاون بين المرجعية الدينية والقوات الأمريكية فيما يتعلق بسقوط النظام البعثي في العراق، وما ستؤول الأمور بعد ذلك، وكانت المرجعية منذ الساعات الأولى قد أعلنت وبصريح بياناتها وفتاواها وأقوالها بأنَّ القوات الأمريكية هي قوات ﭐحتلال، ولا يوجد أي مبرر قانوني لوجودها، ويجب أنْ تخرج من العراق، وهذا ما سيظهر في السؤال القادم وغيره، بل يجب أنْ يكون الدور الأول والأكبر هو للأمم المتحـدة، ولم يلتقِ سمـاحة السيد السيستاني (دام ظله) بأي مسؤول أمريكي، وهذا بصراحة ما دعا إلى حنق الحاكم المدني الأمريكي في العراق (بول بريمر)، وقد ألَّف كتابًا بعنوان (My Year in Iraq The Strggle to Build a Futurc of Hope) وترجم إلى العربية بعنوان (عام قضيته في العراق النضال لبناء غد مرجو) تضمن كثيرًا من الكذب والأباطيل تجاه المرجعية الدينية التي لم تسمح بلقائه مطلقًا، مما أثاره وجعله يرميها بافتراءاته، وقد تم الرد على أمثلة محدودة من تلك الأكاذيب وطبعت ملحقة بكتاب النصوص الصادرة عن سماحة السيد السيستاني "دام ظله" في المسألة العراقية.
* س4: قوات التحالف تريد البقاء في العراق مدة غير قصيرة، وربما لعدة سنوات، فهل المرجعية الدينية توافق على ذلك؟
* ج4: كلا.
إنَّ التحليل الأولي لهذا السؤال المهم من قبل إدارة هذه الصحيفة يكمن بالمخاوف الأمريكية من المواقف المتصلبة ضد القوات الأمريكية، على الرغم مما قدمته تلك القوات - حسب نظرهم- من خدمات عظيمة للعراقيين بإسقاط نظام البعث الدموي، وقد كانت الإجابة تحتمل إما القبول من قبل المرجعية أو عدمه، وكانت هناك تحليلات معينة إذا تم قبول ذلك حول طبيعة إدارة الحكم في العراق بالأسلوب الذي يوافق تطلعات المرجعية والشعب العراقي، وعدم التصادم معهم في أي مفصل من مفاصل الحكم، وأما فيما إذا لم يكن هناك قبول فما هي الحلول التي يجب على الأمريكان القيام بها لأجل الحفاظ على مصالحهم الخاصة، وهذا ما رأيناه من الموقف الإجرامي الخبيث القائم على المؤامرات والفتن الداخلية، وإيجاد شتى العراقيل من أجل عدم ﭐستقرار العراق سياسيًّا وﭐجتماعيًّا، فكان الجواب بالرفض الصريح للمرجعية يمثل قمة الموقف الوطني المطالب بتحرير العراق وﭐستقلاله من أي هيمنة خارجية؛ لذلك التجأت القيادة الأمريكية إلى الخطط البديلة للحفاظ على مصالحها بعد فشلها في الحصول على تأييد المرجعية لوجودها في العراق.
* س5: هل لديكم مخاوف من وقوع فتنة طائفية في العراق؟
* ج5: لا مخاوف من هذا القبيل إذا لم تتدخل أطراف أجنبية في شؤون العراق.
إنَّ الإدارة الأمريكية في هذا السؤال كانت تتطلع إلى معرفة المستقبل الذي تريد إيجاده في العراق إذا لم يُسمح لها بإدارة العراق إدارة مباشرة، وخصوصًا إذا قلنا إنَّ هذه الأسئلة الخمسة قد تم ترتيبها بدراسة ودقة علمية، وهذا ما أراه من خلال دراسة وتحليل كثير من تلك الأسئلة التي تم توجيهها إلى المرجعية بيانًا وترتيبًا، وكأنَّ الجهة السائلة تريد إيصال رسالة صريحة مفادها: إنَّ المرجعية إذا لم توافق على وجود القوات الأمريكية لسنوات متعددة فهذا سيؤدي إلى وقوع فتنة طائفية بين العراقيين، ووقوع هذه الفتنة سيكون لا محالة، وعلى المرجعية أنَّ تدرس تلك العروض الأمريكية الناجعة المقدمة لها بصيغة أسئلة إنْ كانت حريصة كما تدَّعي على مصالح العراقيين وأنَّها تنظر إلى جميع أبناء الشعب العراقي بأبوية؟!
فكان الجواب بمثابة صاعقة لها بأننا على علم تام بما تقوم به بعض الجهات من أعمال خبيثة خفية لتمزيق الشعب العراقي، من خلال التدخل المباشر بإثارة المخاوف بين طوائف العراقيين المختلفة، وخصوصًا الشيعة والسنة، فضلًا عن تدخلات أعوانها وعملائها من حكام إقليميين وسياسيين محليين، وهذا ما أراد سماحة السيد إيصاله إليهم بصورة مباشرة بقوله: (إذا لم تتدخل أطراف أجنبية)؛ لعلمه بتدخل أعداء العراق في شؤونه، وقد رأينا تلك الدعوات والمطالب والمؤتمرات الإقليمية الطائفية البغيضة التي كان يقيمها بعض السياسيين الطائفيين بمرأى ومسمع القوات الأمريكية في الدعوة إلى الاقتتال الطائفي، بل بدعم مباشر وغير مباشر لهم، فالإدارة الأمريكية قد عرفت تمامًا بأنَّ جميع مؤامراتها مكشوفة للمرجعية، وأنَّ المرجعية تعلن للعالم كله بأنَّ هناك مخططات غير طيبة تريدها الإدارة الأمريكية، وقد وقع فعلاً ذلك في العراق وخصوصًا بعد تفجير مرقد الإمامين العسكريين الأربعاء (23 محرم 1427ﻫ الموافق 22 شباط 2006م)، وهذا الموقف للمرجعية ومخاوفها من التدخلات الأمريكية سيتجلى لنا بوضوح عند الحديث عن الدستور، ومطالبة المرجعية وإصرارها على أنْ يكتب بأيادٍ عراقية مع التصويت عليه.
ما ورد في خطبة الجمعة لممثل المرجعية الدينية العليا في كربلاء المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي في (14/ شعبان /1435هـ) الموافق ( 13/6/2014م )
قال الشيخ الكربلائي في خطبة صلاة الجمعة الثانية من الصحن الحسيني الشريف ما يأتي :
إن العراق وشعبه يواجه تحدياً كبيراً وخطراً عظيماً وإن الارهابيين لا يهدفون إلى السيطرة على بعض المحافظات كنينوى وصلاح الدين فقط بل صرحوا بأنهم يستهدفون جميع المحافظات ولا سيما بغداد وكربلاء المقدسة والنجف الأشرف ، فهم يستهدفون كل العراقيين وفي جميع مناطقهم ، ومن هنا فإن مسؤولية التصدي لهم ومقاتلتهم هي مسؤولية الجميع ولا يختص بطائفةٍ دون أخرى أو بطرفٍ دون آخر.
وأكد الكربلائي : إن التحدي وإن كان كبيراً إلاّ أن الشعب العراقي الذي عرف عنه الشجاعة والإقدام وتحمّل المسؤولية الوطنية والشرعية في الظروف الصعبة أكبر من هذه التحديات والمخاطر .
المزيد