
كان "سعد" فتىً في الرابعة عشرة من عمره، يعيش مع والديه في حيٍّ هادئ. كان مهذّبًا ومحبوبًا، لكنه كان يستهين ببعض الأمور "الصغيرة" التي كان يظنّ أنها لا تهم.
ذات يوم، أخذ من دكّان الحي قطعة شوكولاتة صغيرة دون أن يدفع ثمنها. لم يكن البائع منتبهًا، فاعتبرها "هفوة بسيطة". قال في نفسه:
"ليست سرقة، مجرد قطعة صغيرة... لن يخسر شيئًا!"
مرّ أسبوع، ثم فعلها مرة أخرى... ثم بدأ يأخذ نقودًا قليلة من محفظة والده دون علمه، ويقول في نفسه كل مرة:
"هذا ليس مالًا كثيرًا... ولن يلاحظ أبي!"
ومرّت الأيام، وتحوّلت استهانته بهذه الذنوب الصغيرة إلى عادة. أصبح لا يتردد في الكذب لتبرير غيابه عن المدرسة، ولا يخجل من الغش في الامتحانات، حتى بدأ يتعامل بخشونة مع أخته الصغيرة ووالدته، متذرعًا بالتعب أو "سوء المزاج".
وفي أحد الأيام، ضُبط سعد وهو يسرق هاتفًا من أحد أصدقائه. واجهته المدرسة، وأُحرج والده أمام الناس. دخل سعد في دوّامة من التحقيقات واللوم، وانقلبت نظرة المجتمع إليه من فتى محبوب إلى "شاب غير مؤتمن".
في المساء، جلس الأب مع ولده والدموع في عينيه، وقال له:
"بُنيّ، الذنوب التي كنت تضحك منها بالأمس، هي التي أوصلتك إلى هذا اليوم. لو أنك احترمت ضميرك منذ أول مرة، لما وصلنا إلى هنا."
بكى سعد بحرقة، وقال:
"كنت أعتقد أن الخطأ الصغير لا يهم... لم أكن أعلم أنه ينبت في القلب مثل العفن."
الدرس الأخلاقي:
الذنب الذي يستخفّ به الإنسان هو أخطر الذنوب، لأنه يفتح الباب لتكراره والاعتياد عليه حتى يتحوّل إلى فسادٍ شامل في السلوك والعلاقات.
ما يُستهان به اليوم، قد يكون سبب ضياع الغد.
لذا، على الأسرة والمجتمع أن يُربّيا أبناءهما على احترام القيم من الجذور، وأن يعلّماهم أن الأمانة لا تتجزأ، والخطأ لا يُقاس بحجمه، بل بنيّة الاستهانة به.
روي عن الإمام علي (عليه السلام) :"أَشَدُّ الذُّنُوبِ مَا اسْتَخَفَّ بِهَا صَاحِبُهُ".