
كان سعد شابًا في مقتبل العمر، يعمل مدرسًا في مدرسة ثانوية بإحدى القرى الصغيرة. عُرف سعد بين زملائه وطلابه بابتسامته الدائمة ووجهه البشوش. لم يكن يمر يومٌ دون أن يحيي الجميع بتحية لطيفة أو يُلقي مزحة خفيفة تُدخل السرور إلى قلوبهم.
ذات يوم، دخل سعد إلى الفصل ليجد أحد طلابه، واسمه حازم، جالسًا في زاوية الصف، يبدو عليه الحزن والضيق. اقترب منه سعد بابتسامته المعتادة وسأله بلطف:
"ما بك يا حازم؟ أراك مختلفًا اليوم."
حاول حازم أن يُخفي مشاعره، لكنه لم يستطع أمام حنان معلمه، فقال بصوت خافت:
"لقد تشاجرت مع صديقي، ولا أدري كيف أصلح الأمر."
ربّت سعد على كتفه وقال:
"أتعلم يا حازم؟ البشاشة هي أول خطوة نحو إصلاح أي شيء. ابتسم، وابدأ الحديث معه بكلمات طيبة. ستجد أن المودة ستعود بينكما."
ثم أضاف:
"تذكّر يا بني قول الله تعالى:
وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا [البقرة: 83]. الكلمة الطيبة والوجه البشوش يصنعان أثرًا كبيرًا في القلوب."
في اليوم التالي، جاء حازم إلى الفصل وعيناه تلمعان فرحًا. اقترب من سعد وقال:
"لقد فعلت ما قلت يا أستاذ، ووجدت أن الابتسامة والكلام الطيب كانا كافيين ليعود صديقي إليّ!"
ابتسم سعد وأجاب:
"تذكّر دائمًا، يا حازم قول إمام المتقين علي (عليه السلام):"البشاشة حِبَالَةُ الْمَوَدَّةِ."