أوضح المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء مظهر محمد صالح، اليوم الأحد، السياسة النقدية للبنك المركزي العراقي، وفيما بيَّن مضامين ركنين أساسيين لهذه السياسة للتصدي للأزمات، كشف عن حجم الاحتياطات الأجنبية للبنك المركزي والدين الداخلي.
وقال صالح، لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "السياسة النقدية للبنك المركزي العراقي مارست ومازالت أداء دورها الكبير في تعزيز الاقتصاد الوطني ودعمه ومؤازرته في السيولة والاستقرار وإدارة الموارد النقدية ولاسيما عبر أزمتين مزدوجتين متتاليتين تعرض لهما الاقتصاد الوطني بين الأعوام 2014 - 2021، إذ تصدّت السياسة النقدية للبنك للمركزي فيها إلى مظاهر الركود الخطيرة التي تعرض اليها الاقتصاد الكلي وقطاعاته الحقيقية واستخدامه لسياسة نقدية ملبية".
وأضاف أن "ركني هذه السياسة هما: التيسير الائتماني ومنح السوق النقدية بالسيولة الكافية عبر مبادرات البنك المركزي المستمرة، والأخرى هي سياسات التيسير الكمي لدعم سيولة الاقتصاد الكلي عموما بتحريك عمليات السوق الثانوية وبنطاقات محسوبة ودقيقة وناجحة انقذت الاقتصاد الوطني في أشد الظروف الاقتصادية انكماشاً وآزرت من طرف آخر السياسة المالية العراقية للخروج من مأزق العجز المالي وتدهور الاستدامة المالية للبلاد بالاعتماد على روافع السيولة الداخلية التي وفَّرها البنك المركزي بأدواته الدقيقة والمتوازنة والناجحة".
ولفت إلى أن "الأزمة الأولى التي تعرضت إليها بلادنا في الأعوام 2014 – 2017، كانت أزمة مزدوجة خطيرة مالية وأمنية في آن واحد، إذ تدهورت فيها أسواق الطاقة وعائدات العراق المالية من النفط المصدر بين هذه الأعوام، رافقتها ظروف أمنية مشددة هي الحرب على الإرهاب الداعشي أدى فيها البنك المركزي العراقي دوره المرسوم في سياسته النقدية التي اسهمت في إسناد الانتصار في ساحتي الحرب والإقتصاد وبدقة باهرة".
وتابع: "في حين أتت الأزمة المزدوجة الثانية بين 2020 – 2021، لتمثل تدهوراً خطيراً في عائدات العراق النفطية وعجزاً مخيفاً في الحساب الجاري لميزان المدفوعات وعجزاً أخطر في المالية العامة جرّاء حرب الأسعار في أسواق الطاقة في العالم وخفض كميات الإنتاج النفطي لبلادنا إلى قرابة أقل من النصف تحت تأثير اتفاقات (اوبك بلس) وتدهور الطلب العالمي على النفط طوال العام 2020 وأجزاء من العام 2021، رافقتها أزمة صحية عالمية خانقة تمثلت بجائحة كورونا وانغلاق الاقتصاد العالمي والمحلي، إذ تأثرت البلاد يومها بأزمة زراعية إثر الجفاف الشديد وتدهور المحاصيل الزراعية؛ ما جعل الناتج المحلي الإجمالي ينكمش إلى (سالب 11%) فضلاً عن شيوع ظاهرتي الفقر والبطالة بنسب غير مسبوقة في تأريخ البلاد الاقتصادي".
وأردف بالقول: "وتحت هذه الظروف القاهرة أدت السياسة النقدية للبنك المركزي العراقي وبدقة وخطوات محسوبة ناجحة عملية بناء مرتكزات تعظيم سيولة الاقتصاد الوطني سواء بالسير بمبادرة البنك المركزي في تنشيط القطاع الحقيقي بقروض ميسرة تعاظم فيها عنصر المنحة"، لافتاً إلى أن "تلك القروض قاربت حوالي 13 ترليون دينار لدفع نشاط السوق الوطني وتشغيل سوق العمل وأعمال النشاط الخاص إلى الأمام، فضلاً عن دعم السيولة الحكومية وإسناد فاعلية الاقتصاد الحكومي والمالية العامة دونما توقف ذلك بخصم حوالات خزينة حكومية شكلت قرابة 67% من إجمالي ديون وزارة المالية الداخلية أو الدين العام الداخلي تحملها البنك المركزي من إجمالي رصيد الدين الداخلي البالغ اليوم بنحو 72 ترليوناً دينار".
وأكمل حديثه: "وهكذا أدت السياسة النقدية للبنك المركزي العراقي وبنجاح عالٍ متطلبات تلبية حاجات نمو واستقرار الاقتصاد الوطني ومده بالسيولة الكافية وبدقة وحكمة عاليتين وداعمة بالوقت نفسه للسياسة المالية التي واجهت ظروفاً قاسية عبر الأزمتين المزدوجتين المتتاليتين بين الأعوام 2014 – 2021، فضلاً عن استعادة البنك المركزي لاحتياطياته الأجنبية وهي غطاء العملة الوطنية ليسجل رصيدها اليوم بأكثر من 70 مليار دولار وهو رصيد يزيد على ثلاث مرات الديون الخارجية الحكومية الواجبة الدفع خلال الأعوام 2022 – 2028، ما يؤكد كفاءة الاحتياطيات الأجنبية للبنك المركزي العراقي".
وأشار إلى أن "البنك المركزي العراقي جهة مستقلة بموجب قانونه النافذ رقم 56 لسنة 2004 المعدل، وهو من يرسم السياسة النقدية بنفسه من دون تدخل جهة، وهو الأعرف والأقدر على إدارة دفة سياسته في الاستقرار والتنمية استناداً إلى مواد دستور جمهورية العراق".