اقتربنا من رحيل شهر رمضان المبارك شهر ربيع القرآن والفضل والإنعام، الذي كان للمؤمنين روضة وأنساً وللغافلين قيداً وحبساً، وتزامناً مع اكتمال الفعاليات القرآنية التي شهدتها رحاب الصحن الكاظمي الشريف والبرامج التعليمية للنساء والرجال، أقامت الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة وبرعاية كريمة من قبل أمينها العام خادم الإمامين الكاظمين الجوادين "عليهما السلام" الدكتور حيدر حسن الشمّري، حفل تكريم الأساتذة والطلبة المشاركين في تلك المحافل الإيمانية والدورات القرآنية التعليمية، ممن استثمروا أوقات هذا الشهر المبارك بتلاوة وحفظ ما يتيسر من كتاب الله الكريم، وتنمية قدراتهم على العناية والتدبر بتعاليمه وأحكامه، بحضور الأمين العام للعتبة الكاظمية المقدسة، وعدد من أعضاء مجلس الإدارة الموقّر، وأساتذة الدورات والمتخصصين بالشأن القرآني.
استهل الحفل بتلاوة قرآنية مباركة شنف بها أسماع الحاضرين أحد طلبة مركز القرآن الكريم الطالب مصطفى حميد، بعدها كلمة العتبة الكاظمية المقدسة وألقاها أمينها العام وجاء فيها قائلاً: ( ولأهمية كتاب الله العزيز يتوجب علينا بذلُ الجهدِ لمعرفتِهِ وتعليمه والعملِ به ما استطعنا؛ لأنَّه نهجُنا للخير والصلاح، فكانت من تلك الخطوات المباركة التي اتخذتها الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة بذلُ أقصى الجهود لنشر علوم القرآن الكريم وتعاليمه، انطلاقًا من قول النبي "صلى الله عليه وآله وسلم": ((خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ))، فكان ذلك ولله الحمد، كما هو الحال في كُلِّ عام، تلك الفعاليات المتعددة التي أُقيمت في العتبة المقدسة تعلُّمًا وتعليمًا في هذا الشهر الفضيل، حيث الجلسات القرآنية المرتلة للنساء والرجال، والجلسات التعليمة كذلك، والمحفل القرآني المبارك الذي استضاف خيرة القُراء الشباب في العراق، فضلًا عن غيرهم، ومجالس قراءة الأدعية المخصوصة وإحياء ليالي القدر المباركة.
وأضاف: إننا لا يمكننا أنْ نحافظ على أبنائنا ومجتمعنا إلا من خلال الرجوع إلى الله تعالى، رجوعًا حقيقيًّا تتجسَّدُ فيه تعاليمُ الشريعة المقدسة، وخصوصًا في مثل هذه الظروف الاجتماعية المعقدة التي نعيشها، حيث الثقافات المتعددة المختلفة، التي يحاول بعضٌ من خلالها تشويهَ الأفكار، وإفسادَ الفطرة، وتحريفَ المبادىء، وتقعُ المسؤولية علينا جميعًا في تحصين الأمة من ذلك، فاجتماعنا في رحاب القرآن وأهل البيت "عليهم السلام" يجب أنْ لا ينحصر في زمانٍ معينٍ، أو مكانٍ معين، أو على جهةٍ معينةٍ، بل على الجميع أنْ يبذل جهده جادًّا مجاهدًا من أجل الحفاظ على المجتمع .. لذلك أُحيّي ذلك الجمع الكريم من المعلمات والمعلمين والطلبة الذين تجمَّعوا حلقاتٍ في هذه الرحاب القدسية لإحياء تعاليم القرآن، وأبارك لهم أداءهم هذه الرسالة العظيمة، ولا أقول لهم إلا ما ورد عن النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" من البشارة لهم: ((مُعَلِّمُ القُرْآنِ وَمُتَعَلِّمُهُ يَسْتَغْفِرُ لهُ كُلُّ شيءٍ حتى الحوتُ في البَحْرِ))، وكذلك جميع العاملين في إنجاح هذه الفعاليات القرآنية في شهر الله الأعظم ..
واسمحوا لي أيها الأحبة الأفاضل أنْ أقول لكم: إنَّ العتبة الكاظمية المقدسة تحاول من خلال دعمها لجهود الخدم العاملين في مركز القرآن الكريم أنْ تؤدي رسالتها الكبيرة في المجتمع، من خلال كتاب الله العزيز، وفي محاور متعددة لا تقتصر على تلاوة القرآن فقط، بل تتعدى ذلك إلى فتح الآفاق المختلفة للقرآن الكريم، تلاوةً، وحفظًا، وتفسيرًا، وتدريسًا، وتعليمًا وبالتعاون مع أساتذة أكفاء متخصصين في ذلك، وطموحنا أنْ يتعدى العمل خارج أسوار الصحن الكاظمي الشريف وخارج مدينتنا المقدسة).
وكانت هناك كلمة أخرى لعضو مجلس الإدارة والمُشرف على مركز القرآن الكريم فضيلة الشيخ منير العامري قائلاً: (اليوم نجتمع في لقاء ودّي نتذكر فيه أيامنا السابقة التي وصفها الله تعالى أياماً معدوداتٍ ونكرم ركب القافلة التي سارت بنا وهي تتطلع دوماً إلى سلم المجد لعلها تقودنا إلى جنات الخلد، فبحمد الله وفضله ومنه أقامت الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة ومن خلال الدعم المبارك لأمينها العام الدكتور حيدر حسن الشمّري زاده الله شرفاً ولا فرّق بينه وبين كتاب الله ورعايته طرفة عين أبدا، محفلاً رمضانياً يومياً مميزاً استضيف فيه القارئ الدولي المصري أحمد عبد الحي، وكذلك نخبة من القرّاء المحليين المبرزين، الذين عرضوا آيات القرآن الكريم عرضاً يسرق قلوب المحبين، ويشدهم إليه، كما تميز بنكهة جديدة حين كان لفضيلة الشيخ عماد الكاظمي فيه إضاءات قرآنية بارزة نَفِذت إلى قلوب الحاضرين وزادتهم علماً وفهماً، إضافة إلى الختمة القرآنية للرجال والنساء بمشاركة قراء العتبة الكاظمية والعتبات المقدسة الأخرى والروابط والتجمعات القرآنية، فضلاً عن إقامة جلسات تعليمية للرجال والنساء بإشراف جملة من المشايخ الأجلاء والأخوات الكريمات المبرزين في هذا المجال.
ومن الجدير بالذكر أن الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة عازمة على إقامة الدروس التعليمية الحضورية في الموقع الجديد لمركز القرآن الكريم مع رعاية الإجراءات والاحتياطات الوقائية والصحية المشددة رغبة منها في مواصلة السير قدماً في استقطاب المهتمين بالشأن القرآني وتطوير مهاراتهم واماطة اللثام عن مواهبهم، وتفجير طاقاتهم المكنونة).
وتخلل الحفل فعالية تجسدت حديث الكساء المبارك لمجموعة من الفتيات الحافظات، وعرض مشهد تمثيلي استعرض أهمية قراءة القرآن الكريم بالطريقة الصحيحة، واختتم الحفل بتوزيع الشهادات التقديرية والهدايا على الطلبة المشاركين وتكريم الأساتذة الذين قاموا بإدارة الفعاليات والنشاطات القرآنية التي شهدتها العتبة الكاظمية المقدسة خلال طيلة أيام شهر رمضان المبارك، فضلاً عن تكريم قرّاء مئذنة الإمامين الكاظمين "عليهما السلام" وفرقة إنشاد الجوادين لدورهم في إحياء مراسم الشهر الفضيل.