انطلقت وبرعاية الأمانة العامة للعتبة العلوية المقدسة أعمال المؤتمر الأول لحشد العتبات المقدسة بمشاركة رئاسة ديوان الوقف الشيعي وأمناء وممثلي العتبات المقدسة والمزارات الشريفة وقادة ومسؤولي الفرق والألوية القتالية التابعة للعتبات المقدسة، وممثل رئيس الجمهورية ، ومحافظي النجف الأشرف وكربلاء المقدسة وقادة الأجهزة الأمنية ووزارة الدفاع.
وبدأت أعمال المؤتمر بقراءة آي من الذكر الحكيم لقارئ العتبة العلوية المقدسة السيد هاني الموسوي ، افتتح بعدها أعمال المؤتمر بكلمة لممثل الأمانة العامة للعتبة العلوية المقدسة - راعية المؤتمر- عضو مجلس الإدارة الأستاذ فائق الشمري.
وجاء فيها :
لا يسعنا اليوم ونحن أمام هذه الوجوه الكريمة إلا أن نتقدم بأسمى آيات الترحيب والإكبار لكم وللمجاهدين الكرام، رجال الثغور والمدافعين عن حِمى العراق، هؤلاء الأعزة الذين حملوا أرواحهم على أكفهم تلبية لنداء المرجعية الدينية العليا التي باركت هذا البلد الجريح بفتوى الدفاع الكفائي، فكانوا ليوث الوغى التي ذادت أفاعي الخبث عن انتهاك الأعراض والمقدسات.
وأكمل " يا أبطال الهيجاء، لقد أثبتم أن الإيمان بالله تعالى سلاحٌ مذخور، نكتنزه في صدورنا حتى يشك المرتابون أننا لسنا على شيء، فإذا جدَّ الجد وحمى الوطيس، أأتزرنا الإيمان تتقدمه صدورنا العارية، طالبين النصر أو الشهادة، فتنقلب الشياطين خاسئة حاسرة، وقد أُبيدت مخططاتها الجهنمية هاربة من ساحة الأسود.
وأضاف " نعم، ذلك هو الإيمان الذي يورق من حَب عليِ (عليه السلام) في النفوس، فيصير عبادة وزهداً في أوقات السلم، ويصير عطاءً وكرماً في أوقات الحاجة، ويصير بركان غضبٍ في أوقات الحرب، فتسقى هذه الأرض الطيبة عبادةً وصدقةً ودماءً، لتورث الأجيال التالية دروساً على خطاها كي تستمر شجرة الإيمان غضة طرية، تفيء على أهلها ظلاً من الأمن والكرامة.
بعدها كانت الكلمة لسماحة السيد محمد علي بحر العلوم والتي ثمن فيها المواقف البطولية للمجاهدين في الفرق الألوية القتالية التابعة للعتبات المقدسة ، وقال سماحته " أقف اليوم أمام ثلة مؤمنة جاهدت وبذلت ووفت فمنهم من استشهد ومنهم من يستمر بحمل هذا الهم وهذا الجهاد، فهداية الله مستمرة، وتوفيقه مستمر، مع استمرارية هذه الهداية التي تُناط باختيار الإنسان، إذا ما سار وعمل عملاً صالحاً تنفتح أمامه بعد كل خطوة، آفاق من الرحمة والهداية والمدد الإلهي والتوفيق الرباني .
وأضاف " إن مظاهر الإيمان والاعتقاد الصحيح تتجلى في عمل الإنسان وتظهر في سلوكه وما يفعله ، وتتجلى عندما يكون الانسان صادق النية بينه وبين ربه .
وتابع كلمته قائلا " الأعمال المتميزة والخالدة تبقى يخلدها الدهر وتبقى محفوظة في التاريخ وتكتبها الأجيال ، هكذا كان احتضانكم أيها الأبطال لفتوى الجهاد والدفاع المقدس ، كلمات قليلة تضمنتها الفتوى ، إلا ان معانيها رافقتها تلك القلوب المؤمنة الواعية التي حركها ذلك النداء وجعلها تبذل أغلى ما يملكه الانسان وهي نفسه في سبيل مصلحة عليا وراية وأهداف مقدسة ، كانت خطواتكم أيها الأبطال ثابتة ذات هدف واضح الحفاظ على أرواح الأبرياء إخواننا الذين يعيشون معنا والحفاظ على العراق موحدا والحفاظ على مقدسات العراق من ان تنجسها تلك الطغمة الإرهابية ، وهكذا يكون الفعل المميز اذا مُلئ ايمانا بقضيته الوطنية ويبقى محفورا في ذاكرة العراقيين وتتناقله الأجيال جيلا بعد جيل يقع على عاتقتنا وعاتق الإعلاميين بالخصوص كيفية الحفاظ على تلك الصورة الناصعة ونقل تلك الصور البديعة من الملاحم والتضحية والبطولات والإيثار والمحبة والتواضع والتعاون الذي عاشوه الأبطال في تلك الفترات .
وختم قائلا " الفتوى والإتباع لتعاليم المرجعية الدينية العليا في كيفية القتال والالتزام بالتوصيات التي هي (تراث أئمتنا ) ، ليكون القتال قتالا شريفا لا يتبع فيه أساليب من الدمار فكتبوا بذلك درسا واضحا في كيفية تطبيق تلك التعاليم التي خطها أئمتنا (سلام الله عليهم) .
ثم كانت الكلمة لقائد فرقة الإمام علي القتالية الشيخ طاهر الخاقاني ألقاه نيابة عنه الشيخ مقداد حمودي، والتي أكد فيها الى أن " النصر الكبير الذي ظن الكثيرون أنه بعيد المنال على أعتى قوة إرهابية استهدفت العراق بماضيه وحاضره ومستقبله هو ثمرة فتوى الدفاع الكفائي للمرجعية العليا التي سخّرت كل إمكاناتها وطاقاتها في سبيل إسناد المقاتلين وتقديم العون لهم، وبعثت بخيرة أبنائها من أساتذة وطلاب الحوزة العلمية الى الجبهات دعماً للقوات المقاتلة وقدمت العشرات منهم شهداء في هذا الطريق واندفاع أبناء الشعب البطولي الى جبهات القتال وصمودهم الاسطوري فيها بما يزيد على ثلاثة أعوام وبفيض دماء الشهداء الزكية والآلام أعزائنا الجرحى ، ولا سيما من أصيبوا بالإعاقة الدائمة ولولا ذلك لما تحقق النصر المبين.
وأضاف حمودي " ان عنوان الحشد وأبناءه حظوا باحترام بالغ في نفوس الجميع وأصبح لهم مكانة سامية في مختلف الأوساط الشعبية وذلك لجملة من الأمور منها حبهم للعراق والعراقيين وغيرتهم على أعراض العراقيات من أن تنتهك بأيدي الدواعش وحرصهم على صيانة المقدسات من أن ينالها الإرهابيون بسوء، و نواياهم الخالصة من أي مكاسب دنيوية والتمسك بوصايا وتوجيهات المرجعية العليا بلا تقدم ولا تأخر عنها وهو قطب الرحى بين هذه الأمور ، وان ديمومة ذلك مرهون بالاستنارة بما تفيضه مرجعيتنا الحكيمة من توصيات والتمسك بمبادئها الرصينة القيمة والسير الجاد ببصيرة رعايتها الأبوية الشاملة والتي ثبت من خلال التجربة العملية ان النجاح والفلاح والسلامة هو ثمرة التمسك برؤيتها الحكيمة ، وان العاقبة غير المحمودة في مخالفتها وهو مما يقر به كل من له قلب سليم .
وتابع " ان حشد العتبات المقدسة المجتمع اليوم هو بضعة من جسد الحشد المقدس وغصن من شجرتها المباركة بل الركن الوثيق قد نبع من تلك البيوت التي أذن الله ان تعظم العتبات المقدسة وأزهر من رياضها العطرة وهو كل من " فرقة الإمام علي عليه السلام القتالية، وفرقة العباس ، ولواء علي الأكبر، ولواء أنصار المرجعية " ، ولطالما حرص أشد الحرص على وحدة الصف وسمعة الحشد المقدس والحفاظ على صفحته بيضاء ناصعة ويرى لزاماً عليه - كما هو على الجميع - ان يلتزم بما يضمن الحفاظ على ذلك ويرد يد العابثين - ان وجدت- بما يمليه عليه الواجب الديني والوطني، اذ مصلحة الوطن والمواطنين والحفاظ على المنجز يقتضي ذلك.
وختم حمودي كلمته بالقول " ان هذا المؤتمر الأول لحشد العتبات المقدسة قد أعد وفق خطط مهنية مدروسة ضمن الأطر الدستورية و القانونية وبحضور أهل الاختصاص والشأن ويأمل المؤتمرون ان يتمخض عن رؤيا أكثر وضوحاً وحازمة وملزمة تكون البوصلة للمسيرة المباركة في الأيام المقبلة ويتضمن مناقشة القضايا الحساسة والمهمة بهذا الشأن والتحديات التي تواجه مسيرته والسبل الكفيلة بتذليلها و معالجتها من خلال توصيات سيتمخض عنها هذا المؤتمر والمرجو – من أصحاب القرار- ان تأخذ بعين الاعتبار وتحمل على محمل الجد .
وتحدث مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الأمنية الفريق نجاح الشمري في كلمته قائلا " في مسارات الحياة ومنعطفاتها التاريخية الكبرى تبرز مثابات وطن ، وعناوين أمل ، وحياة تنير الطريق وتدفع الخطوب وتؤسس لقيم حياتية مطلقة ، حيث الوطنية بزهوها ، والجهاد بعطره الفواح ووحدة الوطن وترابه ، والفداء المقدس بمعانيه ودلالته تغدو جميعها مدركات حسية ، وتعاملات موضوعية تؤسس لمستقبل لطالما حلمنا به ، وما يزال واعدا زاهيا حرا معافى ، وهكذا كان الحشد الشعبي بعنوانه العام والذي ألهمته في النشأة والتأسيس ووضوح المسار فتوى سماحة السيد علي الحسيني السيستاني ( أدام الله ظله ) في حزيران من عام 2014 م في ( الدفاع الكفائي ) ، مقاربة اجتماعية كبرى استطاعت نقل الإدراك من الى عمل ميداني حقيقي الى عمليات فاعل ، أسهم في قلب المعادلات لصالح الوطن وأهله .
وأكمل قائلا " الأخوة الكرام، ان الحشد الشعبي الملاذ للعقل الوطني السياسي في بحثه عن المعادلات الأمينة القادرة على بناء تكامل في الأداء الأمني والعسكري ، يتمكن من خلاله المخطط الاستراتيجي وصانع القرار من مجابهة تحديات الحرب ألاّ متماثلة التي تعرضت لها البلاد ضد الجماعات الإرهابية من جانب ، وخَلق قوة رادعة تمكن العراق من مواجهة التحديات والتهديدات الإقليمية والدولية وفي حساب توازن القوى من جانب آخر .
هذا وسيعقد المؤتمر ضمن جلسات تنسيقية تنبثق عنها ورشات عمل لأقسام الإدارية والمالية .