تزامنا مع ذكرى مولد الصادق الامين النبي محمد (صلى الله عليه واله) والامام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) وبحضور السادة الاجلاء والمشايخ الكرام من اساتذة وفضلاء الحوزة العلمية في النجف الاشرف من وكلاء ومعتمدي سماحة المرجع الاعلى سماحة السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله الوارف) وبحضور رؤساء كبرى عشائر سامراء
منهم الشيخ معتصم شيخ البوعباس والاستاذ المهندس الشيخ جاسم ممتاز شيخ عشيرة البوباز ومجموعة من مشايخ العشائر السامرائية ورئيس جامعة سامراء الدكتور موسى الحميش وعميدي كلية الهندسة والدراسات الاسلامية وجمع من الشخصيات الأكاديمية يتقدمهم قائمقام سامراء الاستاذ محمود خلف وجمعا من القيادات الامنية افتتحت بتوفيق الله المدرسة العلمية الجعفرية بعد تجديدها بأمر من سماحة السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله الوارف).
استهل حفل الافتتاح بآيات بينات من الذكر الحكيم للقارئ صادق الزيدي لتكون بعدها كلمة معتمد المرجعية سماحة السيد محمد حسين العميدي والذي تحدث فيها بعد حمد الله والصلاة على النبي واله وتحية الحاضرين قائلاً:
في هذه الأيام المباركة ونحن نعيش ذكرى ولادة النبي المصطفى (صلى الله عليه واله وسلم) وحفيده الامام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) يسعدنا ويسرنا أن نحتفي بحضوركم الكريم لافتتاح هذه الصرح الرائع وهو المدرسة العلمية الجعفرية التي اعيد بناؤوها بآمر سيدنا المرجع الديني الاعلام سماحة السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله الوارف).
ثم تحدث السيد العميدي عن تاريخ المدرسة العلمية قائلاً:
ان هذه المدرسة المباركة هي اخر ما ينتسب في مدينة سامراء المقدسة الى مرجع الامة في عصره المجدد السيد ميرزا محمد حسن الحسيني الشيرازي (رضوان الله تعالى عليه) حيث ذكر المؤرخون انه لما هاجر الى جوار الامامين علي الهادي والحسن العسكري (عليهما السلام) سنة ( 1291) من الهجرة واقام حوزته العلمية بالقرب من مشهدهما المقدس قام بخدمات جليلة لهذه المدينة المقدسة التي لم تكن في تلك الأيام الا بلدة صغيرة ومعظم بيوتها مبنية بالطين فصرف اموالا طائلة في إقامة جسرا خشبيا وصل به ضفتي دجلة وكان ممدودا على 48 قاربا فقدم بذلك خدمة كبيرة لأهالي سامراء والزوار الوافدين اليها كما بنى سوقا كبيرا ودورا كثيرة وحمامات للرجال وأخرى للنساء وماكن لإيواء الزوار الا ان هذه المباني والشواهد اندثرت جميعها ولم يبق منها عينا ولا اثر وبنى اعلى الله مقامه أيضا هذا المكان الذي نحن فيه سنة 1308 ه مدرسة علمية ضخمة على مساحة (3000) متر مربع لسكنى طلاب العلوم الدينية وكانت له باحتان صغرى وكبرى وكل منهما ذات طابقين والجميع مؤلف من( 95 )غرفة وقد استمرت تلك المدرسة عامرة بالعلم وأهله عشرات السنين وفي عام ( 1969) ميلادية فتحت الحكومة شارعا في جنب المدرسة واقتطعت من مساحتها حوالي(1000)متر فأصبحت اصغر من ذي قبل ولكن استمر نشاطها العلمي وكان مراجع النجف الاشرف يولون اهتماما كبيرا بها ويصرفون في تعميرها وعلى طلابها ما يتيسر لهم من الحقوق الشرعية واستمر الحال على هذا المنوال الا ان وقعت احداث عام (1991) ميلادية في عدد من محافظات الوسط والجنوب فأستغل ذلك جماعة من الجهال والمغرضين فهجموا على المدرسة ونهبوا ما فيها واهمها مكتبتها الثمينة الزاخرة بالمخطوطات النادرة والمطبوعات القديمة ثم هدموها ولم يبق لها اثر الا بقايا شجرة كبيرة كانت قائمة وهي ما تلاحظونها اليوم بجانب من ساحة المدرسة وقد صدر في عام (1994) ميلادي قرار حكومي بمصادرة ارضها لحساب وزارة الأوقاف السابقة ولكن تم في عام( 2015 ) ميلادي تسجيلها باسم ديوان الوقف الشيعي وبالنظر الى أهمية إعادة بناء هذه المدرسة الشريفة لما تمثله من معلم ديني وتاريخي في هذه المدينة المقدسة فقد اوعز سيدنا المرجع الأعلى لتشييدها مرة أخرى على ما تبقى من ارضها وقد تم ذلك بحمد الله وحسن توفيقه على احسن طراز وابهى صورة ويشتمل البناء الجديد على طابقين وباحة كبيرة فيها (33) غرفة لسكنى الطلاب وقاعات للدرس والمباحثة ومصلى ومكتبة بالإضافة الى المطبخ والمطعم والمجموعة الصحية وغيرها من المرافق اللازمة .
ثم أضاف السيد العميدي:
لقد كان السيد المجدد الشيرازي (رضوان الله تعالى عليه) مثالا يحتذى به في حفظ الحرمات ورعاية مقتضيات الاخوة الإسلامية بين اتباع المذاهب المختلفة وعدم السماح للأجنبي اين كان بالتدخل في شؤون المسلمين وله في ذلك مواقف مشهودة تذكر فتشكر وعلى هذا المنهج القويم سار المراجع العظام من بعده ومنهم سيدنا المرجع الأعلى وفي هذا العصر الذي طالما اكد على ضرورة رص الصفوف ونبذ الفرقة والابتعاد عن النعرات الطائفية والتجنب عن اثارة الخلافات المذهبية لاسيما انها لا تمس أصول الدين واركانه فان الجميع يؤمنون بالله الواحد الاحد وبرسالة النبي المصطفى (صلى الله عليه واله وسلم) وبالمعاد وبكون القرآن الكريم الذي صانه الله تعالى من التحريف مع السنة النبوية الشريفة مصدرا للأحكام الشرعية وبمودة اهل البيت (عليهم السلام) ونحو ذلك مما يشترك فيه المسلمون عامة ومنه دعائم الإسلام الصلاة والصيام والحج وغيره فهذه المشتركات هي الأساس القويم للوحدة الإسلامية فلابد من التركيز عليها لتوثيق أواصر المحبة والمودة بين أبناء هذه الامة ولا اقل من العمل على التعايش السلمي بينهم مبنيا على الاحترام المتبادل وبعيدا عن المشاحنات والمهاترات المذهبية والطائفية أيا كانت عناوينها وشدد دام ظله على انه ينبغي لكل حريص على رفعة الإسلام ورقي المسلمين ان يبذل ما في وسعه في سبيل التقريب بينهم والتقليل من حجم التوترات الناجمة عن بعض التجاذبات السياسية لأن لا تؤدي الى مزيد من التفرق والتبعثر وتفسح المجال لتحقيق مأرب الأعداء الطامعين في الهيمنة على البلاد الإسلامية والاستيلاء على ثرواته ويذكر الجميع انه لما وقع الاعتداء الاثم على مرقد الامامين العسكريين (عليهما السلام) بتفجير قبته المباركة بادر – أي سماحة السيد – الى مناشدة الناس بأن لا يعبروا عن ادانتهم لانتهاك الحرمات واستباحة المقدسات الا بالأساليب السلمية مراعين اقصى درجات ضبط النفس لان لا يبدر منهم قول او فعل يسيئ الى إخواننا اهل السنة الذين اكد دام ظله انهم براء من تلك الجريمة النكراء ولا يمكن ان يرضوا بها.
وختم السيد العميدي كلمته قائلاً:
أيها الأعزاء ان هذه المدرسة المباركة قد شيدت في هذه المدينة التاريخية لتكون منارا للعلم والتقوى ورمزا للمحبة والالفة بين المسلمين ولا نرضى لها غير ذلك وهي بعد إعادة بناءها امانة غالية بأيدي احبتنا أهالي سامراء الكرام ولا سيما عشائرنا الغيارى ونحن على ثقة بأنهم اهل لحفظ هذه الأمانة ورعايتها وعدم السماح للمساس بها.
أتوجه ببالغ الشكر وعظيم التقدير لكل الذين لبوا دعوتنا للحضور في هذا الحفل البهي سائلين الله تعالى ان يشملهم برحمته وبركاته ويأخذ بأيدي الجميع الى ما فيه صلاح العراق وأهله انه سميع مجيب واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وجرى في ختام الحفل القاء قصائد شعرية احتفاءا بمولد النبي المصطفى (صلى الله عليه واله وسلم)