مع الروم:

لما حث بابك تيوفيل بن ميخائيل ملك الروم على قتال المسلمين، ان جندهم جميعهم في أذربيجان طمع نيوفيل في بلاد المسلمين فسار على رأس مائة ألف، وسارت معه الخرمية الذين التجؤوا الى بلاده، واتجه الى حصن (زبطرة) فخرب البلاد، وسبى النساء وقتل الذراري واخذ الاسرى ومثل بكل من وقع في يده، ولما انتهى امر زبطرة سار الى ملاطية فأغار على أهلها وعلى حصون المسلمين ووصل الخبر الى المعتصم فأعلن النفير ، وسار على رأس الجيش وعسكر في غربي نهر دجلة وبعث عجيف بن عنبسة وعمرا الفرغاني نجدة لأهل زبطرة فوجدوا ان الروم قد ارتحلوا عنها بعد ان فعلوا بأهلها ما فعلوا.

ولما انتهى المعتصم من امر بابك سار الى بلاد الروم، وسأل عن اقوى الحصون فقيل له عمورية ولم يتعرض لها أحد من القادة المسلمين من قبل وأنها عين النصرانية واشرف عندهم من قسطنطينية (1) واقام هو على نهر سيحون (2) وامر الافشين ان يدخل بلاد الروم عن طريق الحدث كما امر اشنان ان يدخل بلاد الروم عن طريق طرسوس، وحدد لهما يوما يلتقون فيه عند انقرة. ودخل المسلمون انقرة وساروا بعده الى عمورية وكان المعتصم على القلب والافشين على الميمنة، واشناس على الميسرة، وارهبوا السكان ما بين انقرة وعمورية والمسافة بينهما سبعة مراحل (140 كيلوا متر) ، ووصل المعتصم الى عمورية في السادس من رمضان عام 223، وحاصر المسلمين المدينة ، وتمكنوا من احداث ثغرة في سورها دلوا على مكانها، كان السيل قد هدمها، ورفعت على حجر واحد سمكا، فدكها ودخلوا المدينة وكان لهذا الفتح اثر عظيم بما قوي من معنويات المسلمين، وما اضعف من معنويات الرون، وخلد هذا النصر أبو تمام بقصيدته التي يذكر فيها الفتح ويمدح المعتصم والتي يقول فيها:

السيف اصدق انباء من الكتب (3) *** في حده الحد بن الجد واللعب

بيض الصفائح لا سود الصحائف في *** متونهن جلاء الشك والريب

والعلم في شهب الارماح لامعة *** بين الخميس لا في السبعة الشهب

......

____________

(1) تاريخ الطبري، الجزء التاسع.

(2) سيحان: نهر يصب في البحر المتوسط شرقي طرسوس وسميه ابن الاثير (السن) والطبري (اللمس).

(3) كان المنجمون قد قالوا: رأينا في الكتب ان عمورية لا تفتح في هذا الوقت، وانما وقت نضج التين والعنب.