المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



ابن بُرْد الأصغر  
  
14566   01:39 مساءً   التاريخ: 7-2-2018
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج4، ص510-514
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-06-2015 3575
التاريخ: 13-08-2015 2302
التاريخ: 22-06-2015 3135
التاريخ: 25-12-2015 11989

 

هو أبو حفص أحمد (الأصغر) بن محمّد بن أبي حفص أحمد (الأكبر) بن برد مولى أحمد بن عبد الملك بن عمر بن محمّد بن شهيد.

كان أحمد بن برد الأصغر من أهل بيت جاه و رئاسة فقد كان جدّه أحمد بن برد الأكبر (335-4١٨ ه‍) وزيرا في أيام الدولة العامريّة. و قد قرأ أحمد الأصغر على جدّه فنون الأدب و العلم كما تعلّم على يديه صناعة الكتابة ثم مارسها قبل أن يتوفّى جدّه (سرقسطة،4١٨ ه‍ -١٠٢٧ م) .

كان آل برد يعيشون في قرطبة. و يبدو أنّهم تركوها في المحرّم من سنة 4٠٧ ه‍ (حزيران- يونيو 1016 م) لمّا ضيّق عليّ بن حمّود المستبدّ بقرطبة على الذين كانوا قد خدموا سليمان المستعين الأمويّ و فيهم جدّه أحمد بن برد الأكبر (راجع الذخيرة ١: ٨٠-٨٢) . و الذي أرجّحه أنّهم انتقلوا إلى دانية فاتّصل أحمد الأصغر بمجاهد العامريّ (4٠٨-4٣٢ ه‍) ثمّ بابنه و خلفه أبي الأحوص معن (4٣٢-4٣6 ه‍) . ثمّ إنّه انتقل إلى المريّة، قبل 44٠ ه‍ (1048 م) ، فقد قال الحميديّ (جذوة ١٠٧) : «و قد رأيته بالمريّة بعد الأربعين و أربعمائة زائرا لأبي محمّد عليّ بن أحمد غير مرّة» . و قد استوزره المعتصم بن صمادح. و بما أن المعتصم بن صمادح جاء إلى حكم المريّة سنة 444، فالمنتظر أن يكون ابن برد قد بقي في المريّة بعد ذلك مدّة. و كذلك صنّف ابن برد كتابا للمعتصم بن صمادح و رفعه إليه، و لا ندري أفعل ذلك قبل أن يلي الوزارة (و هذا أقرب إلى المعقول لأنّ مثل هذا العمل يكون لتقرّب الإنسان من ذوي الجاه، و قلّ ما ينفع بعد الوصول إلى الوزارة) أم بعد ذلك.

و لعلّ وفاة أحمد بن برد الأصغر كانت في حدود سنة 45٠ ه‍ (1058 م) أو بعد ذلك بقليل، في المرية على الأرجح.

كان أحمد بن برد الأصغر كاتبا بليغا له رسائل سلطانيّات و رسائل إخوانيّات، و هو كثير التأنّق و التكلّف فيها. و كذلك كان شاعرا مليح الشعر له قصيد و رجز. و قيمة شعره إنّما هي في أنّه يأتي بالصناعة البارعة في التركيب البدوي المتين. و أكثر شعره الوصف. و قد اشتهر برسالة السيف و القلم و هي مباراة في بيان فضل السيف و فضل القلم.

مختارات من آثاره:

- من رسالة السيف و القلم، و هي رسالة كتبها ابن برد الأصغر إلى الموفّق أبي الجيش مجاهد العامريّ صاحب دانية و الجزر الشرقية (4٠٨-4٣٢ ه‍) :

. . . و إنّ السيف و القلم-لمّا كانا مصباحين يهديان إلى القصد من بات يسري (1) إلى المجد، و سلّمين يلحقان بالكواكب من ارتقى لساميات المراتب، و طريقين يشرعان نهج الشرف لمن تقرّى إليه، و يجمعان شمل الفخر لمن تأشّب (2) عليه. . . - جرّرا أذيال الخيلاء تفاخرا و أشمّا بأنف الكبرياء تنافرا، و ادّعى كلّ واحد منهما أنّ الفوز لقدحه و أن الوري لقدحه (3) . . . و حين كشف الجدال قناعه و مدّ الخصام ذراعه. . . قاما يتباريان في المقال و يتساجلان في الخصال و يصف كلّ واحد منهما جلال نفسه و يذكر فضل ما اجتني من غرسه (4) . . .

فقال القلم: ها! اللّه أكبر! أيّها السائل بدءا يعقل لسانك و يحيّر جنانك (5) و بديهة تملأ سمعك و تضيّق ذرعك (6) : خير الأقوال الحقّ، و أحمد السجايا الصّدق. و الأفضل من فضّله اللّه عزّ و جلّ في تنزيله، مقسما به لرسوله، فقال: «ن، وَ اَلْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ» ؛ و قال: اِقْرَأْ وَ رَبُّكَ اَلْأَكْرَمُ اَلَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (7) . فجلّ من مقسم و عزّ من قسم. فما تراني و قد حللت بين جفن الإيمان و ناظره، و جلت بين قلب الإنسان و خاطره! لقد أخذت الفضل برمّته و قدتّ الفخر بأزمّته (8) .

فقال السيف: عدّنا من ذكر الشريعة إلى ذكر الطبيعة، و من وصف الملّة إلى وصف الخصلة (9) . لا أسرّ و لكن أعلن: قيمة كلّ امرئ ما يحسن! إنّ عاتقا حمل نجادي لسعيد، و إنّ عضدا بات و سمادي لسديد (10). و إنّ فتى اتّخذني دليله لمهديّ، و إنّ امرأ صيّرني رسوله لمفدّى. يشقّ منّي الدّجى بمصباح، و يقابل كلّ باب بمفتاح.

أفصح و البطل قد خرس، و أبتسم و الأجل قد عبس (11) . . .

-قال ابن برد الأصغر في الشكوى من ظلم المحبوب:

بأبي أنت و أمّي... لم تطبّعت بظلمي (12)

أبدا تأتي بعتبٍ... دون أن آتي بذنبِ

بيننا في الحبّ قربى... سقم عينيك و حسمي

- و قال في الشكوى من البعاد:

يا من بفيه يعبق العنبرُ... و من لماه سكّر مسكرُ (13)

صحّ الهوى منّا، و لكنّني... أعجب من بعد لنا يقدر (14)

كأنّنا في فلك دائرٍ... فأنت تخفى و أنا أظهر (15)

- و قال في النسيب و الخمر:

سقاني و جفن اللّيل يغسل كحله... بماء الصباح و النسيم رقيقُ (16)

مداما كذوب التّبر: أما نجارها... فضخم و أمّا جرمها فدقيق (17)

- و قال في وصف الطبيعة:

سقى جوف الرصافة مستهلّ... تؤلّف شمله أيدي الرّياحِ (18)

محلّ ما مشيت إليه إلاّ... مشى فيّ ابتهاجي و ارتياحي (19)

كأنّ ترنّم الأطيار فيه... أغانٍ فوق أوتار فصاح (20)

كأنّ تثنّي الأشجار فيه... عذارى قد شربن سلاف راحِ (21)

كأنّ الجدول المنساب نصلٌ... صقيل المتن هزّ إلى كفاح (22)

كأنّ رياضه أبراد وشيٍ... تعطّف فوق أعطاف ملاح (23)  

________________________

١) سرى يسري: مشى في الليل، (و هنا) . سار بعزم و ثبات.

٢) شرع: أظهر و بيّن. نهج: طريق واضح. تقرّى البلاد و قرا البلاد: سار فيها ينظر إلى خصائصها و طرقها و أحوالها. تأشّب: اجتمع.

٣) أشمّا (رفعا) بأنف الكبرياء: تنافرا (دعا كلّ منهما صاحبه إلى القتال) . الفوز لقدحه (بكسر القاف) : القدح سهم عليه رقم يستخدمونه في الميسر (القمار) و القدح الفائز (الرابح) . و القدح (بفتح القاف) : استخراج النار من حجر الصوّان يضربه بقطعة من حديد. الوري: الإشعال و الاشتعال.

4) تساجل الرجلان: تباريا و تفاخرا. ما اجتني (ما قطف) من غرسه (أشجاره) : ما استفاده من جهوده.

5) يعقل (يربط) لسانك و يمنعه من الكلام (اللّه أكبر هو البدء الذي يفعل ذلك!) . الجنان: القلب.

6) البديهة: الكلام الفوري بلا استعداد. يملأ سمعك (يدهشك) و يضيّق ذرعك (مقدار ما بين كتفيك: صدرك) : يجعلك تعجز عن الجواب.

7) ن. . . (مطلع السورة 6٨، سورة القلم) . و الحرف «ن» هنا يمكن أن يكون معناه «حرف، كلمة» و يمكن أن يكون معناه «محبرة» (و كلا المعنيين متعلّق بالقراءة و الكتابة و بفضل القلم) . اقرأ. . . (في مطلع السورة 96، سورة العلق، أوّل سور القرآن نزولا على رسول اللّه) .

8) بين جفن الإيمان و ناظره (في أسمى الأمكنة منه: في القرآن) . بين قلب الإنسان و خاطره. في عقله (و هو خير الأمكنة فيه) . برمّته (الرّمة قطعة الحبل يربط بها البعير) : كلّه. و قدتّ الفخر بأزمّته (جمع زمام: لجام) : استأثرت به وحدي.

9) عدّنا: اجتز بنا، لنترك. الشريعة: الدين (الدفاع عن القلم بقول الدين فيه) إلى الطبيعة: إلى عمل القلم (أو السيف) وحده. و من الملّة (الدين) إلى الخصلة (الصفة الذاتيّة) .

10) العاتق: ما بين العنق و طرف الكتف. النجاد: حمالة السيف. العضد: ما بين المرفق إلى الكتف. بات وسادي (أصبح مقيلا لي، حملني) . يقول السيف: من ملكني دافعت عنه و حميته. سديد: صائب الرأي

11) السيف (القوّة) يشقّ الدجى (سواد الليل) . . . و يقابل كلّ باب بمفتاح: يفصل في المشاكل و يسهّل الأمور. الأجل: مدّة الحياة الدنيا. في الحرب و الأخطار حينما يسكت البطل من الذهول و الخوف أفصح أنا (أي أتكلّم) : أنقذ البطل من الخطر. و إذا كاد المحارب أن يقتل (و كنت أنا في يده) أبعدت عنه القتل.

12) أفديك بأبي. . . لماذا أصبح ظلمي طبعا فيك؟

13) يعبق العنبر: تفوح رائحته الطيّبة (من فمه) . اللمى: سمرة في الشفاه. و من لماه: تقبيل شفتيه.

14) كلانا يحبّ صاحبه، و مع ذلك فإنّ الدهر قدّر لنا (حكم علينا) بالبعد (الفراق) .

15) كأنّنا موجودان على نقطتين متقابلتين في الفلك (مدار النجم أو النجوم) فلا يمكن أن نرى (من مكان واحد في الأرض) في وقت واحد.

16) جفن الليل يغسل كحله بماء الصباح: الليل يفتح عينه (ليأتي النهار) فكأنّه يأتي بماء الصبح (النور) ليغسل به الكحل (سواد الليل) . . .

17) مدام: خمر. التبر: الذهب. النجار: الأصل. الجرم: الجسم، المادّة.

18) بطن الرصافة (وسط مدينة الرصافة) . مستهلّ: مطر. تؤلّف شمله. . . : تزيده الرياح تجمّعا فيكثر سقوط الماء منه (من السحاب المتجمّع) .

19) الابتهاج و الارتياح: الفرح و السرور.

20) أغان. . . : أغان عذبة يرافقها عزف بارع على الآلات الموسيقية.

21) السلاف: الخالص من الخمر (أجود الخمر) . الراح: الخمر.

22) نصل: حديدة عريضة قاطعة (سيف) . هزّ إلى الكفاح (القتال) . يشبّه النهر الذي يجري متعرّجا ينساب (كالحيّة) بالسيف الذي يهزّه حامله في الهواء (فيتثنّى لدقّته) .

23) البرد (بالضمّ) : ثوب من الحرير. الوشي: التطريز. تعطّف: استدار، استقر. الأعطاف جمع عطف (بكسر العين) : الجانب الأعلى من الجسد. ملاح جمع مليح و مليحة (جميل و جميلة)





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.