أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-10-2017
2263
التاريخ: 7-12-2017
2472
التاريخ: 12-12-2017
37471
التاريخ: 4-10-2017
2488
|
لا نعلم ـ بالضبط ـ كم طالت المدة التي تم فيها قطع المسافة بين الكوفة والشام ، ولكننا نعلم أنها كانت رحلة مليئة بالإزعاج والإرهاق وأنواع الصعوبات ، فقد كان الأفراد المرافقون للعائلة المكرمة قد تلقوا الأوامر بأن يعاملوا النساء والأطفال بمنتهى القساوة والفظاظة ، فلا يسمحوا لهم بالاستراحة اللازمة من أتعاب الطريق ومشاقه وصعوباته ، بل يواصلوا السير الحثيث ، للوصول إلى الشام وتقديم الرؤوس الطاهرة إلى الطاغية يزيد.
ومن الثابت ـ تاريخياً ـ أنه كان للسيدة زينب (عليها السلام) الدور الكبير في : إدارة العائلة ، والمحافظة على حياة الإمام زين العابدين (عليه السلام) وحماية النساء والأطفال ، والتعامل معهم بكل عاطفة وحنان .. محاولة منها ملأ بعض ما كانوا يشعرون به من الفراغ العاطفي ،
والحاجة إلى من يهون عليهم مصائب الأسر ومتاعب السفر.
وروي عن الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) أنه قال : إن عمتي زينب كانت تؤدي صلواتها : الفرائض والنوافل .. من قيام ، عند سير القوم بنا من الكوفة إلى الشام!
وفي بعض المنازل كانت تصلي من جلوس! فسألتها عن سبب ذلك؟
فقالت : أصلي النوافل من جلوس لشدة الجوع والضعف ، وذلك لأني منذ ثلاث ليال ، أوزع ما يعطونني من الطعام على الأطفال ، فالقوم لا يدفعون لكل منا إلا رغيفاً واحداً من الخبز في اليوم والليلة!!
أجل ..
وقد كانت الحكمة والمصلحة تقتضي أن الإمام زين العابدين (عليه السلام) يبقى بمعزل عن انتباه الأعداء والجواسيس المرافقين ، ولا يتكلم بأية جملة من شأنها جلب الإنتباه إليه ولذلك فقد جاء في التاريخ : أن الإمام علي بن الحسين ما كان يكلم أحداً من القوم .. طوال الطريق إلى أن وصلوا إلى باب قصر يزيد بدمشق!
من هنا .. فقد كان الدور الأكبر ملقى على عاتق السيدة الكفوءة زينب العظيمة ( عليها الصلاة والسلام ).
ورغم قلة المعلومات التي وصلتنا عما جرى على السيدة زينب في طريق الشام من الحوادث ، إلا أننا نذكر هذه المقطوعات والعينات التاريخية التي تعبر للقارئ المتدبر الذكي عن أمور كثيرة ، وعن الدور العظيم والمسؤوليات الجسيمة التي قامت بها السيدة زينب الكبرى (عليها السلام) طوال هذه الرحلة :
ونقرأ في بعض كتب التاريخ : أن في طريقهم إلى الشام مروا على منطقة قصر مقاتل وكان ذلك اليوم يوماً شديد الحر ، وقد نزفت القربة التي كانت معهم وأريق ماؤها فاشتد بهم العطش ، وأمر عمر بن سعد جماعة من قومه أن يبحثوا عن الماء ، وأمر أن تضرب خيمة ليجلس فيها هو وأصحابه ، لكي تحميهم من حرارة الشمس ، وتركوا عائلة الإمام الحسين (عليه السلام) وجميع النساء والأطفال .. تصهرهم الشمس ، وأقبلت السيدة زينب (عليها السلام) إلى ظل جمل هناك ، وقد أمسكت بالإمام علي بن الحسين (عليهما السلام) وهو في حالة خطيرة .. قد أشرف على الموت من شدة العطش ، وبيدها مروحة تروحه بها من الحر ، وهي تقول : يعز علي أن أراك بهذا الحال يا بن أخي !
وذهبت السيدة سكينة بنت الإمام الحسين (عليه السلام) إلى ظل شجرة كانت هناك ، وعملت لنفسها وسادةً من التراب ونامت عليها ، فما مضت ساعة إلا وبدأ القوم يرحلون عن ذلك المكان مع السبايا ، وتركوا سكينة نائمة في مكانها.
فقالت فاطمة الصغرى ـ وكانت عديلة سكينة ـ للحادي : أين أختي سكينة؟! والله لا أركب حتى تأتي بأختي .
فقال لها : وأين هي؟
قالت : لا أدري أين ذهبت.
فصاح السائق للقافلة بأعلى صوته : يا سكينة هلمي واركبي مع النساء؟
فلم تستيقظ سكينة من نومتها لشدة ما بها من التعب والإرهاق ، وبقيت نائمة.
ولما أضر بها الحر والعطش إنتبهت من نومتها ، وجعلت تمشي خلف غبار القافلة وهي تصيح : أخيه فاطمة! ألست عديلتك في المحمل! وأنت الآن على الجمل وأنا حافية؟! .
فعطفت عليها أختها ، وقالت للحادي : والله لئن لم تأتني بأختي لأرمين نفسي من هذا الجمل ، وأطالبك بدمي عند جدي رسول الله يوم القيامة !
فقال لها : من تكون أختك؟
قالت : سكينة التي كان الحسين يحبها حباً شديداً ، فرق لها الحادي ، ورجع إلى الوراء حتى وجد أختها وأركبها معها.
وقد جاء في التاريخ ـ أيضاً ـ أن في ليلة من الليالي ، بينما القوم يسيرون في ظلام الليل ، بدأت السيدة سكينة بنت الإمام الحسين (عليهما السلام) بالبكاء ، لأنها تذكرت أيام أبيها ، وما كان لها من العز والإحترام ، ثم هي ـ الآن ـ أسيرة بعد أن كانت أيام أبيها عزيزة ، واشتد بكاؤها ، فقال لها الحادي : أسكتي يا جارية! فقد آذيتيني ببكائك!
فما سكتت ، بل غلب عليها الحزن والبكاء ، وأنت أنة موجعة ، وزفرت زفرةً كادت روحها أن تخرج!!
فزجرها الحادي وسبها ، فجعلت سكينة تقول ـ في بكائها ـ وا أسفاه عليك يا أبي! قتلوك ظلماً وعدوانا!
فغضب الحادي من قولها وأخذ بيدها وجذبها ورمى بها على الأرض!!
فلما سقطت غشي عليها ، فما أفاقت إلا والقافلة قد مشت ، فقامت وجعلت تمشي حافيةً في ظلام الليل ، وهي تقوم مرةً وتقعد مرة!! وتستغيث بالله وبأبيها ، وتنادي عمتها ، وتقول : يا أبتاه مضيت عني وخلفتني وحيدةً غريبةً ، فإلى من ألتجئ وبمن الوذ في ظلمة هذه الليلة في هذه البيداء؟!!
فركضت ساعة من الليل وهي في غاية الوحشة! فلم تر أثراً من القافلة ، فسقطت مغشيةً عليها!!
فعند ذلك إقتلع الرمح ـ الذي كان عليه رأس الحسين ـ من يد حامله ، وانشقت الأرض ونزل الرمح إلى نصفه في الأرض ، وثبت كالمسمار الذي يثبت في الحائط!!
وكلما حاول حامل الرمح أن يخرجه من الأرض .. لم يتمكن! واجتمعت جماعة من القوم وحاولوا إخراج الرمح فلم يستطيعوا ذلك.
فأخبروا بذلك عمر بن سعد ، فقال : إسألوا علي بن الحسين عن سبب ذلك.
فلما سألوا الإمام (عليه السلام) قال : قولوا لعمتي زينب تتفقد الأطفال ، فلربما قد ضاع منهم طفل.
فلما قيل لزينب الكبرى ذلك ، جعلت تتفقد الأطفال وتنادي كل واحد منهم باسمه ، فلما نادت : بنيه سكينة لم تجبها! فرمت السيدة زينب (عليها السلام) بنفسها من على ظهر الناقة! وجعلت تنادي : واغربتاه! واضيعتاه! واحسيناه!
بنيه سكينة : في أي أرض طرحوك!
أم في أي واد ضيعوك! ورجعت إلى وراء القافلة وهي تعدو في البراري حافية ، وأشواك الأرض تجرح رجليها ، وتصرخ وتنادي!!
وإذا بسواد قد ظهر فمشت نحوه وإذا هي سكينة ، فرجعتا معاً نحو القافلة.
وروي عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام) أنه سأل أباه علي بن الحسين (عليهما السلام) عما جرى له في طريق الشام؟
فقال الإمام علي بن الحسين : حملت على بعير هزيل ، بغير وطاء ، ورأس الحسين (عليه السلام) على علم ، ونسوتنا خلفي ، على بغال ، والحرس خلفنا وحولنا بالرماح ، إن دمعت من أحدنا عين قرع رأسه بالرمح! حتى دخلنا دمشق ، صاح صائح : يا أهل الشام : هؤلاء سبايا اهل البيت.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|