أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-10-2017
2342
التاريخ: 12-12-2017
8791
التاريخ: 18-10-2017
2386
التاريخ: 16-10-2017
2610
|
التاع الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) من بيعة أبي بكر ، واعتبرها تعدّياً صارخاً عليه ، فقد كان محلّه من الخلافة محلّ القطب من الرحى ، ينحدر عنه السيل ولا يرقى إليه الطير على حدّ تعبيره ، وقد تخلّف عن بيعة أبي بكر وأعلن معارضته لها ، وقد شاع ذلك بين المسلمين .
ومَنْ يقرأ نهج البلاغة يجد فيه لواحات من تذمّره وأساه على ضياع حقّه .
وأجمع أبو بكر وسائر أعضاء حزبه على إرغام الإمام على البيعة لأبي بكر وحمله بالقوّة عليها ، فأرسلوا إليه شرطتهم فكبسوا داره وأخرجوه منها بالقسر والقوّة ، وجاءوا به إلى أبي بكر ، فصاحوا به : بايع أبا بكر ...
فأجابهم الإمام بمنطقه الفيّاض وحجّته الحاسمة ، قائلاً : أنا أحقّ بهذا الأمر منكم ، لا اُبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي ؛ أخذتم هذا الأمر من الأنصار واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي (صلّى الله عليه وآله) ، وتأخذونه منّا أهل البيت غصباً !
ألستم زعمتم للأنصار أنّكم أولى بهذا الأمر منهم لما كان محمّد (صلّى الله عليه وآله) منكم ، فأعطوكم المقادة ، وسلّموا إليكم الإمارة ، وأنا أحتجّ عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار ؛ نحن أولى برسول الله (صلّى الله عليه وآله) حيّاً وميّتاً ، فأنصفونا إن كنتم تؤمنون ، وإلاّ فبوئوا بالظلم وأنتم تعلمون .
وأعلن الإمام بهذا الخطاب الرائع أنّه أولى بمركز النبي (صلّى الله عليه وآله) ، وأحقّ بخلافته من غيره ، فهو أقرب الناس وألصق بالرسول (صلّى الله عليه وآله) من المهاجرين الذين فازوا بالحكم لقربهم من النبي ، فهو ابن عمّه وأبو سبطيه ، ولا يملك أحد من القرب إلى النبي غيره .
وثار ابن الخطاب بعد أن أعوزته الحجّة والبرهان ، فاندفع بعنفٍ قائلاً : إنّك لست متروكاً حتّى تبايع .
فزجره الإمام (عليه السّلام) قائلاً : احلب حلباً لك شطره ، واشدد له اليوم أمره ، يردده عليك غداً .
وكشف الإمام الوجه في اندفاع ابن الخطاب وتهالكه على نصرة أبي بكر ؛ فإنّه يأمل أن ترجع إليه الخلافة والملك بعد أبي بكر .
وثار الإمام (عليه السّلام) وهتف قائلاً : والله يا عمر ، لا أقبل قولك ولا أبايعه .
وخاف أبو بكر من تطوّر الأحداث ، وخشي أن ترجع إلى المسلمين حوازب أحلامهم فيقصوه عن منصبه ، فخاطب الإمام بناعم القول : إن لم تبايع فلا اُكرهك .
وانبرى أبو عبيدة بن الجراح وهو من أبرز حزب أبي بكر ، فخاطب الإمام قائلاً : يابن عمّ ، إنّك حدث السن ، وهؤلاء مشيخة قومك ، ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتم بالاُمور ، ولا أرى إلاّ أبا بكر أقوى على هذا الأمر منك ، وأشدّ احتمالاً واضطلاعاً به ، فسلّم لأبي بكر هذا الأمر ؛ فإنّك إن تعش ويطل بك بقاء فأنت لهذا الأمر خليق ، وبه حقيق ؛ في فضلك ودينك ، وعلمك وفهمك ، وسابقتك ونسبك وصهرك .
وليس في هذا القول إلاّ الخداع والتضليل ؛ فإنّ التقدّم في السن ليس له أيّ ترجيح في منصب الخلافة التي تتطلّب الطاقات الخلاّقة بما تحتاج إليه الاُمّة في الميادين السياسيّة والاقتصادية والقضائية ، ولا يملك أحد المسلمين ذلك غير الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) .
وأثارت مخادعة أبي عبيدة كوامن الألم في نفس الإمام ، فانبرى يخاطب المهاجرين قائلاً : الله الله يا معشر المهاجرين ، لا تخرجوا سلطان محمّد في العرب عن داره وقعر بيته إلى دوركم وقعر بيوتكم ، ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقّه ؛ فوالله يا معشر المهاجرين لنحن أحقّ الناس به ؛ لأنّا أهل البيت ، ونحن أحقّ بهذا الأمر منكم .
ما كان فينا القارئ لكتاب الله ، الفقيه في دين الله ، العالم بسنن رسول الله ، المضطلع بأمر الرعية ، الدافع عنهم الاُمور السيئة ، القاسم بينهم بالسوية ؟ والله إنّه لفينا ، فلا تتّبعوا الهوى فتضلّوا عن سبيل الله فتزدادوا من الحقّ بُعداً .
وحفلت هذه الكلمات بالصفات الرفيعة الماثلة في أهل بيت النبوّة من الفقه بدين الله ، والعلم بسنن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، والإحاطة بما تحتاج إليه الاُمّة في مجالاتها الاقتصادية والسياسيّة ولا تتوفّر بعض هذه الصفات في غيرهم ، ولو أنّ القوم استجابوا لنداء الإمام لجنّبوا العالم الإسلامي الكثير من المشكلات والأزمات ولكنّهم انسابوا وراء أطماعهم وشهواتهم وتهالكهم على الإمرة والسلطان .
وعلى أيّ حال ، فقد رجع الإمام (عليه السّلام) إلى داره لم يبايع أبا بكر ، وقد أحاطت به موجات من الأسى على ضياع حقّه وحرمان الاُمّة من قيادته ، وقد التاعت سيّدة النساء زينب وغزاها الحزن على ما حلّ بأبيها من الآلام والكوارث ؛ فقد رأته جالساً في بيته يساور الهموم والأحزان ، وحوله اُمّها سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السّلام) وهي تبكي أباها ، وتندبه بأشجى ما تكون الندبة ، وقد شاركت زوجها في مصابه على ضياع حقّه ، ونهب مركزه ومقامه .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|