المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17761 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



منهج التفسير وطبيعته عند الإمام الخميني  
  
2796   07:29 مساءاً   التاريخ: 27-09-2015
المؤلف : جواد علي كسار
الكتاب أو المصدر : فهم القرآن دراسة على ضوء المدرسة السلوكية
الجزء والصفحة : ص 147-157 .
القسم : القرآن الكريم وعلومه / علوم القرآن / التفسير والمفسرون / التفسير / مفهوم التفسير /

شهد التفسير بما له من عراقة تاريخية عتيدة تعود ببواكيره إلى عصر النبي منهجيات عديدة، حتّى يمكن الحديث عن علم مستقل عنوانه «علم منهجيات التفسير». لقد تفاوتت مداخل الباحثين ومنطلقاتهم في التنظير، إذ أراح بعضهم نفسه، بالحديث عن ثلاثة أنماط انتظمت منهجيات التفسير، هي :

1- نمط التفسير بالمأثور (1)، كما هو الحال مع تفاسير الطبري (224- 310 هـ) و العياشي السمرقندي (ت : 320 هـ)، و القمي (ت : 329 هـ) و السيوطي (ت : 911 هـ) و الحويزي (ت : 1112 هـ).

2- نمط التفسير الاجتهادي‏ (2)، كما هو الحال مع الطوسي (ت : 490 هـ)، و الرازي (ت : 606 هـ)، و القرطبي (671 هـ)، و الآلوسي (ت : 1270)، و البلاغي (1282- 1352 هـ).

3- ثمّ نمط التفسير العلمي و الأدبي و الاجتماعي‏ (3)، و هي منهجيات ازدهرت في العصر الحديث من أمثلتها تفسير الطنطاوي (1358 هـ)، و محمد عبده (ت : 1323 هـ)، و المراغي (1371 هـ)، و قطب (ت : 1386 هـ)، و الطباطبائي (ت : 1403 هـ)، و مغنية (ت : 1979 م) و شيرازي (معاصر) و غير هؤلاء كثير (4).

في حين توسعت أغلب الدراسات في تنويع منهجيات التفسير تبعا لتعدد تخصصات المفسّرين و اختلاف منطلقاتهم و مؤهلاتهم و قناعاتهم، فتحدثت عن المنهج القرآني و الأثري و اللغوي و البياني و المنهج الصوفي أو الباطني و المنهج العلمي و التاريخي و الموضوعي و الاجتماعي و الأدبي و الحركي و الفلسفي و هكذا (5).

بعضهم صنّف التفسير إلى اجتهادي درائي و غير اجتهادي ناظرا إلى أدوات المفسر و تأهيله و قدراته العلمية و مصادره‏ (6)، على حين تحدث بعض آخر عن ثلاثة اتجاهات بحسب مضمون المنهج هي الاتجاه التحليلي، و الاتجاه الإجمالي‏ و الاتجاه الموضوعي‏ (7).

كما أوضح بعضهم رأيه بالمسألة بإجمال أعقبه تفصيل، فذكر أنّ ما عاد فيه المفسر إلى النقل قرآنا و رواية فهو تفسير نقلي أو أثري على اعتبار أنّ المأثور لا يختص بالحديث وحده، أمّا إذا وظّف العقل في بيان معنى الآية عن طريق الآيات و الروايات، فهذا النمط يلتحق بالتفسير النقلي أيضا لأنّ العقل لم يستقل في التفسير، بل استخدم كمصباح و حسب.

في حين يعدّ التفسير عقليا إذا اعتمد فيه المفسر على العقل كمصدر لا كمصباح، و لجأ إلى استنباط بعض المبادئ التصورية و التصديقية من العقل البرهاني كمصدر ذاتي.

على هذا الضوء انتهى إلى تثليث منهج التفسير كما يلي :

1- تفسير القرآن بالقرآن.

2- تفسير القرآن بالسنة.

3- تفسير القرآن بالعقل‏ (8).

بلحاظ هذه الخلفية السريعة التي تتنوع بها حيثيات النظر، ننتقل إلى الإمام الخميني لنتبيّن موقفه من المسألة. يحسم الإمام موقفه بنص صريح يربط فيه بين المحتوى القرآني و الإطار التفسيري، و بين المقصد و المنهج، فيقول : «ما دام كتاب اللّه بالجملة هو كتاب معرفة و أخلاق و دعوة إلى السعادة و الكمال، فلا بد لكتاب التفسير أن يكون كتابا عرفانيا أخلاقيا، مبينا للجهات العرفانية و الأخلاقية و بقية ما ينطوي عليه القرآن من أبعاد الدعوة إلى السعادة» (9).

في الحقيقة رأينا فيما سلف أنّ الإمام لا يخفي تغليب الجانب المعنوي و وضع المقصد العرفاني على رأس مقاصد القرآن. فالقرآن عند الإمام : «كتاب لبناء الإنسان، ليس كتاب طبّ، و لا كتاب فلسفة، و لا كتاب فقه، كما أنّه ليس كتابا لبقية العلوم ... فإذا ما طالع الإنسان القرآن على نحو سليم، يجد أنّ كلّ ما فيه، و كلّ ما عرض له هو جنبة الالوهية، أجل إنّ فيه كلّ شي‏ء لكن من خلال الجنبة الالوهية» (10).

إنّ الجزء الأخير من النص يبرز لنا مقصود الإمام فيما يعنيه من أنّ القرآن كتاب عرفاني و أخلاقي و من ثمّ ينبغي لتفسيره أن يكون كذلك، كما أنّه يعالج إشكالية التعارض التي تبرز للوهلة الاولى بين نصوص الإمام. فبعض النصوص تؤكد أنّ القرآن كتاب حركة و مقاومة للظلم و الطواغيت، و كتاب دعوة إلى إقامة القسط و تأسيس الحكم و ما يرتبط بذلك، في حين يركّز بعضها الآخر على أنّه كتاب معرفة و تزكية و أخلاق ورقي معنوي.

لقد عرضنا لهذه الإشكالية فيما سبق من زاوية معينة. أمّا الآن فيمكن أن نطل عليها عبر زاوية اخرى، ملخصها أنّ العرفان عند الإمام ليس نزعة أو اتجاها أو منهجا في التفسير يتقاطع مع بقية المناهج و الاتجاهات، بل هو طابع يسبغ لونه على المناهج بأجمعها، و هو صيغة لا بدّ أن تتسم بها جميع الاتجاهات، و هو معنى يرمي بظلاله على القرآن كلّه.

بتعبير الإمام : «إنّ في القرآن كلّ شي‏ء، لكن من خلال الجنبة أو البعد الإلهي». ليس في القرآن شي‏ء مستقل لنفسه و مطلوب لذاته، بل الجميع مطلوب للارتقاء بالإنسان معنويا و سوقه نحو خالقه. العبادة و السياسة و الحكم و الاجتماع و كلّ شي‏ء يحويه القرآن، هو مقدمات ترفع الإنسان و تدفعه صوب معرفة اللّه و لقائه.

فالحكم مثلا ليس هدفا قائما بذاته، بل هو مطلوب لإقامة القسط و بسط العدل في ربوع الإنسانية {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد : 25] ، و إقامة القسط هو أيضا ليس هدفا نهائيا و مقصدا أعلى، بل هو مقدمة إلى المقصد الأعلى. يقول الإمام في نص دال : «ثمّ في هذا الكتاب الشريف مسائل أهمها المسائل المعنوية. إنّ الرسول الأكرم و بقية الأنبياء لم يأتوا لتأسيس حكومة، فهذا الغرض ليس مقصدا أعلى، كما أنّهم لم يأتوا لإيجاد العدالة، إذ لا يعدّ هذا الغرض مقصدا أعلى أيضا، بل هذه جميعها مقدمات.

إنّ جميع ما تجشمه [الرسل الكرام‏] بدءا من حضرة نوح إلى حضرة إبراهيم حتّى أن بلغ الأمر إلى الرسول الأكرم، و كلّ ما عانوه من الصعاب، و ما قاموا به من أعمال، إنّما كان مقدمة لمطلب هو تعريف ذات الحقّ. فالمقصد النهائي التام لكتب السماء و أسماها القرآن الكريم، هو تعريف الحقّ تعالى بكلّ ما له من أسماء و صفات» (11).

ففي القرآن إذن كلّ شي‏ء يختص برقي الإنسان و يسهم في كماله، بيد أنّه يمثل أهداف متوسطة و مقاصد فرعية، لغاية أعلى و مقصد أسمى هو الجانب‏ المعنوي الذي يتقدم حتّى على هدف عريض في الحياة الإنسانية كالعدل : «القرآن دعوة إلى المعنويات إلى الحد الذي يستطيع أن يبلغه الإنسان- و ما فوق ذلك أيضا- ثمّ هو دعوة إلى إقامة العدل» (12).

في ضوء هذه القاعدة التي تنصّ صراحة على تقدّم البعد المعنوي على غيره، ينبغي التعاطي مع بقية نصوص الإمام فيما تذكره من مقاصد و أهداف، إذ كلها تأتي مندرجة تحت هذا المقصد و مقدمات له، منها قول سماحته : «لا تختص دعوة الإسلام بالمعنويات كما لا تختص بالماديات، بل تتوفر على الاثنين معا. بمعنى أنّ الإسلام و القرآن الكريم جاءا كلاهما لبناء الإنسان و تربيته بجميع ما له من أبعاد» (13).

و محصّلة ذلك على صعيد التفسير تتمثّل بضرورة أن يبرز الجانب المعنوي مع كلّ خطوة من خطواته، و في ثنايا كلّ اتجاه من اتجاهاته، و من خلال كلّ منهج من مناهجه، فالبعد المعنوي و المقصد المعرفي هو قاسم مشترك أعظم يحوي جميع الاتجاهات و المناهج دون أن يلغيها، و في الوقت ذاته يرفض أن يقف عندها كغاية أخيرة و مقصد أعلى.

فقول الإمام : «ينبغي لكتاب التفسير أن يكون كتابا عرفانيا أخلاقيا، مبيّنا للأبعاد العرفانية و الأخلاقية في القرآن و بقية ما فيه من جهات الدعوة إلى السعادة» (14) ناظر إلى المقصد الأعلى و الغاية الأخيرة لكتاب اللّه، من دون تجميد لدوائر الفهم الاخرى أو إلغاء لبقية مستويات الإفادة من القرآن. و مغزاه أن لا تقف‏ حركة التفسير بكلّ اتجاهاتها و مناهجها و ألوانها عند المقاصد الفرعية و الأهداف المتوسطة، بل تنتبه على الدوام إلى المقصد الأعلى المتمثل بالبعد المعنوي و الأخلاقي الذي يسوق الإنسان إلى اللّه، و يجعله على مستوى الخلافة الأرضية متخلقا بأخلاق اللّه، محققا لمظاهر صفاته و أسمائه، على قدر طاقته، و قدرته على الارتقاء و التكامل. و إلّا فمن دون أن تنتبه حركة التفسير إلى هذا المغزى و المقصد الأعلى، فستفقد معناها و من بعد ذلك مسمّاها، فلا تستحق أن تكون تفسيرا، لأنّها انشغلت بالطريق عن الغاية : {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [إبراهيم: 1] ، و استغرقت بالمقدمات فتاهت عن المقصد : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24].

بودي أن أختم هذه الفقرة بنص رفيع من الإمام يدلّل على هذا المعنى و يوضحه بنحو تفصيلي. فالإمام في هذا النص و إن كان يتحدّث عن الفارق النوعي بين الجامعات الغربية و ما ينبغي أن تكون عليه الجامعات الإسلامية في طبيعة النظرة إلى العلوم، ليس الإنسانية وحدها بل العلوم المحضة أيضا، إلّا أنّ مغزى هذه المقارنة تصبّ في المعنى الذي ذكرناه للتفسير المعنوي أو المعرفي أو العرفاني المطلوب للقرآن الكريم. يقول سماحته : «ينبغي أن يكمن الفرق بين الجامعات الغربية و الجامعات الإسلامية في ذلك المشروع الذي يضعه الإسلام للجامعات.

فمهما كانت المرتبة التي تبلغها الجامعات الغربية فهي تبقى تدرك الطبيعة و لا تقوم بعملية توظيف الطبيعة من أجل المعنوية. أمّا الإسلام فلا ينظر إلى العلوم الطبيعية على نحو استقلالي، و مهما كانت المرتبة التي تبلغها العلوم الطبيعية بأجمعها، فهي لا تصل إلى ذلك الشي‏ء الذي يريده الإسلام و يقصده. إنّ الإسلام يوظف الطبيعة للواقع و يسوقهما معا صوب الوحدة و التوحيد.

إنّ جميع العلوم التي تذكرونها و الجامعات الأجنبية التي تمتدحونها- و هي تستحق المدح- لا تعدو أن تكون مجرد صفحة من صفحات العالم، و هي إلى ذلك صفحة أرقّ من بقية الصفحات. إنّ العالم بأسره من مبدأ الخير المطلق حتّى نقطة المنتهى هو موجود، و لا يعدو حظ الجزء الطبيعي منه إلّا أن يكون أسفل موجود، و إنّ العلوم الطبيعية جميعها هابطة جدا في مقابل العلوم الإلهية تماما، كما أنّ الموجودات الطبيعية هي أحط الموجودات في مقابل الموجودات الإلهية.

إنّ الفرق بين الإسلام و سائر الاتجاهات و المبادئ (لا أقصد الاتجاهات التوحيدية) ؛ بين الاتجاهات التوحيدية على رأسها الإسلام و بقية الاتجاهات و المدارس، يكمن في أنّ الإسلام يريد من هذه الطبيعة نفسها معنى آخر. فهو يريد من الطب الموجود معنى آخر، و من الهندسة المتداولة معنى آخر، و من علم الفلك القائم معنى آخر.

من يطالع القرآن الشريف يجد أنّ ما هو مطروح فيه هو البعد المعنوي لجميع العلوم الطبيعية و ليس البعد الطبيعي لها. و إنّ جميع التعقلات الموجودة في القرآن و ما فيه من أمر بالتعقل، هو أمر لنقل المحسوس إلى عالم التعقل، فعالم التعقل عالم أصيل، و هذه الطبيعة شبح من العالم، غاية ما في الأمر أنّنا ما دمنا في الطبيعة فنحن نرى هذا الشبح، و هذا الحظ النازل. لقد جاء في الحديث «إنّ اللّه تعالى ما نظر إلى الدنيا- أو إلى الطبيعة- منذ خلقها نظر رحمة». ليس معنى ذلك أنّ العالم و الطبيعة ليسا جزءا من الرحمة، إنّما المقصود هو النظر إلى ما وراء هذا العالم و ما وراء الطبيعة» (15).

بعطف هذه الرؤية على التفسير يتضح أنّ ما يرمي إليه الإمام من القول بأنّ تفسير القرآن ينبغي أن يكون معنويا و أخلاقيا، هو أن لا تقف رحلة التفسير مع القرآن عند الظواهر، و لا يجمد مسارها عند الأهداف المتوسطة و المقاصد الفرعية حتّى تلك التي تكون بمستوى إقامة العدل و تشييد حكم الجماعة الصالحة، فليست هذه امورا مستقلة مطلوبة لذاتها، بل هي تراد لما بعدها، و الغاية أو المقصد الأعلى يأتي من ورائها، كما ينبغي أن يكون اللّه (جل جلالهـ) حاضرا في كلّ لحظة من لحظاتها.

تقودنا هذه النتيجة إلى التمييز بين معنيين في مقولة «التفسير العرفاني» عند الإمام و التفريق بينها كما يلي :

الأوّل : تأتي كلمة عرفاني في بعض نصوص الإمام بمعنى معنوي و أخلاقي و معرفي، كما هو الحال في مطالبته أن يكون تفسير القرآن تفسيرا عرفانيا. و عندئذ فليس المراد أن يكون العرفان منهجا في مقابل المناهج الاخرى، بل يكون صفة تعمّ جميع المناهج التفسيرية، إذ ينبغي أن يبرز المعنى الأخلاقي و بعد معرفة اللّه في كلّ جهد تفسيري مهما كانت طبيعته و المقصد الذي يركز عليه، فالبعد المعنوي لا يغيب عن العقيدة و السياسة و المجتمع و الحركة و الاقتصاد و العلاقات الدولية و هكذا إلى بقية المرافق و النظم و الاهتمامات.

الثاني : يستخدم الإمام «التفسير العرفاني» في نصوص اخرى و يعني به المعنى المنهجي الخاص الذي يضع المنهج العرفاني بإزاء مناهج التفسير الاخرى.

فعند ما تحدّث مقدمة الدرس الأوّل من دروسه التفسيرية حول سورة «الفاتحة» عن تفاسير العرفاء نظير الشيخ الحاتمي محي الدين بن عربي (ت : 638 هـ) و عبد الرزاق الكاشاني (من عرفاء القرن الهجري الثامن) و السلطان علي شاه (من عرفاء القرن الثالث عشر الهجري)، كان يقصد بالتفسير العرفاني معناه المنهجي الذي يضعه في مقابل مناهج اخرى، كالمنهج اللغوي و الفلسفي و الاجتماعي و الحركي و هكذا.

كذلك عند ما يتحدّث في عرض واحد عن العرفاء و الفلاسفة و المتكلمين و الفقهاء و اختلاف اتجاهاتهم في التفسير و التعاطي مع الآيات، فسماحته هنا يقصد الكلام عن التفسير العرفاني بوصفه منهجا يلتزم به العرفاء بإزاء مناهج الفلاسفة و المتكلمين ثمّ الفقهاء و المحدّثين، حيث لا يخفي انحيازه إلى العرفاء و الحكماء و لا يتحفظ في نقد الاتجاهات الظاهرية في التفسير (16)، و إن كان ذلك لا يعني «تنزيه‏ جميع الفلاسفة مثلا أو العرفاء كافة» (17) كما يقول.

_________________________

(1)- التفسير و المفسّرون 2 : 21- 346.

(2)- نفس المصدر : 349- 439.

(3)- التفسير الأدبي و الاجتماعي هو معنى إيجابي يطلقه الباحث على التفاسير التي تحرّت مس روح القرآن و حقيقته و صياغة معانيه بأسلوب شيق و أخّاذ يقربه إلى أفهام الناس، فنأت عن الاستغراق بالمقدمات و الإسرائيليات و شحن التفسير بمصطلحات العلوم و الفنون إلّا بمقدار الحاجة، كما نبذت ما استطاعت نزعات التعصب إلى السلف و المذاهب و أعطت العقل حريته في النقد و التمحيص. و إذا كانت الزيادة في هذا الاتجاه هي من نصيب الشيخ محمد عبده في العصر الحديث، فإنّه قد بلغ ذروته مع الطباطبائي في «الميزان». ينظر : التفسير و المفسّرون 2 : 451- 454.

(4)- التفسير و المفسّرون 2 : 442- 479.

(5)- المبادئ العامة لتفسير القرآن الكريم : 77- 127.

(6)- تسنيم 1 : 58، و مواضع اخرى.

(7)- مصادر التفسير الموضوعي : 48.

(8)- تسنيم 1 : 58- 59.

(9)- آداب الصلاة : 193.

(10)- صحيفه امام 8 : 437- 438.

(11)- صحيفه امام 20 : 409.

(12)- نفس المصدر 17 : 528.

(13)- نفس المصدر 4 : 184.

(14)- آداب الصلاة : 193.

(15)- صحيفه امام 8 : 433- 434.

(16)- في تفسير آيات مثل قوله : { {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} [الحديد: 3] ، و قوله : {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النور: 35] ، و قوله‏ {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ} [الزخرف: 84] ، و قوله : {وَهُوَ مَعَكُمْ } [الحديد: 4] : يسجل الإمام نصا اختلاف علماء الظاهر و الفقهاء و المحدثين عن تفسير أهل المعرفة و الباطن اختلافا كليا.

راجع : آداب الصلاة : 185. كما راجع أيضا في نقد الاتجاه الظاهري : ص 148- 155.

كما أكد في حديث مهم إلى مجموعة العلماء أوائل صيف 1983 على ضرورة البعد العرفاني لتلمس بعض حقائق القرآن، راجع : صحيفه امام 18 : 119- 120 و 261- 262.

راجع أيضا في الحديث عن العرفان كمنهج في مقابل المناهج الأخرى كتابه «الأربعون حديثا». أمّا في تفسير سورة حمد الذي بدأ به الإمام أوائل انتصار الثورة الإسلامية عام- 1979، فقد تحدث أيضا عن اختلاف مناهج العرفاء و الفلاسفة و الفقهاء في التفسير، بيد أنّه ذكر أنّه بصدد المصالحة بين هذه الاتجاهات لأنّها لا تعدو أن تكون لغات متعدّدة و مشارب مختلفة لحقيقة واحدة، و ذلك في بادرة تعيد إلى الأذهان الطموح الصدرائي في التوفيق بين البرهان و البيان (القرآن) و العرفان عبر مشروع الحكمة المتعالية، كما سيأتي الحديث عن ذلك في فصل مستقل.

راجع : تفسير سورة حمد : 175 فما بعد ، حيث يطرح الإمام هناك مشروعه للمصالحة.

(17)- تفسير سورة حمد: 176.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .