المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



الإمام يأذن لأصحابه بمفارقته  
  
2955   03:38 مساءً   التاريخ: 7-8-2017
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : العباس بن علي
الجزء والصفحة : ص179-183.
القسم : أبو الفضل العباس بن علي بن أبي طالب / دوره الكبير في النهضة الحسينية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-8-2017 3202
التاريخ: 7-8-2017 2692
التاريخ: 8-8-2017 3508
التاريخ: 3-9-2017 3271

جمع ريحانة رسول الله (صلى الله عليه واله) أهل بيته وأصحابه في ليلة العاشر من المحرم وعرض عليهم ما يلاقيه من الشهادة وطلب منهم أن ينطلقوا في رحاب الأرض ويتركوه وحده ليقلى مصيره المحتوم وقد أراد بذلك أن يكونوا على بيّنة من أمرهم فقال لهم : أثني على الله أحسن الثناء وأحمده على السرّاء والضرّاء ... اللهمّ إني أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوة وعلّمتنا القرآن وفهّمتنا في الدين وجعلت لنا أسماعاً وأبصاراً وأفئدة ولم تجعلنا من المشركين.
أمّا بعد : فإنّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي ولا أهل بيت خيراً من أهل بيتي فجزاكم الله جميعاً عنّي خيراً ألا وانّي لاَظنّ يومنا من هؤلاء الأعداء غداً واني قد أذنت لكم جميعاً فانطلقوا في حلّ ليس عليكم منّي ذمام وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً وليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي فجزاكم الله جميعاً خيراً ثم تفرّقوا في سوادكم ومدائنكم حتى يفرج الله فان القوم انّما يطلبونني ولو أصابوني لُهوا عن طلب غيري ...   .
وتمثّلت روعة الإيمان وسرّ الإمامة بهذا الخطاب العظيم الذي كشف جانباً كبيراً عن نفسية أبي الأحرار فقد تجنّب في هذا الموقف الدقيق الحاسم جميع ألوان المنعطفات ووضع أصحابه وأهل بيته أمام الأمر الواقع فقد حدد لهم النتيجة التي لا مفرّ منها وهي القتل والتضحية وليس هناك أي شيء آخر من متع الدنيا وقد طلب منهم أن يخلوا عنه وينصرفوا تحت جنح الظلام فيتخذونه ستراً دون كل عين فلعلّهم يخجلون أن يبتعدوا عنه في وضع النهار فقد جعلهم في حلّ من التزاماتهم تجاهه وقد عرّفهم أنّه بالذات هو الهدف لتلك الوحوش الكاسرة المتعطشة إلى سفك دمه فإذا ظفروا به فلا إرب لهم في طلب غيره.
جواب أهل البيت : ولم يكد يفرغ الإمام من خطابه حتى هبّت الصفوة من أهل البيت : وعيونهم تفيض دموعاً وهم يعلنون ولاءهم له وتضحيتهم في سبيله وقد مثلهم أبو الفضل العباس (عليه السلام) فخاطب الإمام قائلاً : لم نفعل ذلك ؟!! لنبقى بعدك لا أرانا الله ذلك أبداً .. .
والتفت الإمام إلى السادة من ابناء عمّه من بني عقيل فقال لهم : حسبكم من القتل بمسلم اذهبوا فقد اذنت لكم ... .
وهبّت فيتة آل عقيل كالأسود تتعالى أصواتهم قائلين : إذن ما يقول الناس : وما نقول : إنا تركنا شيخنا وسيّدنا وبني عمومتنا خير الأعمام ولم نرم معهم بسهم ولم نطعن برمح ولم نضرب بسيف ولا ندري ما صنعوا لا والله لا نفعل ولكن نفديك بأنفسنا واموالنا وأهلينا نقاتل معك حتى نرد موردك فقبّح الله العيش بعدك ...   .
لقد صمّموا على حماية الإمام العظيم والدفاع عن أهدافه ومبادئه واختاروا الموت تحت ظلال الأسنّة على الحياة التي لا هدف فيها.
أمّا أصحاب الإمام (عليه السلام) فهم أحرار هذه الدنيا وقد اندفعوا يعلنون للإمام (عليه السلام) الفداء والتضحية دفعاً عن المبادئ المقدّسة التي ناضل من أجلها الإمام وقد انبرى مسلم بن عوسجة فخاطب الإمام قائلاً : أنحن نخلّي عنك وبماذا نعتذر إلى الله في اداء حقّك أما والله لا أفارقك حتى أطعن في صدورهم برمحي وأضرب بسيفي ما ثبت قائمه بيدي ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم لقذفتهم بالحجارة حتى أموت معك .. .
لقد عبّرت هذه الكلمات عن عميق إيمانه بريحانة رسول الله (صلى الله عليه واله) وانّه سيذبّ عنه حتى النفس الأخير من حياته.
وانبرى بطل آخر من أصحاب الإمام وهو سعيد بن عبد الله الحنفي فخاطب الإمام قائلاً : والله لا نخلّيك حتى يعلم الله أنا قد حفظنا غيبة رسوله (صلى الله عليه واله) فيك أما والله لو علمت أنّي أقتل ثم أحيا ثم أحرق ثم أذرى يفعل بي ذلك سبعين مرّة لما فارقتك حتى ألقى حمامي دونك وكيف لا أفعل ذلك وانّما هي قتلة واحدة ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبدا ... .
وليس في قاموس الوفاء أصدق ولا أنبل من هذا الوفاء فهو يتمنّى من صميم قلبه أن تجري عليه عملية القتل سبعين مرّة ليفدي الإمام (عليه السلام) ليحفظ بذلك غيبة رسول الله (صلى الله عليه واله) وكيف لا يستطيب الموت في سبيله وانّما هو مرّة واحدة ثم هي الكرامة الاَبدية التي لا انقضاء لها.
وانبرى زهير بن القين فأعلن نفس الاتجاه الذي أعلنه المجاهدون من إخوانه قائلاً : والله لوددت أنّي قُتلت ثم نشرت ثم قتلت حتى أقتل ألف مرّة وان الله عزّ وجلّ يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتيان من أهل بيتك ..   .
أرأيتم وفاء هؤلاء الأبطال فهل تجدون لهم مثيلاً في تأريخ هذه الدنيا لقد ارتفعوا إلى مستوى من النبل والشهامة لم يبلغه أي إنسان وقد أعطوا بذلك الدروس المشرقة في الدفاع عن الحق.
وأعلن بقيّة أصحاب الإمام (عليه السلام) الترحيب بالشهادة في سبيل إمامهم فجزاهم خيراً وأكّد لهم جميعاً أنّهم سينعمون في الفردوس الأعلى ويحشرون مع النبيين والصدّيقين وهتفوا جميعاً :  الحمد لله الذي أكرمنا بنصرك وشرّفنا بالقتل معك أو لا ترضى أن نكون معك في درجتك يا بن رسول الله ..   .
لقد أُترعت نفوس هؤلاء الأبطال بالإيمان العميق فتحرّروا من جميع ملاذ الحياة ولهوها واتجهوا صوب الله فرفعوا راية الإسلام عالية خفّاقة في رحاب هذا الكون.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.