أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-8-2017
3202
التاريخ: 7-8-2017
2692
التاريخ: 8-8-2017
3508
التاريخ: 3-9-2017
3271
|
جمع ريحانة رسول الله (صلى الله عليه واله) أهل بيته وأصحابه في ليلة العاشر من المحرم وعرض عليهم ما يلاقيه من الشهادة وطلب منهم أن ينطلقوا في رحاب الأرض ويتركوه وحده ليقلى مصيره المحتوم وقد أراد بذلك أن يكونوا على بيّنة من أمرهم فقال لهم : أثني على الله أحسن الثناء وأحمده على السرّاء والضرّاء ... اللهمّ إني أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوة وعلّمتنا القرآن وفهّمتنا في الدين وجعلت لنا أسماعاً وأبصاراً وأفئدة ولم تجعلنا من المشركين.
أمّا بعد : فإنّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي ولا أهل بيت خيراً من أهل بيتي فجزاكم الله جميعاً عنّي خيراً ألا وانّي لاَظنّ يومنا من هؤلاء الأعداء غداً واني قد أذنت لكم جميعاً فانطلقوا في حلّ ليس عليكم منّي ذمام وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً وليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي فجزاكم الله جميعاً خيراً ثم تفرّقوا في سوادكم ومدائنكم حتى يفرج الله فان القوم انّما يطلبونني ولو أصابوني لُهوا عن طلب غيري ... .
وتمثّلت روعة الإيمان وسرّ الإمامة بهذا الخطاب العظيم الذي كشف جانباً كبيراً عن نفسية أبي الأحرار فقد تجنّب في هذا الموقف الدقيق الحاسم جميع ألوان المنعطفات ووضع أصحابه وأهل بيته أمام الأمر الواقع فقد حدد لهم النتيجة التي لا مفرّ منها وهي القتل والتضحية وليس هناك أي شيء آخر من متع الدنيا وقد طلب منهم أن يخلوا عنه وينصرفوا تحت جنح الظلام فيتخذونه ستراً دون كل عين فلعلّهم يخجلون أن يبتعدوا عنه في وضع النهار فقد جعلهم في حلّ من التزاماتهم تجاهه وقد عرّفهم أنّه بالذات هو الهدف لتلك الوحوش الكاسرة المتعطشة إلى سفك دمه فإذا ظفروا به فلا إرب لهم في طلب غيره.
جواب أهل البيت : ولم يكد يفرغ الإمام من خطابه حتى هبّت الصفوة من أهل البيت : وعيونهم تفيض دموعاً وهم يعلنون ولاءهم له وتضحيتهم في سبيله وقد مثلهم أبو الفضل العباس (عليه السلام) فخاطب الإمام قائلاً : لم نفعل ذلك ؟!! لنبقى بعدك لا أرانا الله ذلك أبداً .. .
والتفت الإمام إلى السادة من ابناء عمّه من بني عقيل فقال لهم : حسبكم من القتل بمسلم اذهبوا فقد اذنت لكم ... .
وهبّت فيتة آل عقيل كالأسود تتعالى أصواتهم قائلين : إذن ما يقول الناس : وما نقول : إنا تركنا شيخنا وسيّدنا وبني عمومتنا خير الأعمام ولم نرم معهم بسهم ولم نطعن برمح ولم نضرب بسيف ولا ندري ما صنعوا لا والله لا نفعل ولكن نفديك بأنفسنا واموالنا وأهلينا نقاتل معك حتى نرد موردك فقبّح الله العيش بعدك ... .
لقد صمّموا على حماية الإمام العظيم والدفاع عن أهدافه ومبادئه واختاروا الموت تحت ظلال الأسنّة على الحياة التي لا هدف فيها.
أمّا أصحاب الإمام (عليه السلام) فهم أحرار هذه الدنيا وقد اندفعوا يعلنون للإمام (عليه السلام) الفداء والتضحية دفعاً عن المبادئ المقدّسة التي ناضل من أجلها الإمام وقد انبرى مسلم بن عوسجة فخاطب الإمام قائلاً : أنحن نخلّي عنك وبماذا نعتذر إلى الله في اداء حقّك أما والله لا أفارقك حتى أطعن في صدورهم برمحي وأضرب بسيفي ما ثبت قائمه بيدي ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم لقذفتهم بالحجارة حتى أموت معك .. .
لقد عبّرت هذه الكلمات عن عميق إيمانه بريحانة رسول الله (صلى الله عليه واله) وانّه سيذبّ عنه حتى النفس الأخير من حياته.
وانبرى بطل آخر من أصحاب الإمام وهو سعيد بن عبد الله الحنفي فخاطب الإمام قائلاً : والله لا نخلّيك حتى يعلم الله أنا قد حفظنا غيبة رسوله (صلى الله عليه واله) فيك أما والله لو علمت أنّي أقتل ثم أحيا ثم أحرق ثم أذرى يفعل بي ذلك سبعين مرّة لما فارقتك حتى ألقى حمامي دونك وكيف لا أفعل ذلك وانّما هي قتلة واحدة ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبدا ... .
وليس في قاموس الوفاء أصدق ولا أنبل من هذا الوفاء فهو يتمنّى من صميم قلبه أن تجري عليه عملية القتل سبعين مرّة ليفدي الإمام (عليه السلام) ليحفظ بذلك غيبة رسول الله (صلى الله عليه واله) وكيف لا يستطيب الموت في سبيله وانّما هو مرّة واحدة ثم هي الكرامة الاَبدية التي لا انقضاء لها.
وانبرى زهير بن القين فأعلن نفس الاتجاه الذي أعلنه المجاهدون من إخوانه قائلاً : والله لوددت أنّي قُتلت ثم نشرت ثم قتلت حتى أقتل ألف مرّة وان الله عزّ وجلّ يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتيان من أهل بيتك .. .
أرأيتم وفاء هؤلاء الأبطال فهل تجدون لهم مثيلاً في تأريخ هذه الدنيا لقد ارتفعوا إلى مستوى من النبل والشهامة لم يبلغه أي إنسان وقد أعطوا بذلك الدروس المشرقة في الدفاع عن الحق.
وأعلن بقيّة أصحاب الإمام (عليه السلام) الترحيب بالشهادة في سبيل إمامهم فجزاهم خيراً وأكّد لهم جميعاً أنّهم سينعمون في الفردوس الأعلى ويحشرون مع النبيين والصدّيقين وهتفوا جميعاً : الحمد لله الذي أكرمنا بنصرك وشرّفنا بالقتل معك أو لا ترضى أن نكون معك في درجتك يا بن رسول الله .. .
لقد أُترعت نفوس هؤلاء الأبطال بالإيمان العميق فتحرّروا من جميع ملاذ الحياة ولهوها واتجهوا صوب الله فرفعوا راية الإسلام عالية خفّاقة في رحاب هذا الكون.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|