أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-6-2017
1917
التاريخ: 26-4-2018
8555
التاريخ: 20-6-2017
1780
التاريخ:
3500
|
وأما الدولة العباسية فلم تبلغ طاعة الناس لها ما بلغت هذه الدولة ، مع أن مدتها طالت حتى تجاوزت خمسمائة سنة، ومملكتها عرضت حتى إن بعضهم جبى معظم الدنيا. وحاصل الدنيا في أيام الرشيد في حسبةٍ جامعة تشتمل عليه كتب التواريخ يدل على ذلك. فأما أوائلهم فجبوا شطراً صالحاً من الدنيا، وقويت شوكتهم كالمنصور والمهدي والرشيد والمأمون والمعتصم والمعتضد والمتوكل، ومع ذلك لم تكن دولتهم تخلو من ضعفٍ ووهنٍ من عدة جهات، منها امتناع الروم عليهم، وقيام الحرب بينهم وبين ملوكها النصارى في كل سنة على ساق، ومع ذلك كانت جبايتها تستصعب عليهم، وملوكها لا يزالون على الامتناع منهم، وقد كان من أمر المعتصم وعمورية ما بلغك.
ومن أسباب الوهن الواقع في دولتهم خروج الخوارج في كل وقت. فأما المنصور فلم يشرب ريقاً حلواً من ذلك، وخرج عليه النفس الزكية محمد ابن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب، عليهم السلام، بالحجاز، فجرت بينه وبينه حروب أفضت إلى إرسال عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس إلى الحجاز لمحاربة النفس الزكية، فقتله بموضع قريب من المدينة يقال له أحجار الزيت، ولذلك سمي النفس الزكية قتيل أحجار الزيت، وخرج عليه أخو النفس الزكية وهو إبراهيم ابن عبد الله بالبصرة فقلق المنصور لذلك غاية القلق وقام وقعد، حتى توجه إليه عيسى بن موسى فقتله بقرية قريبة من الكوفة يقال لها باخمرى، فهو يعرف بقتيل باخمري، رضي الله عنه، ومن هاهنا حقد المنصور على العلويين وفعل بهم تلك الأفاعيل، وكذلك جرى أمر الخوارج مع خليفةٍ خليفة، حتى كان الرعية لا ينامون في بيوتهم آمنين، ولا يزالون يتوقعون الفتنة والحرب، كما كان حال أهل قزوين في مجاورة قلاع الملاحدة.
حدثني الملك إمام الدين يحيى بن الافتخاري، قال: أذكر ونحن بقزوين إذا جاء لليل جعلنا جميع ما لنا من أثاث وقماش ورحل في سراديب لنا في دورنا غامضةً خفيةً، ولا نترك على وجه الأرض شيئاً خوفاً من كبسات الملاحدة، فإذا أصبحنا أخرجنا أقمشتنا، فإذا جاء الليل فعلنا كذلك، ولأجل ذلك كثر حمل القزاونة للسكاكين وكثر حملهم للسلاح، وما زال الملاحدة على ذلك حتى كان من أمر شمس الدين قاضي قزوين، وتوجهه إلى قان وإحضار العسكر وتخريب قلاع الملاحدة ما كان، وليس هذا الموضع موضع استيفاء الكلام في هذا، فإنه اعترض وليس بمقصود.
وكما جرى للموفق بن المتوكل في مرابطة الزنج أربع عشرة سنة، ما زال يصابرهم من البصرة وواسط طول هذه المدة حتى أفناهم، وكان لطول المدة قد ابتنى الزنج هناك مدائن ثم خربت وآثارها الآن باقية.
أواخر العباسيين
وأما أواخرهم، أعني أواخر خلفاء بني العباس، فضعفوا غاية الضعف حتى عصت تكريت عليهم، وفي ذلك يقول شاعرهم:
في العسكر المنصور نحن عصابة *** من دولةٍ أخسس بنا من معشر
خـــذ عقلنا مــــن عقدنا فبما ترى *** مـــن خسةٍ ورقــــــاعةٍ وتهور
تكريت تعجـزنا ونحــــن بعقلـــــنا *** نمضــــي لنأخذ ترمذاً من سنجر
وكانوا، أعني المتأخرين من خلفاء بني العباس، قد اقتصروا في آخر الأمر على مملكة العراق فحسب، حتى إن إربل لم تكن في حكمهم، وما زالت خارجة عن حكمهم إلى أن مات مظفر الدين علي كوجك صاحب إربل، وذلك في أيام المستنصر، فعين علي شرف الدين إقبال الشرابي، وكان مقدم الجيوش ليتوجه إلى إربل ليفتحها، وجهزه بالعساكر، فتوجه الشرابي إليها وأقام عليها أياماً محاصراً ثم فتحها، فضربت البشائر ببغداد يوم وصول الطائر بفتحها. فانظر إلى دولة تضرب البشائر على أبواب صاحبها ويزين البلد لأجل فتح قلعة إربل التي هي اليوم في هذه الدولة من أحقر الأعمال وأصغرها وأهونها، بلى قد كان ملوك الأطراف مثل ملوك الشأم ومصر وصاحب الموصل يحملون إليهم في كل سنة شيئاً على سبيل الهدية والمصانعة، ويطلبون منهم تقليداً بولاية بلادهم بحيث يتسلطون بذلك على رعيتهم، ويوجبون عليهم طاعتهم بذلك السبب. ولعل الخلفاء قد كانوا يعوضون ملوك الأطراف عن هداياهم بما يناسبها أو يفضل عنها، كل ذلك لحفظ الناموس الظاهر، وليكون لهم في البلاد والأطراف السكة والخطبة، حتى صار يضرب مثلاً لمن له ظاهر الأمر وليس له من باطنه شيء أن يقال: قنع فلان من الأمر الفلاني بالسكة والخطبة، يعني قنع منه بالاسم دون الحقيقة، فهذه جمل من أحوال الدولة العباسية.
وأما الدولتان البويهية والسلجوقية فلم تعرض مملكتها مع قوة شوكة ملوكهما كعضد الدولة في بني بويه وطغرلبك في بني سلجوق، ولم تعم طاعتهما ولم يشمل ملكهما. وأما الدولة الخوارزمشاهية مع أن جريدة السلطان جلال الدين اشتملت على أربعمائة ألف فلم يعرض ملكها أيضاً، ولا تجاوزت النواحي القريبة منها، بلى جلال الدين غزا أطراف الهند.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|