المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تفسير{اهدنا الصراط المستقيم }
2024-06-24
تفسير{اياك نعبد واياك نستعين}
2024-06-24
تفسير{مالك يوم الدين}
2024-06-24
تفسير{الحمد لله رب العالمين}
2024-06-24
تفسير{بسم الله الرحمن الرحيم}
2024-06-24
تفسير الاستعاذة
2024-06-24

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


نطاق الدعوى الجزائية العيني ( الحدود العينية للدعوى الجزائية )  
  
9125   09:31 صباحاً   التاريخ: 10-5-2017
المؤلف : ايمن صباح جواد راضي اللامي
الكتاب أو المصدر : مدى سلطة المحكمة في تعديل نطاق الدعوى الجزائبة
الجزء والصفحة : ص33-51
القسم : القانون / القانون العام / المجموعة الجنائية / قانون اصول المحاكمات الجزائية /

تقوم عينية الدعوى الجزائية مقام النصف الآخر المكون لنطاق تقيد الدعوى أي هي الحد الثاني . وقبل الخوض في مضامين العينية نود أن نوضح أن تناول مسألة العينية يستوجب الخوض في محاور فرعية تتفرع عن هذا المفهوم وهي ليست بتلك الرؤيا الواضحة لمبدأ الشخصية . بل تحتوي على تفاصيل لا يمكن إلا مناقشتها . عليه سوف نقسم هذا الموضوع على أربعة فروع ووفق الآتي :

الفرع الأول

مدلول العينية

يقصد بالعينية في الدعوى الجزائية  تقيد المحكمة بعين الوقائع المرفوع بها الدعوى ، بحث لا يجوز معاقبة المتهم عن واقعه لم تحرك بها الدعوى الجزائية ولو تضمنتها أوراق الدعوى أو أثبتتها البينة المقدمة(1) . أي أن سلطة الاتهام عندما تتقدم بالدعوى فأنها تنسب الى شخص المتهم وقائع معينة فعلى المحكمة الداخلة بحوزتها الدعوى عدم الخروج عن أصل هذه الوقائع الى أخرى لم يتضمها قرار الإحالة أو ورقة التكليف الحضور . وهذا الكلام ينطبق في الوقت ذاته على محكمة التمييز التي لا يمكن لها أن تتدخل بنظر وقائع لم تحتويها ورقة التكليف بالحضور أو قرار الإحالة(2) .  وهنا يسوّغ الشق الآخر من مقولة ان الدعوى عينية بالنسبة للوقائع أي أن المحكمة لا تخرج عن حدود الوقائع التي رفعت بها الدعوى فلا يعاقب أحد على وقائع أقيمت بعد رفع الدعوى أو لم تكن محددة سلفاً عند رفعها .والوقائع التي نقصدها هنا هي تلك التي تحدد في الاتهام الموجه الى المتهم والتي تتضمنها الإحالة(3) . وقد يسأل سائل عن حقيقة الوقائع التي ترد في قرار الإحالة أو ما يسمى في بعض الدول بقرار الاتهام . أن قرار الإحالة هو خلاصة مرحلة التحقيق وفية نتائج ما توصل إليه القائمون عليه والوقائع التي فيه هي التي تم التحقيق فيها وبالتالي فأن المتهم قد عرفها وليس هناك ما يسوّغ عدم إدخالها الى حوزة المحكمة والإدخال بحد ذاته هو ترجيح الإدانة كما هو معلوم. وبهذا فأن الحكمة في إدراج قاعدة العينية هي تحقيق العدالة بعدم معاقبة ومحاكمة شخص عن وقائع قامت جهة المحكمة نفسها بإضافتها، وبذلك فهي تفاجئ المتهم وتمس حق الدفاع وتخل بالعدالة إذ ما فعلت ذلك . ومعيار التفرق بين الوقائع المحركة بها الدعوى من تلك التي حكمت بها المحكمة هو مدى استقلال كل منهما عن الأخرى من خلال استقلال عناصرها وذاتية حركتها الإجرامية أو السلوك الإجرامي ، دون دخول التكييف المضاف عليها ضمن هذا التقيد .

وتجدر الإشارة الى أن قيد عينية الدعوى الجزائية هو قيد موضوعي لا يتعلق بأشخاص الدعوى . أي أن المتهم مثلاً اذا اتهم في ضرب (س) من الناس ثم حكمت المحكمة بإدانته لضربه (ص) ، فلا يمكن هنا أن تحكم ببرائة ضرب (س) والحكم عليه بالإدانة لضربه (ص) لتغير وقائع الجريمة المنسوبة إليه بل إحالته والتحقيق في جريمة من ضرب(ص) (4) . خلاصة القول أن الدعوى الجزائية بما تحتويه من سلوك إجرامي يمثل في حقيقته وقائع الجريمة التي يطالب ممثل المجتمع ( النيابة العامة أو الإدعاء العام ) الحكم على مرتكبها بالجزاء المقرر عليه قانوناً. ولا يمكن للمحكمة التي تنظر الدعوى الجزائية أن تحاكم المتهم المحال عليها عن وقائع غير التي تضمنها أمر التكليف بالحضور أو قرار الإحالة . وذلك كله تحت المسوّغات ذاتهاالتي قيلت لمبدأ شخصية الدعوى الجنائية ، وهي حماية حق الدفاع للمتهم في فرصة التقاضي لمراحل متعددة حول ما ينسب إليه ارتكابه من جرائم وعدم مفاجئته بوقائع لم يعد العدة للدفاع عن نفسه في مواجهتها، وبالتالي الحفاظ على جوهر العدالة المفترض في حياد القاضي المختص دون بخس حق المحكمة أن تعمل سلطتها في تغير تكييف تلك الوقائع الإجرامية أو تغير بعض التفاصيل فيها نتيجة ما تجريه هي من تحقيق في سبيل رد الواقعة الى حقيقتها مشروطاً بعدم إحلال واقعة محل تلك التي رفعت بها الدعوى ولو كانت الواقعة الجديدة مطابقة للواقع(5). ويعد مبدأ تقيد الدعوى الجزائية سواء من الناحية الشخصية أو العينية من قواعد النظام الإجرائي الرئيسة والجوهرية التي تتعلق بالنظام العام، والتي لا يمكن التنازل عنها . ويمكن إثارتها بالطعن أمام محكمة التمييز ولو لأول مرة(6). وقد أورد بعض الفقهاء ما يفيد إمكانية قبول إدخال وقائع جديدة لكن بشرط أن يتم هذا الإدخال من قبل سلطة الاتهام نفسها أو عن طريق المدعي المدني في الدعوى المباشرة بعد مواجة المتهم بها أو مع إعلانه بها إذا كان غائباً . وأن يكون أمام محاكم الدرجة الأولى حصراً(7) . لذلك يتبين لنا أن ما يورده ذلك الجانب من الفقه بإمكانية إقامة وقائع جديدة بشروط معينة من الصعب القبول به كون فكرة العدالة ليست فكرة شخصية بل هي فكرة موضوعية شاملة . كما أن مجرد إضافة واقعة الى سير المحاكمة دون وجودها أصلاً في مرحلة الاتهام أو مرحلة التحقيق تمثل انتهاكاً لحق الدفاع والتقاضي لمراحل متعددة من تحقيق ومحاكمة وطعن ، ومن جهة اخرى فأن الوقائع الجديدة غالباً ما  تكون قاصرة من حيث إجراءات الاستقصاء والتحقيق التي مرت بها طالما عرضها قد تم أول مرة في مرحلة المحاكمة لا يعلم المتهم بها شيئاً ، إذ ان مرحلة المحاكمة مرحلة استقصائية لاحقة الى جانب مرحلة التحقيق لا يمكن الاستغناء عن أحدهما . بل أن القانون حتى في الحالات الاستثنائية التي منح القانون بالمحكمة سلطة تحريك الدعوى الجزائية في بعض جرائم الجلسات الزم المحكمة بعرض الموضوع وإحالته الى قضاء التحقيق للتحقيق فيه. لذلك يُعد هذا الرأي القائل بإمكانية أدخال بعض الوقائع الجديدة بشروط معينة استثناءاً خطير على مبدأ تقيد الدعوى بشقه العيني يوجب عدم الأخذ به لمتطلبات صيانة حق الدفاع وللثبوت الرصين للمبادئ الإجرائية بعدم جعلها عرضاً للاستثناءات المتكررة .

الفرع الثاني

الواقعة كمناط لفكرة العينية

مبدأ التقيد المطروح للبحث لا يثير أي صعوبة في شقه المتعلق بالتقيد بأشخاص الدعوى، فتحقق مخالفة المبدأ في كل حالة توجه فيه المحكمة إجراءاتها الى شخص باعتباره متهماً سواء بوصفه فاعلاً أم شريكاً ما دام أن هذا الشخص لم تحرك عليه الدعوى الجزائية ممن يملكها قانوناً . أي لم يعين بصفة المتهم بها في المحكمة في ورق التكليف بالحضور أو في قرار الإحالة أو لم توجه إليه التهمة من السلطة المختصة . لكن الصعوبة تبدو في تطبيق هذا المبدأ في شقة المتعلق بالتقيد بوقائع الدعوى حيث يتطلب الأمر تحديد مفهوم الواقعة في هذا الشأن وفقاً للأساس الذي يقوم عليه نطاق الدعوى أو الغرض الذي يهدف الى تحقيقه .

ولقد أثار هذا الشق في القاعدة المتعلق بمفهوم الواقعة التي تتقيد بها المحكمة نقاشاً فقهياً ، فذهب جانب من الفقه الى أن الواقعة يقصد بها العناصر المكونة للجريمة سواء كانت عناصر مادية (موضوعية) أو عناصر شخصية (الذاتية) . حيث يرى هذا الجانب الفقهي أن التماثل يتحقق متى ما كانت الواقعة التي فصلت بها المحكمة هي ذاتها المحركة عنها الدعوى بذات المقومات المادية والمعنوية أي التي يتكون منها الركن المادي والمعنوي لتفاصيل الاتهام الوارد في أمر التكليف بالحضور أو قرار الإحالة(8) . أي التقيد المطلق للأفعال والاتهام أيضاً . أي التقيد بالأفعال والنصوص القانونية والمقصود بالواقعة بحسب هذا الرأي لا يتعدى معنيين:

الأول : فأما المقصود بالتقيد بالحقائق ، والحقائق تشمل كل ما ورد في قرار الاتهام من عناصر مادية ومعنوية . أصلية كانت أم تبعية وبالتالي جميع تفاصيل الاتهام ، وهذا المعنى يؤدي حتماً الى تقيد القاضي المطلق بالاتهام دون تدخل في ما لم يدخل في حوزته من حقائق . وحسب هذا القول فأنه يختلف عن تطبيق قاعدة التقيد بالاتهام في القانون الذي يعترف للقاضي بسلطات واسعة في إضافة حقائق جديدة لم تكن ضمن ما جاء بقرار الاتهام . كما هو عليه الحال في القانون الفرنسي والمصري وحتى العراقي . بعكس الحال في القانون الانكلوسكسوني(9) . أما المعنى الثاني فهو يعني الفعل ، والفعل هنا ليس بمفهوم الحركة العضوية المادية البحتة كما أخذ به جانب من الفقه المصري(10) عند تفسيره نص المادة (307) المكرسة لمبدأ التقيد . إنما الفعل الذي تقصده هو معنى الجريمة . أي أن المقصود بالواقعة المراد تقيد المحكمة بها هي الجريمة(11). بجانبها المادي والمعنوي وليس الجانب المادي فقط(12). وحتى يصبح سياق الطرح متناسقاً مع فكرة العرض نود توضيح أن مفهوم الواقعة بأنصرافه الى معنى الجريمة فأنه مقصور على أركان الجريمة في التقيد دون النص الذي يعاقب عليها أو ما يلحقها من عناصر تبعية كالظروف . بعبارة أخرى فأن الدعوى بحد ذاتها تشتمل على الركن المعنوي والركن المادي وعلى القاضي التقيد بهما وعدم الخروج عنها . كونهما يعكسان مفهوم الجريمة المرتكبة وبالتالي الواقعة ثم العينية التي هي شق مبدأ التقيد المراد بحثه أو النطاق العيني . ومفاد ما تقدم أن الواقعة تعني الفعل وليس الحقائق والفعل هنا ليس بمفهومه الحركي إنما يفيد معنى الجريمة من حيث الأركان فقط دون النص الذي يعاقب عليها أو ما يلحقها من عناصر تبعية كالظروف وبالتالي فأركان الجريمة المادي والمعنوي لا يمكن المساس بهما من قبل القاضي(13) . كما أن مفهوم الواقعة المراد التقيد بها يختلف باختلاف النظم الإجرائية حول تطبيق مبدأ التقيد بشخصية وعينية الدعوى الجزائية . ففي النظام الانكلوسكسوني الذي يعُد الأصل لهذا المبدأ . يظهر بوضوح انصراف القضاء هناك الى تقيد القاضي الجنائي المطلق بكافة تفاصيل الاتهام وهذا يشمل التقيد بالأفعال و بمنظور الفقه الفرنسي فضلاً عن التقيد بالنصوص القانونية وكل ما يحيط بالجريمة من ظروف . أي أنه أخذ بالمفهوم الذي يفيد الحقائق للواقعة(14) (المعنى الأول للواقعة) وليس الفعل . بمعنى أن تقيد القاضي بالأفعال والنصوص القانونية . يتحقق إذا ما فهمت الواقعة على أنها تقٌيد بالحقائق اما اذا فهمت على انها افعال فالتقييد ينصب عند ذاك على الافعال دون ما يرافقها من نصوص . أما بالنسبة للقانون الفرنسي ومن أخذ عنه كالقانون المصري والعراقي . فصحيح أن القاضي الجنائي قد اعُطي سلطات واسعة في مجال إضافة وتعديل وتقيد الاتهام مما يشير الى أن هذا الاتجاه قد أوجد تناقضاً كبيراً يحتاج الى توضيح حيث أخذ التشريع المصري وكذلك التشريع الفرنسي مفهوماً نراه قاصراً تجاه المفهوم الصحيح للواقعة . فهم يأخذون بمفهوم الواقعة كفعل ، والفعل بمعنى الجريمة وليس كحركة عضوية(15) . وكما يقال تقيد القاضي هنا بالأفعال دون النصوص والاتهام . والصحيح كما نعتقد أن الواقعة تُأخذ بمفهوم الفعل لكن بمعنى الحركة وليس الجريمة . وهذا المتقدم في الشرح إنما هو تطبيق طارئ على قاعدة تقيد المحكمة الجنائية بحدودها الشخصية والعينية التي تجدها سليمة في النظام القضائي الانكلوسكسوني بل هو اتجاه خلط بين التقيد التام والحرية التي يتمتع بها القاضي فيظهر نظام هجين متغير عن نمطه الأصلي . وهذا ما يجعل تفسير كلمة الوقائع محل غموض وغير واضح كما هو عليه الحال في النظام الانكلوسكسوني .

كما أن التقيد بحد ذاته له مفهومان :

الأول مفهوم إيجابي مؤداه انصراف القاضي الى فحص الاتهام المنسوب الى المتهم . ومفهوم آخر سلبي مؤداه امتناع القاضي عن النظر في اتهام آخر غير الذي اسند الى المتهم . وهذان المفهومان متوافران في النظام الانكلوسكسوني بتوافر التقيد بالاتهام بكافة تفاصيله . إلا أن المشكلة تثار حينما يكون نطاق البحث في نظام قانوني يأخذ بالتقيد بالفعل وهو جزء من الاتهام دون التقيد بالاتهام ككل(16) . بل أن الفقه المؤيد لهذا الاتجاه الذي نناقشه يذهب الى جعل التقيد ينصب على الفعل أي الواقعة بأركانها المادية والمعنوية وهذا ما لا نراه مناسباً فالمحكمة قد يتحرى في جلساتها ما يمكن الوصول إليه وبالتالي فأنها قد تحول الجريمة المحال إليهامن جريمة عمدية الى جريمة غير عمدية. هذا بالتأكيد تعامل مع الركن المعنوي . لذا فنحن لا نتفق مع الفقه المصري في تفسيره للمادة (207) الأجرائية بشكل يطابقه ما ورد أعلاه . أما موقف المشرع الفرنسي من مفهوم الواقعة كمناط للتقيد بالاتهام فهو وان ذهب الى ألاخذ بالتقيد بالاتهام ككل حسب نص المادة (231) من قانون الإجراءات الجنائية الحالي . إلا أن الموقف الصحيح المعتمد للمشرع الفرنسي يتضح من نص المادة (451) في القانون ذاته التي تعطي للمحكمة الحق بعدم التقيد بالنصوص القانونية الواردة في الاتهام ، وإنما التقيد بالأفعال الرئيسة فيه وليس الأفعال التي يمكن أن تعد ظروفاً أو تبعية للفعل الرئيسي(17) . عموماً فأن المفهوم واحد . للواقعة هو مفهوم (الفعل) كجريمة سواء في مصر أم في فرنسا ونعيد الانتقاد ذاته الموجه للفقه المصري في تفسير مفهوم الواقعة الى الفقه الفرنسي . أما المشرع العراقي فهو وأن ذكر حد النطاق الشخصي لمبدأ تقيد الدعوى(18) . إلا أنه أغفل النص صراحة على حد النطاق العيني . لكن يستفاد مما عليه الحال في القضاء العراقي هو انسياقه تحت السياق الفرنسي والمصري ذاته دون الخوض في مجالات المناقشات الفقهية التي دخل بها الفقهاء المصريون بهذا الصدد(19) . من حيث كون التقيد بالواقعة بمفهوم الفعل كجريمة أم كحركة عضوية . من هنا يمكن القول بأن عينية الدعوى الجزائية تمثلها الوقائع التي يتضمنها قرار الإحالة أو ورقة التكليف بالحضور والتي هي في الوقت ذاته يعبر عنها المشرع الفرنسي (بالافعال الرئيسية) . ووفق جميع المفاهيم فأن تلك الوقائع هي التي تقيد القاضي ولا يمكن له الخروج عنها. وأن اختلف مفهوم كل نظام قانوني حولها بحسب مفهومه للتقيد بالاتهام . بمعنى أن النظام القانوني بتكوينه لمفهوم التقيد بالاتهام تتكون لديه أسس يسير عليها في تفسيره لتفاصيل هذا الاتهام سواء من أشخاص أو وقائع .

... أن موضوع شخصية الدعوى الجزائية لا يثير أي أشكال لوضوح المقصود به وهي شخصية المتهم . وخلاصة موضوعنا هو تحديد العينية، يقصد بها الوقائع محل الاتهام وليست كل الوقائع(20) .

الفرع الثالث

ذاتية الواقعة المقيدة للمحكمة

بعد تحديدنا لمفهوم الواقعة في مختلف النظم القانونية الإجرائية تظهر لنا أهمية التمييز بين الواقعة وما يشابهها من مفاهيم أخرى بل والتمييز بينهما وبين الوقائع الأخرى التي تتدخل في سير الخصومة الجنائية . وسندرس هذا الجانب المهم منطلقين من مسوّغ أهم هو أن تحديد الواقعة التي تقيد المحكمة عن غيرها مما تتضمنه أوراق الدعوى الجزائية يمثل حجر الزاوية بتحديد نطاق سلطة المحكمة من ناحية عينية الدعوى الجنائية . وبالتالي فأن لتمييز الواقعة المقيدة عن غيرها الأهمية الكبيرة بالنسبة لمبدأ عينية الدعوى الجزائية . وسيكون تناولنا لهذا الموضوع وفق المحاور الآتية : -

 

أولا : تميّز الواقعة عن المشروع الإجرامي والعمل الإجرامي :-

قد تتداخل مصطلحات ( الواقعة الجرمية ) و ( المشروع الإجرامي) و ( العمل الإجرامي ) وتستعمل كمترادفات إلا أن جانباً من الفقهاء(21) ، قد ميز بين هذه المصطلحات الثلاثة . حيث يرى اصاحب هذا الاتجاه أن المشروع الإجرامي يشتمل على الإرادة الإجرامية الداخلية وجميع ما يحقق انعكاساً لها خارجياً ولو كان الانعكاس الخارجي يحتوي على أعمال متعددة لإرادة واحدة . مثلاً شخص يطلق عدة أعيرة نارية على شخص واحد أو أكثر . أما اصطلاح ( العمل الإجرامي ) فهو الحركة العضوية الجسدية التي يتحقق بها النشاط الإجرامي تعبيراً عن الإرادة الإجرامية . إذن فهو يحتوي على شق العمل الذي يتمثل بالنشاط الخارجي وحتماً حتى يتصف بالإجرامية لابد أن يتصل بإرادة إجرامية واضحة له(22) . بمعنى أن العمل الإجرامي هو النشاط أما المشروع الاجرامي فيضاف للنشاط الإرادة الإجرامية المواكبة له . وهنا نقول بأن العمل الإجرامي قد يتشابه مع مفهوم الواقعة الإجرامية إذا ما أخذنا تفسيرها على أنها فعل بمفهوم الفعل العضوي (الحركي) . إلا أن الثابت لدى الفقه أن للفعل في الفقه الفرنسي مفهوماً يبتعد عن مفهوم الحركة الجسدية العضوية وإنما بمفهوم الجريمة أي أن القانون الفرنسي قد نص على الفعل مستخدماً إياه بمعنى الجريمة في المواد (247) و (65) من قانون العقوبات الفرنسي . وبالتالي فأن الواقعة (أو الفعل) أوسع مدلولاً من العمل الإجرامي لكونها تمثل الجريمة بأركانها ككل، وليس العمل الذي هو انعكاس لإرادة إجرامية قد تتعدد الأعمال المعبرة عنها(23) .

ثانيا : تميز الوقائع ( الأفعال ) كدليل جديد عن الوقائع ( الأفعال ) كجريمة جديدة:-

تختلف سلطة المحكمة الجزائية تجاه ما يظهر أمامها من وقائع باختلاف طبيعة هذه الوقائع أو الأفعال(24) بحسب ما اذا كانت هناك أدلة جديدة أو جرائم جديدة . بالنسبة للوقائع أو الأفعال كونها أدلة جديدة تضاف على الاتهام سواء كانت بصورة ظروف مشددة أو عناصر معدلة للاتهام فأن مثل هكذا أفعال لا يمكن أن تمنع المحكمة الجزائية من إضافتها أو النظر فيها . وإذا ما كانت نتاج  التحقيق المستمر في مرحلة المحاكمة. أما حالة الوقائع التي تكون بذاتها جريمة جديدة فتلك التي تنطبق عليها قاعدة التقييد في عدم جواز النظر فيها أو التعامل معها مباشرة دون إحالة خاصة بها بحيث تعاد الوقائع الجديدة الى جهة التحقيق للتحقيق فيها . إلا أن هذا لا يمنع المحكمة من التعامل معها على سبيل الاستدلال للواقعة محل الإحالة أو النظر(25) .

الفرع الرابع

نطاق الواقعة

قد لا تثير الواقعة  ، كمناط لتقيد المحكمة الجزائية أي صعوبة بالنسبة لتحديد نطاقها متى كان الفعل المكون لها في صورته البسيطة ، وعلى العكس من ذلك يثير تحديد هذا النطاق صعوبات عديدة، كما هو الحال بالنسبة للحالات التي سوف نتناولها تباعاً في هذا الفرع، ولسائل يسأل حول ماهية هذه الصعوبة التي تتولد من اتساع أو ضيق نطاق الفعل (الواقعة)؟. إنما يستوجب بحثه هنا والذي هو في الوقت ذاته يمثل جل المشكلة هو أن الفعل     ( الواقعة ) بتحدد نطاقه يتحدد ما يمكن للقاضي الجنائي العمل فيه وأعمال سلطته عليه . خاصة وأن الوقائع قد ترتبط بعضها بالبعض الأخر في العديد من صور الجرائم، مما يتعين معه بحث نطاق الواقعة الأصلية لتحديد ما اذا كانت الواقعة المراد بحثها تدخل أم تخرج عن سلطة المحكمة . عليه سوف نتناول تباعاً الحالات التي تشير فيها تحديد الواقعة بعض الصعوبات :

أولا: نطاق الواقعة في حالة الاستمرار:(26)

للسلوك الإجرامي المكون للركن المادي في الجريمة الأثر الكبير الذي تتميز به الجرائم الوقتية عن المستمرة مع الأخذ بنظر الاعتبار ضرورة توافر الركن المعنوي مع استمرارية السلوك . فالوقتية هي الجريمة التي يستغرق فيها السلوك الإجرامي وقتاً قصيراً بطبيعته حيث تقع وتنتهي في وقت قصير سواء كانوا إيجابي أم سلبية كفعل القتل أو السرقة . أما الجريمة المستمرة وهي التي يدور بحثها هنا فهي تلك الجريمة التي يتكون فيها السلوك الإجرامي من حالة تحتمل بطبيعتها الاستمرار سواء كانت تلك الحالة إيجابية أم سلبية ، كجريمة حمل السلاح بدون إجازة أو قيادة مركبة بدون إجازة(27) إذا ما توافرت عناصر الجريمة وأركانها المادية والمعنوية . بعبارة أخرى أن معيار الاستمرارية يتعلق بالسلوك الإجرامي بحد ذاته فالجريمة مستمرة إذا ما كان السلوك المكون لها تتوافر فيه صفة الاستمرارية ، والجريمة  وقتية ما دام السلوك الإجرامي فيها لا يحمل الصفة الخاصة بالاستمرارية حتى وأن استمرت آثار ذلك السلوك . فجريمة الضرب جريمة وقتية حتى وأن استمرت آثار الضرب . عليه فأن الجرائم وإن كانت على أغلبها وقتية إلا أن بعضها قد يستغرق وقتاً طويلاً نسبياً بحيث تصعب تحديد ولاية المحكمة الجزائية في نظر الاتهام . فالمتهم المحال الى القاضي الجنائي بجريمة مستمرة فهو يحال أمام القاضي على جزء من هذه الجريمة المستمرة. وهنا فهل تمتد سلطات القاضي في نظر وقائع الجريمة لحالة الاستمرار بغض النظر عما إذا كانت هذه الوقائع سابقة أو لاحقة على ما أحيل عليه المتهم ؟ بمعنى آخر إذ ما أحيلت أم بتهمة الامتناع عن إرضاع طفلها وقد حددت وثيقة الاتهام المدة التي حدثت بها جريمة الامتناع وحددتها بمدة معينة فهل يمكن للمحكمة أن تمد سلطتها الى الوقائع التي حدثت قبل الفترة الموجودة في وثيقة الاتهام(28)؟ . إن حل مثل هكذا حالات يعتمد أولاً على معرفة كيان الجريمة المستمرة وهي ليست مجموعة أفعال بل هي أي الجريمة المستمرة منذ بدايتها حتى النهاية تمثل حالة جنائية كوحدة واحدة . والمعول فيها لبيان الاستمرارية على استطالة السلوك الإجرامي والذي هو بمعنى آخر تدخل إرادة الفاعل في الفعل المعاقب عليه سواء كان مرة واحدة أم تدخلاً متتابعاً متجدداً بالتالي يصبح منطقياً بأن المحكمة تستطيع أن تنظر أي جريمة وقعت أثناء حالة الاستمرار سواء وردت في وثيقة الاتهام (بمختلف صورها) . أم لا . كونها تنظر فعلاً واحداً مستغرقاً لفترة زمنية طويلة نسبياً .

ثانيا : نطاق الواقعة في حالة التتابع :

أن حقيقة الجريمة المتتابعة أو المتلاحقة هي مكونة من عدة أفعال مرتبطة بمشروع إجرامي واحد، وليست فعلاً واحداً ، كجريمة حدوث سرقات متعددة . إذن فنحن أمام أفعال إجرامية متماثلة في الطبيعة تتحد فيما بينها بوحدة مشروعها الإجرامي الذي بذاته يستوجب اتحاد الحق المعتدى عليه في كل فعل حتى وأن تعدد المجنى عليهم ويتوجب أيضاً . أن ترتكب الأفعال المتعددة تنفيذاً لتصميم واحد وهذا لا يستوجب وحدة الضحية . مع الأخذ بنظر الاعتبار أن التصميم يختلف عن الباعث . ويشترط أخيراً لوحدة المشروع الإجرامي عدم وجود فاصل زمني كبير بين الأفعال بحيث لا تعد كل منها جريمة مستقلة  (29) .

إن نطاق عينية وشخصية الدعوى الجزائية حول مثل هكذا جرائم تتمحور فيما اذا اعتبرت هذه الجرائم المتتابعة وحدة واحدة كالجريمة المستمرة أم عدّت أفعالا مستقلة ، وقد ثار حول هذا الموضوع نقاش فقهي كبير في فرنسا بين أنصار الاتجاهين السابقين(30) . والمستقر فقهياً ومنطقياً هو جعل كل فعل وحدة مستقلة عن الأخرى في الجرائم المتتابعة لتفادي الخلط بين المشروع الجرمي والفعل الجرمي الواحد . كما أن التمييز واضح بين الجريمة المستمرة التي ليس فيها فترة انقطاع التي تتواجد منطقياً لأحداث حالة التتابع فلا تتابع إلا بتعدد الأفعال . بالتالي ليس للمحكمة الجنائية أن تنظر فعلاً آخر غير الذي دخل حوزتها حتى وأن كان هذا الفعل إحدى حلقات التتابع انطباقاً مع التكيف الصحيح للجريمة المتتابعة(31) . ونحن لا نتفق مع الرأي المتقدم لكون الجريمة المتلاحقة جريمة لها خصائصها وشروطها وبالتالي فأن توفر شروطها من وجود أفعال متعددة متماثلة مع وحدة المشروع الإجرامي لها يكون أمام جريمة متكاملة بحلقاتها وبالتالي فأعمال سلطة المحكمة الجزائية ترد على كل فعل من الأفعال المكون لها ، تماشياً مع القواعد العامة . في هذا الصدد  وبعكس ذلك فأن الموضوع سيخلق مشكلة للمحكمة الجنائية تجاه الجريمة المتلاحقة  .

ثالثاً : نطاق الواقعة في حالة الاعتياد(32) :

جرائم الاعتياد هي الجرائم التي تتكون من عدة أفعال مادية متماثلة متكررة لو نظرنا كل فعل لوحده لما كان يشكل جريمة ، وهي الجرائم التي يعاقب عليها المشرع ليس لمجرد ارتكاب فعل واحد ولكن لتكرار هذا الفعل بحيث ينطبق عليه وصف الاعتياد(33) . من هنا تظهر صعوبة هذه الجرائم حيث تواجه المحكمة هذه الصعوبة فيما إذا ظهر لها أن ما دخل حوزتها قانونياً بحسب قرار الإحالة أو ورقة التكليف بالحضور من وقائع لا يكفي لاستناد الاتهام ، فهل تستطيع المحكمة أن تستند الى وقائع أخرى لم ترد في قرار الإحالة لتكمل بها صورة الاعتياد ؟ الإجابة على مثل هذا التساؤل يستوجب الوقوف أولاً على كيان جريمة الاعتياد أي أن المشرع جرم الاعتياد بذاته أم الأفعال التي يتكون منها ؟ وعند الرجوع الى حقيقة جرائم الاعتياد نراها غير معاقب عليها فيما لو ارتكبت لمرة واحدة . ولكن المشرع ولغاية الاعتياد فقد قرر العقوبة عليها .

وهنا يظهر لنا أن كيان جريمة الاعتياد هو في الاعتياد كجريمة متكاملة بوصفه واقعة الدعوى وتستطيع المحكمة استناداً الى ذلك أن تسند الى المتهم أفعالا أخرى غير التي حددت في وثيقة الاتهام كون أنها داخلة في تكوين الاعتياد بمعنى أن واقعة الاعتياد تسحب الى حيز المحكمة الأفعال المشابهة لفعل الاعتياد والمسبب له . والعكس صحيح إذ ما كييفنا الأفعال التي تمثل حالة الاعتياد على أنها هي الوقائع التي تمثل كيان الجريمة وليس حالة الاعتياد حيث لا يمكن أن يكون للمحكمة التدخل في نظرغيرها. طالما لم ترد في وثيقة الاتهام . اى أن المسألة هي الفرق بين وصف كيان الجريمة أم كيان الاعتياد فالأول يمنع عن المحكمة التعامل الابما يحال اليها وبالتالي سحب سلطاتها الى افعال خارجة عن وثيقة الاتهام . وقد أجمع الفقه الفرنسي والمصري على أن محل التحريم في جرائم الاعتياد لا يكمن في الأفعال ذاتها اذا ما اقترفت لوحدها . وإنما ما يجرم عليه المشرع هو ما تكشف عن حال تكرار الأفعال من اعتياد غير مشروع . بالتالي فأن أي فعل جديد تنظره المحكمة حتى وأن لم يكن ضمن وثيقة الاتهام يعد كدليلاً جديداً وليس جريمة مستقلة جديدة(34) .

لذلك فمحكمة الموضوع لها أن تضيف أي فعل جديد من أفعال الاعتياد دون أن تكون قد خرجت على مبدأ عينية الدعوى الجزائية .

رابعاً : نطاق الواقعة في حالة تعدد النتائج الإجرامية :-

مضمون هذه الحالة اذا ما أحيل متهم لارتكابه جريمة معينة حدثت عنها نتيجة جرمية معينة ثم تبين للمحكمة أن المتهم وبذات نشاطه قد أحدث نتيجة جرمية أخرى . مثال ذلك : أن يطلق ( أ ) الرصاص على ( ب ) ويقتله وتبين للمحكمة أن ( أ ) قتل (ج) أيضاُ . وقد تكون النتائج الإجرامية الجديدة مشابهه للنتيجة الواردة في وثيقة الاتهام أو مختلفة عنها(35) . ولسائل أن يسأل هنا هل تستطيع المحكمة أن تنظر نتائج جديدة مترتبة على ذات النشاط الإجرامي الذي دخل حوزتها ؟ حتى تتم الإجابة على هذا التساؤل لابد من  حسم مسألتين : الأولى ماهية طبيعة تعدد النتائج الإجرامية أي هل تعد جرائم جديدة أم هي جريمة واحدة تعددت نتائجها ؟ والثانية : هل هي من مكونات الفعل أو الجريمة وبالتالي أثر ذلك إذا ما تعدد فهل تتعدد الجرائم ؟ بالنسبة الى مدى جعل تعدد النتائج الإجرامية تعدد للجريمة بذاتها فقد اختلف الفقه الفرنسي اختلافاً كبيراً، فقسم جعلها تعدداً معنوياً ، أما الاتجاه الثاني وهو الأولى بالترجيح فقد رأى أن تعدد النتائج الإجرامية . هو تعدد حقيقي للجرائم (36) . وغاية قولهم أن التعدد المعنوي يفترض تعدد نصوص العقاب المنطبقة على الفعل مع بقاء عناصره الأساسية دون تعدد . وهذا غير متوفر في حالة تعدد النتائج الإجرامية . كون الركن المادي المكون للجريمة يمثل السلسلة التي تتكون من الفعل الإجرامي والنتيجة الجرمية المفترض تعددها وعلاقة سببية تربطها بالفعل بالتالي فأن عناصر الجريمة ذاتها قد اختلفت باختلاف النتائج الإجرامية .ويتخذ الفقه المصري الموقف ذاته من هذا التعدد للنتائج الإجرامية إذ يعدها تعدداً حقيقياً على أساس تعدد الحق المعتدى عليه في حالة تعدد النتائج الإجرامية ولو كان السلوك واحد. وهذا أيضاً ما تبناه المشرع والفقه العراقي الجزائي(37) . وبناءاً على ذلك فأن القاضي الجنائي عندما يطبق قاعدة تقيد المحكمة الجزائية بنطاق الدعوى الجزائية العيني والشخصي لا يمكن أن ينظر نتيجة جرمية جديدة ولو كانت مستندة الى الفعل ذاته الذي دخل حوزته وكونها تمثل واقعة مختلفة عن الواقعة التي دخلت حوزته . بالاستناد الى أن الفقه يعد تلك النتيجة الجرمية مستقلة عن النتيجة الأولى . أما بالنسبة للمسألة الثانية فلا يوجد شك أن النتيجة الإجرامية هي إحدى العناصر المكونة للركن المادي الذي يتألف من سلوك إجرامي ونتيجة وعلاقة سببية بين الاثنين فهي مكونة للجريمة أيضاً سواء كان تفسير الواقعة كفعل مادي يحق فيها تدخل في تكوينه أو تقييدها كفعل يعني الجريمة بركنيها المادي والمعنوي . وعليه أن وجود نتيجة جريمة جديدة يعني وجود جريمة جديدة ؟

فلا يمكن للمحكمة الجزائية النظر في النتيجة الجرمية الجديدة وذلك كونها تمتد الى مفهوم واقعة جديدة أيضاً ، و بتالي أعمال قاعدة تقيد المحكمة الجزائية بعينية الدعوى الجزائية.

خامساً : نطاق الواقعة بالنسبة للمساهمة الأصلية والمساهمة التبعية في الجريمة:-

لهذا المحور أهمية كبيرة دعتنا لعدم إرجاء الخوض فيه الى الفصل الثاني المخصص لنطاق القاعدة موضوع البحث . وتبرز أهمية الموضوع ليس من منطلق وصف الدور الذي يقوم به المتهم المحال سواء وصفة كفاعل أو شريك بل بارتباط هذا الوصف بنطاق واقعة المعروضة على المحكمة . هناك يطرح التساؤل الآتي هل للمحكمة أن تعدل وصف المتهم من فاعل الى شريك دون أن تخرج عن حدود ولايتها أو بالعكس ؟

 أن المحكمة الجزائية وهي تقوم بنظر النزاع قد ترى أن صفة المتهم المحال عليها ومن خلال جلسات المحاكمة لا يمكن أن تظل على ما إحالته جهة التحقيق أو الاتهام بل لها أن تغير هذه الصفة طالما لم يكن في عملها هذا إدخال لعناصر جديدة لم تحتويها وقائع الدعوى ابتداء .

أما الإشكال فيثار إذ ما أدخلت المحكمة عنصراً جديداً لاسناد الوصف الجديد الذي تريد نسبته الى المتهم وهي لا تخرج عن صورتين :

الصورة الأولى : أن تقوم المحكمة بتحويل الفاعل الى صورة الشريك. وقد سوّغ أصحاب هذه الرأى من الفقهاء قدرة المحكمة تلك على أن كل فعل تبعي هو داخل ضمناً في تكوين الفعل الأصلي أو أن أفعال المساهمة وسائل لارتكاب الجريمة الأصلية . بمعنى آخر جعل أفعال المساهمة غير مستقلة بكيانها عن الجريمة الأصلية . لذلك تستطيع المحكمة أن تنظر أفعال المساهمة التبعية ولو كانت غير واردة في الاتهام ونسبتها الى المتهم(38) .

وقد خالف جانب من الفقه هذا الرأي مستندين إلى فكرة أساسية هي ان افعال الأشتراك أفعال مستقلة عن أفعال الجريمة الأصلية ولها كيانها الخاص بها المتميز عن كيان الجريمة الأصلي ، وان وجدت الصلة بينها في أركانها وعناصرها سواء بالنتيجة الجرمية الواحدة أو حتى في الركن المعنوي الواحد وبذلك لا يمكن بأي حال من الأحوال جعلها غير مستلقة عنها. والراي الأخير في هذه الصورة هي ان افعال المساهمة( الأشتراك) هي واقعة مستقلة بالنسبة لأفعال الفاعل. حيث لا يجوز للمحكمة الجنائية ان تنظرها دون إحالة خاصة مذكورة بذلك الوصف(39).

إما الصورة الثانية. فهي عندما تكون الأفعال أو الوقائع التي دخلت حوزة المحكمة هي أفعال الاشتراك من تحريض أو الاتفاق أو المساعدة فهل تستطيع إن تسند إلى المتهم أو المتهمين بالاشتراك فيها وصف الفاعل؟. واستناداً إلى الاستقلالية فيما بين الفعلين وما يستوجبة المنطق السليم من ان حقيقة تبعية أفعال الشريك إلى أفعال الفاعل الأصلي تقتضي عدم القدرة على تحويل فعل الشريك الى الفاعل . بالنتيجة يحظر على المحكمة استبدال أفعال الاشتراك التبعية لمتهم بأفعال الفاعل كونها وقائع مستقلة جديدة تدخل ضمن مفهوم التقيد بنطاق الدعوى الجزائية العيني والشخصي(40). وهذا القول ينطبق على أفعال المساهمة التبعية ذاتها إذ ما أريد استبدالها بفعل مساهمة أخر حتى وأن انطبق عليه وصف الاشتراك بالمساعدة أو التحريض أو الاتفاق حيث لا يمكن للمحكمة ان تنظر فعل تبعي مكان أخرمحال، بمعنى أن الواقعة بالنسبة للمساهم التبعي في الجريمة هي فعل الاشتراك التبعي بذات عناصره المقيدة به المحكمة. أي أن حكمها ذات حكم وقائع الفاعل للجريمة فهي متميزة بذاتها. عن وقائع الفاعل دون الآخذ بما يسوّغه أصحاب رأي الوحدة في كيان الأفعال(41).

سادساً: نطاق الواقعة بالنسبة للشروع والجريمة التامة:-

المحكمة الجنائية تقوم بفحص الدعوى المحالة إليها طالما لم يكن هناك تغيراً في الوقائع الموجودة في أوراق الدعوى يثبت من حقها أسباغ الوصف الذي تراه على الفعل المحال عليها سواء اعتباره شروعاً في جريمة بعدما كان محالاً على جريمة باعتبارها تامة ، أو العكس. إما مثار الصعوبة فيتحدد بحالتين أساسهما واحد وهو قيام المحكمة بالاستناد إلى وقائع متميزة عن الموجودة في أوراق الإحالة لإسناد ما تريده من أوصاف جديدة. وهنا لا يخرج الموضوع عن فرضين(42):-

الأول : إذا ما أحيل متهم بارتكاب جريمة تامة فهل للمحكمة ان تعدل الوصف إلى شروع مع عدم توفر ما يسند الوصف الجديد من وقائع محالة بذاتها.

هناك اتجاهان فقهيان في هذا الشأن ، الأول : ينادي بإمكانية قيام المحكمة بتلك السلطة انطلاقاً من فرضية كون الشروع جريمة ناقصة وهو بالتالي منتظم في أجزاء الجريمة.

إما القسم الأخر : وهو الأرجح بالأخذ فيذهب الى عدم إمكانية المحكمة الأخذ بالوصف الجديد ما لم يكن هناك وقائع عينية تدعمها في ذلك كون الشروع جريمة مستقلة متميزة الأركان عن الجريمة الكاملة التي تحتوي في جميع الأحوال على نتيجة جرمية هي مفقودة في الشروع.

إما الفرض الثاني: وهو عندما تواجه المحكمة الجنائية متهماً محالاً بتهمة الشروع في جريمة ثم توجة اليه المحكمة تهمة اقتراف الجريمة التامة أي إضافة عنصر جديد هو النتيجة الجرمية. والرأي الراجح هنا هو عدم إمكانية المحكمة القيام بمثل هكذا إضافة جديدة كون النتيجة الجرمية عنصراً مهماً في الركن المادي للجريمة ويعده تحويلاً للواقعة من كيان إلى كيان آخر، وهذا فيه خروج واضح عن مسلمات قاعدة تقيد المحكمة الجنائية بنطاق الدعوى الجزائية العيني .

سابعاً : نطاق الواقعة في حالة الارتباط:-

قد تواجه المحكمة الجنائية فعلاً معيناً محالاً إليها بشكل قانوني لكن هذا الفعل يدخل ضمن مفهوم الارتباط مع وقائع قانونية أخرى سواء كان هذا الارتباط بسيطاً أم غير قابل للتجزئة(43).ويظهر أمام القاضي الجنائي مثل هكذا أشكال الذي يستوجب توضحيه من حيث بيان قدرة المحكمة الجنائية وسلطانها في نظر الأفعال المرتبطة خارج نص الإحالة بدعوى الارتباط مع الفعل المحال. لا يمكن تصور أي صعوبة فيما لو احتوى قرار الإحالة او ورقة التكليف بالحضور على الأفعال او الوقائع المرتبطة جميعها فحينها ينصرف مفهوم القاعدة إلى قدرة القاضي الجنائي إلى التعامل مع جميع الأفعال المحالة. أما إذا كان الأمر على خلاف ذلك أي فيما إذا دخلت حوزة المحكمة أفعال ووقائع معينة وكانت مرتبطة بأفعال أخرى. فما هي سلطة المحكمة الجنائية من حيث تفعيل قاعدة تقيدها بالنطاق العيني أهي للدعوى أم لا؟

بعض الفقه جعل الأفعال المرتبطة لا تغني عن حقيقة الانفصال والاستقلال فيما بينها. ولا يمكن للمحكمة نظر الجديد منها إلا إذ كان ذلك الفعل المرتبط هو بحد ذاته ظرفاً مشدداً أو كان الارتباط غير قابل للتجزئة دون الارتباط البسيط(44).

إلا أن المستقر فقهاً وفقاً للقضاء في فرنسا هو امكانية المحكمة نظر الأفعال المرتبطة وجعلها فعلاً واحد مع الفعل الأصلي دون تميزها عنه. وهذا فيه خروج صريح على قاعدة تقيد المحكمة بالنطاق العيني(45). ومن جانبنا نعتقد أن فسح المجال أمام المحكمة بإدخال وقائع جديدة تحت ذريعة الارتباط سواء البسيط أم غير القابل للتجزئة مع الفعل الأصلي المحال يؤدي بلا شك إلى إهدار قاعدة تقيد المحكمة بنطاق الدعوى وان ما ذهب إليه الفقه والقضاء الفرنسي ، بالنسبة لحالات الارتباط هو توسيع الاستثناء بحد ذاته، فالتقيد بنطاق الدعوى يمنع المحكمة ان تنظر أي واقعة جديدة، ومفهوم الواقعة الجديدة نراه يبرز وبوضوح في حالة الارتباط بمختلف صوره . وان كونت الأفعال المرتبطة بمجملها مشروعاً إجرامياً واحداً . وهذا الأخير خارج مفهوم قاعدة التقيد المنصب أساساً على الواقعة الإجرامية. وجل ما نراه ان المحكمة عندما يظهر لها مثل هكذا أفعال مرتبطة أن تحيل المتهم إلى الجهة المختصة بالاتهام لتهيئة محاكمته عما يستجد من أفعال جديدة مستندين الى أعمال قاعدة تقيد المحكمة الجنائية بنطاق الدعوى. إذن تحدد لدينا مفهوم النطاق الشخصي والعيني للدعوى الجزائية كحدود يتقيد بها قاضي الموضوع وبحسب المراحل التي تمر بها الدعوى فليس نطاق التقيد على سياق واحد كما سنرى لاحقاً ، وأصبح واضحاً لدينا أن النظام الشخصي للدعوى الجزائية . هو أن القاضي يتعامل مع هذه الصيغة بأشخاص الدعوى وكقيد لا يمكن له إضافة أي شخص لم يحل إليه ضمن وثيقة الاتهام. إما الوقائع التي ينظرها فهي أيضاً محددة بما يعطي للدعوى طابع العينية وبالتالي فالقاضي مقيد بعدم محاكمة شخص عن وقائع غير تلك التي وردت في وثيقة الاتهام أيا كان شكلها(46).

________________

1- ينظر : د . ينظر : د . فاروق الكيلاني : محاضرات في قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني والمقارن ، ج2، ط3 ، شركة المطبوعات الشرقية، بيروت ، 1995 ، ص548 .

2- ينظر : د . محمد معروف ، المبادئ الأولية في أصول الإجراءات الجنائية، ج1 ، دار الطبع الأهلية ، بغداد، 1972 ، ص137 .

3- قرار الإحالة معروف في العراق ويصدره قاضي التحقيق  حيث نصت الفقرة (ب) من المادة (130) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي على أنه: (اذا كان الفعل معاقباً عليه ووجد  القاضي إن الأدلة تكفي لمحاكمة المتهم فيصدر قراراً بإحالتة على المحكمة المختصة …) وفي القضاء المصري تصدره النيابة العامة أما في سورية والأردن يسمى قرار سلطة الاتهام سواء ما تبني على قرار الظن أو الاتهام. للتفصيل ينظر : د . محمود نجيب حسني ، شرح قانون الإجراءات الجنائية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1996  ، ص848 . د . سامي النصراوي ،  دراسة في أصول المحاكمات الجزائية ، ج2 ، مطبعة دار السلام ، بغداد 1976 ، ص62 .

4- ينظر : د . حسن صادق المرصفاوي ، شرح قانون الإجراءات الجنائية ، مشأة المعارف ، الإسكندرية ، 1996 ، ص564 – 565 . 

5- ينظر : د . عوض محمد عوض ، المبادئ العامة في قانون الإجراءات الجنائية ، منشأو المعارف ، الإسكندرية ، 2002 ، ص623 . 

6- ينظر : د . سامي النصراوي ، المرجع السابق ، ص64 ، د . محمود محمود مصطفى ، شرح قانون الإجراءات الجنائية ، ط2 ، مطبعة جامعة القاهرة ، القاهرة ، 1988 ، ص345 . 

7- ينظر في هذا الصدد : د . رؤوف عبيد ، مبادئ الإجراءات الجنائية في القانون المصري ، ط8، مطبعة النهضة ، بدون مكان طبع ، 1970 ، ص513  .  د . حسن صادق المرصفاوي ، المرجع السابق ، ص567 .

8- ينظر : د . مأمون محمد سلامة : الإجراءات الجنائية في التشريع المصري ، ج2 ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1977 ، ص145 . د . عبد المنعم عبد الرحيم العوضي : قاعدة تقيد المحكمة الجنائية بالاتهام، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1973 ، ص216 .  

9- عبد المعنم عبد الرحيم العوضي ، مرجع سابق ، ص216 – 217 .   

10- ينظر: د . مأمون محمد سلامة، الإجراءات الجنائية في التشريع المصري، المرجع السابق،                ص145 –146 . 

11- ينظر : عبد الحميد الشواربي ، سلطة المحكمة الجنائية في تكييف وتعديل وتغيير وصف الاتهام فقهاً وقضائياً ، منشأة المعارف ، الاسكندرية ، 1989 . ص13 . 

12- يضاف الى الركن المادي والمعنوي للجريمة ركن يتعلق بنص القانون على كونها جريمة (الركن الشرعي) . وتقيد المحكمة متفق عليه فيه نحن نختلف فقط على إبقاء الركن المعنوي ضمن منطقة التقيد إذ ليس من المنطقي أن المحكمة لا تستطيع أن تحول القتل العمد الى قتل خطأ إذا ما ظهر لها أن المتهم لم يقصد إزهاق روح المجنى عليه .  

13- ينظر : د . محمود عبد ربه محمد القبلاوي ، التكييف في المواد الجنائية ، دار الفكر الجامعي ، الاسكندرية ، 2003 ، ص216.

14- ينظر : د . عبد المنعم عبد الرحيم العوضي ، قاعدة تقييد المحكمة الجنائية بالاتهام ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1973 ، ص195 .  د . عبد الحميد الشواربي ، سلطة المحكمة الجنائية في تكيف وتعديل وتغيير وصف الاتهام ( فقهياً وقضائياً ) منشأة المعارف ، الإسكندرية م 1989 ، ص12 .

15- ينظر : د . عبد المنعم عبد الرحيم العوضي ، المرجع السابق ، ص216 . د. محمود عبد ربه القبلاوي ، التكييف في المواد الجنائية ، دار الفكر الجامعي ، الإسكندرية ، 2003 ، ص215 . د . حسن بشيت خوين ، ضمانات المتهم في الدعوى الجزائية في مرحلة المحاكمة ، ج2 ، دار الثقافة للنشر ، عمان ، 1998 ، ص107 .

16- تجدر الإشارة أن التقيد المنصب على الواقعة هو تقيد بالواقعة ذاتها. أي لا يمكن استبدال واقعة بواقعة أخرى لاختلاف الذاتية حتى وأن تشابه في الطبيعة مع الواقعة المستبدلة مثل واقعة سرقة مع سرقة أخرى .

17- ينظر : د . عبد المنعم عبد الرحيم العوضي ، المرجع السابق ، ص201 .

18- تنص المادة (155) ، الفقرة (1) ، قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي على أن : ( لا تجوز محاكمة غير المتهم الذي أحيل على المحاكمة ).

19- أخذ النقاش والتناقض في مدى الأخذ بمفهوم الواقعة الى محكمة النقض المصري حيث ترادفت أحكامها بالأخذ أو عدم التقيد بها وفق المفهوم السابق . ينظر: د . عبد المنعم عبد الرحيم العوضي ، المرجع السابق ، ص223.  

20- ينظر : د . عبد الحميد الشواربي ، المرجع السابق ، ص13 .  

21- أنظر الفقيه الفرنسي ( رو ) .

J. A. Roux : Cours de droit criminel Framcais , Tome I deuxieme Edition, Paris, 1927, P.98.

22- ينظر : د . عبد المنعم عبد الرحيم العوضي ، المرجع السابق ، ص200 .

23- ينظر : د . عبد المنعم عبد الرحيم العوضي ، المرجع السابق ، ص206 .

24- تستعمل مصطلح (الفعل) بحسب استعماله في القانون الفرنسي الذي يعد مرادفاً للوقائع إذن الحال في العراق هو استخدام مفهوم( الفعل) ينظر : نص الفقرة (4) من المادة (19) من قانون العقوبات العراقي. والمادة (30) ، من القانون ذاته التي تنص على أن : ( الشروع هوالبدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جنايةأو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها ).

25- ينظر : د . عبد الحميد الشورابي ، المرجع السابق ، ص13 .

26- هناك عدة آراء فقهية عدة تعالج مسألة استمرارية الجريمة ولسنا هنا بصدد مناقشتها بل التعرف على مدى ارتباطها بالقاعدة موضوع البحث وللتفصيل فيها مراجعة كتب القسم العام ومنها على سبيل مثال لا الحصر د . علي حسين خلف وسلطان عبد القادر الشاوي ، المبادئ العامة في قانون العقوبات ، مطبوعات وزارة التعليم العالي ، بغداد، 1982 ، ص311 – 315 .  د . محمود نجيب حسني ، دروس في القانون العقوبات العام، القاهرة ، 1983 ، ص167 .

27- ينظر : د . علي حسين الخلف و د . سلطان عبد القادر الشاوي ، المرجع السابق ، ص311 .   تنص المادة (364) من قانون العقوبات العراقي على أن : ( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تزيد على مائتين دينار أو بأحدى هاتين العقوبتين كل موظف أو مكلف بخدمة عامة ترك عمله …. ). 

28- ينظر : د . عبد المنعم عبد الرحيم العوضي ، المرجع السابق ، ص227 .

29- ينظر : د . علي حسين الخلف و د. سلطان عبد القادر الشاوي ، مرجع سابق ، ص316 .

30- ينظر : د . عبد المنعم عبد الرحيم العوضي ، مرجع سابق ، ص229 .

31- ينظر : د . عبد المنعم عبد الرحيم العوضي ، مرجع سابق ، ص231 .

32- يجب التنويه أن هناك مصطلحات خاصة قد تتشابه مثل الاعتياد والتعدد والعود . فبالنسبه للاعتياد. فهي المعاقبة على اعتياد ارتكاب الفعل المادي المعين والذي لو حدث وحده لكان مباحاً مثال ذلك جريمة الإقراض بالربا الفاحش . أما التعدد فيقصد به أن يرتكب المتهم جرائم متعددة قبل الحكم عليه في أي منها. والعود هو نظام قانوني معتبر في فرض العقوبة يقصد به ارتكاب الشخص لجريمة بعد سبق الحكم عليه نهائياً من أجل جريمة أخرى . للتفصيل ينظر : د . علي حسين الخلف و د . سلطان الشاوي ، المبادئ العامة في قانون العقوبات ، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، بغداد ، 1982  ، ص 61      .

33- أفعال الاعتياد يفترض للعقاب عليها وجود أكثر من فعل واحد ،بحيث أن المشرع قد أقام من تكرارها قرينة قانونية على توافر الاعتياد عليها وهي قرينة قاطعة . 

34- ينظر : د . عبد المنعم عبد الرحيم العوضي ، مرجع سابق ، ص232 .

35- ينظر : د . عبد المنعم عبد الرحيم العوضي ، مرجع سابق ، ص234 .

36- ينظر : د . عبد المنعم عبد الرحيم العوضي ، مرجع سابق ، ص235 .

37- ينظر : د . علي حسين الخلف و د . سلطان عبد القادر الشاوي ، مرجع سابق ، ص180  .

38- ينظر : د . عبد المنعم عبد الرحيم العوضي ، مرجع سابق ، ص241 .

39- المشرع المصري يقرر أن أفعال الاشتراك متميزة عن أفعال الجريمة الأصلية إلا أنه يأخذ بنظرية الاستعارة الجرمية لتسويغ تجريم السلوك المكون للاشتراك. مع الاحتفاظ بتميز سلوك (دور) شريك عن سلوك(دور) الفاعل بمعنى ان الشريك مستقل بسلوكه غير مستقل بمشروعية سلوكه . وهناك نظريات كثيرة عالجت موضوع استقلال المسؤليتين ، ينظر في ذلك : د. عبد المنعم عبد الرحيم العوضي ، مرجع سابق، ص241.

40- ينظر : د. عبد المنعم عبد الرحيم العوضي ، المرجع السابق، ص240.

41- هناك خلط واضح لدى جانب في الفقه بين الفعل أو الواقعة بعينها وبين مفهوم النشاط المحتوي لهذا الفعل. فالمتهم قد يحال إلى المحكمة بسبب نشاطه الأصلي الذي جسده فعل معين هو الذي يرد في قرار الإحالة أو ورقة التكليف بالحضور وليس النشاط بعينه. يراجع في ذلك : د. رؤوف عبيد؛ مبادئ التشريع العقابي، ط1، القاهرة، 1962، ص172.

42- ينظر د . عبد المعنم عبد الرحيم العوضي ، ص240 – 241 .

43- أن الاختلاف بين الارتباط سواء كان بسيطاً ام موصوفاً بعدم القابلية على التجزئة هو اختلاف نسبي من حيث قوة الرابطة بين الأفعال او قابلية الوقائع للتجزئة .

44- ينظر : د. عبد المنعم عبدالرحيم العوضي ، المرجع السابق، ص251.

45- كذلك الحال بالنسبة للقضاء المصري الذي يتناوب في إحكامه بين أعمال قاعدة التقيد بخصوص الارتباط وبين عدم أعمالها. إلا أن جانباً كبيراً من الفقه المصري يميل إلى الحفاظ على قاعدة التقيد بنطاق الدعوى . بمنع الأخذ بوحدة أفعال الارتباط. ينظر في ذلك : د. عبد المنعم عبد الرحيم العوضي: المرجع السابق، ص256.

46- قاعدة التقيد بنطاق الدعوى الشخصي والعيني  قاعدة إجرائية جوهرية وهناك تطبيقات قد تتشابه في طبيعتها الإجرائية التقيدية مع قاعدة التقييد ومن تلك التطبيقات ضمن التعاملات الدولية مثال ذلك.

مبدأ تخصيص تسليم المجرمين: "Prin Ciple de speciali Te"

  وهي قاعدة عدم جواز معاقبة المجرم المسلم إلا عن الجريمة التي سلم من اجلها. أي لا يجوز إطلاقاً وفي أي حال من الاحوال ان يلاحق الشخص المسلم او يعاقب عن جريمة اقترفها قبل التسلم ما لم تكن هي ذاتها الجريمة التي سببت التسليم ، وهذا المبدأ مقرر دولي ومنصوص عليه في اغلب تشريعات العالم، فرضته الضرورات العملية إذ لولاه لكان من السهل جداً لكل دولة ان تتحلل من الشروط الموضوعية للتسليم كون عدم التسليم في الجرائم السياسية يمثل حائلاً لبعض الدول في استرداد مطلوب لها فتطلب تسليمة لجريمة عادية ثم تعاقبه على جريمة سياسية.علماً ان هذا المبدأ لا يتأثر بقبول الشخص المسلم على محاكمة كون واقعة التسليم أجراءاً سيادياً بين الدولة المسلمة وطالب التسليم . ومن الواضح هنا ان تقيد الدولة طالبة التسليم بعدم المحاكمة إلا عن الواقعة المسلم من أجلها يمثل احدى تطبيقات مبدأ عينية الدعوى الجزائية بشكله الدولي تقيد به الأجهزة القضائية في تلك الدولة والتي غالباً ما تستعين بما تفسره وزارة الخارجية للمسائل المتعلقة بالتسليم بعد تأجيل نظر الدعوى في حال التبس شيء على المحكمة. من خلال كتب ومخاطبات الدول الأخرى . إلا ان عدم معاقبة المجرم المسلم إلا عن الواقعة التي سلم من أجلها لا ينفي اطلاقاً عدم قدرة المحكمة على معاقبة المتهم عن ذات الواقعة لكن بتكيف يختلف عن ذلك الذي اخذته في طلب  التسليم، إذا ما تبين من التحقيق أو المحاكمة عن اقتران الجريمة المسلم من أجلها بظرف مشدد او عذر قانوني يغير تكييف الواقعة قانونياً. كما ان مبدأ التخصيص في تسليم المجرمين يحتم ان يكون الحكم وجاهياً. إما إذا ما رأت المحكمة وجود افعال أخرى لم تكن واردة في قرار التسليم فليس لها إلا محاكمة المتهم المسلم غيابيا فيما يخص هذه الافعال حتى وان كان موجوداً فعلاً. فوجوده مقيد فقط للافعال التي سلم من اجلها إلا في حالتين:-

الأولى - إذا وافقت الدولة المُسلمة على معاقبته عن واقعة أخرى.

أما الحالة الثانية - إذا افرج عنه نهائياً وتتاح له فرصة مغادرة البلاد خلال المدة التي تمنح له وهي (45) يوم ولم يغادر او غادر وعاد إلى البلاد ثانية، فيمكن هنا معاقبته عن أي فعل اخر خارج نطاق قرار التسليم. للتفصيل في هذا الموضوع ينظر : د. محمد الفاضل ،  محاضرات في تسليم المجرمين جامعة الدول العربية، منشورات معهد الدراسات العربية العالمية، بغداد، ص171-180.

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .