أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-08-2015
1961
التاريخ: 1-07-2015
1615
التاريخ: 1-07-2015
2148
التاريخ: 10-12-2018
1606
|
...يؤيد نهاية الظلم والعدوان على أهل البيت ( عليهم السلام ) وغصب الخلافة ، ما ذكره السيد ونقله من خطبة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) بعد ما ذكر القاضي في دفع الشيعة في منع إرث فاطمة ( عليها السلام ) ما حاصله : أن فاطمة ( عليها السلام ) لما سمعت ذلك - يعني ، الرواية المنقولة عن أبي بكر [لا نورث ما تركنا صدقة] - كفت عن الطلب ، فأصابت أولا وأصابت آخرا ، بقوله ( رحمه الله ) : فلعمري أنها كفت عن الطلب الذي هو المنازعة والمشاحة ، لكنها انصرفت مغضبة متظلمة متألمة ، والأمر في غضبها وسخطها أظهر من أن يخفى على منصف .
فقد روى أكثر الرواة الذين لا يتهمون بتشيع ولا عصبية فيه من كلامها ( عليها السلام ) في تلك الحال وبعد انصرافها عن مقام المنازعة والمطالبة ما يدل على ما ذكرناه من سخطها وغضبها .
ونحن نذكر ما يستدل به على صحة قولنا : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عمران المرزباني ، قال : حدثني محمد بن أحمد الكاتب ، قال : حدثنا أحمد بن عبيد الله بن ناصح النحوي ، قال : حدثنا الزيادي ، قال : حدثنا شرقي بن قطامي ، عن محمد بن إسحاق ، قال : حدثنا صالح بن كيسان ، عن عروة ، عن عائشة ، قال المرزباني : وحدثنا أبو بكر أحمد بن محمد المكي ، قال: حدثنا أبو العينا محمد بن القاسم اليماني ، قال : حدثنا ابن عائشة ، قال : لما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) أقبلت فاطمة ( عليها السلام ) في لمة من حفدتها إلى أبي بكر .
وفي الرواية الأولى قالت عائشة : لما سمعت فاطمة إجماع أبي بكر على منعها فدك ، لاثت خمارها على رأسها ، واشتملت بجلبابها وأقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها ، تطأ ذيولها ، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى دخلت على أبي بكر ، وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم ، فنيطت دونها ملاءة ، ثم أنت أنة أجهش القوم بالبكاء، وارتج المجلس ، ثم أمهلت هنيئة حتى إذا سكن نشيج القوم ، وهدأت فورتهم ، افتتحت كلامها بالحمد لله عز وجل والثناء عليه والصلاة على رسوله ( صلى الله عليه وآله ) .
ثم قالت : لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ، فإن تعزوه تجدوه أبي دون آبائكم ، وأخا ابن عمي دون رجالكم ، فبلغ الرسالة ، صادعا بالنذارة ، مائلا عن سنن المشركين ، ضاربا ثبجهم ، يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة ، آخذا بأكظام المشركين ، يهشم الأصنام ، ويفلق الهام ، حتى انهزم الجمع ، وولوا الدبر ، وحتى تفرى الليل عن صبحه ، وأسفر الحق عن محضه ، ونطق زعيم الدين ، وخرست شقاشق الشيطان ، وتمت كلمة الاخلاص .
وكنتم على شفا حفرة من النار ، نهزة الطامع ، مذقة الشارب ، وقبسة العجلان ، وموطأ الأقدام، تشربون الطرق ، وتقتاتون القد أذلة خاسئين ، تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم ، حتى أنقذكم الله عز وجل برسوله ( صلى الله عليه وآله ) بعد اللتيا والتي ، وبعد أن مني ببهم الرجال ، وذؤبان العرب ، ومردة أهل الكتاب ، كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ، أو نجم قرن للشيطان ، أو فغرت للمشركين فاغرة ، قذف أخاه في لهواتها ، فلا ينكفي حتى يطأ صماخها بأخمصه ، ويطفئ عادية لهبها بسيفه ، أو قالت يخمد لهبها بحده ، مكدودا في ذات الله، وأنتم في رفاهية فكهون آمنون وادعون .
إلى هاهنا انتهى خبر أبي العينا عن ابن عائشة .
وزاد عروة بن الزبير عن عائشة : حتى إذا اختار الله لنبيه دار أنبيائه ، ظهرت حسكة النفاق ، وسمل جلباب الدين ، ونطق كاظم الغاوين ، ونبغ خامل الآفكين الأولين ، وهدر فنيق المبطلين، فخطر في عرصاتكم ، وأطلع الشيطان صارخا بكم ، فدعاكم فألفاكم لدعوته مستجيبين ، وللغرة ملاحظين ، ثم استنهضكم فوجدكم خفافا ، وأحمشكم فألفاكم غضابا ، فوسمتم غير إبلكم ، ووردتم غير شربكم ، هذا والعهد قريب ، والكلم رحيب ، والجرح لما يندمل ، إنما زعمتم ذلك خوف الفتنة ، ألا في الفتنة سقطوا وأن جهنم لمحيطة بالكافرين .
فهيهات منكم وأنى بكم وأنى تؤفكون ، وكتاب الله بين أظهركم ، زواجره بينة ، وشواهد لائحة ، وأوامره واضحة ، أرغبة عنه تريدون ، أم بغيره تحكمون ، بئس للظالمين بدلا ، ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين، ثم لم تلبثوا إلا ريث أن تسكن نفرتها ، تسرون حسوا في ارتغاء ، ونصبر منكم على مثل حز المدى ، وأنتم الآن تزعمون أن لا أرث لنا ، أفحكم الجاهلية تبغون ، ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون . يا بن أبي قحافة أترث أباك ولا أرث أبي ، لقد جئت شيئا فريا ، فدونكها مخطومة مرحولة ، تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم الله ، والزعيم محمد ، والموعد القيامة ، وعند الساعة يخسر المبطلون ، ولكل نبأ مستقر فسوف تعلمون .
ثم انكبت على قبر أبيها ، فقالت :
قد كان بعدك أنباء وهنبثة * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب
إنا فقدناك فقد الأرض وابلها * واختل قومك فأشهدهم ولا تغب
وروى جرمي بن أبي العلاء مع هذين البيتين بيتا ثالثا ، وهو :
فليت قبلك كان الموت صادفنا * لما مضيت وحالت دونك الكثب
قال : فحمد الله أبو بكر ، وصلى على محمد وآله ، وقال : يا خير النساء وابنة خير الأنبياء ، والله ما عدوت رأي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولا عملت إلا بإذنه ، وأن الرائد لا يكذب أهله ، وأنى أشهد الله وكفى به شهيدا ، أني سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : إنا معاشر الأنبياء لا نورث ذهبا ولا فضا ولا دارا ولا عقارا ، وإنما نورث الكتاب والحكمة والنبوة .
قال : فلما وصل الأمر إلى علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) كلم في رد فدك ، فقال : إني لأستحيي من الله أن أرد شيئا منع منه أبو بكر وأمضاه عمر .
وأخبرنا أبو عبد الله المرزباني ، قال : حدثني علي بن هارون ، قال : أخبرني عبد الله بن أحمد بن أبي طاهر ، عن أبيه ، قال: ذكرت لأبي الحسين زيد بن علي بن الحسين بن زيد بن علي ، كلام فاطمة ( عليها السلام ) عند منع أبي بكر إياها فدك ، وقلت له : أن هؤلاء يزعمون أنه مصنوع ، وأنه من كلام أبي العينا : لأن الكلام منسوق البلاغة ، فقال لي : رأيت مشايخ آل أبي طالب يروونه عن آبائهم ويعلمونه أولادهم .
وقد حدثني به أبي عن جدي يبلغ به فاطمة ( عليها السلام ) على هذه الحكاية ، ورواه مشايخ الشيعة وتدارسوه بينهم قبل أن يولد جد أبي العينا . وقد حدث الحسين بن علوان ، عن عطية العوفي ، أنه سمع عبد الله بن الحسن ذكر عن أبيه هذا .
ثم قال أبو الحسين : وكيف ينكر هذا من كلام فاطمة ( عليها السلام ) وهم يروون من كلام عائشة عند موت أبيها ما هو أعجب من كلام فاطمة ( عليها السلام ) ، فيحققونه لولا عداوتهم لنا أهل البيت ، ثم ذكر الحديث بطوله على نسقه ، وزاد في الأبيات بعد البيتين الأولين :
ضاقت علي بلادي بعد ما رحبت * وسيم سبطاك خسفا فيه لي نصب
فليت قبلك كان الموت صادفنا * قوم تمنوا فأعطوا كلما طلبوا
تجهمتنا رجال واستخف بنا * مذ غبت عنا وكل الإرث قد غصبوا
قال : فما رأينا يوما كان أكثر باكيا وباكية من ذلك اليوم .
وروي هذا الكلام على هذا الوجه من طرق مختلفة ووجوه كثيرة ، فمن أرادها أخذها من مواضعها ، فقد طولنا بذكرنا ما ذكرناه منها لحاجة مست إليه ، فكيف يدعي أنها (عليها السلام) كفت راضية ، وأمسكت قانعة ، لولا البهت وقلة الحياء (1) انتهى.
أشارت الطاهرة ( عليها السلام ) بعد الحمد والصلاة وعظم حقوق رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى عظم مساعي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ومراتبه بقولها " قذف أخاه في لهواتها".
وأشارت إلى أنه مع عظم حقوقهما ومراتبهما قابلوهما بالكفران الناشي من النفاق بقولها " حسكة النفاق " وفي التعبير بلفظ " ظهرت " إشارة إلى إخفاء النفاق في زمان رسول الله (صلى الله عليه وآله) .
وأشارت إلى الغواية والإفك اللذين يدلان على عدم اعتبار رواية الأول وكذبه فيها .
وأشارت إلى إجابتهم الشيطان وسرعتهم في إطاعته ، وقولها " فوسمتم غير إبلكم " إشارة إلى غصب الخلافة لا إلى غصب حقها ، بقولها " إنما زعمتم ذلك خوف الفتنة " وبعد ذلك أشارت إلى اشتراكهم مع الكفار في المستقر بقولها " ألا في الفتنة ".
وأشارت إلى تركهم زواجر كتاب الله ، مثل قوله تعالى {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [النساء: 14] وشواهده مثل آية الولاية ، وآية {أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ} [يونس: 35] وأوامره مثل {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] وأشارت إلى سوء ما اختاروا لهم بقولها "بئس للظالمين بدلا " وأشارت إلى خروجهم عن حكم الإسلام بقولها " ومن يبتغ غير الإسلام دينا " .
وبعد بيان ضلالهم في أمر الخلافة بأشد تأكيد ، شفعته بقباحة منع الإرث مع تأكيدات لائقة ، وبعد ما أظهرت مظلومية أهل البيت بغصب الخلافة والحقوق ، أكدت التظلم بخطابها ( عليها السلام ) أباها ( صلى الله عليه وآله ) بما خاطبته .
وإذا عرفت الإشارات ومراتب جلالة فاطمة ( عليها السلام ) بما أشرت إليه في ضمن بعض مطاعن الأول ، علمت دلالتها على بطلان خلافة الأول دلالة قطعية .
ومع هذا نقول : كان المقام يقتضي لو لم يكن أبو بكر عامدا بالظلم والعدوان أن يقول لها : يا خير النساء وابنة خير الأنبياء ، يدل كلامك على خطانا في خوف الفتنة ، وإنا لم نرع في فعلنا مقتضى زواجر كتاب الله وشواهده وأوامره ، وأنت وارثة الهداية والرشاد ، وحقنا الإطاعة والانقياد ، فبيني لنا تفصيل ما أجملته حتى نسمعه ونطيعه ، فلما طوى عن ذكره كشحا ، ولم يتكلم من هذا القبيل أصلا ، وافتعل الرواية التي تشهد على كذبها أمور لا تحتاج إلى البيان ، ولم يصدر منه ما يوجب رضاها، لم يصح دعوى رضاها من سكوت فاطمة ( عليها السلام ) في المجلس .
ومع ظهور استمرار غضبها نقول : لو فرض صدق أبي بكر في الخبر لعلمت بصدقه ، ولو فرض عدم علمها به لجوزت الصدق البتة ، وعلى التقديرين كان يجب عليها معذرة أبي بكر بأن لم أعرف أن منعك من الإرث كان ناشئا عما سمعت من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فكنت مطيعا له وراعيا لما سمعت منه ( صلى الله عليه وآله ) في منعنا الإرث ، وقلت ما قلت لإطاعتك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهذه الأمور التي نسبتها إليك من الزلات العظيمة التي نشأت من غفلتي وغفلة باب مدينة العلم ، وإلا أعلمني حتى لا يصدر مني ما صدر ، فأرجو عفوك عما سمعت مني ، وصفحك عما نسبته إليك، حتى يظهر على الحضار وعلى من يصل إليه مقالاتها أن ما صدر منها ( عليها السلام ) كان ناشئا من عدم اطلاعها وعدم اطلاع باب مدينة العلم على المسألة المتعلقة بإرثها ، ولم يكن ( عليه السلام ) عالما بالمسألة حتى يمنعها عن هتك عرض الخليفة ، وعدم رعاية مرتبته ، الناشيين من اتهامها البرئ عن المعاصي ، المطيع لله ولرسوله في إطاعة الله ورسوله بأمور لا يليق بأحد من المسلمين .
وبالجملة كما أن التكلم بمثل هذا الكلام عن مثل فاطمة ( عليها السلام ) يدل دلالة قطعية على علمها بظلم أبي بكر ، كذلك عدم المعذرة يدل دلالة قطعية عليه ، والغضب إنما نشأ من الظلم ، فلا وجه لتوهم زوال الغضب من اختلاف الحديث .
قال ابن أبي الحديد بعد نقل خطبة فاطمة ( عليها السلام ) وكلام السيد الذي نقلته قلت : ليس في هذا الخبر ما يدل على فساد ما ادعاه قاضي القضاة ، لأنه ادعى أنها نازعت وخاصمت ثم كفت، لما سمعت الرواية وانصرفت تاركة للنزاع راضية بموجب الخبر المروي ، وما ذكره المرتضى من هذا الكلام لا يدل إلا على سخطها حال حضورها ، ولا يدل على أنها بعد رواية الخبر وبعد أن أقسم لها أبا بكر بالله تعالى أنه ما روى عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلا ما سمعته منه انصرفت ساخطة ، ولا في الحديث المذكور والكلام المروي ما يدل على ذلك .
ولست أعتقد أنها انصرفت راضية ، كما قال قاضي القضاة ، بل أعلم أنها انصرفت ساخطة ، وماتت وهي على أبي بكر واجدة ، ولكن لا من هذا الخبر ، بل لأخبار أخر كان الأولى بالمرتضى أن يحتج بها ، على ما يرويه من انصرافها ساخطة وموتها على ذلك السخط ، وأما هذا الخبر وهذا الكلام فلا يدل على هذا المطلوب (2) انتهى .
وبما أشرت إليه لا نحتاج إلى بيان ضعف هذا الكلام ، ولعله غفل عن قول السيد " ونحن نذكر ما يستدل على صحة قولنا " وفي الخطبة إشارة إلى كثير من قبائح أبي بكر ، لكن ما ذكرته كاف للمستبصر .
_____________
(1) الشافي 4 : 69 - 78 .
(2) شرح نهج البلاغة 16 : 253 - 254 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|