أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-10-2014
2056
التاريخ: 11-10-2014
1691
التاريخ: 27-11-2014
1474
التاريخ: 11-10-2014
1760
|
ذكر غير واحد من الاَدباء فوائد جمة للمثل السائر :
1. قال ابن المقفّع ( المتوفّى عام 143 ه ) : إذا جعل الكلام مثلاً كان أوضح للمنطق ، وآنق للسمع ، وأوسع لشعوب الحديث.
2. وقال إبراهيم النظام ( المتوفّى عام 231 ه ) : يجتمع في المثل أربعة لا تجتمع في غيره من الكلام : إيجاز اللفظ ، وإصابة المعنى ، وحسن التشبيه ، وجودة الكناية ، فهو نهاية البلاغة.
وقال غيرهما : سميت الحِكَم القائم صدقها في العقول أمثالاً ، لانتصاب صورها في العقول مشتقة من المثول الذي هو الانتصاب (1).
وقد نقل ابن قيم الجوزية ( المتوفّى عام 751 ه ) كلام النظام بشكل كامل ، وقال :
وقد ضرب الله ورسوله الأمثال للناس لتقريب المراد وتفهيم المعنى وإيصاله إلى ذهن السامع ، وإحضاره في نفسه بصورة المثال الذي مثّل به فقد يكون أقرب إلى تعقّله وفهمه وضبطه واستحضاره له باستحضار نظيره ، فإن النفس تأنس بالنظائر والأشباه وتنفر من الغربة والوحدة وعدم النظير.
ففي الأمثال من تأنس النفس وسرعة قبولها وانقيادها لما ضرب لها مثله من الحق أمر لا يجحده أحد ولا ينكره ، وكلّما ظهرت الأمثال ازداد المعنى ظهوراً ووضوحاً ، فالأمثال شواهد المعنى المراد ، وهي خاصية العقل ولبّه وثمرته (2).
وما ذكره من الفائدة مشترك بين المثل السائر الذي هو موضوع كلامنا ، والتمثيل الذي شاع في القرآن ، وسيوافيك الفرق بين المثل السائر والتمثيل.
وقال عبد القاهر الجرجاني ( المتوفّى عام 471 ه ) : اعلم أنّ مما اتّفق العقلاء عليه انّ التمثيل إذا جاء في أعقاب المعاني ، أو أُبرزت هي باختصار في معرضه ، ونُقلت عن صورها الأصلية إلىٰ صورته كساها أُبّهة ، وكسبها منقبة ، ورفع من أقدارها ، وشبّ من نارها ، وضاعف قواها في تحريك النفوس لها ، ودعا القلوب إليها ، واستثار من أقاصي الأفئدة صبابة وكلفاً ، وقسر الطّباع على أن تُعطيها محبة وشغفاً.
فإن كان ذمّاً : كان مسه أوجع ، وميسمه ألذع ، ووقعه أشدّ ، وحدّه أحد.
وإن كان حجاجاً : كان برهانه أنور ، وسلطانه أقهر ، وبيانه أبهر.
وإن كان افتخاراً : كان شأوه أمدّ ، وشرفه أجد (3) ، ولسانه ألد.
وإن كان اعتذاراً : كان إلى القبول أقرب ، وللقلوب أخلب ، وللسخائم أسلّ ، ولغَرْب الغضب أفلّ ، وفي عُقد العقود أنفث ، وحسن الرجوع أبعث.
وإن كان وعظاً : كان أشفىٰ للصدر ، وأدعىٰ إلى الفكر ، وأبلغ في التنبيه والزجر ، وأجدر أن يجلى الغياية (5) ويُبصّر الغاية ، ويبرئ العليل ، ويشفي الغليل (4).
4. وقال أبو السعود ( المتوفّى عام 982 ه ) : إنّ التمثيل ليس إلاّ إبراز المعنى المقصود في معرض الأمر المشهور ، وتحلية المعقول بحلية المحسوس ، وتصوير أوابد المعاني بهيئة المأنوس ، لاستمالة الوهم واستنزاله عن معارضته للعقل ، واستعصائه عليه في إدراك الحقائق الخفيّة ، وفهم الدّقائق الأبيّة ؛ كي يتابعه فيما يقتضيه ،
ويشايعه إلى ما لا يرتضيه ، ولذلك شاعت الأمثال في الكتب الإلهية والكلمات النبوية ، وذاعت في عبارات البلغاء ، وإشارات الحكماء.
إن التمثيل ألطف ذريعة إلى تسخير الوهم للعقل واستنزاله من مقام الاستعصاء عليه ، وأقوى وسيلة إلى تفهيم الجاهل الغبيّ ، وقمع سورة الجامح الابيّ ، كيف لا ، وهو رفع الحجاب عن وجوه المعقولات الخفية ، وإبرازها لها في معرض المحسوسات الجلية ، وإبداء للمنكر في صورة المعروف ، وإظهار للوحشي في هيئة المألوف (6).
ولعلّ في هذه الكلمات غنى وكفاية فلا نطيل الكلام ، غير انّه يجب التنبيه على نكتة ، وهي ان السيوطي نقل في « المزهر » عن أبي عبيد انّه قال :
الأمثال حكمة العرب في الجاهلية والإسلام وبها كانت تعارض كلامها فتبلغ بها ما حاولت من حاجاتها في المنطق بكناية (7).
ولا يخفى انّ الأمثال ليست من خصائص العرب فحسب ، بل لكلّ قوم أمثال وحكم يقرِّبون بها مقاصدهم إلى إفهام المخاطبين ويبلغون بها حاجاتهم ، وربما يشترك مَثَلٌ واحد بين أقوام مختلفة ، ويصبح من الأمثال العالمية ، وربما تبلغ روعة المثل بمكان يقف الشاعر أمامه مبهوراً فيصب مضمونه في قالب شعري.
روى الطبري عن مهلب بن أبي صفرة ، قال : دعا المهلَّب حبيباً ومن حضره من ولده ، ودعا بسهام فحزمت ، وقال : أترونكم كاسريها مجتمعة ؟ قالوا : لا ، قال : أفترونكم كاسريها متفرقة ؟ قالوا : نعم ، قال : فهكذا الجماعة (8).
وليس المهلب أوّل من ساق هذا المثل على لسانه ، فقد سبقه غيره إليه.
روى أبو هلال العسكري في جمهرته ، عن قيس بن عاصم التميمي ( المتوفّى عام 20 ه ) الأبيات التالية التي تعرب بأنّ المثل صبّ في قالب الشعر أيضاً :
بصلاح ذات البين طول بقائكم |
|
|
|
|
ان مُدّ في عمري وإن لم يُمدد |
حتى تلين قلوبكم وجلودكم |
|
|
|
|
لمسوّد منكم وغير مسوّد |
انّ القداح إذا جمعن فرامها |
|
|
|
|
بالكسر ذو حنق وبطش باليد |
عزّت فلم تكسر وإن هي بددت |
|
|
|
|
فالوهن والتكسير للمتبدّد (9) |
وقد نقل المسعودي في ترجمة عبد الملك بن مروان ، وقال :
كان الوليد متحنّناً على إخوته ، مراعياً سائر ما أوصاه به عبد الملك ، وكان كثير الإنشاد لأبيات قالها عبد الملك حين كتب وصيته ، منها :
انفوا الضغائن عنكم وعليكم |
|
عند المغيب وفي حضور المشهد |
انّ القداح إذا اجتمعن فرامها |
|
بالكسر ذو حنق وبطش باليد |
عزّت فلم تكسر وإن هي بُددت |
|
فالوهن والتكسير للمتبدّد (10) |
__________________
(1) مجمع الأمثال : 1 / 6.
(2) أعلام الموقعين : 1 / 291.
(3) من الجد : الحظ ، يقال : هو أجدّ منك ، أي أحظ.
(4) الغياية : كل ما أظلك من فوق رأسك.
(5) أسرار البلاغة : 101 ـ 102.
(6) هامش تفسير الفخر الرازي : 1 / 156 ، المطبعة الخيرية ، ط الأولى ، مصر ـ 1308 ه.
(7) المزهر : 1 / 288.
(8) تاريخ الطبري : حوادث سنة 82 ه.
(9) جمهرة الأمثال : 1 / 48.
(10) مروج الذهب : أخبار الوليد بن عبد الملك.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|