أقرأ أيضاً
التاريخ: 22/9/2022
4099
التاريخ: 2024-09-04
273
التاريخ: 2023-11-08
1129
التاريخ: 2023-10-14
1029
|
... ان هذا النوع من الانتهاكات يعد بحد ذاته جريمة دولية لما ينطوي عليه من خطورة كبيرة و اعتداء جسيم على حق أو مصلحة يحميها القانون الدولي الجنائي (1). لذا لابد لنا من التعرف على اركان هذه الانتهاكات الجنائية الدولية وذلك لتكفل العرف الدولي والمواثيق الدولية بتحديد الانموذج القانوني لها بالقدر الذي تسمح به طبيعة القانون الدولي الجنائي. وتتجسد هذه الاركان بالركنين المادي والمعنوي وسنبحثهما في مطلبين نخصص الاول للركن المادي أما الثاني فللركن المعنوي و بحسب الاتي :-
لقيام أي جريمة ، يشترط – بصفة عامة – أن تظهر بشكل مادي الى العالم الخارجي ، وبغيره لا يقع في المجتمع اضطراب او زعزعة للامن ولا يصيب الحقوق المحمية انتهاك او عدوان . وعلى ذلك تترتب لدينا نتيجتان ، اولاهما: ان القانون الجنائي – داخلي او دولي – لا يقيم وزناً للارادة وحدها من دون ان تفضي الى سلوك خارجي يعكسها في الواقع ، فالارادة المجردة التي لا تصحبها ماديات تبرز الى العالم الخارجي لا يعاقب عليها القانون بصورة عامة. وثانيهما: ان الانسان وحده من يتصور ان يكون فاعلاً للجريمة كونها سلوك ارادي يعتد به القانون . ويعرف الركن المادي للجريمة بأنه "النشاط المادي الذي يصدر عن الجاني متخذاً مظهراً خارجياً يتدخل من اجله القانون بتقرير العقاب" (2). ولدراسة هذا الركن لابد من تناول موضوعين فيه هما عناصر الركن المادي والصور التي ترتكب بها الانتهاكات الجنائية الدولية وهذا ما سنتناوله بالبحث في فرعين وعلى النحو الآتي:-
في القانون الدولي الجنائي – كما الداخلي – يفترض لقيام الجريمة المكونة للانتهاك الجنائي الدولي وجود سلوك صادر عن الجاني في سبيل تحقيق غاية اجرامية. كذلك النتيجة التي هي اثر الاعتداء الذي ينال حقاً من الحقوق المحمية بموجب القانون الدولي . ولابد – فضلاً عن ذلك – من وجود علاقة سببية والتي هي الرابطة التي تصل بين السلوك الجرمي والنتيجة الجرمية فيتحقق بذلك وحدة الركن المادي. وفيما يأتي نتناول بالبحث عناصر الركن المادي:-
وهو "النشاط المادي الخارجي المكون للجريمة ، والسبب في إحداث ضررها العام والخاص ان وجد، وسواء اكان أيهما مقصوداً لذاته أم جاء عرضاً بغير ان يقصده الجاني ، فلا يتوافر للجريمة ركنها المادي ما لم يتوافر لها ذلك" (3). والسلوك المكون للانتهاك الجنائي الدولي نوعان أحدهما إيجابي متمثل بالحركة او الارتكاب ، والثاني سلبي يتمثل بالامتناع . والقاعدة ان الانتهاكات الدولية تتطلب سلوكاً ايجابياً لتحققها يفترض فيها تحريك الجاني عضواً في جسمه لاحداث اثر خارجي معين . أي انه يتطلب توافر هذين العنصرين ، الاول : صدور حركة تحدث اثراً خارجياً محظوراً بموجب القانون . وهذا العنصر يفسر الطبيعة المادية في الفعل . أما الثاني ، فيتطلب سيطرة الارادة على هذه الحركة العضوية. لذا يستبعد من عداد الافعال مجرد التفكير وكذلك التصميم الاكيد واستبعاد الافعال الصادرة عن غير ارادة حرة واعية (4). وعلى الرغم من ان الاعمال التحضيرية لا عقاب عليها في التشريعات الداخلية – كقاعدة عامة – الا ان الانتهاكات الدولية قد تخرج في كثير من صورها عن ذلك بالتوسع في مدلول ركنها المادي ، مثاله ما نصت عليه المادة (6) من لائحة محاكمات نورمبرج والمادة (5) من لائحة محاكمات طوكيو من تجريم افعال الاعداد والتنظيم للحرب وهي في ذاتها اعمال تحضيرية.
وعلة مدّ نطاق التجريم الى الاعمال التحضيرية في القانون الدولي الجنائي ان هذهِ الاعمال تكشف عن تهديد وشيك للحق الذي يحرص القانون الدولي على حمايته ، أي ان هذهِ الافعال هي في حقيقتها من جرائم الخطر. كما ورد في المادة (2-2) من مشروع تقنين الجرائم ضد السلام وأمن البشرية انه " يعد جريمة ضد سلام وامن البشرية كل تهديد باللجوء الى العدوان تقوم به سلطات الدولة ضد دولة اخرى . وجاء تعليقاً عليها من لجنة القانون الدولي التي قامت بصياغتها ان هذا النص مؤسس على فكرة انه ليست فقط افعال العدوان هي التي تمثل خطراً جسيماً على السلم والامن الدوليين وانما ايضاً التهديد بالعدوان يمثل ذلك الخطر ويجب عده جريمة دولية " (5). كذلك تنص الفقرة الثالثة من نفس المادة على انه "يعد جريمة ضد السلام وامن الانسانية قيام سلطة الدولة بالتحضير لاستخدام قواتها المسلحة ضد دولة أخرى لاغراض غير الدفاع الشرعي الوطني او الجماعي او تنفيذاً لقرار او تطبيقاً لتوصية الامم المتحدة" (6). اما السلوك السلبي او الامتناع فلا يختلف جوهره في القانون الدولي الجنائي عن القانون الجنائي الداخلي ، اذ يعني اتخاذ الجاني موقفاً سلبياً أزاء ظروف معينة واحجامه عمداً عن القيام بعمل يفرض عليه القانون الدولي واجب القيام به إبتغاء تحقق النتيجة التي يحرمها القانون (7). فالامتناع لا يوصف كذلك الا بالنظر لهذا الواجب المفروض بالقانون. ويلاحظ بان القانون الدولي الجنائي قانون عرفي في معظمه لذا فان الواجبات القانونية تستخلص من النظام بشكل عام ومن الضمير الانساني العام . وهذا ما نصت عليه مقدمة اتفاقية لاهاي الرابعة لسنة 1907 التي تقرر تكملة أحكامها عن طريق الرجوع الى مبادئ القانون الدولي كما نستخلص من العادات المستقرة لدى الشعوب المتمدينة ومن القوانين الانسانية ومن التعاليم التي يمليها الضمير الانساني العام. وهذا النوع من السلوك معترف به في القانون الدولي الجنائي منذ وقت ليس بالقصير ، الا انه لم يكن يحرك سوى المسؤولية المدنية ثم مالبث ان اتضحت اهميته واصبح معادلاً للسلوك الايجابي من حيث الاهمية القانونية . وقد اتجه التطور بفضل ارتقاء القانون الدولي الجنائي الى الاعتراف بالمسؤولية الدولية للافراد اذا امتنع احدهم عن عمل واجب عليه والى الاقرار بهذه المسؤولية بصفتها الجنائية (8). ومثال الانتهاكات المقترفة بهذه الصورة من السلوك "انكار العدالة" التي اصبح مسلماً بها في انحاء العالم ونصت عليه اللائحة الخاصة بالاتفاقية الرابعة من اتفاقيات لاهاي لسنة 1907 في المادة (23-جـ) حول التزام المحتل بالسماح لمواطني الارض المحتلة باللجوء الى القضاء الوطني والا عُدَّ مرتكباً لجريمة انكار العدالة كذلك " الامتناع عن تحقيق الاتساق ما بين التشريع الوطني والدولي " وذلك تطبيقاً لمبدأ سمو القانون الدولي على القانون الداخلي . وهذا ما نصت عليه اتفاقية جنيف لسنة 1921 في المادة (29) منها . وكذلك اتفاقيات جنيف الانسانية لسنة 1949 في المواد (49 من الاتفاقية الاولى و 50 من الاتفاقية الثانية و129 من الاتفاقية الثالثة و146 من الاتفاقية الرابعة ) . وكذلك ما ورد في اتفاقية حقوق الطفل في مواد عديدة منها (2-2 و 3-2 و4 و11 و18-3 و19 و20-2) (9). والجريمة الايجابية المرتكبة بطريق سلبي لا تختلف عن الجريمة الايجابية البحتة ، فليس المهم من الناحية القانونية ان تكون النتيجة المعاقب عليها قد ترتبت نتيجة سلوك ايجابي ام سلبي . لذا يجب لقيام هذا النوع من السلوك : 1- ان يكون هناك حظر لفعل يسبب نتيجة معينة . 2- ان يكون هناك امر بالقيام بعمل يمنع حدوث مثل هذهِ النتيجة (10).
مثال هذا النوع من السلوك : امتناع الرئيس الاعلى في الجيش عن منع مرؤوسيه من الجنود عن ارتكاب جرائم الحرب مع علمه باعتزامهم على ارتكابها . هنا يفرض القانون الدولي الجنائي على الرئيس واجب منع مرؤوسيه من اتيان مثل هذهِ الانتهاكات الجنائية (11). وهذا النوع من الانتهاكات نصت عليه المادة (3) من اتفاقيات لاهاي لسنة 1907 بشأن قوانين وعادات الحرب البرية التي تنص على "يكون الطرف المتحارب الذي يخل باحكام اللائحة المذكورة ملزماً بالتعويض اذا دعت الحاجة كما يكون مسؤولاً عن جميع الاعمال التي يرتكبها اشخاص ينتمون الى قواته المسلحة". كذلك ما نصت عليه اتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية والمعاقبة عليها في المادة (1) منها بالزام الدول بمنع جريمة الابادة والمعاقبة عليها (12). اما اتفاقية حقوق الطفل فقد ذكرت هذا النوع من الانتهاكات في نصوص عديدة منها على سبيل المثال المادة (8-2) التي تنص على " اذا حرم أي طفل بطريقة غير شرعية من بعض او كل عناصر هويته، تقدم الدول الاطراف المساعدة والحماية المناسبتين من اجل الاسراع باعادة اثبات هويته". اما المادة (16) فتنص على "1- لا يجوز ان يجري أي تعرض تعسفي او غير قانوني للطفل في حياته الخاصة او اسرته او منزله او مراسلاته ولا أي مساس غير قانوني بشرفه او سمعته . 2- للطفل حق في ان يحميه القانون من مثل هذا التعرض او المساس ". كذلك المادة (30) تنص على " في الدول التي توجد فيها اقليات اثنية او دينية او لغوية او اشخاص من السكان الاصليين ، لا يجوز حرمان الطفل المنتمي لتلك الاقليات او لاولئك السكان من الحق في ان يتمتع ، مع بقية افراد المجموعة ، بثقافته ، او الاجهار بدينه وممارسة شعائره ، او استعمال لغته ". كما ورد تجريم الامتناع في المادة (37) التي تقرر الزام الدول الاطراف بان تكفل عدم تعريض أي طفل للتعذيب او لغيره من ضروب المعاملة القاسية او اللا انسانية او المهينة. وبان لا يحرم أي طفل من حريته بصورة غير قانونية او تعسفية . وتحظر المادة (38) الدول الاطراف من اشراك من هم دون سن 15 سنة (البروتوكول الملحق بالاتفاقية والخاص بحظر اشراك الاطفال في النزاعات المسلحة حدد سن 18 سنة لهذا الحظر) في الحروب كما تحظرهم من تجنيد مثل هؤلاء الاطفال في قواتها المسلحة. هذا وتتحقق مسؤولية الرئيس عندما تكون قائمة على الخطأ العمدي او على الاقل على الاهمال ومن ثم لا يمكن ان يعد الرئيس مسؤولا عن الافعال الجنائية لمرؤوسيه الا اذا علم بقصدهم في ارتكابها فان ثبت علمه وجب ايضاً ان يثبت انه كان بامكانه منع الجريمة ولم يقم بمنعها (13). وقد نصت المادة (28) من نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية على مسؤولية القائد العسكري او الشخص القائم فعلاً بأعمال القائد العسكري عن اعمال القوات الخاضعة لامرته وسيطرته الفعليتين. كذلك مسؤولية الرئيس الجنائية عن اعمال مرؤوسيه الخاضعين لسلطته وسيطرته الفعليتين في حال عدم منعهم من هم تحت سيطرتهم وسلطتهم عن ارتكاب الجرائم.
ثانياً / النتيجة /
لا يختلف مفهوم النتيجة في القانون الداخلي عنه في القانون الدولي الجنائي . فقد تظهر النتيجة منفصلة عن السلوك الذي افضى اليها وهو شأن الجريمة المادية ومثالها جريمة العدوان والجرائم ضد الانسانية. وقد تظهر النتيجة متجسدة في السلوك وغير منفصلة عنه وهو شأن الجرائم الشكلية كالجريمة المنصوص عليها في الاتفاقية الثامنة من اتفاقيات لاهاي لسنة 1907 حول وضع الالغام الالية تحت سطح الماء والتي تنفجر تلقائياً بمجرد التلامس ، فالقانون يجرم وضع اللغم من دون ان ينتظر حدوث النتيجة لتحقيق ضرر معين (14).
كذلك ما ورد في المادة (2-هـ) من اتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية والمعاقبة عليها حول تجريم نقل اطفال جماعة عنوة الى جماعة اخرى ، فهنا التجريم لمجرد عملية النقل من دون انتظار حصول النتيجة الضارة وهي فصل الاطفال عن جذورهم وما يتبعها من اضرار اخرى . كذلك تجريم اشراك الاطفال في النزاعات المسلحة او تجنيدهم في القوات المسلحة . مثل هذا النوع من الجرائم يسمى جرائم الخطر. وتلعب فكرة الخطر دوراً هاماً في مجال القانون الدولي الجنائي كونه – الخطر – نتيجة من نتائج السلوك الاجرامي لما يحدثه من حالة تطرأ على العالم الخارجي لم يكن لها ثمة وجود قبل اقترافه فهو نتيجة مترتبة على السلوك وهي مرتبطة بنتيجة اخرى لا يعلمها الفاعل . فالقانون يجرم هذهِ الافعال مراعاة منه النتيجة الجسيمة التي يحتمل ان تؤدي اليها ولكنه لا يعد هذهِ النتيجة عنصراً من عناصر الجريمة المكونة للانتهاك وانما يكتفي لتمامها بنتيجة اقل جسامة قد لا تحمل في ذاتها ضرراً ولا تكفي كتبرير لتدخل القانون، ولكن الخطر الذي تحمله هذه النتائج هو الذي لفت اليها انظار القانون وهذا الخطر هو احتمال تحقق النتائج الاكثر جسامة (15). لذا فان وجوب توقي الخطر هي علة التجريم. " والجرائم ذات الخطر او الضرر المحتمل هي جرائم تنم عن احتمال وقوع ضرر يلحق بحق يحميه القانون، ولا يقتضي لتحقق النتيجة فيها وقوع ضرر بالفعل وانما تتحقق النتيجة بقيام الخطر الذي يهدد باحتمال وقوع الضرر، بمجرد وقوع السلوك الاجرامي الناشيء عنه ذلك الخطر" (16). وقد نصت على جرائم الخطر كل من لائحتا نورمبرج (المادة 6) وطوكيو (المادة 5) اذ وسعتا الركن المادي لجريمة حرب العدوان ولم يقصراه على التصعيد او البدأ فيه وانما اضافا اليه الاعداد والتنظيم للحرب وهي في الاصل اعمال تحضيرية (17). كذلك ما تضمنته اتفاقيتا 4 / مايو / 1910 و 12 / ايلول / 1923 الخاصتان بحظر تداول المطبوعات المخلة بالحياء . وكذلك الاتفاقيات الخاصة بالمخدرات . ايضا ما جاء في المادة (2-2و3) من مشروع تقنين الجرائم ضد السلام وامن البشرية (18). بقي ان نشير الى فكرة الجريمة المتراخية النتيجة او الجريمة ذات الفاصل الزمني بين السلوك والنتيجة التي تتجسد بوقوع السلوك في مكان وزمان معينين غير الزمان والمكان اللذين تقع فيهما النتيجة. وكذلك قد يقع السلوك في زمان معين وتتراخى النتيجة في حصولها الى زمن اخر مع وحدة المكان .مثالها حالة اطلاق صواريخ من دولة على اخرى تقع فيها نتائج هذا السلوك من قتل وتخريب . كذلك بالنسبة للحالة الثانية الوفاة التي تحدث بعد مدة من التعرض للجروح عن انفجار الالغام او القنبلة الزمنية. مثل هذا الامر ليس بذي اهمية في القانون الدولي الجنائي لسببين: الاول: ان الاساس القانوني موحد كون القانون الدولي الجنائي قانون عالمي شأنه شأن القانون الدولي العام، فهو عالمي التطبيق وسلطانه غير محصور في حدود اقليم معين ، والقواعد القانونية السارية في مكان الفعل وزمانه هي بعينها السارية في مكان النتيجة وزمانها.
اما الثاني: فيرجع الى ان اختصاص المحاكم الجنائية الدولية ، عالمي لا يتقيد بمكان معين، واختصاصها يشمل مكان ارتكاب الفعل كما يشمل مكان تحقق النتيجة (19). ومبدأ العقاب العالمي بالنسبة للجرائم الدولية قد اقره معهد القانون الدولي في دور انعقاده لسنة 1931 بكمبردج في اثناء النظر في تعديل لائحة سنة 1883 الخاصة بالنزاع بين القوانين الجنائية في مسائل الاختصاص التي وضعها مؤتمر معهد القانون الدولي المنعقد في ميونخ بالمانيا سنة 1883. كما أقرّه المؤتمر الدولي المقارن المنعقد في لاهاي سنة 1932. ويقوم هذا المبدأ على فكرة التضامن بين الدول لحماية المصالح ذات القيمة العالمية والدفاع عنها (20). وبانشاء المحكمة الجنائية الدولية الدائمة بموجب نظام روما ، فان مسألة تنازع الاختصاص قد تلاشت تماماً فيما يتعلق بالجرائم الداخلة في اختصاص هذه المحكمة (المادة 5 من النظام التي تشير الى الجرائم الداخلة في اختصاصها والمادة 11 التي تشير الى الاختصاص الزمني وهو اختصاصها بالجرائم التي ترتكب بعد بدء نفاذ هذا النظام والمادة 12 حددت شروط ممارسة الاختصاص). كذلك فان قيام العديد من تشريعات الدول بتحديد الاختصاص القضائي والتشريعي لعدد من الجرائم الدولية كالارهاب الدولي والجرائم المنظمة قد اسهم في حل مشكلة الاختصاص.
ثالثاً / علاقة السببية /
وهي الصلة التي تربط بين السلوك والنتيجة . واهميتها القانونية تظهر في كونها تسند النتيجة الى السلوك فتقرر بذلك توافر شرط اساسي من شروط المسؤولية الجنائية . لذا فهي تقتصر على الانتهاكات ذات النتيجة أي الجرائم المادية او جرائم الضرر فقط (21). ولا فرق بين علاقة السببية في القانون الدولي الجنائي عنها في القانون الجنائي الداخلي (22). ولكن تبقى مسألة تحديد الضابط الذي يحدد وجود علاقة السببية من عدمها عندما تشترك عّدة عوامل او اسباب في تحقيق الانتهاكات الجنائية الدولية . اذا انه في القانون الداخلي أظهر الفقه عدة نظريات بهذا الشأن منها نظرية تعادل الاسباب ومنها نظرية السبب الملائم ومنها نظرية السبب المباشر فاي من هذه النظريات تصلح ضابطاً في تحديد وجود علاقة السببية في الانتهاكات الجنائية الدولية بين سلوك الجاني والنتيجة المتحققة اذا ما دخلت عوامل واسباب اخرى على السلوك وعلى النتيجة ؟ فنظرية تعادل الاسباب تسوي بين جميع العوامل المساهمة في احداث النتيجة وتعد علاقة السببية متوافرة ما بين السلوك والنتيجة متى ثبت ان السلوك الذي اتاه الجاني كان احد العوامل التي اسهمت في احداث النتيجة حتى وان كان نصيبه في ذلك ضعيفاً. اما نظرية السبب الملائم او الكافي فهي تركن الى احد العوامل المساهمة في احداث النتيجة وتعول عليها بحسبه ذا قوة فاعلة وفقاً للمجرى العادي للامور . أي انه متى ما ثبت ان مقدار مساهمة السلوك الاجرامي في احداث النتيجة الجرمية يمثل بالنسبة للعوامل الاخرى التي اسهمت معه في احداثها، قدراً معيناً من الاهمية والخطورة بحيث يكون كافياً وصالحاً بطبيعته لتحقيق النتيجة الضارة ، نُسِبَت الجريمة عندها الى الجاني (23). اما نظرية السبب المباشر او الاقوى فهي تتخير من بين الاسباب اقواها ولا تسأل الجاني عن سلوكه الاجرامي الا اذا كانت النتيجة متصلة اتصالاً مباشراً بسلوكه كونه السبب الاساسي في حدوث هذهِ النتيجة بحيث يمكن القول انها حدثت من سلوك الجاني من دون غيره (24). واذ انه لا تحديد لهذهِ المسألة في القانون الدولي الجنائي ، فاننا نرى ان افضل معيار يؤخذ به في صدد تحديد علاقة السببية بين سلوك الجاني والنتيجة الجرمية في مجال القانون الدولي الجنائي ، هو معيار نظرية السبب الملائم كونها اكثر عدالة والاكثر ملائمة في مجال الجريمة المكونة للانتهاكات الجنائية الدولية نظراً لطبيعتها . وهذا ما نجد له تطبيقاً في عدد من الانتهاكات الجنائية الدولية ، فعلى سبيل المثال ما ورد في الصيغة النهائية لمشروع نص اركان الجرائم الذي صاغته اللجنة التحضيرية للمحكمة الجنائية الدولية اذ انها في صدد تعدادها اركان جريمة الابادة التي تشكل احدى صور الجرائم ضد الانسانية الواردة في المادة (7-1/ب) من نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، ذكرت ان احد اركان هذهِ الجريمة هي "ان يقتل المتهم شخصاً او اكثر بما في ذلك اجبار الضحايا على العيش في ظروف ستؤدي حتماً الى هلاك جزء من مجموعة من السكان. ويمكن ان يشمل فرض هذهِ الاحوال الحرمان من امكانية الحصول على الاغذية والادوية" (25). وهذا يعني ان سلوك الجاني هنا والمتمثل باخضاع السكان للعيش في ظروف قاسية كالحرمان من الاغذية والادوية هو الذي ادى الى الوفاة ، أي ان السير العادي للامور المرتبطة بسلوك الجاني قد ادى الى حدوث النتيجة وهي الوفاة . فلو ان هؤلاء السكان قد هلكوا بفعل اخر كأن يكون قصف صاروخي على الرغم من استمرار خضوعهم لهذهِ الظروف فان علاقة السببية بين سلوك الجاني والنتيجة سوف تنقطع.
الفرع الثاني / صور ارتكاب الانتهاكات الجنائية الدولية /
عندما تتحقق النتيجة التي يسعى اليها الجاني من خلال سلوكه ... ، فاننا نكون امام جريمة تامة. اما اذا تخلفت النتيجة عن الحدوث عندها نكون بصدد حالة شروع في الجريمة. وقد يساهم عدة اشخاص في ارتكاب الجريمة عندها نكون بصدد حالة مساهمة جنائية . هذهِ هي صور ارتكاب الانتهاكات الجنائية الدولية ... لذا فسوف نتناول هنا بالشرح صورتي الشروع والمساهمة الجنائية وذلك في نقطتين نخصص الاولى للشروع في الانتهاكات الجنائية الدولية والثانية للمساهمة الجنائية فيها وبحسب الاتي: -
أولا / الشروع /
في القانون الجنائي الداخلي تمر الجريمة بعدة مراحل وهي التفكير في الجريمة والتصميم عليها وهذهِ لا يعاقب عليها المشرع اذ انه لا يعاقب على النوايا ما لم يفصح عنها السلوك. ثم مرحلة التحضير والاعداد للجريمة وهي ايضاً خارجة عن نطاق التجريم ما لم تفصح عن خطر ذاتي. ثم مرحلة البدء في التنفيذ أي الشروع التي يبدأ الفاعل فيها في تنفيذ مشروعه الاجرامي ولكنه لا يصل الى تحقيق النتيجة لاسباب لا دخل لارادته فيها (26).
كذلك الامر بالنسبة للجريمة الدولية ، اذ تمر بهذهِ المراحل ولكن فقط مرحلة التفكير والتصميم هي التي تخرج من دائرة التجريم اما مرحلة التحضير والاعداد للجريمة فهي تكون محلاً للتجريم اذا ما أنطوت على جسامة خاصة ، وقد وجد هذا الامر صداه في العديد من المواثيق الدولية (27). أما مرحلة الشروع ، فينادي الفقيه (بللا) بالتفرقة في العقاب بين ما يعد بدءاً في التنفيذ أُوقف لأسباب خارجة عن أرادة الجاني ( الجريمة الموقوفة أو الشروع الناقص ) وبين ما اذا سلوكه لم يؤد الى نتيجة (الجريمة الخائبة أو الشروع التام ). أذ يرى وجوب عدم وضع عقوبة للجريمة الموقوفة مساوية للعقوبة المقررة للجريمة الخائبة ، ووجوب تطبيق النظرية المادية ( المذهب الموضوعي ) في الشروع(28) لتحديد البدء في التنفيذ (29)، حتى يعتاد الناس العقاب الدولي . كما يرى عدم دراسة نظرية الجريمة المستحيلة اذ لا يمكن ادخالها حالياً في نطاق عقاب القانون الدولي الجنائي (30). ولا يؤيد الاستاذ الدكتور حسنين عبيد الفقيه (بللا ) في رأيه الاخير هذا ويطرح مثلاً يعزز به رأيه فيقول " لو أن دولة صغيرة لا تملك السلاح اللازم لشن حرب عدوانية ويستحيل عليها تدبيره ومع ذلك فقد أصدرت بياناً تهدد فيه دولة أخرى بالعدوان فأن مثل هذا التصرف لا يمكن عده جريمة دولية لاستحالة وقوعها " (31). ولا نتفق مع الاستاذ الدكتور حسنين عبيد في اتجاهه هذا اذ أن مجرد قيام هذه الدولة الصغيرة بالتهديد بالعدوان يجعل منها مرتكبة لجريمة دولية وذلك بموجب المادة (2-4) من ميثاق الامم المتحدة . ونؤيد الفقيه الاستاذ (بللا) في رأيه بخصوص الجريمة المستحيلة . هذا وقد ورد تجريم الشروع في العديد من التقنينات الدولية . فقد نصت المادة (2-3/د) من مشروع تقنين الجرائم ضد السلام وأمن البشرية على تجريم الشروع وعده من ضمن الجرائم المرتكبة ضد سلام وأمن البشرية اذا ما شرع الجاني في ارتكاب أحد الجرائم المعدة ضد السلام وأمن البشرية (32). كما عاقبت العديد من المواثيق الدولية على الشروع كاتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية والمعاقبة عليها وذلك بموجب المادة (3-د) التي تنص على "يعاقب على الافعال التالية : د- محاولة ارتكاب الابادة الجماعية ". كذلك اتفاقية الغاء الرق ومنع الاسترقاق في المادة (3) منها التي تسوي بين الجريمة التامة والشروع في نقل العبيد من بلد لاخر في العقاب. أيضا المادة (3) من البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل الخاص ببيع الاطفال واستغلال الاطفال في البغاء وفي المواد الاباحية اذ الزمت الدول بمعاقبة مجرد "عرض أو تسليم أو قبول طفل بأية طريقة كانت لغرض من الاغراض الاتية : أ- الاستغلال الجنسي للطفل ب-نقل اعضاء الطفل توخياً للربح ج- تسخير الطفل للعمل القسري ". كذلك ما جاء في المادة (25-3/و) من نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية التي تنص على" وفقاً لهذا النظام الاساسي يسأل الشخص جنائياً ويكون عرضة للعقاب عن أية جريمة تدخل في اختصاص المحكمة في حال قيام هذا الشخص بما يأتي: و- الشروع في ارتكاب الجريمة عن طريق اتخاذ اجراء يبدء به تنفيذ الجريمة بخطوة ملموسة ولكن لم تقع الجريمة لظروف غير ذات صلة بنوايا الشخص. ومع ذلك فالشخص الذي يكف عن بذل أي مجهود لارتكاب الجريمة أو يحول بوسيلة أخرى دون اتمام الجريمة ، لايكون عرضة للعقاب بموجب هذا النظام الاساسي على الشروع في ارتكاب الجريمة اذا هو تخلى تماماً وبمحض ارادته عن الغرض الاجرامي ".هذه المادة تساوي في المسؤولية والعقاب بين الشروع والجريمة التامة وهي هنا تأخذ بالمذهب الموضوعي لاشتراطها اتخاذ اجراء يبدء به تنفيذ الجريمة وبخطوة ملموسة.كما انها لاتعاقب على العدول الاختياري الذي يتم بارادة الشخص عندما يتراجع بكامل ارادته عن المضي قدماً في تنفيذ الجريمة.
ثانياً/ المساهمة الجنائية /
في القانون الجنائي الداخلي تتخذ المساهمة الجنائية احدى صورتين اما مساهمة أصلية أو مساهمة تبعية . وتعد المساهمة أصلية حينما يتعدد مرتكبوا الجريمة ويقوم بعضهم بالدور الرئيس فيها . وتعد المساهمة تبعية اذا ما قام بعض المساهمين بالدور الثانوي فيها عن طريق قيامهم بافعال لا يقوم بها الركن المادي للجريمة وانما تعضد المساهم الاصلي في اتمام المشروع الجرمي عن طريق التحريض أو الاتفاق أو المساعدة (33).
ويعرف النظام الانجلوسكسوني صورة قريبة من الاتفاق هي (التآمر) الذي يعني اتفاق ارادتين أو اكثر على ارتكاب فعل غير مشروع أو تحقيق نتيجة مشروعة بوسائل غير مشروعة (34). أما في القانون الدولي الجنائي فهناك نظرية عامة تحكم حالة المساهمة الجنائية فيه قوامها المساواة بالكامل بين المساهمين في الجريمة الدولية على مختلف مراحلها المعاقب عليها ابتداءً من الاعمال التحضيرية للجريمة وحتى مرحلة التنفيذ الكامل لها (35). ويرفض الفقه الدولي الجنائي التفرقة بين الفاعل الاصلي والفاعل مع غيره، ويعد الدور الذي يقوم به أحدهما معادلاً لدور الاخر كما انه لا يعد صورة الفاعل مع غيره صورة من صور الاشتراك (36). وبالنظر لخطورة الاتفاق الجنائي أو ما يسمى بالتآمر، فأن القانون الدولي الجنائي ينزل مرتكبي هذه الجريمة منزلة الفاعلين الاصليين حتى وأن لم ترتكب الجريمة المتفق عليها كونها جريمة في حد ذاتها وذلك لخطورة هذه الجريمة في المجال الدولي من جهة ، ولجسامة الجرائم المتفق عليها من جهة أخرى (37). ويدخل تحت عبارة "الاتفاق الجنائي " كل أشكال الاشتراك،بل ان اتفاقية الابادة الجماعية قد نصت في المادة (3) منها على أن مجرد التحريض المباشر والعام يعد في حكم ارتكاب الفعل التام. و الواقع ان النظرة الى (المؤامرة) تعني وجود سبق اصرار وتجهيز تام ، لذا يعاقب المتآمرون مثل عقاب المنفذين بشرط الا يتجاوز المنفذون حدود تخطيط المتآمرين فتصرفهما يكمل كلاً منهما الاخر (38). هذا وقد أقرت لائحتا محكمتي نورمبرج و طوكيو مبدأ المساواة بين المساهمين في المادة (6-أ) من لائحة نورمبرج في فقرتها الاخيرة والمادة (5-أ) من لائحة طوكيو ايضاً في فقرتها الاخيرة وكذلك في الفقرة الاولى من المبدأ السابع من المبادئ المستخلصة من محاكمات نورمبرج . اذ نصت على أن "المديرين والمنظمين والمحرضين والشركاء الذين ساهموا في تجهيز أو تنفيذ خطة مرسومة أو مؤامرة لارتكاب احدى الجرائم المعرفة آنفا يعدون مسؤولين عن كل الافعال المرتكبة من جميع الاشخاص تنفيذاً لتلك الخطة" (39) اذ تعد المشارك في الاعداد للحرب بمثابة فاعل حقيقي للتصرف الاجرامي (40). ولقد عدت محكمة نورمبرج من قبيل التآمر اعمال المنظمات السياسية الموجهة لسياسة الرايخ الالماني . كما عدت المحكمة من صور المساهمة التبعية المساعدة بعقد المؤتمرات العسكرية أو بوضع تفاصيل العدوان العسكري المزمع شنّه أو الذي يجري تنفيذه بالفعل (41). كذلك ما جاء في المادة (2) من مشروع التقنين الخاص بالجرائم ضد السلام وأمن البشرية تنص على أن "الأفعال التي تعتبر جرائم ضد السلام و أمن البشرية هي :13-الأفعال التي تشكل :أ-التآمر بقصد إرتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا التقنين .ب-التحريض المباشر لارتكاب احدى هذه الجرائم .ج-الاشتراك فيها " (42). ومن المواثيق الدولية التي ساوت بين المساهمين في الجريمة الدولية اتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية والمعاقبة عليها أذ نصت في المادة (3)منها على أن :"يعاقب على الافعال الاتية :(ب)التآمر على ارتكاب الابادة الجماعية (ج)التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الابادة الجماعية. هذا وقد ميزت محكمة يوغسلافيا بين ارتكاب جريمة التعذيب وبين المساعدة والتشجيع على ارتكابها وذلك عندما نطقت بالحكم الصادر على (انتوفورندزيا ) في 10/12/1998. ولخصت رأيها بالاتي:-"كي يكون المتهم مذنبا بممارسة التعذيب كجان أو شريك لجان يجب أن: (1) يشارك في جزء لا يتجزأ من التعذيب. (2) ويشارك في الغرض من وراء التعذيب أي النية في الحصول على معلومات أو اعتراف أو لمعاقبة الضحية أو شخص ثالث أو تخويفه أو اذلاله أو ممارسة الاكراه أو التمييز ضده".
وكي يكون المتهم مذنباً بالمساعدة أو التشجيع على ارتكاب التعذيب يجب أن:- (1)يساعد بطريقة ما يكون لها تأثير كبير في ارتكاب الجريمة (2) ويعرف ان التعذيب يجري .
وللتمييز الذي حددته المحكمة جانبان : الاول:فعل الجاني يختلف عن المساعد أو المشجع فالجاني يشارك في جزء لا يتجزأ من التعذيب وهذا يعني انه يمكن لاثنين أو اكثر من الجناة المشاركين ان يرتكبوا التعذيب طالما تصرفوا جميعاً على نحو يسهم بشكل أساسي في ممارسة التعذيب. الثاني :-أوضحت المحكمة انه لاثبات المسؤولية الجنائية ،ليس من الضروري ان يكون لدى المساعد أو المشجع النية ذاتها التي لدى ممارس التعذيب وكل مايلزم لاثبات المسؤولية الجنائية هو أن يعرف المساعد أو المشجع بان شخصاً ما غيره يرتكب التعذيب وان المساعدة المقدمة كان لها أثر اساسي في أرتكاب التعذيب"(43).
وقد الزمت المادة (7) من اعلان حماية جميع الاشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاأنسانية أو المهينة لسنة 1975 الدول كافة أن " تكفل النص في قانونها الجنائي على أن جميع اعمال التعذيب المعرفة في المادة (1) تعتبر جرائم. وينطبق الشيء ذاته فيما يتعلق بالاعمال التي تشكل اشتراكاً في التعذيب أو تواطؤ عليه أو تحريضاً عليه أو محاولة لارتكابه". أي ان هذه المادة قد ساوت بين المساهمين في المسؤولية وفي التجريم والعقاب. وهذا ما نصت عليه ايضاً المادة (4) من الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاأنسانية أو المهينة لسنة 1984. ولم يخرج نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية عن منهاج المساواة في المسؤولية والعقوبة بين المساهمين في الجريمة الدولية اذ نصت المادة (25-3)منه على ان " وفقاً لهذا النظام الاساسي، يسأل الشخص جنائياً ويكون عرضة للعقاب عن اية جريمة تدخل في اختصاص المحكمة في حال قيام هذا الشخص بما يلي: (2) ارتكاب هذه الجريمة ، سواء بصفته الفردية أو بالاشتراك مع اخر أو عن طريق شخص أخر ، بغض النظر عما اذا كان ذلك الشخص الاخر مسؤولا جنائياً (فاعل معنوي ) (ب) الامر أو الاغراء بارتكاب أو الحث على ارتكاب ، جريمة وقعت بالفعل أو شرع فيها. (ج)تقديم العون أو التحريض أو المساعدة بأي شكل أخر لغرض تيسير ارتكاب هذه الجريمة أو الشروع في ارتكابها بما في ذلك توفير وسائل ارتكابها (د) المساهمة بأية طريقة أخرى في قيام جماعة من الاشخاص يعملون بقصد مشترك في ارتكاب هذه الجريمة أو الشروع في ارتكابها على ان تكون هذه المساهمة متعمدة وان تقدم : 1- أما بهدف تعزيز النشاط الاجرامي أو الغرض الاجرامي للجماعة اذا كان هذا النشاط أوالغرض منطوياً على ارتكاب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة .2- أو مع العلم بنية ارتكاب الجريمة لدى هذه الجماعة. (هـ) فيما يتعلق بجريمة الابادة الجماعية ، التحريض المباشر والعلني على ارتكاب جريمة الابادة الجماعية ". إن مساواة القانون الدولي الجنائي بين المساهمين كافة في الجريمة الدولية أيا كان الدور الذي قام به احدهما، هو اتجاه محمود نظراً لما تنطوي عليه من جسامة بالغة تهدد السلم والامن الدوليين بالخطر المحدق من جهة، ومن جهة اخرى فأن من تحدثه نفسه بالاسهام في الجريمة المكونة للانتهاكات الجنائية الدولية انما يكون على قدر كبير من الخطورة الاجرامية لذا استوجب الامر توسيع نطاق التجريم بما ينال صور المساهمة في الانتهاكات الجنائية الدولية كافة.
المطلب الثاني / الركن المعنوي
يلزم لتحقق الانتهاكات الجنائية الدولية أن يتوافر فيها الركن المعنوي فضلاً عن الركن المادي لكي يمكن نسبها الى الشخص الذي اتهم بارتكابها ، اذ لا يسأل شخص عن جريمة ما لم تقم علاقة بين مادياتها ونفسيته.
والنية في ارتكاب الانتهاكات الجنائية الدولية ، التي تعد نية آثمة ما دام اتجهت لارتكاب فعل غير مشروع،تفترض، منطقياً وقانونياً ،ان يكون صاحبها قادراً على تكوين التصور الاجرامي الشامل لارتكاب الانتهاكات الجنائية الدولية عن طريق فهمه وتخطيطه لها . لذا يلزم أن يكون ذا قدرة على الادراك فضلاً عن حرية الاختيار في ارتكاب السلوك المكون للانتهاك الجنائي أو تركه (44). وهكذا يظهر ان الركن المعنوي – الذي يسمى ايضاً بالركن النفسي – في جوهره يعد قوة نفسية من شأنها الخلق والسيطرة وهذه القوة هي الارادة . الا انه لا ارادة لمن لا يتمتع بحرية الاختيار بحيث تتجه الارادة الانسانية نحو الجريمة بما يشكل إرادة جرمية أو كما تسمى بالارادة الاثمة (45). ويفترض هذا الركن توافر الاهلية الجزائية التي هي حالة أو وصف يوجد في الفاعل تتوافر متى ما اتضح أن ملكاته الذهنية كانت في حالة طبيعية وقت ارتكابه للانتهاكات الجنائية . ومع ذلك فمن المتصور ان يكون الشخص غير أهل لحمل المسؤولية ولكن يتوافر لديه الركن المعنوي متى ما ثبت انه وجه ملكاته الذهنية سواء الطبيعية أو غير الطبيعية نحو السلوك المكون للانتهاكات الجنائية الدولية (46). وللركن المعنوي أهمية كبرى في كيان الجريمة ،فهو وسيلة القانون كي يطبق على الاشخاص ووسيلته في تحديد الشخص الجدير بالمسؤولية وبالعقاب كي تتحقق فيه الاغراض الاجتماعية للقانون والمتجسدة بردع الاشخاص ونهيهم عن ارتكاب الجريمة (47). واذ قلنا ان جوهر الركن المعنوي هو الارادة ، فأن هذه الارادة يجب ان تتوافر فيها شروط معينة حتى تكون جديرة باعتبار القانون ،فلا بد ان تكون مميزة مدركة وان تتوافر لها حرية الاختيار والا عدت غير ذات قيمة ليقوم بها الركن المعنوي وبالتالي لا يعد الشخص مسؤولاً عن الفعل غير المشروع. وتعني الارادة المميزة ، القدرة على فهم ما هية السلوك المرتكب ومعرفة نوع الاثار التي من شأنه احداثها. أما حرية الاختيار فهي مقدرة الجاني على تحديد الوجهة التي تتخذها ارادته في اتجاهها أي مقدرته –الجاني- على تحديد الطريق الذي يسلكه . فلا يكفي كونه يستطيع العلم بالوجهات المختلفة التي يمكن ان تتخذها ارادته بل يجب ان يكون قادراًعلى اختيار وجهتها ودفع إرادته اليها وتوافر حرية الاختيار لديه(48). وليس الركن المعنوي سوى إنعكاس لماديات الجريمة في نفس الجاني ،فهو الرابطة المعنوية بين السلوك والارادة التي صدر عنها وهو ما يسمى "بالاسناد المعنوي "الذي هو بالنسبة للشخص المسؤول أساسه الخطأ أي الاقدام على إقتراف عمل خاطئ .هذا الخطأ له درجتان تبعاً لجسامته هما العمد والاهمال ويسميان ايضا القصد الجنائي أو العمدي والقصد غير العمدي (49).هذا الاسناد هناك أسباب تنفيه .لذا سنتناول في هذا المطلب صور الاسناد أو الركن المعنوي في الفرع الاول في حين سوف نخصص الفرع الثاني لنوافي هذا الاسناد أو هذا الركن .
الفرع الاول /صور الركن المعنوي
ويسمى أيضا بدرجات أو صور الاسناد المعنوي .قلنا أن جوهر الركن المعنوي هو الارادة الجنائية التي تتوافر لدى مرتكب السلوك الذي تقوم عليه الجريمة . فتكتسب الارادة صفتها الجنائية من توجيه صاحبها لها إتجاهاً مخالفاً للقانون .وللركن المعنوي صورتان هما :القصد الجنائي أو القصد العمدي و الخطأ غير العمدي . وان كيفية توجيه الارادة الجنائية ونوع الوقائع التي إتجهت اليها هما من يحددان أي صورة يكون عليها الركن المعنوي اذ تختلف صوره بحسب سيطرة الارادة على ماديات الجريمة ،فاذا ما كانت السيطرة عالية فأن الذي يتوافر هو القصد العمدي لان الارادة عندها تسيطر سيطرة فعلية شاملة على ماديات الجريمة. أما إذا كانت درجة السيطرة قليلة ،كان الخطأ غير عمدي لان سيطرة الارادة هنا تكون مقتصرة على بعض ماديات الجريمة وكانت علاقاتها بالبعض الاخر منحصرة على مجرد إمكانية السيطرة (50). لذا سنتناول في هذا الفرع صورتي الركن المعنوي قي نقطتين .نخصص الاولى للقصد العمدي أو كما يسمى القصد الجنائي والثانية نخصصها للخطأ وبحسب الاتي :-
أولا /القصد الجنائي
وردت تعريفات عدة للقصد العمدي منها فقهية (51)ومنها تشريعية (52) وجميعها تصب في معنى واحد هو "علم الجاني بالعناصر المكونة للجريمة كافة وانصراف إرادته الى احداثها او انصراف علمه الى امكان تحقق النتيجة وارتضائها" (53) بكلام اخر هو "اتجاه ارادة الجاني الى مباشرة السلوك الاجرامي واحداث النتيجة الجرمية المترتبة عليه مع علمه بهما" (54). ولا يختلف مفهوم القصد الجنائي في القانون الدولي الجنائي عنه في القانون الجنائي الداخلي ، فهو يقوم على ذات العنصرين وهما العلم والارادة وهذا ما اجمع عليه فقهاء القانون الدولي الجنائي كافة (55). وقد سجلت ذلك المواثيق الدولية المعنية كافة. فعلى سبيل المثال المواد (1و2) من اتفاقية حظر الاتجار بالاشخاص واستغلال دعارة الغير لسنة 1949 والمادة (1) من اتفاقية مناهضة التعذيب لسنة 1984 .
هذا وقد حازت فكرة "القصد الاحتمالي" الموجودة في القانون الجنائي الداخلي (56)، بهذا التأييد ايضا في القانون الدولي الجنائي، بل أنها جاوزت مجالها في القانون الداخلي. إذ يسوي الفقه الدولي الجنائي بين القصد الاحتمالي (او القصد غير المباشر) وبين القصد العمدي (او القصد المباشر) وذلك لأسباب عّدة منها : 1- ان الجاني في الوضعين –القصد المباشر وغير المباشر– موقفه مؤثم ومتساوي في الدرجة من الناحية المعنوية ، ففيهما تسبب سلوكه باحداث النتيجة الاجرامية وهو عالم ومحيط بها، وفي كلا الوضعين فان النتيجة الاجرامية تنطوي عليها ارادة الجاني . 2- ان القانون الدولي الجنائي قانون عرفي ؛ لذا فان عناصر الجريمة لا يمكن بمقتضاه ان تكون واضحة المعالم والعناصر فيصعب جداً تحديد او تشخيص الحالة النفسية للفاعل . 3- ان التسوية بين القصدين تمليها طبيعة الجرائم الدولية وبواعثها ودوافعها فضلاً عن ان هذه الجرائم تقع غالباً بوحي من الغير أي ان الجاني لم يرتكبها بمشيئته ولا لحسابه الخاص فقط ومن ثم فأن الرابطة المعنوية بين الفعل والجريمة نادرا ما تكون عن ارادة مباشرة وواضحة للنتيجة وانما هي اقرب للقصد الاحتمالي. مثالها جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية وجرائم الابادة الجماعية والجرائم التي تقع بناءاً على امـر؛ اذ الجاني فيها تصرف بشكل او باخر من دون ان يكون قد تبصر بوضوح النتائج ولم يعدها مؤكدة ولكنه كان راضياً عما حصل أي انه كان قد توقع وقبل هذه النتائج فاذا ما استبعدنا القصد الجنائي في هذه الاحوال على اساس انتفاء النية المؤكدة وتحقيق النتائج فان ذلك يعني ان قواعد القانون الدولي الجنائي ما هي الا قواعد وهمية ولا فائدة منــها (57). ومع ذلك هناك جرائم في القانون الدولي – كما الداخلي – لا تقوم الا على القصد المباشر تبعاً لتعريفها التشريعي او تبعاً لطبيعة تكوينها وذلك عندما يسند القانون ذاته ، تحقق الواقعة الاجرامية المحسوسة الى العلم بالعناصر المكونة لها كافة والى الارادة الصريحة في تحقيقها كجريمة الارهاب الدولي وجريمة أخذ الرهائن (58). وقد رفضت محكمة نورمبرج فكرة القصد الاحتمالي فذهبت الى عدم تقدير المسؤولية عن نتائج الفعل الاجرامي التي لم يتوقعها الفاعل . ففي الجرائم ضد السلام اشترطت المحكمة من اجل قيام المسؤولية الجنائية العلم التام بمشروع الاعتداء وتصاميمه ( المادة 6 من اللائحة ) وعلى ذلك تقرر استبعاد مسؤولية ((شاخت Sschacht)) عن تهمة الاشتراك في الاستعداد للحرب العدوانية لانه أُشترِط ان تستند هذهِ المسؤولية الى معرفة ما اذا كان "شاخت" يعلم حقيقة بالتصميم على العدوان. وقد أُفرِجَ عنه لعدم إثبات هذا العلم (59). وجاء في نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية وبالتحديد في المادة (30) منه ان "1- ما لم ينص على غير ذلك ، لا يُسأل الشخص جنائياً عن ارتكاب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة ولا يكون عرضة للعقاب على هذه الجريمة الا اذا تحققت الاركان المادية مع توافر القصد والعلم. 2-لأغراض هذه المادة يتوافر القصد لدى الشخص عندما: أ- يقصد هذا الشخص، فيما يتعلق بسلوكه، ارتكاب هذا السلوك. ب- يقصد هذا الشخص فيما يتعلق بالنتيجة، التسبب في تلك النتيجة او يدرك انها ستحدث في اطار المسار العادي للاحداث . 3-لاغراض هذه المادة تعني لفظة "العلم" ان يكون الشخص مدركاً انه توجد ظروف او ستحدث نتائج في المسار العادي للاحداث . وتفسر لفظتا " بعلم " او "عن علم" تبعاً لذلك". من خلال استقراء هذه المادة يتضح بان الفقرة (2-أ) منها تقرر صراحة ان الاصل في المسؤولية الجزائية عن الجرائم المنصوص عليها في النظام الاساسي هو المسؤولية عن الجرائم العمدية. اما الفقرة (2-ب) من نفس المادة فقد اقرت المسؤولية الجزائية القائمة على القصد الاحتمالي(60). وحيث ان التشريعات الجنائية الداخلية قد اختلفت في تحديد المعيار الذي يحكم توقع الشخص للنتائج المترتبة على سلوكه فيما يخص القصد الاحتمالي وتأرجحها ما بين المعيار الشخصي المبني على توقع الجاني شخصياً للنتيجة الجرمية ام لا ومن دونه لا يتحقق عنده القصد الاحتمالي وان كان التوقع من واجبه ، وهذا ما اخذ به القانون العراقي في المادة (34-ب) منه ، وبين المعيار الموضوعي المبني على معيار الشخص المعتاد أي امكانية توقع الشخص المعتاد الذي يوجد في هذه الظروف التي وجد فيها الجاني ، للنتائج المترتبة على سلوكه . فاذا كان بالامكان او من واجبه توقعها وان السير العادي للامور يؤدي اليها فان القصد الاحتمالي يتحقق ومن ثم يسأل الجاني والا فلا يسأل ان لم يكن بالامكان او من واجبه التوقع . وهذا ما اخذ به القانون المصري والليبي والفرنسي اذ يقرون بتوافر القصد الاحتمالي اذا ما كان لدى الجاني أولاً قصد مباشر الى احداث نتيجة معينة يعاقب عليها القانون فتحدث نتيجة اخرى متوقعة تتجاوز ما اراده (61). لذا نجد ان نظام روما الاساسي قد ساوى بين القصد الاحتمالي والقصد العمدي في المادة (30) اخذاً بالمعيار الموضوعي في قياس توافر القصد الاحتمالي من عدمه . ويتضح ذلك من خلال اشارته في الفقرة (2-ب) من هذه المادة الى ادراك الشخص حدوث النتيجة في اطار المسار العادي للاحداث أي استخدم معيار الشخص المعتاد الذي يوضع في نفس الظروف وهو المعيار الموضوعي . ولكن يلاحظ انه – النظام – لم يشر الى حالة "القبول" بالنتيجة التي وقعت والذي يميز القصد الاحتمالي عن الخطأ الواعي. ولكن يبدو انه مفهوم وجوب توافره. كما يعرف القانون الدولي الجنائي صورة "سبق الاصرار " كونه صورة مكثفة للقصد الجنائي. وقد ظهر في جرائم الحرب العالمية الثانية التي تضمنتها لائحتا نورمبرج وطوكيو (62).
وكذلك يعرف القانون الدولي الجنائي صورة "القصد الخاص" وهو الذي يسعى الجاني بمقتضاه الى تحقيق غاية اخرى تجاوز مجرد النتيجة الاصلية للجريمة. فالاصل ان يكتفي القانون لقيام المسؤولية العمدية بتوافر القصد العام لدى الجاني . الا ان عدد من الانتهاكات الجنائية الدولية يخرج عن هذا الاصل ويتطلب فضلا عن القصد العام ، علماً وارادة متجهين الى غاية معينة بالذات يستهدفها الجاني ، هذه الغاية تخرج عن عناصر الركن المادي للجريمة وبها تقوم فكرة القصد الخاص. فالقصد العام تنصب عناصره على واقعة او وقائع لا تدخل في عداد عناصر الركن المادي للجريمة . والقانون لا يتطلب تحقق الغاية التي يستهدفها الفعل وانما يكتفي بمجرد احاطة العلم بها واتجاه الارادة اليها (63). وهذا ما جاء في المادة (2) من اتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية والمعاقبة عليها والتي تنص على "في هذه الاتفاقية ، تعني الابادة الجماعية اياً من الافعال التالية المرتكبة "على قصد التدمير الكلي او الجزئي" لجماعة قومية او اثنية او عنصرية او دينية بصفتها هذهِ". والقصد الخاص هذا هو الذي يميز بين هذهِ الجريمة والجرائم ضد الانسانية التي لا تتطلب توافر نية القضاء على جنس من الاجناس. كذلك ما جاء في المادة (1) من اتفاقية حظر الاتجار بالاشخاص واستغلال دعارة الغير التي تنص على "يتفق اطراف هذهِ الاتفاقية على انزال العقاب بأي شخص يقوم ارضاء لاهواء اخر: 1-بقوادة شخص اخر او غوايته او تضليله "على قصد الدعارة" حتى برضاء هذا الشخص".
وقد حرص مشروع تقنين الجرائم ضد السلام وامن البشرية على تأكيد هذه الحقيقة . فحدد العدوان بانه استخدام الدولة لقواتها المسلحة ضد دولة اخرى مستهدفة غاية غير الدفاع الشرعي الوطني او الجماعي او تنفيذ قرار او توصية من سلطة مختصة تابعة للامم المتحدة (المادة 2-1 و3) (64).
هذا وقد وردت صورة القصد الخاص في نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية في مواضع عدة ، فعلى سبيل المثال في المادة (6) الخاصة بجريمة الابادة الجماعية التي تنص على "… بقصد اهلاك جماعة قومية او اثنية او عرقية او دينية …" كذلك المادة (7-1/ز-4)وهي صورة من صور الجرائم ضد الانسانية ومتمثلة بالحمل القسري .اذ ورد في نص اركان الجرائم الذي اعدته اللجنة التحضيرية للمحكمة الجنائية الدولية "1- ان يحبس مرتكب الجريمة امراة او اكثر حُمِّلت بالقوة " بنية التأثير في التكوين العرقي لاي مجموعة من المجموعات السكانية او ارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي" فنية التأثير هذه تشكل قصداً خاصاً يسعى الجاني اليه فضلاً عن القصد العام لديه وهو علمه بان التصرف يشكل جزءاً من هجوم واسع النطاق او منهجي او موجه ضد مجموعة من السكان المدنين . ايضاً المادة (7-1/ح) عن جريمة الاضطهاد الذي يشكل جريمة ضد الانسانية ، اذ ورد في نص اركان الجرائم "2- ان يستهدف المتهم ذلك الشخص او اولئك الاشخاص بسبب انتمائهم لفئة او جماعة محددة" كذلك المادة (7-1/ي) عن جريمة الفصل العنصري الذي يشكل جريمة ضد الانسانية اذ ورد في مشروع الاركان (4- ان يرتكب المتهم التصرف ( الذي يعد لا انسانياً ضد شخص او اكثر) في اطار نظام مؤسسي قائم على القمع والسيطرة بصورة منهجية من جانب جماعة عرقية ضد جماعة او جماعات عرقية اخرى . 5- ان ينوي المتهم من خلال سلوكه الابقاء على ذلك النظام". ايضا المادة(8-2/أ،2-1) عن جريمة الحرب المتمثلة بالتعذيب اذ ورد في نص الاركان (2- ان يتسبب مرتكب الجريمة في الالم او المعاناة لاغراض مثل الحصول على معلومات او اعتراف او لغرض العقاب او التخويف او الاكراه او لاي سبب يقوم على أي نوع من التمييز) (65). فالمتهم هنا لديه قصد خاص من سلوكه هو الحصول على معلومات او اعتراف او غير ذلك.
ثانياً / الخطأ /
قد يتخذ الركن المعنوي للجريمة صورة اقل جسامة من القصد الجنائي وهو ما يسمى "بالخطأ غير العمدي" او "الخطأ" والذي هو " اخلال الجاني عند تصرفه بواجبات اليقظة والحذر التي يفرضها القانون بحيث ترتب على ذلك عدم توقعه حدوث النتيجة ومن ثم عدم حيلولته دون حدوثها في حين انه كان في استطاعته ومن واجبه ان يتوقعها وان يحول دون حدوثها" (66). فالجاني هنا تنصرف ارادته الى الفعل دون النتيجة. وللخطأ غير العمدي عنصران: الاول: اخلال الجاني بواجبات الحيطة والحذر التي يفرضها القانون على الافراد في تصرفاتهم سواء كان من خلال فعل ايجابي ام سلبي اتجهت اليه الارادة على الرغم من العلم بخطورته على الحقوق التي يحميها القانون . اما الثاني: فهو عدم توقع حدوث النتيجة التي تشكل اعتداء على الحق الذي يحميه القانون او توقع هذهِ النتيجة والاعتماد على مهارة غير كافية للحيلولة دون حدوثها ( 67). لذا يتخذ الخطأ غير العمدي احدى صورتين: الاولى: يكون فيها الخطأ واعياً او كما يسمى بالخطأ مع توقع او الخطأ بتبصر ، وذلك عندما يتوقع الجاني امكان تحقق النتيجة بناء على سلوكه ولكنه لا يريدها معتمداً على مهارته في الحيلولة دون حدوثها ولكن هذه النتيجة تحدث لان مهارته كانت غير كافية لمنعها . وهو هنا محل لوم القانون لانه كان في استطاعته توقع النتيجة ومنع حدوثها. اما الثانية: فهي الخطأ غير الواعي او الخطأ دون توقع او دون تبصر وذلك عندما لا يتوقع الجاني النتيجة المترتبة على سلوكه بينما كان ذلك في استطاعته ومن واجبه. وهو هنا يلام من القانون لانه كان يجب عليه ان يتوقع النتيجة وبالتالي يحجم عن المضي قدماً في سلوكه (68). ولا شك في أن من يتوافر لديه القصد الجنائي هو اخطر على المجتمع ممن يتوافر لديه الخطأ غير العمدي ،لان الاول لديه ارادة الاعتداء على الحق الذي يحميه القانون بشكل صريح وواضح وتسمى الجرائم المرتكبة بموجبه بالجرائم العمدية وهو هنا يريد تحقيق النتيجة ويسعى اليها .أما الثاني فكل ما ينسب اليه ان وعيه وارادته لم تكن على قدر كاف من اليقضة والتبصر على النحو الذي يراه القانون ضرورياً لصيانة الحقوق ،وهو هنا لا يريد النتيجة .وتسمى الجرائم المرتكبة بموجبه بجرائم الاهمال أو الجرائم غير العمدية. وهذا التفريق بين القصد والخطأ له تأثيره الواضح في تقدير العقوبة ونوعها (69). ويستند مثل هذا الامر في القانون الدولي الجنائي الى المنطق القانوني من جهة والى العدالة من جهة أخرى (70)،إذ أن درجة الإسناد يجب أن تؤثر على العقوبة ،فمن كان لديه القصد الجنائي يستحق عقوبة اشد ممن لم يكن لديه سوى عدم احتياط أو اهمال وأن كانت نتيجة السلوكين المرتكبين بموجب القصد والخطأ واحدة، إلا أن درجة الخطورة مختلفة (71). وثمة رأي في الفقه يذهب الى ان الجرائم الدولية ترتكب دائماً بشكل عمدي ونادراً ما ترتكب بشكل غير عمدي بل ان تصور هذه الجرائم غير العمدية هو تصور نظري نتيجة الاعتراف بفكرة المسؤولية الجنائية الا ان الواقع العملي لم يكشف عن وجودها ولعل ذلك يرجع الى جسامة الفعل والى عدم اتفاقها –الجرائم غير العمدية –مع طبيعة الجرائم التي ارتكبت خلال الحربين العالميتين الاولى والثانية التي اتسمت بالضراوة والوحشية التي لا يمكن نسبها الى الخطا (72). ولا نرى لجسامة الفعل اثراً على امكانية تصور ارتكابه بطريق العمد أو الاهمال ،فعلى سبيل المثال، جريمة القتل جريمة جسيمة جداً ولكنها ممكن أن تقع عمداً كما بالامكان ان تقع اهمالا .ولكن بالأمكان القول أن طبيعة السلوك المرتكب هي التي تحدد مدى تصور وقوعه عمداً أو أهمالا ،فالفعل قد يكون جسيماً ولكن لا يمكن تصوره يقع عن طريق الاهمال لان طبيعته القانونية تأبى إرتكابه الا عمداً كجرائم الاغتصاب والاتجار بالاطفال والنساء وتجنيد الاطفال في القواعد المسلحة للدولة واشراكهم في النزاعات المسلحة واستغلال الاطفال جنسياً . كذلك الفعل يكون جسيماً ومع هذا ممكن وقوعه بطريق الاهمال كالقتل واحداث معاناة شديدة أو الحاق اذى خطير بالجسم أو بالصحة في جرائم الحرب وكذلك توجيه هجمات ضد السكان المدنين أو ضد مواقع مدنية وغيرها . لذا وجب العقاب الدولي على صورتي الركن المعنوي لان ما يترتب على الاعتداء العمدي على الحق الذي يحمية القانون من اضرار بالمجتمع الدولي ،ايضاً يترتب على الاعتداء غير العمدي .فضلا عن استحقاق الجاني غير المتعمد للوم القانون كونه لم يوجه ارادته بالشكل الذي يتطلبه القانون ولكن بدرجة أقل مما يستحقه الجاني المتعمد لان هذا الاخير اكثر خطورة على المجتمع من الجاني غير المتعمد .وإذا ان القانون الدولي الجنائي في معظمه غير مقنن ،لذا وجب على القاضي ان يتأكد من كون الحق المعتدى عليه محل حماية القانون أم لا فأذا تأكد وجب عليه ايضاً ان يتأكد إن كان الانتهاك قد ارتكب عمداً أم عن غير عمد فان تأكد وجب عليه أن يحكم بالعقاب على الانتهاك المتعمد أشد من العقاب على الانتهاك غير المتعمد. أن الاخذ بمبدأ إمكانية ارتكاب الانتهاكات الجنائية الدولية بشكل عمدي وكذلك بشكل غير عمدي يجب أن يكون على قدر كبير من الاحتياط والدقة والحذر حتى لا يأخذ كعذر في تبرير الجرائم بانها كانت عن خطأ أو إهمال لتخفيف المسؤولية ومن ثم العقاب عن الجناة .وهذا ما لمسناه في تحججات وتبريرات الولايات المتحدة الامريكية في قصفها لمدننا المفتوحة العراقية وكذلك للمستشفيات والمدارس والجوامع وملاجئ المدنيين وغيرها من الاماكن المحمية قانوناً إذ إستندت في تبريراتها لقصف مثل هذه الاماكن الى عذر( الخطأ ) في حين انها كانت متعمدة ومدروسة ومستهدفة لما يتوافر لدى السلاح الحربي الامريكي من تقنية عالية جداً في تحديد الاماكن العسكرية عن المدنية (73).كذلك الامر في افغانستان اذ أكدت وزارة الدفاع الامريكية "البنتاغون " ان الطائرات الامريكية قد دمرت قرية أفغانية شمال غرب مدينة "قندهار" معقل حركة طالبان معللة ذلك بأن الطائرات الحربية ربما كانت تستهدف سداً يقع بالقرب من القرية .كما وأعترفت الولايات المتحدة يوم 17/11/2001 بان طائراتها دمرت مسجد في مدينة "خوست" بالقرب من الحدود الشرقية لافغانستان مع باكستان وذلك مع بدء شهر رمضان الا انها زعمت أن ذلك كان عن طريق الخطأ(74). ومن خلال استقراء المادة (30) من نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية نجد انها تجعل من عدم توافر العلم والقصد (الخطأ غير الواعي ) سبباً لامتناع المسؤولية .كما ان هذه المادة تقرر في الفقرة (2/ب) انه "لاغراض هذه المادة يتوافر القصد لدى الشخص عندما )ب) يقصد هذا الشخص فيما يتعلق بالنتيجة التسبب في تلك النتيجة أو يدرك أنها ستحدث في إطار المسار العادي للاحداث ". وقررت في الفقرة (3) انه "لاغراض هذه المادة تعني لفظة العلم ان يكون الشخص مدركاً أنه توجد ظروف او ستحدث نتائج في المسار العادي للاحداث " أي أن الشخص اذا لم يعلم أو لم يدرك أو لم يقصد النتيجة فلا تقوم مسؤوليته أي ان النظام أستبعد مساءلة الفاعل عن الجرائم التي يرتكبها بناءً على الخطأ غير الواعي ، ما لم يقرر النظام خلاف ذلك (75). وهذه مسألة خطيرة جداً ،فكم من الجرائم الدولية الخطيرة والجسيمة ارتكبت وترتكب ويدفع مرتكبيها بانها وقعت بناء على خطأ غير عمدي وانهم لم يكونوا على علم بعناصر او وقائع الجريمة أو انهم لم يقصدوا احداثها .وما حصل في العراق وكوسوفو وافغانستان ليس ببعيد . هذا ويثير اثبات الركن المعنوي للانتهاكات الجنائية الدولية صعوبات وذلك لان الحقوق التي يقع عليها الانتهاك هي حقوق على درجة كبيرة جداً من الاهمية وصيانتها لمصلحة المجتمع الدولي أمر جوهري وتكليف سلطة الاتهام باقامة الدليل على توافر هذا الركن هو إقحام لها في مجال نفسي غامض يشق عليها ان تقوم به . ومن الخطر ان تؤدي مثل هذه الصعوبات الى عدم توقيع العقاب على مرتكبي الجرائم الدولية لان في ذلك إضعاف للاثر الرادع لقواعد التجريم الدولية وهذا ما لا يسمح به الفقه الدولي ولا القضاء الدولي ، فنرى دول القارة الاوربية تحمل سلطة الاتهام عبء الاثبات ،اما دول القانون الانجلوسكسوني والانجلوامريكي فتعد من واقعة ارتكاب السلوك قرينة أولية على توافر الركن المعنوي أي ان المتهم هو من عليه ان يقيم الدليل على انتفاء هذا الركن (76) .
الفرع الثاني /إنتفاء الركن المعنوي
وتسمى ايضاً بنوافي الاسناد المعنوي .وقد قلنا ان القصد الجنائي يقوم على عنصرين هما العلم والارادة .فالعلم يجب أن يكون بوقائع يستلزم القانون العلم ببعضها دون البعض الاخر فيسأل الجاني عنها وان لم يعلم بها. كما ينصرف العلم أيضا الى التكييف القانوني وهو أمر مفترض بالنسبة للقانون الجنائي ولا يقبل الاعتذار من الجاني بالجهل باحكامه او بفهمها على نحو ما اراده المشرع .اما الارادة فهي ارادة السلوك والنتيجة. ويثبت أو يقوم الخطأ غير العمدي أو الاسناد غير العمدي بعدم اتخاذ الحيطة والحذر والانتباه. لذا فأن القصد أو الاسناد العمدي ينتفي بالجهل أو الغلط اما الخطأ أو الاسناد غير العمدي فينتفي باتخاذ الحيطة والحذر وحرص الشخص المعتاد وما يهمنا في مجال القانون الدولي الجنائي التعرض لمشكلة الجهل أو الغلط في الاحاطة بالوقائع الجرمية وبالتكييف القانوني للواقعة المرتكبة. ويقصد بالجهل :عدم العلم أو عدم الاحاطة أصلاً بالامر أي إنتفائه تماما.أما الغلط: فهو العلم أو الفهم على نحو غير صحيح أو مخالف للحقيقة. وبكلام آخر:هو انتفاء العلم بالحقيقة باعتباره يفترض علماً يخالف الحقيقة (77). لذا سنبحث هنا في مسألتين أولاهما:الجهل أو الغلط في الوقائع المكونة للجريمة والثانية :الجهل أو الغلط بالقانون .
أولا /الجهل أو الغلط بالوقائع /
"أن مفهوم الغلط في الوقائع هو توهم الفاعل بتوافر سبب من أسباب امتناع المسؤولية عن قيامه بفعل معين خلافاً للحقيقة" (78) . ولا يثير حكم الجهل أو الغلط بالوقائع صعوبة فاذا كان محله واقعة يتطلب القانون العلم بها كالوضع بالنسبة الى واقعة تعد عنصراً في الجريمة ،عندها ينتفي القصد الجنائي في حالة الجهل أو الغلط بها .أما اذا كان محله واقعة لا يتطلب القانون العلم بها كشخصية المجني عليه فأن ذلك لا يكون له تأثير على القصد الجنائي ،وبالتالي لا ينفي الاسناد المعنوي (79). والجهل أو الغلط هذا ممكن ان يكون بسبب من اسباب الاباحة فهو ينفي الاسناد المعنوي وذلك لان الوقائع التي يقوم عليها سبب الاباحة هي عناصر سلبية للجريمة أي لابد من التثبت من انتفائها كي يتحقق للجريمة وجودها مما يعني ان توافر الوقائع التي تقوم عليها الجريمة يعادل من حيث الاثر القانوني إنتفاء الوقائع التي يقوم عليها سبب الاباحة .فاذا كان العلم بتوافر النوع الاول من الوقائع (أي التي تقوم عليها الجريمة ) عنصراً متطلباً لتوافر القصد الجنائي ،فأن العلم بانتفاء النوع الثاني من الوقائع (أي الوقائع التي يقوم عليها سبب الاباحة )هو بدوره عنصر متطلب لتوافر القصد الجنائي ،الا اذا جعل القانون العلم شرطاً من شروطها ،كتنفيذ المرؤوس أوامر رئيسه .لذا فأن الجهل بأسباب الاباحة يساوي الاباحة وبالتالي ينفي الاسناد المعنوي (80). أما الغلط الذي هو توهم الجاني توافر سبب الاباحة بكل شروطه في حين أنه غير متوافر ، فأن الغلط في سبب الاباحة لايساوي الاباحة ذاته ومن ثم لا ينتج اثره ولا يعد السلوك المرتكب بناء على هذا الغلط مباحاً ومشروعاً الا انه يؤثر في القصد الجنائي فهو ينفيه مما يزيل المسؤولية الجنائية العمدية ويحولها الى مسؤولية عن خطأ غير عمدي اذا كان القانون يعاقب عليها بهذا الوصف فأذا انتفى ذلك ايضاً زالت المسؤولية الجنائية (81).وعليه فان الجهل والغلط باسباب الاباحة ينفيان الاسناد المعنوي . ويجد الجهل أو الغلط في الوقائع باحكامه السابقة مكاناً في القانون الدولي الجنائي ،فمحكمة نورمبرج جعلت من الادانة عن جريمة الانضمام الى منظمة أو جماعة ذات صفة اجرامية متوقفة على العلم بالاغراض التي تستهدفها المنظمة او الجماعة ونوع النشاط الذي تباشره ، فأن ثبت الجهل بذلك او الغلط فيه تعين الحكم ببراءة المتهم عن هذهِ الجريمة . وقد طبقت المحكمة هذهِ القاعدة على جميع الجرائم التي اختصت بالنظر فيها (82). هذا وقد جاء في تقرير لجنة القانون الدولي عن مشروع تقنين الجرائم ضد السلام وامن الانسانية ان العلم بالصفة الجنائية للفعل تعد شرطاً للاسناد المعنوي والادانة كما ان الغلط في الوقائع طبقاً للسوابق القضائية الدولية قد يعد وسيلة دفاع او عذراً معفياً من المسؤولية الجنائية في القانون الدولي الجنائي (83). كما نصت المادة (32-1) من نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية على مسألة الغلط في الوقائع اذ جاء فيها "لا يشكل الغلط في الوقائع سبباً لامتناع المسؤولية الجنائية الا اذا نجم عنه انتفاء الركن المعنوي المطلوب لارتكاب الجريمة" أي انتفاء العلم والقصد المنصوص عليها في المادة (30) من هذا النظام. كما يفهم من المادة انها ساوت بين الجهل والغلط وعّدتهما صورة واحدة هي الغلط. فضلاً عن انه جعل منه سبباً لامتناع المسؤولية. كذلك جاء في نص الاركان وفي مواضع عديدة ، تحديد شرط العلم لتحقق الجريمة. فعلى سبيل المثال في فعل جريمة الابادة المنصوص عليها في المادة (6-هـ) والخاص بنقل الاطفال عنوة اذ اشترطت كعنصر لا تتحقق الجريمة من دونه، علم مرتكب الجريمة او يفترض فيه ان يعلم ان الشخص او الاشخاص هم دون سن 18 سنة. ايضاً المادة (7) الخاصة بالجرائم ضد الانسانية ، اذ اشترطت لادانة المتهم عن هذهِ الجريمة في أي صورة من صورها. ان يعلم المتهم بان التصرف جزء من هجوم واسع النطاق او منهجي موجه ضد مجموعة من السكان المدنيين او ينوي ان يكون هذا التصرف جزء من ذلك الهجوم. كذلك المادة (8) الخاصة بجرائم الحرب ، اذ اشترطت لادانة المتهم عن هذهِ الجريمة باي صورة من صورها ان يكون عالماً بالظروف الواقعية التي تثبت وجود نزاع مسلح (84). ان الاعتراف بمبدأ " الجهل او الغلط ينفي الاسناد المعنوي" في القانون الدولي الجنائي يجب ان يكون على درجة كبيرة من الحذر والدقة والتأكد حتى لا يكون ذريعة يتعذر بها الجناة في تنفيذ مخططاتهم الاجرامية على حساب السلم والامن الدوليين وعلى حساب مصالح الشعوب والمجتمع الدولي . ونجد ان مثل هذا التذرع (غير المشروع والخطير) واضحاً في قيام قوات التحالف بتاريخ 13 / 2 / 1991 بقصف (ملجأ العامرية) الذي يعد ابشع انتهاك عرفه العالم بعد اعلان ميثاق الامم المتحدة واتفاقيات جنيف الانسانية وقد راح ضحيته المئات من المدنيين الامنين معظمهم من الاطفال والنساء. وقد ادعت امريكا بشأنه انه وقع نتيجة غلط او جهل بصفته – الملجأ -المدنية. وتشير المادة (57) من البروتوكول الاول الملحق باتفاقيات جنيف الى وجوب اتخاذ مجموعة من الاحتياطات في اثناء الهجوم لتفادي السكان المدنيين والاعيان المدنية. ويعد (ملجأ العامرية) أنموذجاً لما يجب او كان يجب تداركه من الاضرار المفرطة. فالاسلحة التي اختيرت لقصفه كانت من نوع (GBU-28) وتحمل (5000) رطل من القنابل الليزرية الموجهة والقادرة على اختراق عشرين قدماً من الاسمنت المسلح قبل التفجير وانها كانت من الاسلحة المناسبة والصحيحة لاستخدامها في تدمير هكذا نوع من الابنية. فالملجأ يضم جدران كفيلة بعدم التماثل بين الاضرار المفرطة والطارئة . فهل كان المخططون يعلمون او كان يفترض بهم العلم بان هذا الملجأ هو ملجأ للمدنيين وليس كما ادعوا انه مقر قيادي عراقي ؟ وقد قدمت دراسة امريكية بهذا الشأن تطرح فيها مبررات غير مقبولة ، لان استخدام هذا النوع والكم من القنابل لاختراق جدران الملجأ لا يمكن ان يكون دون علم المخططين بوجود المدنيين في الملجأ لاسيما انه قد توافر لدى القيادة العسكرية الامريكية مخططات الملجأ بغية اعداد القنابل الخاصة لاختراق جدرانه وهي على علم اكيد بأنه ملجأ وليس مقراً قيادياً . فالمدنيين كانوا كل يوم يتوجهون ليلاً اليه ويخرجون منه نهاراً (85).
ثانياً / الجهل او الغلط بالقانون /
أي جهل الجاني او غلطه بالصفة غير المشروعة لسلوكه اذ يرتكبه وهو معتقد بمشروعيته جاهلاً صفته الاجرامية في نظر القانون وهو يحتج بأنه يجهل ان القانون يعاقب على سلوكه هذا او يحتج بأنه لم يفهم النصوص القانونية على وجهها الصحيح. بكلام اخر ينصب توهم الفاعل فيه على التكييف القانوني للفعل (86). مثل هذا الاحتجاج جرت القاعدة العامة على عدم الاخذ به اذ تقوم قرينة قاطعة لا تقبل اثبات عكسها في القوانين الداخلية على علم كل شخص باحكام القانون على النحو الصحيح فلا يقبل من المتهم ان يقيم الدليل على انتفاء علمه. ولا تكلف السلطة باثبات هذا العلم بل هو ثابت بالقانون . وهذهِ هي قاعدة "لا يعذر احد بجهله بالقانون". ومع ذلك فهذا الافتراض غير مطلق،اذ ترد عليه قيود عدة، توافر احداها يسمح للمتهم الادعاء بجهله او غلطه بالقانون،واذا ما اقام الدليل على ذلك انتفى لديه القصد الجنائي ومن ثم انتفى الاسناد المعنوي.ومن هذِ القيود استحالة العلم بالقانون نتيجة ظروف قاهرة احاطت بالمتهم حالت دون علمه به. كذلك حالة الغلط دون خطأ عندما يأتي المتهم سلوكه معتقداً بشرعيته من دون ان يكون مخطئاً في اعتقاده قياساً بالشخص المعتاد الذي في مثل ظروفه . كذلك حالة الاجنبي الذي يوجد في دولة يجرم قانونها العقابي سلوكاً مباحاً في قانون دولته بشرط ان يكون قد ارتكب هذا السلوك خلال مدة معينة يحددها القانون(في قانون العقوبات العراقي7 أيام–مادة37) بعدها لا يعذر بجهله بالقانون.إلا إن الاتجاهات الحديثة في القانون الجنائي في كثير من التشريعات تعتد بالغلط او الجهل بالقانون لنفي القصد الجنائي(87). اما في القانون الدولي الجنائي فان افتراض العلم به انما يتعارض مع طبيعته العرفية مما يترتب عليه ان قواعده في معضمها غير واضحة وضوحاً كافياً بل انها مختلف عليها (88). لذا كثيراً ما يحصل ان يأتي الفاعل سلوكه الذي يحمل الصفة غير المشروعة ويشكل انتهاكاً دولياً وهو حسن النية وغير عالم بعدم مشروعية فعله . فعلى سبيل المثال قوانين وعادات الحرب تعد مخالفتها جرائم حرب الا ان هذهِ القوانين والعادات قد تكون في البعض منها غامضة . فمن المختلف عليه المسائل المتعلقة بالدفاع الشرعي والمعاملة بالمثل فهي دائماً محل نزاع وخلاف . كما خلقت الحرب الحديثة مشاكل كبيرة لم تحل بعد بصفة واضحة من جانب القانون الدولي كالمشاكل التي ترجع الى الضرب بالقنابل والصواريخ من الجو ، فالى أي حد يعد هذا الضرب محظوراً ومخالفاً للقانون على أساس انه فعل ماس بالمدنيين المسالمين (89). في كل هذهِ الاحوال والمشابهة لها من الممكن – لاسيما بالنسبة لمن ينفذ أمراً صادراً من رئيس تجب عليه طاعته – ان لا يعتقد الفاعل بعدم مشروعية الواقعة التي يرتكبها ويجهل بان فعله مخالف للقانون، او قد يعتقد ان فعله هذا هو من قبيل المعاملة بالمثل وانه مشروع لانه مستند الى حق (90). وعليه ، فان الاحاطة بالصفة غير المشروعة في القانون الدولي الجنائي جزء لا يتجزأ من الركن المعنوي ، فهو ينفي الاسناد العمدي ولكنه لا ينفي الاسناد غير العمدي الا في الحالة التي لا ينطوي فيها الجهل او الغلط بالقانون على خطأ من جانب الجاني يستحق ان يلام عليه (91). أي ان الغلط او الجهل بالقانون الدولي الجنائي يأخذ نفس الحكم المقرر للغلط او الجهل بالوقائع فبكليهما ينتفي الاسناد المعنوي لتخلف احد عنصريه وهو العلم وهذا راجع الى اعتبارات العدالة التي تتطلب ثبوت العلم بوجود هذهِ القواعد حتى ينسب لمن يخالفها ان ارادته اتجهت الى الخروج عنها (92). وقد وجد هذا الاتجاه تاييداً له من جانب محكمتي نورمبرج وطوكيو اذ أقتضت لتوافر الاجرامية التحقق من العلم بعدم المشروعية أي اشترطت لترتيب مسؤولية الجاني الجنائية علمه بان سلوكه مناف للقانون الدولي (93).كما ايدت هذا الاتجاه لجنة القانون الدولي المكلفة بوضع مشروع تقنين الجرائم ضد السلام وأمن الانسانية قائلة" ان العلم بالصفة الجنائية للفعل قد تأكد دولياً كشرط للاسناد المعنوي والادانة في القانون الدولي" (94).
كذلك الامر في نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية اذ جاء في المادة (32-2) منه ان "لا يشكل الغلط في القانون من حيث ما اذا كان نوع معين من انواع السلوك يشكل جريمة تدخل في اختصاص المحكمة سبباً لامتناع المسؤولية الجنائية. ويجوز، مع ذلك ،ان يكون الغلط في القانون سبباً لامتناع المسؤولية الجنائية اذا نجم عن هذا الغلط انتفاء الركن المعنوي المطلوب لا رتكاب تلك الجريمة أو كان الوضع على النحو المنصوص عليه في المادة 33 (الخاصة باوامر الرؤساء ومقتضيات القانون)". أي ان النظام جعل من الغلط بالقانون سبباً لامتناع المسؤولية، اذا كان هذا الغلط ينفي العلم والقصد عنصرا الركن المعنوي المنصوص عليهما في المادة (30) من هذا النظام. اما اذا هذا الغلط لم ينف اياً منهما أو لم يتعارض واحكام المادة (33) من النظام فان مسؤولية الجاني تظل قائمة وان ادعى غلطه بالقانون . وهذه مسألة خطيرة جداً تفتح الابواب واسعة امام الدول الاستعمارية والمهيمنة لتسيطر على الدول الاخرى أو لتقوض من تطورها وبعد ذلك تدفع بانه كان غلط في القانون وتتهرب من المسؤولية. هذا ويقع عبء اثبات الجهل بعدم مشروعية السلوك المرتكب على عاتق المتهم. فالاحاطة بعدم المشروعية تعد قرينة قانونية قابلة لدحضها بدليل مضاد أي انها قابلة لاثبات عكسها.فاذا اقام الدليل على عدم علمه بالقانون انتفى لديه القصد . وهذا مايراه الفقيه (جلاسيه) لكي تتم حماية النظام الدولي ووجوب كفالة العقاب الفعال على السلوك بالغ الخطورة الذي يمس النظام .وهذا ما هو مقرر في البلاد الانجلوسكسونية في مادة اثبات الخطأ بصفة عامة(95). اما اثبات باقي عناصر القصد فيصار الى الرجوع للقواعد العامة في الاثبات ومطالبة سلطة الاتهام باقامة الدليل على توافرها اذ أن الاعتبارات التي استثنت حالة العلم بالصفة غير المشروعة للفعل لا تتوافر بالنسبة للعلم بالوقائع التي تعد اركاناً للجريمة إذا كان ذلك التكييف في ذاته عنصراً للجريمة(96).
ونرى ان الاخذ بمبدأ "انتفاء الاسناد المعنوي للغلط بالقانون أو الجهل به " يتطلب الكثير من الدقة والحذر ويجب ان لايؤخذ به على اطلاقه . فعلى سبيل المثال ما يخص المواثيق الدولية ، اذ يفترض العلم بها لاسيما من اشخاص معينين بالذات وفي حالات معينة .مثلاً رؤوساء الدول أو الحكومات لا يجوز لهم الاعتذار بجهلهم بالمواثيق الدولية التي تحمي حقوق الانسان أو قوانين الحرب وعاداتها المنصوص عليها في المواثيق كما لا يجوز لهم الاعتذار بجهلهم بأية اتفاقية اخرى صادقت عليها دولهم لان ذلك يعد قرينة قانونية قاطعة على علمهم بها ولا يجوز اثبات عكسها بل ولا يقبل منهم اثبات عكسها . ايضاً لا يجوز لبعض الافراد من ذوي المناصب الادارية المدنية والعسكرية الاعتذار بهذا الجهل فيما يخص المواثيق المتعلقة بمجال اختصاصهم ، فمثلاً لا يجوز لموظف في دائرة مختصة باجراء التحقيقات أوالمحاكمات الاعتذار بجهله بالمواثيق الخاصة بمناهضة التعذيب أو المواثيق الخاصة بمعاملة السجناء والمحرومين من حريتهم. كذلك العسكري في موقع قيادي لا يجوز له الاعتذار بجهله بالمواثيق الخاصة بقوانين الحرب و عاداتها، وهكذا، لان من واجب هؤلاء ان يكونوا على علم بها بل ويفترض فيهم العلم بها كما انها جاءت مسنونة وليست مجرد اعراف أو مبادئ لم تسن بعد. كما نرى فيما يخص "اتفاقية حقوق الطفل " ان الاعتذار بالجهل بها أو الغلط فيها غير مقبول لان هذه الاتفاقية مصادق عليها من دول العالم كافة تقريباً ،بل انها تعد قانون دولي لما نالته من سعة مصادقات عالمية منقطعة النظير لم تصل اليها اية اتفاقية الى الان . فضلاً عما نالته من تعريف واسع النطاق بها وعلى الصعيدين الدولي والداخلي ،فلا يصح بعد ذلك الاعتذار بالجهل بها لنفي الاسناد العمدي عن المتهم بانتهاك حقوق الطفل . وبهذا نكون قد انتهينا من توضيح ركني الانتهاكات الجنائية الدولية . ونخلص من كل ما تقدم ان الانتهاكات الجنائية الدولية لا تتحقق الا اذا تحقق ركناها وبكل عناصرهما و شروطهما وانه علاوة على ذلك لابد من توخي الدقة والمصداقية والحياد في الحكم بتوافرهما في حق الجناة اياً كانوا، اذ بهذا الحكم يتحدد مدى احترام المجتمع الدولي للقانون الدولي ومدى اصراره على ان يسود السلم والامن الدوليين بما يحفظ له استقراره وامانه وبما يحفظ للافراد والدول على حد سواء مصالحها وحقوقها .
________________
1- الحقوق والمصالح التي يحميها القانون الدولي الجنائي أضيق نطاقاً من تلك التي يحميها القانون الدولي العام كونه –القانون الدولي الجنائي –مقتصر على الحقوق والمصالح الدولية الهامة لانها وحدها الجديرة بالحماية الجنائية أما سواها فيكفي الجزاء غير الجنائي لتحقيق الحماية لها .د. أشرف توفيق شمس الدين–مبادئ القانون الجنائي الدولي–دار النهضة العربية-القاهرة–1998 –ص159 .هذا ومن الجدير بالذكر أن للجريمة الدولية التي تشكل انتهاكاً جنائياً دولياً خصائص عدة اهمها :-1-ذكرت لجنة القانون الدولي أن الجريمة الدولية تمس أساس المجتمع البشري نفسه ،ويمكن استخلاص خطورتها من طابع الفعل المميز بالقسوة والوحشية أو من أتساع أثاره الضارة أو من الدافع الى أرتكابه كجريمة أبادة الجنس البشري أو من اجتماع بعض هذه العوامل أو كلها .2- لا تسري على الجريمة الدولية أحكام مرور الزمن فتبقى المسؤولية عنها قائمة مهما مر الزمن على أرتكابها .3-لا تسري أنظمة العفو الخاص أو العام على الجرائم الدولية كونها من الجرائم الخطيرة وكونها تتناقض مع أختصاصات السلطة الدستورية المخولة هذا الحق كرئيس الدولة أو المجلس التشريعي حيث تقتصر أحكامها على الجرائم العادية داخل الدولة .4-إستبعاد الحصانات التي يتمتع بها رؤساء الدول عادة والمسؤولين والبعثات الدبلوماسية اذا ما إرتكبوا جريمة دولية . وتطبيقاً لذلك فأن معاهدة فرساي أقرت بمسؤولية (غليوم الثاني )إمبراطور المانيا عن جرائمه خلال الحرب العالمية الاولى وقد ترسخ هذا المبدأ في محاكمات نورمبرج (المادة 7)وطوكيو (المادة 6). 5-الضحية في الجرائم الدولية قد تكون دولة من الدول وقد تكون بعض الفئات أو بعض المصالح التي يحميها القانون الدولي .6- إقرار التعاون بين الدول في مجالات الجرائم الدولية من أجل أعتقال و تسليم ومعاقبة الافراد مرتكبي الجرائم الدولية .وتكون مثل هذه الجرائم موضع تحقيق حتى تتمكن الهيئات القضائية من اصدار الحكم العادل في الدعوى لذا تلتزم الدولة عادة بالسعي الى تقديم الادلة المتوافرة كافة لديها من اجل الوصول الى هذا الهدف .ينظر في ذلك د.علي محمد جعفر –مجزرة قانا مجزرة دولية –بحث منشور على الانترنيت ضمن الموقع البحثي "الجريمة الدولية ".
2- د.علي حسين الخلف – الوسيط في شرح قانون العقوبات –المبادئ العامة – ج1 – مطبعة الزهراء – بغداد – ط1 –1965– ص 264 وما بعدها. ويعرف أيضاً بأنه "السلوك المادي الخارجي الذي ينص القانون على كونه جريمة وهو ما تدركه الحواس الامر الذي يترتب عليه ان لايعتبر من قبيل الركن المادي ما يدور في الاذهان من افكار ورغبات طالما لم تظهر في عالم المحسوس" . د. ضاري خليل محمود – البسيط في شرح قانون العقوبات القسم العام – الناشر صباح صادق جعفر – ط1 –2002 – ص58 – كما ويعرف ايضا بأنه "السلوك الذي يصدر عن الجاني متخذاً مظهراً خارجياً يتدخل من اجله القانون لتوقيع العقاب وهو يختلف باختلاف الجرائم ولكنه في الجملة يجب ان يكون له مظهر خارجي فالجريمة الجنائية اذن من حيث خصائصها الموضوعية هي مظهر لسلوك اجرامي يعبر عن النية الاجرامية للجاني يتدخل من اجله القانون لتقرير العقاب على مقترفه" د. ماهر عبد شويش الدرة – الاحكام العامة في قانون العقوبات – وزارة التعليم العالي والبحث العلمي – جامعة الموصل – 1990 – ص 187. وقد عرفته المادة (28) من قانون العقوبات العراقي بقولها "الركن المادي للجريمة سلوك اجرامي بارتكاب فعل جرمه القانون او الامتناع عن فعل امر به القانون".
3- د. رؤوف عبيد – مبادئ القسم العام من التشريع العقابي المصري – مطبعة نهضة مصر – مصر – ط2 – 1964 – ص 188. كما ويعرف بانه الامر الذي يصدر من الفاعل ويخشى المشرع منه ضرراً . د. محمود محمود مصطفى – شرح قانون العقوبات القسم العام مطبعة جامعة القاهرة – مصر – ط10 – 1983- ص 266.
4- د. محمد محي الدين عوض –دراسات في القانون الدولي الجنائي– مجلة القانون والاقتصاد–العدد الثاني–1966 ص 355 .
5- د. محمد محي الدين عوض – مصدر سابق – ص 273 وما بعدها.
6- نفس المصدر السابق – ص 274. ويقول الفقيه (بللا) بانه يجب العقاب في القانون الجنائي الدولي على الاعمال التحضيرية بالنسبة للجرائم التي ترتكبها الدول – نفس المصدر – ص353.
7- د. حسنين ابراهيم عبيد –الجريمة الدولية –موسوعة الفقه والقضاء –ج61-1979 – ص99 كما ويعرف بانه احجام شخص عن القيام بفعل ايجابي معين يلزم به المشرع في ظروف معينة على ان يكون هناك واجب قانوني يلزم بهذا الفعل وان يكون في استطاعة الممتنع عنه ارادته والقيام به . د. ماهر عبد شويش – مصدر سابق – ص190. كذلك يعرف بانه الامتناع عن عمل يأمر القانون القيام به ويعاقب من يمتنع عن ذلك.. ود. أكرم نشأت ابراهيم–القواعد العامة في قانون العقوبات المقارن–مطبعة الفتيان–ط1-1998 ص170. ويعرف بأنه القعود عن اتيان سلوك معين كان يتطلبه القانون في واقعة الحال ، وذلك سواء اتخاذ سلوك مغاير له او موقوف كلي عن السلوك . د. رمسيس بهنام – النظرية العامة للقانون الجنائي – منشأة المعارف بالاسكندرية – مصر – 1971 – ص548.
8- د. أشرف توفيق شمس الدين–مبادئ القانون الجنائي الدولي–دار النهضة العربية-القاهرة–1998 – ص 113.
9- لمزيد من التفاصيل ينظر د. حسنين عبيد – المصدر السابق – ص 99 ود. اشرف توفيق – المصدر السابق – ص 113.
10- د. محمد محي الدين عوض – مصدر سابق – ص 356 وما بعدها.
11- د. حميد السعدي–مقدمة في دراسة القانون الدولي الجنائي– مطبعة المعارف–بغداد –ط1-1971– ص244 وما بعدها .
12 - في هذا المجال نذكر مثلاً عن الانتهاكات التي ستظل شاهداً على بشاعة الكيان الصهيوني ووحشيته واجرامه والمتجسدة بجرائم مجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا التي وقعت بتاريخ 16/9/1982 بعد الغزو الاسرائيلي للبنان وقد استمرت هذهِ المجزرة لأكثر من 40 ساعة . اذ يروي الشهود العيان الناجون من هذه المجزرة ان (ارييل شارون ) وزير الدفاع الاسرائيلي حين ذلك، كان متواجداً في موقع المجزرة وانها – المجزرة – جرت بعلمه دون ان يصدر امرا بمنعها بل ان قواته سمحت لرجال مليشيا الكتائب اللبنانية المتحالفة معها دخول المخيمين بدعوى التفتيش عن مسلحين فلسطينيين في اعقاب اغتيال زعيم الكتائب "بشير الجميل" الذي كان متحالفاً مع اسرائيل وكان قد انتخب رئيساً للبنان . كذلك قامت القوات الاسرائيلية بآلياتها احكام اغلاق كل مداخل النجاة للمخيمين وتهديد الفارين من المذابح باطلاق النار عليهم واجبارهم على العودة ومواجهة مصيرهم . لمزيد من التفاصيل ينظر : الوطن العربي – منظمة حقوق الانسان الامريكية تؤيد محاكمة شارون – بحث منشور على الانترنيت – موقع قناة الجزيرة . و16 / ايلول/ 1982 .. مضت السنون على مجزرة صبرا وشاتيلا ولا محاكمة للقتلة – بحث منشور على الانترنيت موقع المركز الفلسطيني للاعلام.
13 - د.محمد محي الدين عوض – مصدر سابق – ص 364. وفي اثناء محاكمات نورمبرج وطوكيو بعد الحرب العالمية الثانية ، اعترفت المحكمتان العسكريتان الدوليتان بمسؤولية الرئيس عن افعال مرؤوسيه الاجرامية بالمعنى الذي اقرته لجنة المسؤوليات لسنة 1919 وأقرت ان للرئيس في التدرج الهرمي العسكري حق منع مرؤوسيه عن افعالهم الحربية متى كانت مخالفة للقانون الدولي وعلى وجه الخصوص متى كانت مخالفة لقوانين الحرب وعاداتها . نفس المصدر – ص364 وما بعدها. وكانت لجنة المسؤوليات هذهِ قد اقرت مسؤولية الامبراطور الالماني (غليوم) في الحرب العالمية الاولى عن تهمة امتناعه عن منع الافعال التي شكلت انتهاكا للقانون الدولي والمرتكبة من ضباط وجنود ألمان في هذهِ الحرب . د. اشرف توفيق – مصدر سابق – ص 115.
14 - د. حسنين عبيد – مصدر سابق – ص104 وما بعدها .
15 - د. رمسيس بهنام– مصدر سابق – ص 577 وما بعدها ود. .ضاري خليل محمود–البسيط في شرح قانون العقوبات القسم العام–الناشر صباح صادق جعفر–بغداد-ط1– 2002ص 61.
16 - د. اكرم نشأت – مصدر سابق – ص171.
17 - د. محمد محي الدين عوض – مصدر سابق – ص256.
18 - المصدر السابق – ص353.
19 - د. اشرف توفيق – مصدر سابق – ص124 ود. محمد محي الدين عوض – مصدر سابق – ص372.
20 - د. محمد محي الدين عوض – المصدر السابق – ص373.
21 - د. اكرم نشأت – مصدر سابق – ص 172 كذلك تعرف بانها اسناد امر من امور الحياة الى مصدره ، والاسناد في النطاق الجنائي على نوعين: مادي ومعنوي . فالاسناد المادي يقتضي نسبة الجريمة الى فاعل معين وهذا هو الاسناد المفرد في ابسط صوره. كما قد يقتضي نسبة نتيجة ما الى فعل ما بالاضافة الى اسناد هذا الفعل الى فاعل معين وهذا هو الاسناد المزدوج. وهو لا يخرج في الحالين عن دائرة الاسناد المادي. اما الاسناد المعنوي فهو نسبة الجريمة الى شخص متمتع بالاهلية المطلوبة لتحمل المسؤولية الجنائية أي متمتع بتوافر الادراك لديه وحرية الاختيار فاذا انتفى ايهما انتفى امكان المساءلة . والاسناد الجنائي بنوعيه المادي والمعنوي من عناصر المسؤولية لا تقوم لها بغيرهما قائمة . د. رؤوف عبيد–مبادئ القسم العام من التشريع العقابي المصري – مطبعة نهضة مصر –ط2 –1964ص196 وما بعدها.
22 - د. حسنين عبيد –مصدر سابق – ص 109.
23 - د. ضاري خليل محمود – البسيط في شرح قانون العقوبات القسم العام – مصدر سابق – ص62 وما بعدها.
24 - د. اكرم نشأت – مصدر سابق – ص 175 ولمزيد من الاطلاع على نظريات علاقة السببية وتفاصيلها انظر شروحات القسم العام من قانون العقوبات كذلك انظر د. رؤوف عبيد – السببية في القانون الجنائي – مطبعة نهضة مصر – القاهرة – 1959 ود. محمود نجيب حسني – علاقة السببية في قانون العقوبات – دار النهضة العربية – مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي – 1983.
25 - وثيقة الامم المتحدة – اللجنة التحضيرية للمحكمة الجنائية الدولية
PCNICC / 2000 / INF / 3 / Add. 2 – 2000 – P.12.
26 - لمزيد من التفاصيل عن الشروع في القانون الدولي الجنائي الداخلي ينظر د. ضاري خليل محمود – الشروع في الجريمة دراسة مقارنة – سلسلة الموسوعة الصغيرة – دار الشؤون الثقافية العامة – وزارة الثقافة – بغداد- الصراف – 2001 .
27- د. حسنين عبيد – مصدر سابق – ص110 وما بعدها وكذلك أنظر ما سبق أن شرحناه بمناسبة الحديث عن السلوك .
28 - ينظر في تفاصيل هذه النظرية شروحات القسم العام من قانون العقوبات على سبيل المثال د. محمود محمود مصطفى–شرح قانون العقوبات القسم العام–مطبعة جامعة القاهرة–ط10-1983– ص 300 وما بعدها ود. فخري الحديثي شرح قانون العقوبات القسم العام –بغداد-1992–ص211 وما بعدها .
29 - في حين أخذت اتفاقية منع ومعاقبة جريمة أبادة الجنس في المادة (3 ) منها بالمذهب الشخصي عندما نصت على المحاولة .
30 - د. محمد محي الدين عوض – مصدر سابق – ص354 .
31- د. حسنين عبيد – المصدر السابق –ص112 .
32- د . عبد الواحد الفار – مصدر سابق –ص54 .
33 - لمزيد من التفاصيل انظر شروحات القسم العام من قانون العقوبات على سبيل المثال: د. علي حسين الخلف – الوسيط في شرح قانون العقوبات المبادئ العامة – مطبعة الزهراء –بغداد-ط1- 1965– ص551 وما بعدها و د. عباس الحسني – شرح قانون العقوبات العراقي الجديد – المجلد الاول – القسم العام – مطبعة الارشاد – بغداد – ط2- 1972–ص140 وما بعدها .
34 - د. أشرف توفيق –مصدر سابق – ص116 وما بعدها .
35 - د. حسنين عبيد – مصدر سابق – ص113.
36 - نفس المصدر السابق- ص 113.
37- نفس المصدر السابق- ص 113.
38 - د . عبد الرحيم صدقي – مصدر سابق – ص66 . ولمزيد من التفاصيل عن جريمة التآمر انظر د. عبد الحميد خميس– جرائم الحرب والعقاب عليها – شركة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده –مصر – 1955- ص129 وما بعدها.
39 - د. محمد محي الدين عوض – مصدر سابق – ص259 .
40 - د . عبد الرحيم صدقي –مبادئ القانون الدولي الجنائي –القاهرة –1986 –ص66 .
41 - د . أشرف توفيق –مصدر سابق – ص117 .
42 - د .عبد الواحد الفار –مصدر سابق –ص54-وبموجب هذا النص لا يمكن أن يشمل كل افراد القوات المسلحة في الدولة أو عمال صناعات الحرب كشركاء فلا يسأل الا من ساهم مساهمة اصلية أو تبعية في الجريمة ،و طبقاً لشروط الاسناد المادي والمعنوي انظر د.محمد محي الدين عوض –مصدر سابق –ص283 .
43 – ينظر فيما سبق: منظمة العفو الدولية – ضعوا حداً للافلات – بحث منشور على الانترنيت – موقع منظمة العفو الدولية- .
44 - د .ضاري خليل محمود- البسيط في شرح قانون العقوبات القسم العام – مصدر سابق - ص66.
45 - د . علي حسين الخلف و د. سلطان الشاوي- المبادئ العامة في قانون العقوبات –مطابع الرسالة-الكويت-1982- ص148 وما بعدها .
46 - د . محمود محمود مصطفى – مصدر سابق – ص418 .
47 - سنأتي على شرح المسؤولية الجنائية التي تعد أحد عناصر الركن المعنوي (وتسمى ايضاً بالاهلية الجنائية في الفصل الثالث من هذا الباب .
48 - لمزيد من التفاصيل ينظر: د.ماهر عبد شويش الدرة – الاحكام العامة في قانون العقوبات – وزارة التعليم العالي والبحث العلمي – جامعة الموصل – 1990 – ص294 وما بعدها.
49 - د .محمد محي الدين عوض –مصدر سابق –ص392 .
50 - د .رؤوف عبيد –مبادئ القسم العام من التشريع العقابي المصري –مطبعة نهضة مصر –ط1-1964-ص219 و ما بعدها.
51 - عرفه "أورتولان "بأنه "توجيه العمل أو الترك الى إحداث النتيجة الضارة التي تتكون منها الجريمة "وعند "نورمان "هو علم الجاني أنه يعمل مختاراً العمل الموصوف جريمة في القانون ،في حدود هذا الوصف وأنه بذلك يخالف اوامره ونواهيه "وعند "جارو" هو "إرادة الخروج على القانون بعمل أو ترك أو هو أرادة الاضرار بمصلحة يحميها القانون الذي يفترض العلم به عند الفاعل "وعند "جارسون "هو "إرادة ارتكاب الجريمة كما حددها القانون ،وهو علم الجاني أيضا بمخالفة نواهي القانون التي يفترض دائما العلم بها". ينظر نفس المصدر السابق – ص220 وما بعدها .ولمزيد من الاطلاع على تعاريف اخرى ينظر د. ماهر عبد شويش الدرة –الاحكام العامة في قانون العقوبات –وزارة التعليم العالي والبحث العلمي –جامعة الموصل-1990– ص300 وما بعدها .
52- عرف قانون العقوبات العراقي "القصد الجرمي "في المادة (33-1)بأنه "توجيه الفاعل ارادته الى ارتكاب الفعل المكون للجريمة هادفاً الى نتيجة الجريمة التي وقعت أو أية نتيجة جرمية أخرى. ولمزيد من التشريعات ينظر: د. أكرم نشأت ابراهيم–القواعد العامة في قانون العقوبات المقارن–مطبعة الفتيان–ط1-1998 ص270.
53 - د. حسنين عبيد – مصدر سابق – ص117.
54 - د. اكرم نشأت – مصدر سابق – ص269.
55 - يؤيد الفقيه "بللا" ذلك بالنسبة للجرائم الدولية ولكنه يقوم بتحليل مختلف بالنسبة لتلك التي ترتكبها الدولة وذلك تمشياً مع رأيه في هذا الصدد . د. حسنين عبيد – المصدر السابق – ص118 . الهامش (1)
56 - القصد الاحتمالي او القصد غير المباشر هو توقع الجاني امكانية حصول الاثار الجرمية لسلوكه ومع ذلك فانه يمضي قدماً في تنفيذه . فهو توقع للنتائج وقبول بها. ولمزيد من التفاصيل تنظر شروحات القسم العام من قانون العقوبات على سبيل المثال – د. ضاري خليل – البسيط في شرح قانون العقوبات القسم العام – مصدر سابق – ص70 وما بعدها و د. اكرم نشأت – المصدر السابق –ص280 وما بعدها . ود. رمسيس بهنام – النظرية العامة للقانون الجنائي – منشأة المعارف بالاسكندر – مصر –1971ص897 وما بعدها .
57 - د. حميد السعدي – مصدر سابق – ص311 ود. محمد محي الدين عوض – مصدر سابق – ص400.
58 - د. أشرف توفيق شمس الدين–مبادئ القانون الجنائي الدولي–دار النهضة العربية-القاهرة–1998– ص 141.
59 - د. حميد السعدي – مصدر سابق – ص318.
60 - د. ضاري خليل محمود وباسيل يوسف – مصدر سابق – ص164.
61 - د. اكرم نشأت – مصدر سابق – ص281. وهذا هو المعيار الذي يقاس عليه توافر الخطأ غير العمدي او الخطأ غير الواعي الذي اخذت به العديد من التشريعات الداخلية منها التشريع العراقي في المادة (35) من قانون العقوبات العراقي . د. علي حسين الخلف ود. سلطان الشاوي – مصدر سابق – ص351 . وسنأتي الى شرح الخطأ غير العمدي لاحقاً.
62 - د. حسنين عبيد – مصدر سابق – ص318.
63 - د. اشرف توفيق - مصدر سابق – ص147 وما بعدها ود. رمسيس بهنام – مصدر سابق – ص921 وما بعدها ود. مصطفى كامل – شرح قانون العقوبات العراقي – القسم العام – مطبعة المعارف – بغداد – 1946- 1947- ص215 ود. ماهر عبد شويش الدرة – مصدر سابق – ص313.
64 - د. عبد الواحد محمد الفار–الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها–دار النهضة العربية–القاهرة–1995 – ص150.
65- انظر فيما سبق: الصيغة النهائية لمشروع نص اركان الجرائم – مصدر سابق – ص 16 وما بعدها.
66- د. محمود نجيب حسني – شرح قانون العقوبات القسم العام – ط3 – القاهرة – 1973 – ص663. كما ويعرف بانه (الاهمال او خمول الارادة) وهو "اتخاذ الفاعل سلوكاً منطوياً على خطر وقوع امر يحظره القانون ، وخمول ارادته في منع هذا الخطر من الافضاء الى ذلك الامر". د. رمسيس بهنام – مصدر سابق – ص944 وما بعدها.
67- د. مصطفى كامل –شرح قانون العقوبات العراقي – مطبعة المعارف –بغداد – 1946-1947ق – ص229 وما بعدها.
68 - د. ماهر عبد شويش – مصدر سابق – ص 315 وما بعدها.
69 - د .رمسيس بهنام – المصدر السابق – ص945 وما بعدها ود.مصطفى كامل – مصدر سابق – ص228 وما بعدها .
70- وذلك لعدم وجود نصوص تقرر على نحو واضح محدد اهمية التفريق هذه .د.أشرف توفيق – مصدر سابق – ص153.
71 - د .حسنين عبيد – مصدر سابق – ص121 ود.محمد محي الدين عوض – مصدر سابق – ص406 .ويرى الفقيه (جلاسيه) انه في كل حالة يعد القانون فيها ان مصلحة تستحق الحماية القانونية ذات الطابع العقابي ،فانه يجب حمايتها ضد الانتهاكات العمدية وضد الانتهاكات غير العمدية التي تحصل عن اهمال وعدم احتياط .د.محمد محي الدين عوض – مصدر سابق – ص406 وما بعدها .
72 - د .حسنين عبيد –مصدر سابق –ص121 وما بعدها ود.أشرف توفيق – مصدر سابق – ص153.
73 - ينظر في مدى ما وصلت اليه التقنيات الحربية الامريكية في هذا المجال: باسيل يوسف –محاضرات عن منظور الولايات المتحدة الامريكية للقانون الدولي الانساني في القرن الواحد والعشرين–مجلة دراسات قانونية –اصدارات بيت الحكمة –العدد الاول –2002– ص56 وما بعدها.
74 - د.حسام علي الشيخة–جرائم الحرب الامريكية في افغانستان–بحث منشور على الانترنيت ضمن الموقع البحثي(الجريمة الدولية)–ص14.
75 - هذا الامر كان مثار خلاف وتحفظ شديد من العديد من الدول في مؤتمر (روما) التي دعت اما الى شمول مرتكبي الجرائم غير العمدية ولو بناء على الخطأ غير الواعي بالنظر لخطورة هذه الجرائم وامكان التعلل بهذا الدفع امام المحكمة،واما الى احاطة عدم المسؤولية عن الخطأ غير الواعي بشروط و ضمانات كافية لعدم إفلات مرتكبي الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة من العقاب فضلا عن ان الجرائم الواقعة على الاشخاص كأفراد في القوانين الجنائية الوطنية يسأل مرتكبها عن الجريمة غير العمدية.وبذلك يكون من الحري مساءلة مرتكبي جرائم الابادة الجماعية أو الجرائم ضد الانسانية حتى عن جرائم الخطأ غير الواعي –د.ضاري خليل محمود –المبادئ الجنائية العامة في النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية –مجلة دراسات قانونية –العدد الثاني –السنة 1-1999-ص12.
76 - د. أشرف توفيق – مصدر سابق – ص157 .
77 - د. رؤوف عبيد – مصدر سلبق – ص230 وما بعدها .
78 - د. ضاري خليل محمود و باسيل يوسف –المحكمة الجنائية الدولية هيمنة القانون ام قانون الهيمنة –بيت الحكمة –مطبعة الزمان –2003 – ص178 .
79 - ا نظر في التفاصيل شروحات القسم العام من قانون العقوبات على سبيل المثال د.رؤوف عبيد –مصدر سابق –ص230 وما بعدها.
80 - د. أشرف توفيق – مصدر سابق – ص144 ود. علي حسين الخلف و د. سلطان الشاوي- المبادئ العامة في قانون العقوبات –مطابع الرسالة-الكويت-1982ص246 وما بعدها .
81 - د . علي حسين الخلف ود. سلطان الشاوي – المصدر السابق –ص247.
82 - د. اشرف توفيق – المصدر السابق – ص143 – كذلك تنظر المادتين (9و10) من لائحة محكمة نورمبرج. وهذا ما جعل المحكمة تحكم ببراءة "شاخت" من تهمة الاشتراك في الاستعداد لحرب عدوانية. ينظر د. حميد السعدي –مصدر سابق – ص 318.
83 - د. محمد محي الدين عوض – مصدر سابق – ص286.
84 - الصيغة النهائية لمشروع نص اركان الجرائم – مصدر سابق – الصفحات 11 وما بعدها و21 وما بعدها.
85 - باسيل يوسف – مصدر سابق – ص67.
86 - د. ضاري خليل وباسيل يوسف – مصدر سابق – ص178.
87 - بالنسبة للاتجاهات الفقهية : الفقه الالماني والنمساوي والسويسري . اما الاتجاه القضائي فمثاله المحكمة الاتحادية السويسرية والمحكمة العليا في بولندا. اما التشريعات فمثاله قانون العقوبات الكولومبي (المادة 23) ومشروع قانون العقوبات الالماني للسنة 1960 ( المادة 21). ينظر في تفاصيل ذلك د. محمد محي الدين عوض – مصدر سابق – ص 425 وما بعدها.
88 - د. حسنين عبيد – مصدر سابق – ص 127 ود. محمد محي الدين عوض – المصدر السابق – ص 429.
89 - د. حسنين عبيد – المصدر السابق – ص 128 ومن الجدير بالذكر انه سبق ان انعقد مؤتمر مكون من فقهاء وعسكريين في لاهاي لسنة 1922 تحت رئاسة الاستاذ (جون باست مور) لتنظيم الحرب الجوية . ووضع المؤتمر في سنة 1923 مشروع اتفاقية تعرف بمجموعة لاهاي لقواعد الحرب الجوية . ولكن هذا المشروع لم يصادق عليه فيما بعد من جانب الدول الممثلة للمؤتمر وهي بريطانيا العظمى والولايات المتحدة الامريكية واليابان وايطاليا وفرنسا وهولندا لذا لم تاخذ هذه القواعد صفة الالزام – ولمزيد من التفاصيل ينظر : د. محمد محي الدين عوض – المصدر السابق- ص 431 هامش (2).
90 - د. محمد محي الدين عوض – المصدر السابق – ص431 وما بعدها.
91 - د. حسنين عبيد – مصدر سابق – ص 128.
92 - د. اشرف توفيق – مصدر سابق – ص 147.
93 - و مع ذلك فان هاتين المحكمتين في بعض احكامهما لم تعرا اهتماماً لهذه المسالة ولم تجعلا منه سبباً لنفي المسؤولية وبالتالي فانه في بعض احكامهما كانت مسالة الجهل بقواعد الحرب وعاداتها أو الجهل بالمبادئ الانسانية المعترف بها في القانون الدولي غير مؤثرة في قيام الاسناد المعنوي .انظر د.حميد السعدي – مصدر سابق– ص319.
94 - د . محمد محي الدين عوض – المصدر السابق – ص435.
95 - د .محمد محي الدين عوض – المصدر السابق – ص433 وما بعدها.
96 - د.أشرف توفيق – مصدر سابق – ص158.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|