أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-14
340
التاريخ: 23-11-2016
2188
التاريخ: 2023-12-25
938
التاريخ: 2023-12-09
819
|
الاعراب:
منذ المئة الاولى قبل الميلاد ظهرت في العربية الجنوبية قوة لم يكن لها ذكر في نصوص المسند القديمة، ثم ازداد ذكرها بعد الميلاد، وقوي نفوذها إلى ظهور الإسلام هي قوة "عربم" "عربن" أي الأعراب، وفي ذكرهم دلالة على أنهم كونوا لأنفسهم طبقة خاصة في طبقات المجتمع ، مل تشتغل بالأرض وتربط بها، وإنما كانوا أهل بداوة على النحو المفهوم من لفظة "أعراب"(1).
ومصدر هؤلاء الاعراب من العربية الوسطى من الحجاز ونجد، اندفعوا إلى الجنوب، منتهزين فرصة انشغال أهل العربية الجنوبية بالتقاتل فيما بينهم، فتسللوا إليها، وانشغلوا معهم في خصوماتهم، حتى صاروا قوة كبيرة، أقاموا عليهم زعماء عرفوا بـ "كبر أعرب"، أي "كبير الأعراب" و "كبراء الأعراب"، كان لبعضهم شأن كبير في سياسية العربية الجنوبية، مثل "سعد تالب يتلف بن جدنم"، "سعد تالب يتلف بن جدن" ، "من جدن"، "كبر اعرب ملك سبأ وكدت ومذحجم وحرمم وبهلم وزيدال وكل اعرب سبأ وحميرم وحضرمت ويمنت"(2)، أي "كبير اعراب ملك سبأ وكندة ومذحج وحريم" حرم "حرام"، وباهل، و "زيدايل" وكل أعراب سبأ وحمير، وحضرموت، وزيدايل"(3)، وكان كبيراً على كل أعراب مملكة سبأ وحضرموت ويمنت، فله في المملكة إذن نفوذ كبيرة، ولا بد أن يكون ذا شخصية قوية، إذ ليس من السهل تولي أمر الأعراب، لتنافرهم، ولانتهازهم الفرص للتوثب على الحكومة، لعدم نزوعهم إلى الطاعة لغير القبيلة، والخضوع للانضباط، ثم إنهم قد ينقلبون على من يحكمهم في الحرب، إذا شاهدوا الغنائم، إذ ينفرون إليها، وقد يؤدي ذلك إلى هزيمة بعد غلبة. وقد ينقلون على الحكومة وينهبون ما يجدونه أمامهم إذا ما وجودا الغلبة للطرف الآخر، وقد ينضمون إليه. فلا لمن يحكم الأعراب، ويريد ضبطهم، من معرفة عقليتهم، ومراجعتهم على وفق نفسيتهم هذه.
ويلاحظ أن النصوص ميزتهم عن الحميريين، أو عن السبئيين، وعن الشعوب العربية الجنوبية الاخرى، مما يدل على أنهم كانوا يعدون الأعراب أشبه بطبقة خاصة ليست لها صلة بالقبائل العربية الجنوبية، وكون الأعراب أنفسهم مجتمعاً خاصاً يمثل حياتهم التي تعودوها من حيث الخروج على الطاعة، والصراع فيما بينهم، ومهاجمة الحضر(4).
ولبروز هذه القوة أضيف أسمهم إلى اللقب الرسمي للملوك، فصار اللقب: "ملك سبأ وذريدن وحضرموت ويمنت واعربهمو طودم وتهمتم"، والظاهر أن "ابا كرب اسعد"، المعروف عند أهل الأخبار بـ "اسعد الكامل" هو اول من اتخذ هذا اللقب(5)، وقد أشير إلى اهميتهم في النص : "507 RY" ، حيث ورد: "وكل اقولن واعربن وتسابتن"، أي : "وكل الأقيال والأعراب والمحاربين".
وقد أدخلت هذه الأعرابية الخلق الأعرابي المعروف عنهم، من الغزو والغازات، فكانوا يغزون بعضهم بعضاً. ويتحالفون بعضهم على بعض، فزادوا وبال اضطراب الأمن في العربية الجنوبية. وصادر أهل المحاجر والقرى والمصانع يهابونهم. ويتقون غزوهم، وسلبهم ما يجدونه عندهم غنيمة وفيئاً، واضطر أهل العربية الجنوبية، الذين وصل زحف الأعراب إليهم، أن يجاوروا الأعراب بعقد أحلاف معهم، او بمداهنتهم بالرشاوى والهدايا، وبالتحالف فيما بينهم على طريقة الأعراب لمجابتهم بسلاحهم الذي استعملوه في زحفهم من الشمال نحو الجنوب.
كذلك أثرت الأعرابية في السنة العرب الجنوبيين، فظهرت الألفاظ العربية الشمالية في المساند. كما أثرت في صرف اللهجات العربية الجنوبية، ونحوها وربما أثرت في شعرهم كذلك، وهو موضوع لا نستطيع التبسط فيه، لعدم وجود أدلة محسوسة ملموسة عند في أيدينا في الزمن الحاضر.
ومن القبائل الأعرابية: "كدت"، وهي "كندة" ، و "مذحج"، و"ثعلبت"، أي "ثعلبة"، وقبائل اخرى(6)، ويلاحظ من الكتابات ان هذه القبائل وغيرها، كانت في العربية الوسطى، وقد قدمت منها إلى الجنوب ، واستوطنت في العربية الجنوبية، وهذا يناقض ما تعارفه أهل الأخبار من عدة هذه القبائل في مجموعة القبائل القحطانية، ومن إدخال نسبهم في سلسلة نسب العرب الجنوبيين.
ومن هنا ذهب بعض العلماء إلى أن السبئيين مثلاً، وكذلك المعيين وغيرهم ، إنما هاجروا من العربية الشمالية إلى اليمن، فأصل اهل العربية الجنوبية، إذن من العربية الشمالية وهو رأي يناقض ما يذهب إليه أهل الأخبار عن هجرة الغساسنة والمناذرة والقبائل القحطانية من اليمن إلى الشمال(7).
هذه صورة مصغرة عن أصول الحكم او طريقته عند العرب الجنوبيين، رسمتها اعتماداً على المصطلحات التي رجعت إليها في الكتابات ، يتبين منها ان الحكومة في العربية الجنوبية حكومة حضرية متطورة ، نبعث من طبيعة الأرض التي ظهرت
فيها، وهي صورة ارجو أن تكون موفقة في التصوير.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Kingship In Ancient South Arabia, in Jornal Of Edunomic and Social History of Orient, VOL, 15, 1972, P, 257.
(2) Sabaen Enscriptions From Mahram Blois, P, 169, JAM 665.
مطهر علي الأرياني، في تأريخ اليمن 164 وما بعدها، زيد بن علي عنان، تأريخ حضارة اليمن القديم، ص385.
(3) راجع عن "سعد تالب" REP 4031, 2, Sabaean, P, 170.
(4) لوندين 89، 96.
(5) أ. ج. لوندين، بلاد العرب الجنوبية في المئة السادسة، (الجمعية الروسية الفلسطينية، المجموعة الفلسطينية، إصدار 8، 71، دار نشر أكاديمية الاتحاد السوفييتي، موسكو ــ ليننغراد، 1961، ص13.
(6) أ. ج. لوندين، بلاد العرب الجنوبية في المئة السادسة الميلادية، موسكو 1961، ص18.
(7) باقفيه، تأريخ 59.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي يعلن إطلاق المسابقة الجامعية الوطنية لأفضل بحث تخرّج حول القرآن الكريم
|
|
|