إنّ جميع الصحابة الذين عاشوا في عصر النبي أو الذين أدركوه وكانوا معه فترة من الزمن عدول بلا استثناء، والقرآن يشهد على ذلك |
1643
09:38 صباحاً
التاريخ: 12-1-2017
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-11-2016
2028
التاريخ: 19-11-2016
1124
التاريخ: 19-11-2016
1071
التاريخ: 19-11-2016
1195
|
[جواب الشبهة] :
...أنّ غالبية أهل السنّة يقولون: إنّ جميع الصحابة الذين عاشوا في عصر النبي (صلى الله عليه وآله) أو الذين أدركوه وكانوا معه فترة من الزمن عدول بلا استثناء، والقرآن يشهد على ذلك.
وللأسف تمسك هؤلاء الأخوة ببعض الآيات القرآنيّة التي تصبّ في مصلحتهم وتغافلوا عن بقية الآيات الأخرى، الآيات التي تستثني هذا الأمر، ونحن نعلم بأنّ جميع العمومات لها استثناءات عادة.
ونحن نقول: ما هي هذه العدالة التي يبيّن القرآن المجيد خلافها في عدّة مواضع!! ومن هذه المواضع ما جاء في سورة آل عمران: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [آل عمران: 155] ، حيث تشير إلى الأشخاص الذين فرّوا في معركة أحد وتركوا النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) لوحده في مقابل الأعداء.
ونستفيد من خلال هذه الآية وبشكل واضح أنّه كانت هناك مجموعة قد فرّت، وتذكر كتب التواريخ أنّ عددهم كان كبيراً، وأنّ الشيطان قد أغواهم وغلبهم بسبب الذنوب التي ارتكبوها، إذن الذنوب السابقة أدّت إلى الفرار من الزحف، وهو من الذنوب الكبيرة، مع أنّ ذيل الآية يقول: إنّ الله سبحانه وتعالى قد غفر لهم، ولكن مغفرة الله لهم بسبب النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) لا يعني كونهم عدولاً، وأنّهم لم يرتكبوا ذنباً، بل القرآن يصرح بأنّهم ارتكبوا ذنوباً عدّة.
وما هي هذه العدالة التي يعرف الله سبحانه وتعالى بعضهم بعنوان «فاسق» حيث يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6].
والمعروف بين المفسرين أنّ الآية تتعلق بالوليد بن عُقبة، عندما أرسله النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) ومجموعة لقبيلة بني المصطلق; لأخذ الزكاة، فعاد وقال: إنّهم امتنعوا عن دفع الزكاة وارتدوا عن الإسلام، قسم من المسلمين اقتنعوا بكلام الوليد، وتهيؤوا للهجوم عليهم وقطع رؤوسهم، ولكن نزلت الآية الشريفة لتحذّر المسلمين بوجوب التحقيق في الخبر الذي يأتي به الفاسق، حتى لا تصيبوا قوماً بسوء وتندموا فيما بعد.
والنتيجة: أنّه وبعد التحقيق تبيّن أنّ قبيلة بني المصطلق مازالت على إيمانها، وأنّها كانت تستعد لاستقبال الوليد، لا للهجوم على الوليد والارتداد عن الإسلام، ولكن الوليد ـ وبسبب خصومته معهم ـ اتخذ هذا الأمر ذريعة للوشاية بهم عند رسول الله ونقل له خبراً غير صحيح.
فمع أنّ الوليد كان من صحابة النبي (صلى الله عليه وآله) بمعنى أنّه من الأشخاص الذين أدركوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكانوا في خدمته، إلاّ أنّ القرآن وصفه بالفاسق، فهل هذا يتفق مع عدالة جميع الصحابة؟
ما هي هذه العدالة عندما يقوم بعضهم بالاعتراض على النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) حين أراد توزيع الزكاة ؟ وقد نقل القرآن المجيد هذا الاعتراض في سورة التوبة: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} [التوبة: 58].
ما هي هذه العدالة حيث يتحدث القرآن المجيد عن حرب الأحزاب في سورة الأحزاب {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} [الأحزاب: 12] فبعضهم كان يتصور أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) سيهزم في هذه المعركة، وأنّهم سيقتلون، وسيقضى على الإسلام، أو تلك الرواية التي ينقلها الشيعة والسنّة في القصّة المعروفة حين كان النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) يحفر الخندق فوجد صخرة وقام بتحطيمها، عندها وعدهم بفتح الشام وإيران واليمن فقابلوا هذا الخبر بالاستهزاء.
ألم يكن هؤلاء من الصحابة؟!
والأعجب من ذلك ما جاء في الآية التالية حيث تقول: {وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا ... } [الأحزاب: 13] أي: يطالبون أهل المدينة بالرجوع وعدم القتال مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أو ما قام به بعضهم من طلب الاستئذان من رسول الله (صلى الله عليه وآله) للهروب من ميدان المعركة: { ... وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا } [الأحزاب: 13]. فكيف لنا أن نغض النظر عن كل هذه الأعمال ولا نقبل بانتقادهم.
والأسوأ من هذا كله قيام بعض الصحابة باتهام النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)بالخيانة، فهذا هو القرآن الكريم يحدثنا في سورة آل عمران عن ذلك: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [آل عمران: 161] ، حيث ذكروا لشأن نزول الآية سببين:
الأول: بعضهم قال: إنّها إشارة إلى أصحاب «عبد الله بن جبير» الذين كانوا متمركزين في جبل «العينين» في معركة أحد، فحين أوشك المسلمون على الانتصار على الأعداء ترك الرماة مع عبد الله مواقعهم لجمع الغنائم، مع أنّ الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) قد أمرهم بعدم ترك مواقعهم مهما كان، والأسوأ من هذا العمل هو ما قالوه من أنّهم يخافون أن لا يراعي النبي (صلى الله عليه وآله) حالهم في تقسيمه للغنائم، وهناك عبارات ذكروها يخجل القلم من ذكرها.
والثاني: ذكره «ابن كثير» و«الطبري» في ذيل تفسيرهما للآية: إنّه كانت هناك قطيفة (1) حمراء ثمينة قد فقدت في غزوة بدر، فقام بعض الجهّال باتهام النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) بالخيانة، ولم تمض فترة حتى عثر عليها، وتبيّن أنّ أحد أفراد الجيش قد أخذها.
فهل نسبة هذه الأمور جميعها إلى النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) تتوافق مع العدالة؟
فإذا جعلنا وجداننا قاضياً فهل يقبل أن يكون هؤلاء الأشخاص عدولاً وطاهرين، بحيث لا يحق لأحد أن ينتقد أعمالهم؟
ونحن لا ننكر أنّ أكثر أصحاب وأتباع النبي (صلى الله عليه وآله) كانوا أحراراً وطاهرين، ولكن أن نعطي حكماً كلياً بأنّ جميعهم قد طهّروا بماء التقوى والعدالة، وأنّه ليس لأحد الحق في التعرض لأعمالهم بأي نقد، فهذا في الحقيقة مدعاة للحيرة بشكل فاضح.
ما هي هذه العدالة؟ التي تجيز لبعض الأفراد الذين يعدونه من صحابة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في الظاهر كمعاوية بأنّه يجيز لنفسه سبّ ولعن الصحابة العظام كعلي (عليه السلام)، ويأمر جميع الناس بالقيام بهذا العمل في البلدان وبلا استثناء؟ ولابدّ من الانتياه لهذين الحديثين:
1. نقرأ في صحيح مسلم وهو من أكثر الكتب اعتباراً عند أهل السنّة: «عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال: ما منعك أن تسب أبا تراب؟ فقال: أما ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبّه، لئن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم» (2).
2. ونقرأ في كتاب «العقد الفريد» الذي كتبه أحد علماء السنّة (ابن عبد ربّه الأندلسي): «ولمّا مات الحسن بن علي (عليهما السلام) حج معاوية فدخل المدينة وأراد أن يلعن علي بن أبي طالب (عليه السلام) على منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقيل له: إنّ
هاهنا سعد بن أبي وقاص ولا نراه يرضى بهذا فابعث إليه وخذ رأيه. فأرسل إليه [معاوية] وذكر له ذلك فقال: إن فعلت لأخرجن من المسجد ثم لا أعود إليه! فأمسك معاوية عن ذلك حتى مات سعد فلما مات سعد لعنه على المنبر وكتب إلى عماله أن يلعنوه على المنابر ففعلوا، فكتبت أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله) إلى معاوية: «إنّكم تلعنون الله ورسوله على منابركم; وذلك أنّكم تلعنون علي بن أبي طالب ومن أحبّه، وأنا أشهد أنّ الله أحبّه ورسوله» فلم يلتفت [معاوية] إلى كلامها»(3).
فهل هذه الأعمال القبيحة تتلاءم مع العدالة؟ هل يجيز أي إنسان عاقل أو عادل لنفسه أن يقوم بسبّ أو لعن ـ وخصوصاً بتلك الصورة البشعة والواسعة ـ هذه الشخصية العظيمة، حيث يقول الشاعر العربي:
أعلى المنابر تعلنون بسبّه *** وبسيفه نصبت لكم أعوادها
_________________
1. قطيفة: قطعة قماش.
2. صحيح مسلم، ج 14، ص 1871، كتاب فضائل الصحابة. وكذلك كتاب فتح الباري في شرح صحيح البخاري، ج 7، ص 60. والفضائل الثلاثة التي ذكرت للإمام علي(عليه السلام)في الحديث هي: عبارة عن حديث المنزلة، وحديث (لأعطين الراية غداً...)، وآية المباهلة.
3. العقد الفريد، ج 5، ص 114و 115 دار الكتب العلمية. وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي بن أبي طالب، ج 2، ص 228. تأليف محمّد بن أحمد الدمشقي الشافعي، (توفي في القرن التاسع الهجري).
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|