أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-05
1070
التاريخ: 6-2-2017
2626
التاريخ: 24-10-2019
2409
التاريخ: 5-12-2016
2083
|
رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) أقام بمكة ثلاث سنين من أوّل نبوته يبلّغ رسالات ربه إلى خاصته، ثم أجهر بها في الرابعة، وأخذ يبلّغ رسالة ربّه إلى الناس كافة وفي كل مكان، وبكل الطرق وذلك مدة عشر سنين، حتى إنه كان في السنين الأخيرة ليسأل عن القبائل ويأتي في المواسم منازلها قبيلة قبيلة ويقول: يا أيها الناس، قولوا لا إله إلاّ اللّه تفلحوا، تملكون بها العرب، وتدين لكم بها العجم، وتكونون ملوكاً فاذا متم كنتم ملوكاً في الجنة.
وأبو لهب وجماعته وراءه يقولون: لا تطيعوه فإنه كذاب. فيردون على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) أقبح ردّ ويؤذونه ويقولون: اُسرتك وعشيرتك أعلم بك حيث لم يتبعوك.
فكان ممّن أتاهم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) وبلّغهم رسالات ربه فلم يقبلوها: بنو عامر بن صعصعة، ومحارب بن خصفة، وفزارة وغسان ومرة وحنيفة وسليم وعبس وبنو نصر وبنو البكاء وكندة وكلب والحارث بن كعب وعُذرة والحضارمة وغيرهم فلم يستجب منهم أحد.
الالتقاء بوفد اليمامة:
وذات مرة اقبل رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ومعه علي (عليه السلام) إلى مجلس من مجالس العرب، فدعاهم إلى دينه فقال أحدهم واسمه مفروق: وإلى م تدعو يا أخا قريش؟
فقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } [الأنعام: 151] (1).
قال مفروق: ما هذا من كلام اهل الأرض ولو كان من كلامهم عرفناه ثم قال: وإلى م تدعو أيضاً يا أخا قريش؟
فتلا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90] (2).
فقال مفروق: دعوت واللّه يا أخا قريش إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، ولقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك.
وكأنه أراد أن يشرك في الكلام هانئ ابن قبيصة فقال: وهذا هانئ بن قبيصة شيخنا وصاحب ديننا.
فقال هانئ: قد سمعت مقالتك يا أخا قريش، وإني أرى أن تركنا ديننا واتباعنا إياك على دينك لمجلس جلسته إلينا ليس له أول ولا آخر لوهنٌ في الرأي وقلة نظر في العاقبة، وإنما تكون الزلة مع العجلة، ومن ورائنا قوم نكره أن نعقد عليهم عقداً، ولكن ترجع ونرجع وتنظر وننظر.
وكأنه أحب أن يشرك في الكلام المثنى بن حارثة فقال: وهذا المثنى بن حارثة شيخنا وصاحب حربنا.
فقال المثنى: قد سمعت مقالتك يا أخا قريش، والجواب هو جواب هانئ بن قبيصة في تركنا ديننا واتباعنا إياك في مجلس جلسته الينا ليس له أول ولا آخر، وإنا إنما نزلنا بين صريان اليمامة والسماوة.
فقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): ما هذان الصريان؟
فقال: أنهار كسرى ومياه العرب، فأما ما كان من أنهار كسرى فذنب صاحبه غير مغفور وعذره غير مقبول، وأما ما كان من مياه العرب فذنبه مغفور وعذره مقبول، وإنما نزلنا على عهد أخذه علينا كسرى، لا نحدث حدثاً ولا نؤوي محدثاً وإني أرى أنّ هذا الأمر مما تكرهه الملوك، فان أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلي مياه العرب فعلنا.
فقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): ما أسأتم في الرد إذ أفصحتم بالصدق، فان دين اللّه لن ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه، أرأيتم إن لم تلبثوا إلاّ قليلا حتى يورثكم اللّه ارضهم وديارهم، أتسبّحون اللّه وتقدّسونه؟
فقال النعمان بن شريك: اللّهم لك ذا.
فتلا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا } [الأحزاب: 45، 46] ثم نهض النبي فأخذ بيدي علي (عليه السلام) ينهضه وقال: إنها أخلاق في الجاهلية ما أشرفها، بها يدفع اللّه بأس بعضهم عن بعض، وبها يتحاجزون فيما بينهم.
مع رهط من الخزرج:
وفي السنة الحادية عشرة من البعثة النبويّة الشريفة خرج رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) على ما دأب عليه إلى الموسم فعرض نفسه على قبائل العرب كما كان يصنع في كل مرة، فبينما هو عند العقبة لقي رهطاً من الخزرج أراد اللّه بهم خيراً، فلما لقيهم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من أنتم؟
قالوا: نفر من الخزرج.
قال: أمن موالي اليهود؟
قالوا: نعم.
قال: أفلا تجلسون اُكلمكم؟
قالوا: بلى. فجلسوا معه، فبلّغهم رسالات اللّه، وعرض عليهم الإسلام، وتلا عليهم القرآن.
وكان مما صنع اللّه به في الإسلام أن يهوداً كانوا معهم في بلادهم وكانوا أهل كتاب وعلم، وكانوا هم أهل شرك وأصحاب أوثان، وكانوا قد غزوهم ببلادهم، فكانوا إذا كان بينهم شيء قالوا لهم: ان نبياً مبعوث الآن قد أظلّ زمانه نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم.
فلما كلم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) أولئك النفر ودعاهم إلى اللّه قال بعضهم لبعض: يا قوم تعلمون واللّه أنه النبي الذي توعّدكم به اليهود، فلا يسبقنكم اليه. فأجابوه فيما دعاهم إليه بأن صدقوه، وقبلوا منه ما عرض عليهم من الإسلام.
وقالوا: إنّا قد تركنا قومنا، ولا قوم بينهم من العداوة والشر مثل ما بينهم، فعسى اللّه أن يجمعهم بك، فسنقدم عليهم وندعوهم إلى أمرك، ونعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين، فإن يجمعهم اللّه عليك فلا رجل أعز منك. وكان هؤلاء ستة نفر من الخزرج.
فقال لهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أتمنعون ظهري حتى اُبلّغ رسالة ربي؟
فقالوا: يا رسول اللّه إنما كانت بعاث عام الهول يوم من أيامنا اقتتلنا به، فان تقدم ونحن كذا لا يكون عليك اجتماع، فدعنا حتى نرجع إلى عشائرنا لعل اللّه يصلح ذات بيننا وندعوهم إلى ما دعوتنا إليه، فعسى اللّه أن يجمعهم عليك، فان جمعهم عليك واتبعوك فلا أحد أعز منك، وموعدك الموسم العام القابل، وانصرفوا إلى المدينة.
فلما قدموا المدينة إلى قومهم ذكروا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)، ودعوهم إلى الإسلام حتى فشا فيهم، فلم تبق دار من دور الانصار إلاّ وفيها ذكر من رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم).
العقبة الأولى وبيعتها:
ولما كان العام المقبل أي: في سنة اثنتي عشرة من البعثة النبوية وافى الموسم من الأنصار اثنا عشر رجلاً، وكان من بينهم: أسعد بن زرارة، وعبادة بن الصامت، فلقوا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) عند العقبة الأولى، فبايعوه على القرار التالي:ـ
قال عبادة بن الصامت: بايعنا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) على أن لا نشرك باللّه شيئاً، ولا نسرق ولا نزني، ولا نقتل اولادنا، ولا نأتي ببهتان نفتريه من بيد أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيه في معروف.
فقال لنا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): ان وفيتم فلكم الجنة، وان غشيتم من ذلك شيئاً فأمركم إلى اللّه عز وجلّ إن شاء عذّب وإن شاء عفا وغفر.
ثم انصرفوا.
وبعث (صلى الله عليه وآله وسلم) معهم مصعب بن عمير يصلّي بهم، ويفقههم، ويعلمهم القرآن، وكان بينهم بالمدينة يسمّى بالمقرئ، فأسلم على يديه جمع كثير، حتى لم يبق دار في المدينة إلاّ وفيها رجال ونساء مسلمون الاّ ما شذّ وندر.
العقبة الثانية وبيعتها:
ثم رجع مصعب إلى مكة في العام المقبل ووافى في الموسم ذلك العام، أي بسنة ثلاث عشرة من البعثة النبوية خلق كثير من الأنصار من المسلمين والمشركين، وزعيم القوم البراء بن معرور، فلما كانت ليلة العقبة وقد مضى الثلث الأول من الليل تسلل إلى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) منهم ثلاثة وسبعون رجلاً وأمرأتان: نسيبة بنت كعب إحدى نساء بني مازن بن النجار، وأسماء ابنة عمرو ابن عدي اُم منيع إحدى نساء بني سلمة.
قال: فاجتمعنا في الشعب ننتظر رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)، حتى جاءنا ومعه العباس بن عبد المطلب، وهو يومئذ على دين قومه إلاّ أنه أحب أن يحضر أمر أبن أخيه ويتوثق له، فلما جلس كان أول متكلم العباس فقال:
يا معشر الخزرج ! ـ وكانت العرب يسمون هذا الحي من الأنصار الخزرج، خزرجها وأوسها ـ إن محمداً منا حيث علمتم، وقد منعناه من قومنا، وهو في عزٍّ من قومه ومنعة في بلده، وإنه قد أبى إلاّ الانحياز اليكم واللحوق بكم، فان كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه ومانعونه ممن خالفه فأنتم وما تحملتم من ذلك، وان كنتم ترون أنكم مسلموه وخاذلوه بعد الخروج به اليكم فمن الآن فدعوه، فانه في عز ومنعة من قومه وبلده.
فقالوا له: سمعنا ما قلت، فتكلم يا رسول اللّه فخذ لنفسك ولربك ما أحببت.
فتكلّم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: ابايعكم على الإسلام.
فقال له بعضهم: نريد ان تعرفنا يا رسول اللّه ما للّه علينا، وما لك علينا؟ وما لنا على اللّه؟
فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): أما ما للّه عليكم: فان تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأما مالي عليكم: فتنصرونني مثل ما تنصرون ابناءكم ونساءكم، وان تصبروا على عضّ السيوف وان يقتل خياركم.
قالوا: فاذا فعلنا ذلك ما لنا على اللّه؟
قال: اما في الدنيا فالظهور على من عاداكم، وفي الآخرة رضوانه والجنة.
فأخذ البراء بن معرور بيده (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم قال: نعم والذي بعثك بالحق، لنمنعك مما نمنع منه أزرنا، فبايعنا يا رسول اللّه، فنحن واللّه أهل الحروب وأهل الحلقة، ورثناها كابراً عن كابر.
فاعترض القوم ـ والبراء يكلم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ أبو الهيثم بن التيهان فقال: يارسول اللّه، إن بيننا وبين الرجال حبالاً، ونحن قاطعوها، فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك اللّه أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟
فتبسّم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم قال: بل الدم الدم، والهدم الهدم، أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم. وفي حديث آخر قال: المحيى محياكم والممات مماتكم.
ثم قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): أخرجوا لي منكم اثني عشر نقيباً حتى يكونوا كفلاء على قومهم، فأخرجوا منهم اثني عشر نقيباً: تسعة من الخزرج، وثلاثة من الأوس.
فقال لهم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): ارجعوا إلى رجالكم.
قال الراوي: فرجعنا إلى مضاجعنا فنمنا عليها حتى أصبحنا، فلما أصبحنا غدت علينا جلة قريش حتى جاءونا في منازلنا فقالوا: يا معشر الخزرج، إنه قد بلغنا أنكم قد جئتم إلى صاحبنا هذا تسترجونه من بين أظهرنا، وتبايعونه على حربنا، وانه واللّه ما من حي من العرب أبغض إلينا أن تشب الحرب بيننا وبينهم منكم.
قال: فانبعث من هناك من مشركي قومنا يحلفون باللّه ما كان من هذا شيء وما علمناه.
قال: وصدقوا، لم يعلموا. وبعضنا ينظر إلى بعض.
إبليس وبيعة العقبة:
وفي حديث آخر: انه لما اجتمع الانصار في العقبة الثانية وبايعوا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) على أن يمنعوه مما يمنعون أنفسهم، ويمنعوا أهله مما يمنعون أهاليهم وأولادهم، وأخرجوا إليه منهم اثني عشر نقيباً ليكونوا شهداء عليهم بذلك، صاح ابليس: يا معشر قريش والعرب! هذا محمدٌ والصباة من أهل يثرب على جمرة العقبة يبايعونه على حربكم، فأسمع أهل منى، وهاجت قريش، فاقبلوا بالسلاح.
وسمع رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) النداء فقال للأنصار: تفرقوا.
فقالوا: يا رسول اللّه إن أمرتنا أن نميل عليهم بأسيافنا فعلنا.
فقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): لم اؤمر بذلك، ولم يأذن اللّه لي في محاربتهم.
قالوا: فتخرج معنا؟
قال: انتظر أمر اللّه.
فجاءت قريش على بكرة ابيها قد اخذوا السلاح، وخرج حمزة وعلي (عليه السلام) ومعهما السيف فوقفا على العقبة. فلما نظرت قريش اليهما قالوا: ما هذا الذي اجتمعتم له؟
فقال حمزة: ما اجتمعنا وما ههنا احد، واللّه لا يجوز هذه العقبة أحد الاّ ضربته بسيفي هذا، فرجعوا إلى مكة وقالوا: لا نأمن ان يفسد أمرنا ويدخل واحد من مشايخ قريش في دين محمد.
بيعة العقبة على لسان جابر:
وعن جابر: ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لبث عشر سنين يتبع الناس في منازلهم في المواسم وبذي المجاز ومجنّة وعكاظ وفي منازلهم من منى ويقول: (من يؤويني ومن ينصرني حتى أبلغ رسالة ربي وله الجنة) فلا يجد أحداً ينصره ولا يؤويه، حتى أن الرجل ليرتحل من مصر واليمن إلى ذوي رحمه فيأتيه قومه فيقولون له: احذر غلام قريش لا يفتننّك.
وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يمشي بين رجالهم يعرض عليهم رسالات اللّه، وهم يشيرون اليه بالأصابع.
قال الراوي: انه كان كذلك حتى بعثنا اللّه من يثرب فيأتيه الرجل منا فيؤمن به يقرئه القرآن، فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه، وحتى لم تبق دار من دور الأنصار إلاّ وفيها رهط من المسلمين يظهرون الإسلام، وبعثنا اللّه إليه فائتمرنا فيما بيننا وأجمعنا على نصرته (صلى الله عليه وآله وسلم) فرحلنا ونحن أكثر من سبعين نفراً حتى قدمنا عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) في الموسم، فواعدناه بيعة العقبة، فقال له عمّه العباس: يا ابن أخي، ما أدري ما هؤلاء القوم الذين جاءوك، إني ذو معرفة بأهل يثرب.
فاجتمعنا عنده من رجل ورجلين، فلما نظر العباس في وجوهنا قال: هؤلاء القوم لا نعرفهم، هؤلاء أحداث. فقلنا: يارسول الله، على ما نبايعك؟
قال (صلى الله عليه وآله وسلم): (على السمع والطاعة في النشاط والكسل، وعلى النفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن تقوموا في اللّه لا تأخذكم في اللّه لومة لائم، وعلى أن تنصروني إذا قدمت عليكم، وتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم، ولكم الجنة).
فقمنا نبايعه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فأخذ بيده أسعد بن زرارة ـ وهو أصغرنا ـ وقال: رويداً يا أهل يثرب، إنا لم نضرب إليه أكباد المطي إلاّ ونحن نعلم أنه رسول اللّه، وان إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة، وقتل خياركم، وان تعضكم السيوف، فإمّا أنتم تصبرون على ذلك فخذوه وأجركم على اللّه، وإمّا أنتم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه فهو عذركم عند اللّه.
فقالوا: يا ابن زرارة امط عنا يدك، فواللّه لا نترك هذه البيعة ولا نستقيلها.
فقمنا إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) رجلاً رجلاً فأخذ علينا البيعة يعطينا بذلك الجنة. ثم انصرفوا إلى المدينة.
_________
(1) ـ الأنعام : 151.
(2) ـ النحل : 90.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
الأمين العام للعتبة العسكرية المقدسة يستقبل شيوخ ووجهاء عشيرة البو بدري في مدينة سامراء
|
|
|