أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-11-2016
1927
التاريخ: 11-12-2018
962
التاريخ: 20-11-2016
656
التاريخ: 20-11-2016
809
|
ظهور يحيى بن زيد ومقتله:
ظهر في أيام الوليد بن يزيد: يحيى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبى طالب رض الله عنهم، بالجوزجان من بلاد خراسان، مُنْكِراَ للظلم وما عم الناسَ من الجور، فسير إليه نَصْرُ بن سيار سَلْمَ بن أحْوَزَ المازني، فقتل يحيى في المعركة بقرية يقال لها أرعونة، ودفن هنالك، وقبره مشهور مَزُورٌ إلى هذه الغاية، وليحيى وقائع كثيرة، وقتل في المعركة بسهم أصابه في صُدْغه، فولّى أصحابه عنه يومئذ، واحتُزً رأسه، فحمل إلى الوليد، وصلب جسده بالجوزجان، فلم يزل مصلوباً إلى أن أخرج أبو مسلم صاحب الدولة العباسية، فقتل أبو مسلم سَلْم بن أحوز، وأنزل جثة يحيى فصلى عليها في جماعة أصحابه ودفنت هناك، وأظهر أهل خراسان النياحة على يحيى بن زيد سبعة أيام في سائر أعمالها في حال أمنهم على أنفسهم من سلطان بني أمية، ولم يُولَدْ في تلك السنة بخراسان مولود إلا وسمي بيحيى أو بزيْدٍ، لما داخل أهل خراسان من الجزع والحزن عليه.
وكان ظهور يحيى فىِ أخر سنة خمس وعشرين، وقيل: في أول سنة ست وعشرين ومائة، وقد أتينا على أخباره وما كان من حروبه في الكتاب الأوسط، وفي غيره مما سلف من كتبنا، فأغنى ذلك عن إعادته.
وكان يحيى يوم قتل يكثر من التمثل بشعر الخنساء:
نهِينُ النفوس، وَهون النفو ... س يوم الكريهة أوفر لها
لهو الوليد وخلاعته:
وكان الوليد بن يزيد صاحب شراب ولهو وطرب وسماع للغناء، وهو أول من حَمَلَ المغنين من البلدان إليه، وجالس الملهين، وأظهر الشرب والملاهي وَالعَزْف، وفي أيامه كان ابن سُرَيج المغني، وَمَعْبَد، وَالغَريض، وابن عائشة، وابن مُحْرز، وَطُويَس، ودحمان، وغلبت عليه شهوة الغناء في أيامه، وعلى الخاص والعام، واتخذ القِيَان، وكان متهتكاً ماجناً خليعاً، وطرب الوليد لليلتين خلتا من ملكه وأرق فأنشأ يقول:
طَال لَيْلِي وَبِتُّ أسقَى السلافة ... وأتاني نَعِيُ مَنْ بِالرُّصَافَةْ
وأتـــاني ببـــردة وقضيـــــب... وأتـــــاني بخـــــاتم للخلافة
ومن مجونه قوله عند وفاة هشام، وقد أتاه البشير بذلك، وسَلّم عليه بالخلافة، فقال:
إني سمعت، خليلي ... نحو الرُّصَافة رنة
أقبلت أسْحَبُ ذَيلِي ... أقول: ما حـــالهنه
إذا بنــات هشـــــام... يَنْــــدُبْنَ وَالدَهنه
يدعون ويلاً وَعَوْلأ ... وَالوَيْلُ حَلَّ بِهنه
أنا المُخَنَثُ حَقّاً ... إن لم أ.....
وقيل للوليد: ما بقي من لذاتك؟ قال: محادثة الإِخوان في الليالي القُمْر، على الكثبان العَفْر.
الوليد وشراعة بن زيد:
بلغ الوليد عن شراعة بن زيد ورود حسن عشرة وحلاوة مجالسة، فبعث في إحضِاره، فلما أدخل إليه قال: إني ما بعثت إليك لأسألك عن كتاب ولا سُنَة، قال: ولست من أهلهما، قال: إنما أسألك عن القهوة، قال: سل عن أي ذلك شئت يا أمير المؤمنين، قال: ما تقول في الشراب؟ قال: عن أية تسأل؟ قال: ما تقول في الماء؟ قال: يشاركني فيه البغل والحمار، قال: فنبيذ الزبيب؟ قال: خُمَار وَأذىَ، قال: فنبيذ التمر؟ قال: ضُراط كله، قال: فالخمر؟ قال: شقيقة روحي، وأليفه نفسي، قال: فما تقول في السًمَاع؟ قال: يبعث مع التأني على ذكر الأشجان، ويجدِّدُ اللهو على مواقع الأحزان، ويؤنس الخليَ الوحيد، ويَسرُّ العاشق الفريد، ويبرد غليل القلوب، ويثير من خواطر الضمائر خطرة ليست من الملاهي لغيره، يسرع ترقيها في أجزاء الجسد، فتهيج النفس، وتقوي الحس، قال: فأي المجالس أحب إليك؟ قال: ما رأيت فيه السماء من غير أن ينالني فيه أذى، قال: فما تقول في الطعام؟ قال: ليس لصاحب الطعام اختيار ما وجده أكله، فاتخذه الوليد نديماً.
من قوله في الشراب:
ومن مليح قوله في الشراب من أبيات:
وَصَفْرَاءَ في الكأس كالزعْفَرَان... سَبَاهَا لنا التَجْرُ مِنْ عسقَلاَن
تُرِيك القَذَاةَ وعرض الإنا ... ء سَتْرٌ لها دون مسَ البَنَان
لها حَبَبٌ كلما صُفِّقَت ... تراها كلمعة بَرْقٍ يماني
ومن مجونه أيضاً على شرابه قوله لساقيه:
آسْقِنِي يا يزيد بالقرقاره ... قَدْ طَرِبْنَا وَحَنَت الزمَارَه
اسقني اسقني، فإن ذنوبي... قد أحاطت فما لها كَفَّارَه
سمير الوليد يتحدث عنه:
وأخبَرَنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي القاضي، عن محمد بن سلام الجمحي، قال: حدثني رجل من شيوخ أهل الشام عن أبيه، قال: كنت سميراً للوليد بن يزيد، فرأيت ابن عائشة القرشي عنده وقد قال له: غنني، فغناه:
إني رأيت صبيحة النَحْر ... حُوراً نَفَيْنَ عزيمة الصَّبْر
مثل الكواكب في مطالعها... عند العشاء أطَفْنَ بالبدْر
وخرجت أبْغِي الأجر محتَسِباً... فرجعت مَوْقُوراً من الوزْر
فقال له الوليد: أحسنت واللّه يا أميري، أعِدْ بحقِّ عبدِ شمس، فأعاد، فقال: أحسنت واللّه، بحق أمية أعد، فأعاد، فجعل يتخطىّ من أب إلى أب ويأمره بالإِعادة، حتى بلغ نَفْسَه، فقال: أعد بحياتي، فأعاد، فقام إلى ابن عائشة فأكَبَّ عليه ولم يُبْق عضواً من أعضائه إلا قَبَّله، وأهْوَى إلى أ.... يقبله، فجعل ابن عائشة يضم ذكره بين فخذيه، فقال الوليد: واللّه لا زلت حتى أقَبِّلَهُ، فأبرأه فقبل رأسه وقال: واطرباه واطرباه، ونزع ثيابه فألقاها على ابن عائشة، وبقى مجرداً إلى أن أتوه بثياب غيرها، ودعا له بألف دينار فدفعت إليه، وحمله على بغلة له وقال: اركبها على بساطي، وانصرف فقد تركتني على أحر من جمر الغَضَى.
ورث الوليد الخلاعة عن يزيد أبيه:
قال المسعودي: وقد كان ابن عائشة عَنَى بهذا الشعر يزيد بن عبد الملك أباهُ فأطربه، وقيل: إنه ألحد وكفر في طربه، وكان فيما قال لساقيه: اسقنا بالسماء الرابعة، فكأن الوليد بن يزيد قد ورث الطرب في هذا الشعر عن أبيه، والشعر لرجل من قريش، والغناء لابن سريج، وقيل: لمالك، على حسب ما في كتب الأغاني من الخلاف في ذلك مما ذكره إسحاق بن إبراهيم الموصلي في كتابه في الأغاني وإبراهيم بن المهدي المعروف بابن شَكْلة في كتابه في الأغاني أيضاً، وغيرهما ممن صنف في هذا المعنى، والوليد يُدْعَى خليع بني مروان.
فعله بالمصحف وقد استفتح به:
وقرأ ذات يوم ماله " واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد، من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد " فدعا بالمصحف فنصبه غَرَضاً للنشّاب، وأقبل يرميه وهو يقول:
أتُوعِدُ كلُّ جبار عنيد ... فها أنَا ذاك جبار عنيد
إذا ماجِئْتَ ربك يوم حَشْر ... فَقُلْ يارب خَرَّقَنِي الوليد
وذكر محمد بن يزيد المبرد النحوي أن الوليد ألحد في شِعْرٍ له ذكر فيه النبي صلى الله عليه و[آله و] سلم وأن الوحي لم يأته عن ربه، كَذَبَ أخزاه اللّه!! من ذلك الشعر:
تلعبَ بالخلافة هاشمي... بلا وَحْيٍ أتاه ولا كتاب
فقل للَّهِ يمنعني طعامي، ... وقل للَّهِ يمنعنى شرابي!
فلم يُمْهَلْ بعد قوله هذا إلا أياماً حتى قتل.
وأم الوليد بن يزيد: أًم الحجاج بنت محمد بن يوسف الثَّقَفِيَّة، ويكنى أبا العباس.
من خواص اليشب:
وقد كان حمل إليه جفنة من البلور وقيل: من الحجر المعروف باليشب وقد ذهب جماعة من الفلاسفة إلى أن مَنْ شَرِبَ فيه الخمر لا يسكر، وقد ذكرنا خاصية ذلك في كتاب القضايا والتجارب وأن من وضع تحت رأسه منه قطعةً أو كان فص خاتمه منه لم ير إلا رؤياً حسنة، فأمر الوليد فملئت خمراً وطلع القمر وهو يشرب وندماؤه معه، فقال: أين القمر الليلة؟ فقال بعضهم: في البرج الفلاني، فقال له آخر منهم: بل هو في الجفنة وقد كان القمر تبين في شعاع الجوهر وصورته في ذلك الشراب فقال له الوليد: واللّهِ ما تَعَدَّيت ما في نفسي، وطرب طرباً شديداً، وقال: لأصطبحَنَّ، هفت هفته، وهذا كلام فارسي تفسيره لأصطبحن سبعة أسابيِع، فدخل عليه بعض حجابه فقال: يا أمير المؤمنين، إن بالباب جمعاَ من وفود العرب وغيرهم من قريش، والخلافة تجلُّ عن هذه المنزلة، وتبعد عن هذه الحال، فقال: آسقوه، فأبى، فوضع في فمه قمح وجعلوا يسقونه حتى خَرِّما يعقل سكراً.
وقد كان أبوه أراد أن يعهد إليه، فلاستصغاره لسنه عهد إلى أخيه هشام، ثم إلى الوليد من بعده.
وكان الوليد مُغْرىً بالخيل وحبها وجمعها، وإقامة الحَلْبة، وكان السندي فرسه جواد زمانه، وكان يسابق به في أيام هشام، وكان يقصر عن فرس هشام المعروف بالزائد، وربما ضَامَّه، وربما جاء مُصَلِّياً.
مراتب خيل الحلبة:
وهاك مراتب السوابق من الخيل إذا جَرَتْ، فأولُها السابقُ، ثم المصَلّي، وذلك أن رأسه عند صَلاَ السابق، ثم الثالث والرابع، وكذلك إلى التاسع، والعاشر السُّكَّيت، مشحد، وما جاء بعد ذلك لم يعتد به، والفسكل: الذي يجيء في الحَلبة آخِرَ الخيل.
وأجرى الوليد الخيل بالرصافة، وأقام الحَلبة، وهي يومئذ ألفُ قارِح، ووقف بها ينتظر الزائد، ومعه سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، وكان له فيها جواد يُقال له المصباح، فلما طلعت الخيل قال الوليد:
فضحك الوليد لما سمعه، وخشي أن تسبق فرس سعيد، فركض فرسَهُ حتى ساوى الوضاح، فقذف بنفسه عليه، ودخل سابقاً، فكان الوليد أول من فعل ذلك وَسَنَّه في الحلبة، ثم تلاه في الفعل كذلك المهديّ في أيام المنصور، والهادي في أيام المهدي، ثم عرضت على الوليد الخيل في الحَلَبة الثانية، فمرّ به فرس لسعيد، فقال: لا نسابقك يا أبا عنبسة، وأنت القائل:
نَحْنُ سَبَقْنَا اليوم خيل اللومة
فقال سعيد: ليس كذا قلت يا أمير المؤمنين، وإنما قلت:
نَحْنُ سَبَقْنَا اليوم خيلا لومه
فضحك الوليد، وضمه إلى نفسه، وقال: لا عدمَتْ قريش أخاً مثلك.
وللوليد بن يزيد أخبار حسان في جمعه الخيولَ في الحلْبَة، فإنه اجتمع له في الحلبة ألف قارع، وجمع بين الفرس المعروف بالزائد والفرس المعروف بالسندي، وكانا قد برزا في الجري على خيول زمانهما، وقد ذكر ذلك جماعة من الأخباريين وأصحاب التواريخ، مثل ابن عفير والأصمعي وأبي عبيدة وجعفر بن سليمان، وقد أتينا على الغُرَر من أخباره في أخبار الخيل، وأخبار الحَلْبَات، وخبر الفرس المعروف بالزائد والسندي وأشقر مروان، وغير ذلك من أخبار من سلف من الأمويين، ومن تأخر، في كتابنا المترجم بالأوسط، وإنما الغرض من هذا الكتاب إيراده جوامع تاريخهم، ولُمَع من أخبارهم وسيرهم، وكذلك أتينا على ذكر ما يستحب من معرفة خلق الخيل وصفاتها من سائر أعضائها وعيوبها وخلقها، والشاب منها والهرم، ووصف ألوانها ودوائرها، وما يستحسن من ذلك، ومقادير أعمارها، ومنتهى بقائها، وتنازع الناس في أعداد هذه الدوائر، والمحودة منها والمذمومة، وَمَنْ رأى أنها ثماني عَشَرَةَ أو أقل من ذلك أو أكثر على حسب ما أدرك من طرق العادات بها والتجارب، ووصف السوابق من الخيل، وغير ذلك مما تكلم الناس به في شأنها وأعرافها، فيما سلف من كتبنا.
وفاة أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين:
وفي أيام الوليد بن يزيد كانت وفاة أبي محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وقد تنوزع في ذلك: فمن الناس من رأى أن وفاته كانت في أيام هشام، وذلك سنة سبعَ عشرةَ ومائة، ومن الناس من رأى أنه مات في أيام يزيد بن عبد الملك، وهو ابن سبع وخمسين سنة، بالمدينة، ودُفن بالبقيع مع أبيه علي بن الحسين، وغيره مِنْ سَلَفِه [عليهم السلام].
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|