أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-07-16
1133
التاريخ: 2024-11-06
206
التاريخ: 9-11-2014
5150
التاريخ: 2023-11-24
2942
|
قال تعالى : {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم : 30].
هذه الآية تدور كثيرا على ألسنة الخطباء وأقلام الكاتبين ، ومنهم من يستشهد بها وكفى ، ومنهم من يطلق حولها كلمات رنانة عامة ويقول : هذا هو الدين الصحيح الضخم الهائل الخ .
وليس من شك ان هذه الآية تقرر أصلا هاما يرتكز عليه الإسلام عقيدة وشريعة ، وهو يدل دلالة واضحة ان تعاليم هذا الدين من ألفه إلى يائه تهدي إلى الرشد والوفاء بمطالب الحياة ونموها وتقدمها إذا فهم الإسلام على أساس فطرة اللَّه التي فطر الناس عليها . ونبدأ أولا بتفسير المفردات الواردة في الآية ، ثم نذكر المعنى المراد من مجموعها .
وتعني كلمة الفطرة عند تعميمها وإطلاقها غريزة في داخل الإنسان تقبل الخير حين تعلم أنه خير وتلتزمه لا لشيء إلا لأن الخير يجب أن يقبل ويلتزم ، وترفض الشر حين تعلم انه شر أيضا لا لشيء إلا لأن الشر يجب أن يرفض ويجتنب . هذا إذا خلي الإنسان وفطرته التي فطره اللَّه عليها ، ولم تدنسها العادات والتقاليد ، وتلوثها الأهواء والأغراض ، وقد ضرب العلامة الحليّ مثالا لهذه الغريزة بقوله :
{ لو خير العاقل بين ان يصدق ويعطى دينارا ، وبين ان يكذب ويعطى دينارا لتخير الصدق على الكذب } وهذه الغريزة التي تختار الصدق على الكذب هي التي خاطبها اللَّه أو خاطب أربابها بقوله {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف : 172] وعناها الحديث المشهور عن الرسول الأعظم ( صلى الله عليه واله ) : ( كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه أو ينصّرانه) . أما كلمة حنيف هنا فإنها تعني من استقام على فطرة اللَّه التي فطر الناس عليها مبتعدا عما يدنسها من الأهواء والأغراض . والمراد بقوله تعالى : {لا تبديل لخلق اللَّه} ، ان الدين عند اللَّه قائم وثابت على أساس هذه الفطرة لا يحول عنها ولا يزول . وذلك إشارة إلى ما أوجب اللَّه على العباد أن يلتزموه قولا وعملا لأنه هو الدين المستقيم الذي لا ترى فيه عوجا ولا أمتا .
أما الآية بمجموعها فإنها تدل على ان الدين يرتبط بالفطرة ، ولكن ليس معنى هذا ان الفطرة هي المشرع والآمر الناهي ، وان وظيفة الدين هي الكشف والتعبير عن أحكامها . . كلا ، فان اللَّه الذي خلق الدين والفطرة هو المشرع الأول ، وله وحده الأمر والنهي ، وانما القصد من الآية هو تحديد المقياس الذي نقيس به دين اللَّه ، وانه بما فيه من عقيدة وشريعة وأخلاق ينسجم مع فطرة الناس ومصالحهم ، وانه سبحانه لم يشرع حكما لعباده منافيا لمصلحة الفرد أو الجماعة . . هذا هو الضابط والفاصل بين أحكام اللَّه وأحكام غيره ، بين شريعة الحق وشريعة الباطل ، أما أقوال العلماء من الفقهاء والمفسرين والفلاسفة فما هي بأصل من أصول الإسلام ، ولا يصح الاعتماد عليها كدليل شرعي ( 1 ) لأنها تعكس اجتهادهم وفهمهم لدين اللَّه وأحكامه ، ولا تعكس الدين كما هو في حقيقته وواقعه .
ونخلص من هذا إلى ان الإسلام لا يرفض بقية الأديان والمذاهب بكل ما فيها ، بل ينظر إليها نظرة المدقق المنصف ، فيقر منها ما يتفق مع فطرة اللَّه ، ويرفض ما عدا ذلك .
{ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ واتَّقُوهُ } ارجعوا إلى هذا الدين ، وأطيعوا جميع أحكامه { وأَقِيمُوا الصَّلاةَ } فإنها تذكركم باللَّه { ولا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ } أخلصوا له وحده في جميع أقوالكم وأفعالكم { مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وكانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ }. تقدم مثله في الآية 159 من سورة الأنعام ج 3 ص 290 والآية 53 من سورة المؤمنون .
____________________________
1-لا يعتمد على الإجماع في العقائد ، ولا في المسائل الفقهية مع الاحتمال أنه لم يكشف عن رأي المعصوم
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|